أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - الضربة الصهيونية لمحمية قطر وسياقات الصراع الإقليمي















المزيد.....

الضربة الصهيونية لمحمية قطر وسياقات الصراع الإقليمي


احمد صالح سلوم
شاعر و باحث في الشؤون الاقتصادية السياسية

(Ahmad Saloum)


الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 20:13
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


كيف يمكن وصف الضربة الصهيونية على محمية قطر هل هي مجرد استهداف لقادة حماس ، كما تردد امبراطوريات اعلام مردوخ ومن شابهها ،ام حدث يتجاوز بعده العسكري ، إلى دلالات سياسية واستراتيجية عميقة. هذه الضربة، التي قد تبدو للوهلة الأولى استهدافًا محدودًا، ليست سوى جزء من معادلة أكبر تستهدف إعادة تشكيل النفوذ الإقليمي وترسيخ هيمنة أمريكية بأدوات صهيونية. لم تكن الضربة موجهة لحركة حماس أو المقاومة الفلسطينية، كما يروج البعض، بل كانت رسالة صريحة إلى سوريا وكل من يحاول التدخل فيها، سواء كانت قطر أو تركيا أو السعودية. إنها رسالة تقول إن سوريا أصبحت، في نظر القوى الصهيونية وداعميها الأمريكيين، خاضعة لاحتلال صهيوني امريكي غير معلن، وأي محاولة لتقاسم النفوذ فيها ستُقابل برد عسكري مدمر.

سوريا، التي كانت يومًا مركزًا للمقاومة العربية، تحولت خلال العقد الأخير إلى ساحة صراع مفتوحة تتنافس فيها قوى إقليمية ودولية. هذا التحول لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة مخطط ممنهج بدأ مع ما يسمى "الربيع العربي"، الذي كان في جوهره محاولة لإعادة تشكيل المنطقة بما يخدم المصالح الغربية والصهيونية. الضربة على محمية قطر ليست مجرد عمل عسكري، بل إعلان بأن أي قوة إقليمية تسعى للعب دور في سوريا دون موافقة القوى المهيمنة ستواجه عواقب وخيمة. هذه الرسالة موجهة إلى الدول التي حاولت استغلال الفراغ السياسي والعسكري في سوريا لتعزيز نفوذها، سواء كانت قطر بدعمها لفصائل إسلاموية، أو تركيا بطموحاتها العثمانية الجديدة، أو السعودية بمحاولاتها فرض أجندتها الوهابية. الكيان الصهيوني، الذي يعمل كذراع تنفيذي للسياسات الأمريكية، استخدم هذه الضربة لتأكيد أن سوريا ليست ساحة مفتوحة للجميع. أي محاولة لتقاسم النفوذ، سواء عبر دعم فصائل مسلحة أو بناء قواعد عسكرية، ستواجه برد عسكري مباشر يستهدف تدمير أي بنية تحتية عسكرية أو سياسية تحاول هذه الدول بناءها.

لا يمكن فصل الضربة الصهيونية عن السياق الأمريكي الأوسع. الكيان الصهيوني ليس سوى أداة تنفيذية في يد الولايات المتحدة، التي تسعى للحفاظ على هيمنتها الإقليمية في مواجهة التحديات المتزايدة من قوى مثل روسيا والصين وإيران. الضربة على محمية قطر ليست قرارًا إسرائيليًا مستقلًا، بل جزء من استراتيجية أمريكية تهدف إلى تثبيط أي محاولة لتغيير التحالفات الإقليمية أو إعادة ترتيب الأولويات السياسية. هذا السياق يتضح من خلال التحركات السياسية والعسكرية الأمريكية في المنطقة. زيارات وزراء الخارجية الأمريكيين المتكررة إلى تل أبيب، وتصريحاتهم التي تؤكد دعمهم المطلق للكيان الصهيوني، ليست سوى غطاء لتأكيد هيمنة واشنطن. تصرفات مثل صلاة وزير خارجية أمريكي أمام حائط البراق، أو الزيارات المتكررة لقادة أمريكيين، تحمل رسائل واضحة للدول الإقليمية مثل قطر والسعودية وتركيا: أنتم تحت السيطرة، وأي محاولة للخروج عن الخط الأمريكي ستُقابل برد قاسٍ.

