أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد رياض اسماعيل - ذاكرة العقل تعطل فهمنا للواقع














المزيد.....

ذاكرة العقل تعطل فهمنا للواقع


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 15:22
المحور: قضايا ثقافية
    


ان ذاكرة العقل تعطل فهمنا للواقع، نحن في عالم غريب ان لم تتأمل ما حولك تصبح نسخة طبق الأصل من عقول الاخرين، فالذي تربى بمفاهيم والديه سيبحث في قرينهما عمن يماثله في تلك المفاهيم ليرتبط به صديقا او حبيبا.. تبقى انت في الغالب كل اللذين عرفتهم وقرأت لهم.. يكون الانسان آنذاك مشتركا مكررا ضمن مجموعة بشرية وبيئية معينة متماثلة يتحيزون لمفاهيم مشتركة بامتياز، لذلك نحن نعيش في هذا العالم كمجاميع بشرية تتصور كل منها انها على حق في جانب شخصيتها الاجتماعية ومفاهيمها (في الغالب معتقدات الأديان)، وتتولد منها الصراعات والانقسامات.. كما تتولد الصراعات داخل المجموعة الواحدة أيضا من خلال صراع ثقافة الماضي المستسقاة من الإرث المتوارث مع الحاضر المُحدَث الواعي لمتطلبات عصره. نحن في الكِبَر لا نحب الماضي لأنه أجمل من الحاضر، بل متحيزون لثقافة الماضي خلال عشق أيام الصبا والحيوية بكل احداثها المرافقة ونلعن الاحداث المستجدة في الشيخوخة العاجزة، فالأغان التي لم تكن جميعها تطربنا في الأيام الخوالي اصبحت جميعها تطربنا الان، لان الحادث يرتبط بثقافة الامس وبعبق روح الشباب وايام الصبا والحيوية، وقس على ذلك الحكايات والخطب السياسية والدينية والتمثيليات واكلات المطاعم والقهاو البدائية ودور السينما وغيرها من أماكن الترفيه التي نتذكرها بالحنين والاشتياق واللوعة لها.. ثم نتذرع لله داعين إصلاح حال الامة نهارا جهارا لما نتمناها ولا يتحقق شيئا من مطالبنا لأننا نتمنى ان تعود الأيام القهقري ولن تعود! نحن نلجأ ونستسلم للدعاء لعجزنا من الخروج من نطاق الذاكرة العقلية، لان ما نتمناه هي في اطار صراع الزمن الماضي الميت (ولن يعود ابدا) وحاضر معاصر او على وشك الولادة تُضيق على تلك الاماني، مثل ادعية أنبياء الله قبلك، فالنبي عيسى الذي دعى ربه ليهدي قومه، ثم عاتبه بعد ان عجز عن اقناعهم قائلا إلهي لماذا تعذبني؟ فراحوا ضحايا ولم تتحقق أدعيتهم في واقعهم الراهن! لأنها كانت نتاج صراع ثقافة جيل قديم سائد مع حاضر مستجد ضئيل يلهث خلف الاثبات، وبعد أجيال صار جموع الناس تعاني ضنك الحياة ورتابة المفاهيم القديمة في ذاكرة العقل التي لا تعاصر زمنهم الراهن ولا تقدم حلولا منتجة ناجعة لها، فأصبحت تبحث عن العدالة التي نادت بها تلك الضحايا والانبياء ليستكنوا اليها ويتعصبوا لمفاهيمها، وهكذا توالت الصراعات في الأزمنة اللاحقة بطرفيها التي تحمل مفاهيم ذاكرة العقل وولادة مفاهيم جديدة في ذاكرة المساحة الحرة في العقل..
ان هكذا صراع يجعل كل من طرفيه يحاول تطويع الواقع نحو مفاهيمه، الأول بتوظيف المفاهيم الميتافيزيقية للأديان والدعاء والثاني بالبرهان العلمي التجريبي، يبقى الفصيل الأول يتأمل حلولا لما يعانيه حاضر المجتمع بالدعاء ليحرك الشعوب بتلك العقلية، والثاني يفند ذلك الخطاب بأدلة علمية. أتذكر عام 1967 حرب حزيران مع إسرائيل، كانت الإذاعة الأردنية والمصرية تبث خطب حماسية وتدعوا المسلمين في كل العالم للدعاء ضد اليهود حين كانت تدور معارك ضارية في القدس، وطلبت والدتي منا ان نصعد ليلتها الى سطح الطابق الثاني في بيتنا ومعها القران الكريم لندعو الله ان يحفظ القدس ويمنع وقوعها بيد اليهود، كانت ترفع القران بيدها الى السماء وتدعوا باكية ونحن نكرر دعائها، وكان اخي الكبير يوبخنا للنزول قائلا "الا يسمعكم الله هنا في الصالة لتذهبوا الى سطح المنزل!!" وما ان صبح النهار الا وسقطت مدينة القدس بيد اليهود.. عدنا لنتساءل اليوم أي عقل كان يقودنا؟ في العهد القديم كان الانسان يتفنن في تسويق المفاهيم السطحية الهمايونية الاملائية غير المسندة علميا من الأكاذيب الشائعة بين الناس المهيمنة على الوعي المجتمعي البدائي، والأنبياء جعلوا من تلك الأكاذيب صحائف مقدسة ترمي ببذورها في الوعي المجتمعي لتولد جيلا جديدا تنقاد كالبهائم.. في عصرنا هذا عظم الانسان المفكر دور العقل وأصبح في الغالب لا يؤمن بالخرافات ويتعلم الحياة بالقراءة العلمية والتجارب المثبتة الى ان تجذرت التجارب و تطورت الدلائل العلمية شيئا فشيئا وتوصل الانسان أخيرا الى اكتشاف الذكاء الصناعي وادواته الذي ما لبث الا وتقمص ثوب الاديان وأصبح ثلة من المستغلين اللذين اخذوا دور الأنبياء يقنعون الناس من خلال الذكاء الصناعي القادر في الحقيقة اليوم على مخادعة الناس وإشاعة الكذب واللعب على الذقون في كل ما يتعلق بالأهداف التضليلية الاجتماعية، رغم منافعه في النطاق العلمي والتي في النهاية تسوق للاستغلال الاقتصادي للدول المتأخرة علميا المُستَغلة بامتياز.. ويبدو اننا نكرر نفس السيناريو في كل العصور بحلة جديدة أساسها الاستحمار الفكري لذاكرة العقل. وأتساءل مرة اخرى أي عقل يقودنا؟



