أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد رياض اسماعيل - تاريخنا يمجد سفك الدماء (وجهة نظر شخصية)















المزيد.....

تاريخنا يمجد سفك الدماء (وجهة نظر شخصية)


محمد رياض اسماعيل
باحث

(Mohammed Reyadh Ismail Sabir)


الحوار المتمدن-العدد: 8386 - 2025 / 6 / 27 - 18:52
المحور: قضايا ثقافية
    


سلاطين الدولة العثمانية وقبلها العباسية وقبلهما الأموية ، عاشوا لعوائلهم وتوارثوا الحكم من آباءهم وعمومتهم ، لم يكن يحتاج هذه الوظيفة الى معرفة والتخرج من المدارس او ابداع ، بحسب العصور ،بل كانت المدرسة تأتي الى اقدامهم لا ليتخرجوا معلمين او ضباط او مهنيين بل سلاطين ، ان توفقوا او لم يتوفقوا في التعليم … فكان جل طموحهم هو ان لا ينافسهم احدا في السلطة ويتوسعوا في رقعة الحكم ليدر عليهم المال والجواري الدعجاوات … اباء تقتل أبنائها وأبناء تقتل ابائها واخوان يتقاتلون فيما بينهم ويذبحون البعض الاخر وجرائم تقشعر لها الابدان، طمعا في توارث السلطة. وكل منهم يدعي بانه يملك العصا السحرية، وأنه إذا استمر سيحقق المعجزات بعيداً عن البراغماتية العلمية، كلام استغفال واستخفاف بالعقول للاستهلاك الإعلامي الدعائي الهمايوني الفاسد 100%، والواقع مزري كوجوههم البشعة واياديهم الملطخة بدماء الابرياء، لعنة التاريخ على الجرائم التي ارتكبتها هذه الزمر. والشعوب التي كانت تبحث عن العدالة، باتت تراها في الاحلام وتسمع عنها في الحكايات المفبركة التي كانت تنسج اماني المستضعفين، نحن نمجد تاريخا مزيفا لم تنتج الا الخراب والتناشز الاجتماعي والنفاق والفتك والاعتداء والتخلف. انتجت تلك العصور ملايين القتلى والمعوقين واليتامى والارامل، سبيت فيها النساء وقدمت مع وجبات الطعام الفاخر الى السلاطين والوعاظ والمنتفعين الرعاع من كلاب حراسة الأبواب العالية. وبات أولاد السلاطين يتوارثون الحكم واولاد الشعوب المقهورة تتوارث أحلام الحرية والعدالة الاجتماعية وتبذل العناء للحصول على الرغيف وتحلم في سقوط الولاة.. ولا نزال في تراثنا التاريخي وفي مدارسنا نمجد بهؤلاء الحكام وبإمبراطوريتهم المزيفة اللذين خلفونا، خلفوا نسلا من الزنى بجداتنا!
لو سبرنا غور التاريخ البشري وبحثنا بين أضلاعه وثناياه لوجدنا بان الجريمة هي الاصالة فيه، بدءا من قصة قابيل وهابيل ومرورا بالعصور المتتالية. والجريمة هي السمة الحيوانية في البشر للتنازع من اجل البقاء، فالحيوان يندفع بغرائزه ليدفع عنه غائلة الجوع لبقاء نوعه والتاريخ البشري يحدثنا عن الفتك والاعتداء والحروب، وهي الأشكال المتعددة للجريمة، في جميع العصور ليؤسس نظام الحياة البشرية على غرار ما تفعله الحيوانات في عالم البقاء للأصلح. وكل شعب من شعوب العالم تمجد جرائمها بغطاء القانون وتسمي القتل والسلب حرباً مقدسة ومجدا من أمجادها، والامة التي تعيش بسلام دون حروب فلا تاريخ لها، التاريخ للأمم التي خاضت الحروب لغلوب الجانب الحيواني في الانسان وشراهته للدم ثم ما يسبغه على جرائمه من صور وأفكار إنسانية يبرر جرائمه والتي هي أصلاً خاضعة للشهوة السلطانية واطماعه وتماما كما يفتك حيوان بالآخر طمعا او لإبعاده عن فريسة يريد الحيوان الاقوى اقتناصه لنفسه. ثم يأتي كتاب التاريخ والشعراء ليمجدوا هذا (الحق) بما يجد العقل من دهاء ومكر ليدعم (النصر) على (الأعداء) وليتغنى عليها الأجيال القادمة، فالعقل البشري مصمم لتبرير كل ما يرتكبه صاحب العقل من افعال وجرائم وليس مصمماً ليريه الطريق القويم او يفرق بين الأسود والابيض كما يظن البعض، الا بقدر ما ينتفع هو من ذلك. فالذي يظفر في حروبه الحيوانية يعتبر صاحب