أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - خطاب ضد الطائفية














المزيد.....

خطاب ضد الطائفية


محمد عبد الكريم يوسف
مدرب ومترجم وباحث

(Mohammad Abdul-karem Yousef)


الحوار المتمدن-العدد: 8477 - 2025 / 9 / 26 - 02:58
المحور: قضايا ثقافية
    


أيها الأحبة،
‏يا من يجتمعون في هذه اللحظة على مرجعية الإنسان، لا على انقساماته،
‏يا من تنادون بالحق والمساواة، لا بالفرقة والتمييز،
‏يا من تؤمنون أن الأوطان لا تُبنى بالفتن، بل بالوحدة والتلاحم،

‏أتوجه إليكم بهذا النداء، نداء الحق والضمير، في زمنٍ أصبحت فيه الطائفية مَلْعَبةً بيد العابثين، وأداة لتمزيق المجتمعات، وشرخًا بين القلوب والعقول. أيها الأخوة، لقد باتت الطائفية اليوم بلاءً، وباءً، يشوه وجه الحقيقة ويُفسد طيبات الحياة.

‏الطائفية ليست مجرد انقسام في الدين أو المذهب، بل هي جريمة في حق الإنسانية. إنها جريمة تستهدف الوحدة وتستمرئ العيش في التفرقة والتمييز. لا تقاس الإنسانية بالدين أو المذهب، بل بالعقل والنية الطيبة، وبالقدرة على العيش معًا بسلام، والاعتراف بإنسانية الآخر مهما اختلفت انتماءاته.

‏أيها الناس،
‏من يزرع الطائفية، يزرع الفرقة. ومن يزرع الفرقة، يحصد الخراب. من يزرع الفتن بين أبناء وطن واحد، يحصد دماء الأبرياء ودمار الأماكن التي كانت يومًا ملاذًا للجميع. الطائفية تُمزق النسيج الاجتماعي، وتُغرق المجتمعات في دوامات من الصراعات التي لا تنتهي، لتصبح كل محاولة للسلام مجرد أملٍ مستحيل.

‏إن الطائفية لا تصنع فرقًا بين البشر؛ فهي تكذب على العقول وتُشوه الحقيقة. تُروّج لنمطٍ من التفكير المغلق الذي لا يعترف بغيره، ويقيد الفهم بحدود وهمية لا أساس لها. تُخفي خلف شعاراتها الزائفة الدماء البريئة، وتحجب بظلالها النور الذي ينبغي أن يسود بين الناس.

‏لقد تاريخنا العربي والإسلامي مليء بالأمثلة التي تبرهن على أن التعايش السلمي بين مختلف الطوائف والمذاهب كان دائمًا هو الأصل. كانت المدن الكبرى مثل بغداد ودمشق والقاهرة تمثل مراكز للتعايش والتفاعل الثقافي بين مختلف الأعراق والأديان. وكان التراث العربي، بما يتضمنه من إبداع فكري وفلسفي، قد ازدهر عندما اختلطت الفئات المختلفة وتعاونت على بناء حضارة واحدة.

‏لكن الطائفية هي معول الهدم. هي ما يحول الشعب الواحد إلى شعوب متفرقة، ويحولنا من أهل وطن إلى مجرد مجموعات متناحرة. تُعيدنا إلى عصر الجاهلية الذي يقسم الناس إلى قبائل متناحرة، ويحولنا إلى قوى متصارعة لا تجتمع إلا على صوت النصر على الآخر. لكن، ألا تعلمون أن الآخر ليس عدونا؟! إننا في النهاية جميعًا أبناء هذا الوطن، نعيش على ترابه ونتنفس هواءه.

‏أيها الأحبة،
‏التاريخ لا يرحم، ولا يصحح الأخطاء كما نأمل. قد نعيش معًا في هذا العالم وقد يمر الزمن، لكن الجرح الذي تتركه الطائفية لن يندمل بسهولة. إن التفرقة التي تزرعها في قلوب الناس تجعلها أرضًا خصبة للكره والحقد، وتغذي الأحقاد التي تكون عواقبها خطيرة.