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الحب في العلاقات الإنسانية (وجهة نظر)
- الزمن ذلك اللغز المحير
- في الاقتصاد النفطي العراقي وبناء الدولة الموحدة
- تداعيات الحكومات العراقية الحديثة
- السلام يصنعه الانسان
- الحرائق الراهنة في الابنية والمتاجر ومرافق الدولة
- الطبيعة هي القيمة المثالية العليا في الوجود والحياة
- العدالة في ميزان الزمن
- تاريخنا يمجد سفك الدماء (وجهة نظر شخصية)
- الأرض تحتظر في الواقع المرير
- انا مًن انا؟
- الحياة على الكرة الأرضية في افول
- الحب تحرر من الانانية
- نحن موتى احياء في ضل تكنلوجيا العصر
- الكورد في مسيرة البحث عن الحياة الحرة
- هل الفكر التأملي فكر واقعي في الحياة؟
- التراسل بين الخالق والمخلوق/ تأملات في الوجود
- استكمال مؤامرة الحرب العالمية في حقبة ترامب الاخيرة
- همسات قلب متعب
- الزواج رباط مقدس يمهد لتطور الحياة


المزيد.....




- مسلسل -اللوتس الأبيض- يفتح الأبواب على أجمل منتجعات تايلاند ...
- القضاء الفرنسي يدين ساركوزي بتهمة التآمر الجنائي في قضية الت ...
- زيلينسكي يضع موسكو بين خيارين: إما وقف الحرب أو الاستعداد لل ...
- دراسة: هذه أوجه التشابه بين النحل والمصابين بالتوحد!
- ساركوزي يعلق على حكم السجن الصادر بحقه.. فماذا قال؟
- قرار قضائي غير مسبوق في فرنسا.. حكم بسجن الرئيس الأسبق ساركو ...
- نتنياهو يتجنب الأجواء الفرنسية في طريقه إلى نيويورك خشية اعت ...
- كاتب إسرائيلي: نتنياهو جعل من 7 أكتوبر عيد استقلال فلسطيني
- الاحتلال يرصد إطلاق صاروخ من غزة ويعلن إحباط اختطاف جندي داخ ...
- خبراء ومحللون يقترحون للجزيرة نت خطوات لمواجهة التهجير في غز ...


المزيد.....

- التجربة الجمالية / د. خالد زغريت
- الكتابة بالياسمين الشامي دراسات في شعر غادة السمان / د. خالد زغريت
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد رياض اسماعيل - ذاكرة العقل تعطل فهمنا للواقع