الحق كما ان الحيوان الظافر في نظر اقرانه يعتبر صاحب الحق أيضا والفرق هو ان الانسان يبرر جرائمه بان يجد من العقل والمنطق والذكاء والخدع ما يدعم هذا الحق وهذا النصر ليبقى مخلدا في التاريخ. المعروف بان التعصب الأعمى اول مظهر للشهوة الانسانية، تأتي تارة باسم الدين وتارة باسم الحرية والعدالة، وتارة باسم الوطنية (الخالصة)، فعقل الانسان له مزايا لا تتوافر في الحيوانات ويرى في العظمة سموه على الملايين من اقرانه ويسوغ لقوة شهوته منطق القيم السائدة. وباسم تلك المسميات تقترف الجرائم في الحروب المدمية التي تعصف بالبشر، لاستعلاء الجانب الحيواني المفترس في الانسان على جانب البصيرة ومكنونه الرحمي. ويقود الشهوة للسلطة الى تسخير القضاء لإزهاق الأرواح باتباعها وسائل الفن والخداع يسيغون شرب دماء امثالهم من بنى البشر ارضاء لنهمهم للسلطة وشديد حرصهم على استبقائها لا ينازعهم فيها منازع. وقد وصلت الى الحد الذي يقضي سلطان اب على أولاده، حباً (للأمة والعدالة) مجرداً من حب السلطة! ويجد له من يفتي بجواز ذلك من سفلة بلاط الحكم .....
الحروب والثورات في الامم كالحريق في بيت كبير به من ثمين الجواهر والرياش، فعندما يتسع النار في البيت يهرع المتطوعين من كل حدب بدعوى اطفائها، وهم في الواقع يسلبون ما بها من النفائس، وان وجد بينهم شرفاء فلا أحد يسمعهم حين يحاول الأغلبية بإضرام النار وتوسيع رقعته ليزداد غنائمهم. وهذا حال الثورات عبر التاريخ البشري، كل صاحب ثورة يدعي العدالة على دم الأبرياء المسفوك، ويقيم لنفسه الحجج والمبررات المنطقية ثم يسخر القضاء لمعاقبة المخالفين وفق منطق عدالته، وليس وفق ضمير القاضي صاحب التقدير والحكم والذي تقتضي العدالة منه ان يكون قادراً في القضاء على صاحب القوة بنفس النزاهة التي يستطيع ان يقضي على من يناصبه صاحب الحكم الخصومة.
في الامس القريب ابان انقلاب 1958 في العراق كان هنالك انقلابيون من العسكر، ورعاع ممن كانوا يطمعون في المناصب ويعتشون من فضلات مطابخ السلطة العسكرية الجديدة (التي قادتها ضباط جهلة قد وعدوا الشعب بحكومة تكنوقراطية وعراق مزدهر، ثم انقلبوا عليه فكانت مزدهرة لهم فقط واثروا بالحكم لأنفسهم)، اكمل هؤلاء الرعاع بشاعة المشهد بالانقضاض على جثث كانت تمجدها بالأمس، وتمثل بها بوقاحة ووحشية، فلم يتم التعرف على جثة نوري السعيد رئيس وزراء العراق الأسبق في الطب العدلي ابان الانقلاب الجمهوري الا من زراق لون عينيه، وقطعت أصبعه ليرسل هدية الى جمال عبد الناصر (يقال بانه امتعض من تلك الهدية!) من خلال مبعوث الانقلاب عبد السلام عارف (رئيس الجمهورية لاحقا)، حدث كل ذلك في الامس القريب وبترت أعضاء الوصي عبدالاله لتقدم الى الكلاب السائبة.. وهكذا هو تاريخنا، تاريخ مخزي من الفه الى يائه..
تاريخنا البشري كان ولا يزال مخزياً ومؤلماً، حين يسدل الانسان المفكر في كل حقبة ستاراً اسوداً على ما سبقته بداعي النضج وتغير متطلبات العصر، والأساس هو ان الانسان لم يرتقي من مصاف غرائزه الشهوانية الحيوانية الى العدالة الاجتماعية التي يركن اليه الأسود والابيض على السواء. والجريمة ترتقي وتتطور في وسائلها جيلا وعصرا بعد الاخر بدأت بالعصي وقوس نشاب والحراب والسيوف والمناجيق وانتهت بالروبوت الحربي والطلقة الذكية والقنابل النووية.. التاريخ البشري مخجل لمن يشعر، ولكن من اين يأتي الشعور لمن افتقد المحبة والعاطفة وتمرس على العنف والغلظة عبر دروس تاريخه المشؤوم! ويقول ايليا أبو ماضي:
أيقظ شعورك بالمحبة إن غفا.... لولا الشعور الناس كانوا كالدمى
أحبب فيغدو الكوخ قصرا نيرا... وأبغض فيمسي الكون سجنا مظلما