‏إنما نحتاج في هذه اللحظات أن نتحد جميعًا، عقلًا وقلبًا، في مواجهة هذا المرض الذي ينخر في جسد المجتمعات. يجب أن تكون الإنسانية هي المعيار في التعامل، لا الطائفة ولا الدين ولا المذهب. يجب أن نتعلم كيف نحترم الآخر ونقبل به، لأن الاختلاف بيننا هو غنى لنا، وليس عيبًا.

‏أيها الناس،
‏لقد قيل إن الوحدة قوة، وأنا أقول إن الوحدة هي أمل الإنسانية. إذا كنا نريد أن نبني مستقبلًا مشرقًا لأجيالنا القادمة، فلا بد أن ننزع من قلوبنا البذور السامة للطائفية، وأن نغرس في أذهاننا قيم الأخوة والمساواة. فالطائفة الحقيقية ليست التي تُفرّق، بل تلك التي توحدنا في حب الوطن والإنسانية.

‏أدعوكم اليوم، جميعًا، إلى أن نكون أحرارًا من قيود الطائفية. أن نعيش في مجتمعٍ متنوع، حيث يمكن للجميع أن يتعايشوا بسلام. لا فرق بين مسلم ومسيحي، شيعي وسني، درزي وعلوي، أو أي مذهب كان. الإنسان هو الإنسان، وكلنا أبناء وطن واحد.

‏فلنقل جميعًا بصوتٍ واحد:
‏لا للطائفية،
‏نعم للتعايش والسلام.

‏إننا أكبر من أن نُقسّم إلى جماعات، وأعظم من أن نُخضع للفتن.

‏وطننا هو المكان الذي يجمعنا، وكل من فيه هو جزء لا يتجزأ من كرامتنا.

‏فلنكن وطنًا واحدًا، يدًا واحدة، قلبًا واحدًا ضد الطائفية، لأجل غدٍ أفضل.



#محمد_عبد_الكريم_يوسف (هاشتاغ)       Mohammad_Abdul-karem_Yousef#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اغتصاب
- حكايات سورية -6-‏المليونير الأحمق والفتاة الذكية
- ‏ -القاف-: دفاع عن اللسان والهوية
- رسالة إلى أولئك الذين اغتصبوا إنسانيتي
- في متاهة الحب
- الاستنسابية في المجتمع: المظاهر، التداعيات، وآفاق المعالجة
- عند ملقاك
- ‏سيكولوجيا الاغتصاب: دراسة للفاعل والضحية
- ‏القاف: قوة المعنى في اللغة العربية
- قِيمٌ وقُدَمٌ: رحلة في قُدرةِ القَلبِ والعقل
- في ظل غياب المساءلة، سيتفاقم العنف الطائفي في سوريا
- عقول خالدة
- هل لدينا وقت للمتعة بعد الآن؟
- لماذا يجب أن يكون الحب دليلنا في عصر الذكاء الفائق
- الرفاهية والعلم والروحانية
- طول العمر وقصره
- لماذا عدم القيام بأي شيء هو بذاته شيء جيد لنفسك
- قمتان، شطرتا الغرب إلى ضفتين
- عندما يخطئ الدماغ في السمع
- حكايات سورية-1 ابن قنوات وابن عطيل


المزيد.....




- مقتل 5 عناصر من قسد بهجوم مسلح نفذته خلايا تنظيم -داعش- في ر ...
- إسرائيل تشن أوسع هجوم على صنعاء -انتقاما من مسيّرة إيلات-
- روسيا والصين تدعوان مجلس الأمن لمنح إيران ستة أشهر إضافية قب ...
- -أسطول الصمود- يرفض إنزال المساعدات في قبرص ويصر على التوجه ...
- الحرب على غزة مباشر.. غارات متواصلة وترامب يتحدث عن صفقة -قر ...
- عاجل | رئيس الوزراء القطري لموقع بريتبارت: مهم أن نوضح لترام ...
- شاهد.. مميزات منحت برشلونة أفضلية على حساب أوفييدو
- ترامب يعلن تفاصيل صفقة بيع أصول تيك توك: -رئيس الصين أعطانا ...
- ترامب يعلق على -الاستدعاء المفاجئ- لجنرالات الجيش
- ترامب: -لن أسمح لإسرائيل بضم الضفة الغربية-.. ويكشف ما قاله ...


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد عبد الكريم يوسف - خطاب ضد الطائفية