أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة نباح المناهج وذبابها : أدب المقاومة الفكرية.














المزيد.....

مقامة نباح المناهج وذبابها : أدب المقاومة الفكرية.


صباح حزمي الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 8476 - 2025 / 9 / 25 - 13:34
المحور: الادب والفن
    


مقاومة التوجيه الفكري والسياسي الزائف الذي يُحاول التسلل عبر المناهج الدراسية أو الخطابات الإعلامية المُضللة .

أصبح الحق غريبا , تنبحُ الكلابُ عليه , تتطايرُ أنفاسُها شررًا في ليلٍ بارد , لكنه لا يهتزّ , تمدُّ شجرته جذورَها في أرضٍ من حبر , وترفعُ أغصانَها نحو القمر , تقول : النباحُ ريحٌ عابرة , أما أنا فصوتُ الينابيع , وحبرٌ لا يجف , وتضحكُ من ضجيجٍ يتكرّر , فتكتبه بيتًا من سخرية , وتحوِّلُ عواءَ الخوف إلى نشيدٍ مقاوم , فشجرة الحق مؤمنة أن الكلابُ سترحل , والصمتُ بعدها سيبقى , لكنها ـ وحدَها ـ تظلُّ مشتعلةً , كجمرة الروح لا تُطفئها أنيابُ كلاب مسعورة .

يلتفت الحق مخاطبا قارئي كتب الكفر : (( ياأبنائي لا تُسرفوا في الردّ , فما النباحُ إلّا ضيفُ ليلٍ لا يعرفُ معنى النهار , اتركوهم يعوون , واجعلي كلماتكم أنهارًا , كلّما جفّت ضفةٌ سالت ضفةٌ أخرى , وتذكّروا : القصيدةُ لا تنتصرُ بالصرخات , تنتصر بما يخلّفه صمتُها العميق في قلوبٍ لا تنام )) , تبتسم القصيدة , تضمُّ كلماتِ العجوز إلى صدرها , وتكملُ اشتعالها , بوهجٍ أجملَ وأقوى , لأنها ولُدتْ للتو من رحم رشيد بعقل حكيم .

يدخل الحق هرما , محني الظهر, يحمل في عينيه بقايا حبرٍ يابس , ويهمس لجيل الشباب , (( في العالم أماكن كتير جميلة , ولكن لا مكان يشبه الوطن ,هذا الزمن يُدان فيه الصادق ويُكرَّم فيه المخادع , فقط لأنه نجح في التسلل إلى قمم السياسة والاقتصاد وحتى زعامة القبيلة والعشيرة عبر أبواب الكذب والاحتيال وشراء الذمم والاصوات , وفي هذا العالم , لا يُكافأ النبيل بعلو المكانة , بل غالبًا ما يُقصى ويُهمّش , بينما يُفتح الطريق أمام من تجرد من الفضيلة وتسلّح بالمكر , ومَن يملك زمام الأمور اليوم ليس الأكثر حكمة أو عدالة , بل الأكثر قدرة على الالتفاف والمراوغة , ومع غياب البوصلة الأخلاقية , تتغير المقاييس , وينقلب الميزان , فيصبح الكاذب فطنًا , والجاهل ملهمًا , والمنافق قائدًا , وكما وصف إيليا أبو ماضي هذا الواقع بقوله : (( ذهب الصدق وجاء الكذب , وتولى الناسُ التهريجا , صار الكاذبُ يُدعى فطناً , وأُطلقَ للجاهلِ تأليها )) .

تراهم ذبابٌ يحارب النحل , ليس لأن النحل اعتدى عليه , بل لأن نوره يفضح ظلمة الذباب , ولأن جهده يكشف عجزهم , يتسلل الذباب حيث لا يُطلب جهد , يتغذى على الفضلات , ويقتات من بقايا تعب الآخرين , بينما النحل يصنع عسله من رحيق الأيام , يعمل بصمت , ويترك أثره في الحقول , وفي قلوب العابرين , لكن الذباب لا يحتمل الفرق , يحاول طمس الفوارق , ليس بالارتقاء , بل بتسقيط من يعلوه , يشكك في العسل , ينشر عنه الشبهات : أنه مُرّ , أنه مضرّ , لعل أحدهم يتوقف عن الإعجاب به , وإن لم يُفلح , سرق تعب النحل ونسبه لنفسه , لا بحرفية , بل بحيلة , لا يعرف العمل , لكنه يتقن التملق , ويجيد الوقوف في الصورة , حيث يلمع العسل ولا يُذكر النحل.