#محمد_رياض_اسماعيل (هاشتاغ)       Mohammed_Reyadh_Ismail_Sabir#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأرض تحتظر في الواقع المرير
- انا مًن انا؟
- الحياة على الكرة الأرضية في افول
- الحب تحرر من الانانية
- نحن موتى احياء في ضل تكنلوجيا العصر
- الكورد في مسيرة البحث عن الحياة الحرة
- هل الفكر التأملي فكر واقعي في الحياة؟
- التراسل بين الخالق والمخلوق/ تأملات في الوجود
- استكمال مؤامرة الحرب العالمية في حقبة ترامب الاخيرة
- همسات قلب متعب
- الزواج رباط مقدس يمهد لتطور الحياة
- قصص لم تكتمل
- هذه هي امريكا
- وجود الاحياء مهدد على الأرض
- أثر المنظومة الأخلاقية في تقدم الأمم/ رؤية شخصية
- لمحات على النظم الدينية وضرورة فصل الدين عن الدولة
- الاستعمار والشعوب المستحمرة
- الذاكرة وتراثية المجتمع أساس الانقسام والصراع*
- النظام الديموقراطي في ظل الجهل العام
- دور طاقة الكلام والزمن في خوارزمية الوجود/ رؤية شخصية


المزيد.....




- فستان أبيض وياقة عالية.. من صمّم إطلالة العروس لورين سانشيز ...
- ترامب يشكر قطر على دورها في اتفاق السلام بين رواندا والكونغو ...
- خبير عسكري: عمليات المقاومة تعيق تقدم جيش الاحتلال داخل غزة ...
- لا وجود لـ-المهدي المنتظر- في تونس
- ترامب يتوقع التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة -خلال أسبوع- ...
- فيديو لدب يتسبب في إغلاق مطار باليابان وإلغاء رحلات
- الجيش الإيراني يكشف حصيلة قتلاه خلال الحرب مع إسرائيل
- كيف تعرف أن بياناتك الشخصية في أمان؟
- في رسالة لمجلس الأمن.. أميركا -تبرر- قصفها لمواقع في إيران
- عراقجي: لا اتفاق مع استمرار تهجم ترامب على المرشد خامنئي


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد رياض اسماعيل - تاريخنا يمجد سفك الدماء (وجهة نظر شخصية)