أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطينية ام آلية دفاعية لتفادي الرضوخ















المزيد.....

مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطينية ام آلية دفاعية لتفادي الرضوخ


هاني الروسان
(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8358 - 2025 / 5 / 30 - 13:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


على الرغم من أهمية مراكمة جهود التأكيد على الحق الفلسطيني وإدانة دولة الاحتلال الإسرائيلي وداعميها، بيد أن ذلك لا يتعارض مع محاولة مساءلة أي من تلك الجهود والإحاطة بنوعية الإضافة التي تقدمها، للبناء عليها وتعزيزها أو تعديلها والإضافة إليها. وفي هذا السياق يأتي تحديدًا إطلاق فرنسا والسعودية، باجتماعين متوازيين في باريس ونيويورك، يوم السبت الماضي، زخم التحضيرات لمؤتمر حل الدولتين المفترض أن تستضيفه الأمم المتحدة ما بين 17 و20 جوان (حزيران) المقبل، في محاولة لإحياء المسار السياسي الفلسطيني–الإسرائيلي، بعد فشل وتراجع فعالية الوساطات التقليدية وعلى رأسها الأميركية. هذه المبادرة، التي كانت السعودية قد أعلنت عنها في سبتمبر الماضي "التحالف الدولي لتنفيذ حل الدولتين" باسم الدول العربية والإسلامية والشركاء الأوروبيين، خلال الاجتماع الوزاري بشأن القضية الفلسطينية وجهود السلام على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، تبدو للوهلة الأولى خطوة دبلوماسية روتينية في سياق الأحداث الجارية حينها وفي إطار محاولات تحريك المياه الراكدة، فهل هي كذلك؟ أم أنها تعبّر عن تحول سعودي عميق، يتجاوز الرغبة في تنشيط ملفّ السلام، نحو محاولة واعية لإعادة توزيع أدوار الفاعلين الدوليين، وكسر احتكار واشنطن التاريخي للملف الفلسطيني، وهل ستكون قادرة على تجاوز الاهمال الامريكي لها؟
صحيح أن هذا التحرك السعودي–الفرنسي جاء خارج المظلة الأميركية، وفي توقيت بالغ الحساسية حيث تزامن مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية حينها واحتمال عودة ترامب إلى البيت الأبيض ومعه اليمين المتشدد، الذي تدرك السعودية من موقع قريب أن التعويل عليه لفرض حل عادل للقضية الفلسطينية مجازفة لا طائل من ورائها، بل انها ستكون فرصة اضافية لاسرائيل لتكريس احتلالها للاراضي الفلسطينية.
من هنا فقد يكون هذا احتمالًا يفسر دوافع التوجه السعودي للتعاون مع فرنسا كمحاولة لتدويل الملف الفلسطيني من ناحية ، والانتقال بالسياسة السعودية من موقع المراقب إلى موقع "المبادر" الذي يصوغ التوازنات من خارج الإطر التقليدية لتوزع القوة الذي بات أكثر ميلًا نحو منطقة الخليج العربي وتحديدًا بين ثالوثه: دولة الإمارات والسعودية وقطر، الأكثر تأثيرًا في تفاعلاتها الإقليمية والدولية من بقية دول النظام العربي، والتي تبقى هنا السعودية الأوفر حظًا لقيادة هذا الموقع لاعتبارات تتفوق فيها على الآخرين من قوى قلب النظام الإقليمي، وأنها صارت أكثر وعيًا بمخاطر تجاوز الملف الفلسطيني على موقع القيادة هذا.
