أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - هل يكفي التسويق الكلامي التركي للعب دور اقليمي؟؟














المزيد.....

هل يكفي التسويق الكلامي التركي للعب دور اقليمي؟؟


هاني الروسان
استاذ جامعي مختص بالجيوبوليتيك والاعلم في جامعة منوبة ودبلوماسي

(Hani Alroussen)


الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 22:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في ظل تواصل التصعيد التركي الرسمي والإعلامي ضد اسرائيل ان بسبب حرب الابادة الجماعية والقتل جوعا في قطاع غزة او حول احتمالية اندلاع حرب معها لمواجهة مخططاتها الاقليمية، تبرز تساؤلات عديدة عن حقيقة الأهداف الخفية لأنقرة من وراء هذا التصعيد؟؟. خاصة واننا من جهة، نجد تقارير استخباراتية تركية تحذر من تفوق إسرائيل العسكري وتدعو لبناء ملاجئ تحت الأرض، ومن جهة أخرى، تستمر العلاقات الاقتصادية بين البلدين دون انقطاع. هذا التناقض الواضح بين الخطاب العدائي والواقع العملي يكشف عن استراتيجية تركية معقدة تهدف إلى تحقيق مكاسب متعددة على المستويات الداخلية والإقليمية والدولية.
فالتقرير الصادر عن الأكاديمية الوطنية للاستخبارات التركية، التابعة لجهاز الاستخبارات “MIT”، والمعنون بـ«دروس حرب الـ12 يومًا»، لا يمكن التعامل معه باعتباره مجرد دراسة تقنية أو خلاصة مهنية محايدة، بل هو أداة سياسية مركبة تخدم أغراضًا داخلية وخارجية في آن واحد. ونشر مثل هذا التقرير في هذا التوقيت يعكس حرص أنقرة على استثمار لحظة التنافس الإقليمي على زعامة الخطاب الإسلامي المناهض لإسرائيل، في ظل ما تعتبره تراجعًا لقدرة إيران، برمزيتها كحامل للواء ـ«الإسلام الشيعي المقاوم»، على فرض نفسها كقائد وحيد لهذا المعسكر بعد حرب غزة المستمرة والمواجهة القصيرة مع إسرائيل في جوان الماضي.
فعلى المستوى الداخلي، يوفر التقرير غطاءً خطابيا ومؤسسيا لإجراءات أمنية وسياسية تتخذها السلطات التركية، بدءًا من إعادة ترتيب القيادة العسكرية، مرورًا بحملات «الوحدة الوطنية» ومشروعات مكافحة الإرهاب، وصولًا إلى تعزيز الرقابة على المجتمع تحت مبررات «الأمن القومي». اما إبراز الحاجة لبناء ملاجئ في المدن الكبرى، وحماية النخب العسكرية والمدنية، وتطوير القدرات السيبرانية، كلها عناصر تُسوَّق للرأي العام بوصفها استجابة لتهديدات خارجية، لكنها في الوقت نفسه تبرر إحكام السيطرة على الداخل وضبط المجال السياسي والاجتماعي.
اما خارجيًا، فيؤدي التقرير وظيفة الإشارة والردع في آن واحد. فالإفصاح عن تقييم استخباراتي مفصل لدروس حرب إسرائيل–إيران يرسل رسائل واضحة إلى اللاعبين الإقليميين مفادها أن تركيا تراقب وتستعد لكل الاحتمالات، كما يذكّر الحلفاء في الناتو وواشنطن بأنها طرف معني بالأمن الإقليمي وقادر على استخلاص العبر بسرعة. كذلك فان التركيز على الحرب الإلكترونية، والتنويه إلى تفوق وحدة 8200 الإسرائيلية المكوّنة أساسًا من شباب في سن الثانوية، يضع تركيا أمام تحدٍّ معلن في مجال لم تلحق فيه بعد بركب إسرائيل، ويمنح القيادة التركية ذريعة لتسريع برامج التطوير السيبراني الوطني وربما فتح قنوات تعاون تكنولوجي غير معلنة مع أطراف خارجية.
ولكن تبقى وظيفة التقرير الأهم كامنة في بعده الدعائي، إذ يعزز صورة أنقرة كقائد محتمل لـ«الإسلام السني» خاصة في الملف الفلسطين الاكثر جاذبية اقليمية مقارنة بغيره من الملفات، من خلال الجمع بين خطاب ديني–إنساني في المحافل الدولية، وتحليل أمني–تقني يظهر الدولة بمظهر الطرف المستعد والمدرك لتعقيدات الصراع. وهذا النمط من التقارير او نشرها يعد عملية تسويق سياسية تتجاوز الحدود التركية إلى الفضاء العربي–الإسلامي، وخصوصًا لدى الجمهور السني الذي يتطلع إلى بديل إقليمي عن إيران، غير ان ذلك لا يعني ولا يكشف عن استعداد أنقرة للدخول في مواجهة عسكرية مفتوحة مع إسرائيل. فالواقع الميداني يشير إلى أن تركيا تمارس استراتيجية «التصعيد الرمزي»، أي رفع السقف الكلامي والدبلوماسي مع الحفاظ على قنوات عملية ومصالح اقتصادية قائمة أو قابلة للإحياء. فالتجارة التي أعلنت أنقرة عن وقفها مع إسرائيل في بداية حرب غزة لم تتوقف بالكامل، وبقيت بعض خطوط الاتصال قائمة، كما لم يُفرض أي حظر على دخول الإسرائيليين بجوازات سفرهم الرسمية إلى الأراضي التركية. هذه المعطيات تؤكد أن الصدام مع إسرائيل، في حال حدوثه، سيبقى سياسيًا وإعلاميًا بالدرجة الأولى، وأن أنقرة تدرك حدود قدرتها ورغبتها في خوض حرب حقيقية، خاصة في ظل انشغالها بملفات اقتصادية داخلية وأولويات دفاعية أخرى.
من هذه الزاوية، لا يمثل التقرير إعلانًا عن انتقال وشيك من موقع «الإسلام السني التركي المتصالح مع إسرائيل» إلى موقع المواجهة المباشرة، بل هو استمرار في تسويق الدور التركي كقائد بديل أو موازٍ لإيران، مع الاستفادة من الرمزية الفلسطينية وملف غزة لتعزيز الحضور الإقليمي لها. فالتقرير نص يزاوج بين التحليل الفني والاستعراض السياسي، ويمنح أنقرة أدوات لرفع مكانتها التفاوضية دون أن تتجاوز الخطوط الحمراء التي قد تدفعها إلى مواجهة مكلفة مع إسرائيل، أو تُربك توازنها المعقد بين الحلف الغربي والمجال الإسلامي. في النهاية، ما يقدمه التقرير هو خارطة طريق للردع والاستعداد أكثر مما هو إعلان نوايا للحرب، وأداة تسويق لدور إقليمي يُبقي تركيا في مركز المشهد دون أن تغامر بمصالحها الجوهرية، غير ان ذلك لا يعفي من ضرورة التساؤل حول ما اذا كان هذا التسويق الكلامي كاف لتأكيد الحضور التركي الاقليمي؟؟
هاني الروسان/ استاذ الجيوبوليتيك والاعلام في جامعة منوبة