كتب يحيى السماوي : (( في وطن بات مسلخا بشريا ما عُدنا نميّز فيهِ بين اللصّ والنّاطور بين البرتقالة والقنبلة , ولا بين عِمامَتي زياد بن أبيه وعمّار بن ياسر )) , فالمشهد السياسي في العراق الان لا تحركه المبادئ ولا البرامج بل صراع الطوائف والمصالح والنفوذ الخارجية , وتبدو النخب من القيادات السياسية , في معظمها , وكأنها تمثل نفسها لا مكوناتها الاجتماعية , بدليل أن غالبية من وصلوا إلى المناصب العليا أصبحوا من أصحاب الملايين , حتى لو كانوا بالأمس القريب شخصيات غير معروفة وليس لديهم تاريخ سياسي , وفي بلادٍ تلبس الوجع كوشاح , لا يُستغرب أن تضيع العدالة في زحمة المناهج الخائبة والمخاطبات , وأن يتحول الشرطي من حارسٍ للأمن إلى ذئبٍ يرتع في حقول الجراح , هنا , في عراق ما بعد الخراب , كل شيء قابل للكسر, حتى كرامة المواطن , ألا انه ومع كل هذا الظلام , لا بد أن يبقى في النفس شيء من الأمل , فحتى في عالم مقلوب كهذا , تظل الحقيقة قائمة في جوهرها , بانتظار من يعيد لها صوتها ومكانها , وربما كان الرهان الأكبر اليوم هو على وعي الشباب , وعلى يقظة الضمير, وعلى أولئك القادرين على التمسك بالقيم , لا لأنهم ينتظرون جزاءً , بل لأنهم يعرفون أن بقاء الإنسان نفسه مرهون بصدق القيم , لا بزيف الشعارات .

((هو العراق ياصدرا الوذ به كما يلوذ عصفور بذي زغب )) .

صباح الزهيري .






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقامة أموت نظيفًا .
- مقامة حمالة الحطب : من شرر الشوك إلى رماد الأمة .
- مقامة عروس غاندي .
- مقامة حكمة قَعْنَب .
- مقامة الدگة الخزعلية : بين الوشم والغدر.
- مقامة ديالى شقائق النعمان .
- مقامة الطروس .
- مقامة النقيق في قاع بئر: العراق بعد 2003.
- مقامة فلسفة الفقر .
- مقامة الغيوم .
- مقامة مادلين أولبرايت : عندما تتحدث الدبابيس .
- مقامة الأنسان وباء .
- مقامة الأقتران الشرطي .
- مقامة أصنام العقل .
- مقامة الرسيس .
- مقامة لحن القول .
- مقامة في مسار التاريخ ومآلاته .
- مقامة محضرون .
- مقامة الثلاجين .
- مقامة ألأكتظاظ .


المزيد.....




- تعاطف واسع مع غزة بمهرجان سان سباستيان السينمائي وتنديد بالح ...
- -ضع روحك على يدك وامشي-: فيلم يحكي عن حياة ومقتل الصحفية فاط ...
- رصدته الكاميرا.. سائق سيارة مسروقة يهرب من الشرطة ويقفز على ...
- برتولت بريشت وفضيحة أدبية كادت أن تُنسى
- مواسم القرابين لصالح ديما: تغريبة صومالية تصرخ بوجه تراجيديا ...
- احتجاج واسع بمهرجان سينمائي في إسبانيا ضد الإبادة بغزة
- احتجاج واسع بمهرجان سان سباستيان السينمائي في إسبانيا ضد الإ ...
- في حلق الوادي قرب تونس العاصمة... شواهد مقر إقامة نجمة السين ...
- رحيل الممثلة كلوديا كاردينالي عن 87 عاماً... -أجمل إيطالية ...
- توماس فوسين: لا معايير للشرعية السياسية والارتباط بالسلطة يت ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - صباح حزمي الزهيري - مقامة نباح المناهج وذبابها : أدب المقاومة الفكرية.