كما ان اختيار السعودية فرنسا شريكًا لها في هذا التحالف الدولي ليس اعتباطيًا، فباريس حرصت دائمًا على إبداء مواقف أكثر توازنًا تجاه القضية الفلسطينية، وهي إحدى القوى الغربية التي ما زالت تُصرّ على خيار الدولتين كحل واقعي. كما أن للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون طموحًا متجددًا في لعب دور أوروبي في الشرق الأوسط، يوازي ما كانت عليه فرنسا في عهدي ديغول وميتران، خصوصًا في ظل التراجع الأميركي وانشغال واشنطن بالصراع مع الصين وروسيا. وتدرك السعودية أن أوروبا، رغم محدودية تأثيرها المباشر، تمتلك قدرة على تشكيل بيئة دولية ضاغطة، خاصة في القضايا المتصلة بالشرعية الدولية وقرارات الأمم المتحدة، ما يجعل هذا التحالف مع فرنسا جزءًا من استراتيجية سعودية لتوسيع دائرة الحلفاء في القضية الفلسطينية، دون الوقوع مجددًا في أسر العلاقة الأحادية مع واشنطن، كما انه يأتي كجزء من رؤية استراتيجية أوسع للمملكة لتنويع تحالفاتها الدولية، تماشياً مع رؤية 2030.
ويبدو ان ما اسفرت عنها زيارة ترامب للرياض من نتائج تعزز هذا النهج السعودي بالانفصال التدريجي بعلاقتها مع واشنطن بعيدا عن بقية الملفات الاقليمية الاخرى وخاصة القضية الفلسطينية، اذ يبدو من تلك النتائج ان اتفاقا ضمنيا وربما صريحا قد تم بين الجانبين الامريكي والسعودي بضرورة فصل ملف علاقاتهما الثنائية عن بقية الملفات الاخرى.
فالسعودية كانت قد اختبرت حدود الدور الأميركي في الملف الفلسطيني، وخلصت إلى أن الاتساق الأميركي مع الرؤية الإسرائيلية – خاصة بوجود ترامب – لا يسمح ببناء أية تسوية فعلية. وعليه، فإن ما يجري لا يمكن فصله عن معادلة دقيقة تقوم على نوع من المقايضة غير المعلنة: قبول واشنطن بفصل علاقاتها مع السعودية عن مسار التطبيع مع إسرائيل، مقابل فصل سعودي لعلاقاتها مع واشنطن عن مسار التسوية للصراع الفلسطيني–الإسرائيلي. وبهذا، تكون السعودية قد كسبت مساحة مناورة استراتيجية، مكنتها من الانخراط في المساعي الدبلوماسية للقضية الفلسطينية، دون أن توضع تحت الضغط الأميركي للإسراع بخطوات التطبيع.
وفي ظل هذا التوازن الدقيق، تبدو المبادرة السعودية–الفرنسية بمثابة آلية دفاعية، أكثر منها استراتيجية هجوم. فهي تُبقي السعودية في موقع الطرف الملتزم بالقضية الفلسطينية، وتمنحها في الآن ذاته شرعية المبادرة السياسية أمام الرأي العام العربي والإسلامي، في وقت يزداد فيه التشكيك في مصداقية الأطراف العربية الكبرى بشأن فلسطين. غير أن المفارقة تكمن في أن المبادرة، مهما بدت رمزية أو محدودة النتائج، تمثل فرصة نادرة لتدويل المسار السياسي الفلسطيني، واستثمار لحظة الانكفاء الأميركي، وانشغال إسرائيل بأزماتها الداخلية، لمحاولة استعادة مركز الثقل العربي في الصراع، ولو من بوابة الشراكة مع أوروبا بدل التبعية التقليدية لواشنطن.
وبذلك فإن من غير المستبعد ان يكون إحياء مسار السلام، وفق المنظور السعودي، وفي ظل معارضة اسرائيلية قوية وعدم اكتراث امريكي اقوى، ليس هدفًا بحد ذاته، بل مناورة استراتيجية دقيقة لفصل المسارات، وانتزاع الملف الفلسطيني من الهيمنة الأميركية، وخلق حقل ضغط جديد على إسرائيل دون الدخول في مواجهة مفتوحة مع واشنطن، كما انها أداة لإعادة تنظيم وصياغة علاقات السعودية الدولية إزاء الصراع العربي الاسرائيلي، وإعادة توزيع الأدوار داخله، بما