#هاني_الروسان (هاشتاغ)       Hani_Alroussen#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ضرورات ما بعد الاعتراف بالدولة الفلسطينية
- اسرائيل لن توقف الحرب على غزة التي تدحرجت من انتقامية الى تأ ...
- هل تكون السويداء مخبر القادم؟؟
- سوريا الشرع في اذربيجان قد لا تكون سوريا ما ثبلها .
- التحالفات الروسية بين سردية التخلي والانكفاء الواعي
- لماذا يصر ترامب على تسويق ضرباته لمنشآت ايران النووية على ان ...
- اتفاق وقف اطلاق النار بين ايران واسرائيل: هدنة الضرورة التي ...
- بين تفادي مواجهة واشنطن وتصعيد الصراع مع إسرائيل: قراءة في ا ...
- الهجوم الاسرائيلي على إيران: استنزاف استراتيجي يهدد استقرار ...
- جريمة -جيت- اخر فصل من فصول الانهيار الأخلاقي للجيش الإسرائي ...
- إسرائيل في مواجهة الرأي العام العالمي: الى اين تمضي واي مصير ...
- منع الوفد الوزاري العربي من زيارة رام الله: تأكيد على التمسك ...
- مؤتمر حل الدولتين: استراتيجية هجومية لاقامة الدولة الفلسطيني ...
- -أمريكا اولا- : هل اماتت التحالفات التقليدية؟ وهل تراجعت قيم ...
- هل اولى مخرجات زيارة ترامب للرياض اكدت على الانزياح الاسترات ...
- الاتفاق الأمريكي - الحوثي: هل هو تحول استراتيجي أم تغيير في ...
- التصعيد الإسرائيلي في سوريا: بين الخوف من فقدان احتكار الدور ...
- بعد ان اصبح للرئيس ابو مازن نائبا: هل تستطيع السعودية ان تفر ...
- الحل وطبيعة السلطة الفلسطينية القادمة
- ماذا وراء الاصرار الامريكي على منع ايران من امتلاك سلاح نووي ...


المزيد.....




- تحليل لـCNN.. لماذا يشير لقاء ترامب وبوتين بألاسكا إلى هزيمة ...
- الرئاسة الفلسطينية تندد بخطة إسرائيل للسيطرة على غزة.. وتدعو ...
- عشرات الموقوفين في لندن خلال تظاهرة مؤيدة لـ-فلسطين أكشن- رغ ...
- نزع سلاح حزب الله.. لبنان يندد بـ-تدخل إيران- في شؤونه الداخ ...
- دراسة جينية جديدة تكشف عن أربعة أنواع فرعية من التوحد
- أمهات أسرى إسرائيليين بغزة يهددن بملاحقة نتنياهو
- بوليتيكو: دلالات خطيرة للاختراق السيبراني للنظام القضائي الأ ...
- محمد رمضان يكشف عن زيارته لعائلة الرئيس الأميركي دونالد ترام ...
- طبيب أميركي: غزة تتعرض لإبادة واسعة والولايات المتحدة لا تري ...
- كيف علّق الإيرانيون على اتفاق السلام بين أذربيجان وأرمينيا؟ ...


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - هاني الروسان - هل يكفي التسويق الكلامي التركي للعب دور اقليمي؟؟