يسمح بتقليص الكلفة السياسية والأخلاقية للتطبيع المحتمل مع إسرائيل في حال تجدد الضغط الامريكي عليها، من دون أن يكون مشروطًا بتقدم فعلي في التسوية. هذا الفهم يعبّر عن وعي استراتيجي متزايد لدى السعودية، مفاده أن استمرار جهود السلام من دون نتيجة لا يعني بالضرورة الفشل، بل يمكن توظيفه لحماية مكاسبها الإقليمية، والتخلص من ضغط ضرورة إيجاد حل نهائي للقضية الفلسطينية ضمن جدول زمني محدد، رغم التشدد السعودي في ابداء حرص كبير .على الدفع بهذه الخطوة من اجل اقامة دولة فلسطينية ليس كبادرة رمزية، بل كضرورة استراتيجية لاحلال السلام الاقليمي كما جاء على لسان منال رضوان رئيسة الوفد السعودي لاجتماع نيويورك
هاني الروسان/ استاذ الجيوبوليتيك والاعلام في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -أمريكا اولا- : هل اماتت التحالفات التقليدية؟ وهل تراجعت قيم ...
- هل اولى مخرجات زيارة ترامب للرياض اكدت على الانزياح الاسترات ...
- الاتفاق الأمريكي - الحوثي: هل هو تحول استراتيجي أم تغيير في ...
- التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور ...
- بعد ان اصبح للرئيس ابو مازن نائبا: هل تستطيع السعودية ان تفر ...
- الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة
- ماذا وراء الاصرار الامريكي على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ...
- صفعة ترامب على خد بيبي وانفتاح المستقبل على كل الاحتمالات
- ترامب الذي يصعد مع حلفائه كيف سيكون مع خصومه؟؟
- على ضوء تصور معهد دراسات الامن القومي الاسرائيلي لنموذج الدو ...
- اسرائيل مطلقة اليدين ..... تنفذ مخططاتها دون اعتبار لاي طرف ...
- تنفيذ خطة اعمار غزة بين رؤية ترامب للعالم الجديد وبين الشروط ...
- نجاح قمة القاهرة مرهون بوعي القدرة على التأثير، وعدم اضعاف ا ...
- هل سيؤدي البديل الالماني والحرب في اوكرانيا وعقيدة ترامب الى ...
- لكي لا يكون التطبيع السعودي مع وهم اقامة الدولة الفلسطينية
- بأي اذن ستسمع العرب تصريحات ترامب؟؟
- دولة سيناء ومدى الواقعية في الرفضين المصري والاردني
- هل سيفهمون الدرس ؟؟؟.
- هل بدأ العد العكسي لاقامة الدولة الفلسطينية في سيناء؟؟
- اي رجل سلام سيكون ترمب؟ وهل سيجعل من غزة نواة الحل؟


المزيد.....




- أول تعليق من مبعوث ترامب على رد حماس على مقترح وقف إطلاق الن ...
- لأول مرة... الهند تقرّ بخسائرها في الحرب الأخيرة مع باكستان ...
- قائد قوات -أحمد- الروسية: -الناتو- أعد القوات الأوكرانية لغز ...
- إجراءات صارمة حول الأضحية بالمغرب.. الأمن يداهم المنازل ويصا ...
- فيديوهات خادشة للحياء.. الأمن المصري يعتقل سيدتين بسبب تيك ت ...
- هل تنهي أي هدنة بغزة حرب إسرائيل؟
- ألمانيا تخشى من الاصطدام مع روسيا في بحر البلطيق
- علامات غير واضحة للسرطان
- سيناريو الإسكندرية قد يتكرر.. 4 محافظات مصرية على موعد مع تح ...
- كيف تواجه حكومة لبنان هجمات إسرائيل؟


المزيد.....

- الازدواجية والإغتراب الذاتي أزمة الهوية السياسية عند المهاجر ... / عبدو اللهبي
- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطينية ام آلية دفاعية لتفادي الرضوخ