في هذا السياق، لا يمكن تجاهل دور الفصائل التكفيرية، سواء تلك التي تتبع تنظيم "داعش" أو هيئة تحرير الشام. هذه الفصائل، التي تُروج لنفسها كحركات "ثورية" أو "إسلامية"، ليست سوى أدوات مؤقتة في يد القوى الصهيونية والأمريكية. تحركات شخصيات مثل أبو محمد الجولاني، أو الشيباني الداعشي، تتم تحت إشراف مباشر أو غير مباشر من المخابرات الإسرائيلية. هذه العصابات، التي تُصنف على أنها وهابية أو إخوانية، ليست سوى أدوات تُستخدم لفترة محدودة قبل أن يتم التخلص منها. لقاءات الجولاني السرية والعلنية مع أطراف إسرائيلية، وتحركاته تحت غطاء "الأمن العام"، تكشف عن طبيعة الدور الذي يلعبه: أداة مؤقتة لتحقيق أهداف أمريكية وصهيونية. لكن هذه الأدوات ليست دائمة، فالتاريخ يعلمنا أن القوى الاستعمارية تتخلص من عملائها بمجرد انتهاء صلاحيتهم.

غزة تبرز كنقطة تحول استراتيجية في هذا الصراع. إنها ليست مجرد قطاع جغرافي صغير، بل رمز للمقاومة التي تتحدى المشروع الأمريكي-الصهيوني الإبادي. على عكس الدول والفصائل التي استسلمت للضغوط، فإن غزة، بجانب جنوب لبنان والضاحية، فهمت المعادلة مبكرًا. هذه المناطق تشكل النواة الصلبة التي ستدفن المشروع الإبادي في أحياء غزة وتلال جنوب لبنان. غزة، بمقاومتها، ليست فقط تحديًا عسكريًا، بل تحديًا فكريًا وسياسيًا، تكشف زيف الروايات التي تروجها القوى الاستعمارية. إنها تثبت أن المقاومة، حتى في أضعف ظروفها، قادرة على قلب المعادلة وإفشال المخططات الكبرى. هذا الفهم يمتد إلى قادة مثل بشار الأسد، الذي، على الرغم من أخطائه، أدرك طبيعة المؤامرة التي تُحاك ضد سوريا. لولا كثرة الأعداء، لكان بإمكانه الحفاظ على شعب سوريا بشكل أفضل.

الدول الإقليمية مثل قطر وتركيا والسعودية، التي حاولت لعب أدوار مستقلة في سوريا، تلقت رسائل واضحة من خلال الضربات الصهيونية. قطر، التي دعمت فصائل مثل هيئة تحرير الشام، وتركيا، التي حاولت فرض نفوذها عبر قواعدها في شمال سوريا، والسعودية، التي تسعى لاستعادة دورها عبر دعم فصائل وهابية، جميعها واجهت ردًا قاسيًا. تركيا، على وجه الخصوص، تلقت ضربة موجعة عندما قُصفت قواعدها العسكرية في حمص وتدمر، مما أدى إلى مقتل ضباطها وتدمير بنيتها التحتية. هذه الضربات جاءت كمكافأة ساخرة لأردوغان، الذي تباهى بتقديم خدمات للكيان الصهيوني والولايات المتحدة، سواء عبر تحجيم الوجود الإيراني أو مواجهة حزب الله. لكن، كما هي عادة الأمريكيين والصهاينة، فإن المكافأة جاءت على شكل خيانة وتدمير.

ملف خطف الفتيات القاصرات في سوريا يكشف عن بعد آخر من المشروع الاستعماري. هذا الملف، الذي يُروج له تحت مسميات مثل "السبي" أو "الأمن العام"، ليس سوى محاولة لتدمير النسيج الاجتماعي للشعوب العربية. الروايات التي تتحدث عن "ريفييرا أخرى" في إدلب أو درعا تكشف عن أبعاد هذا المشروع الذي يتجاوز الحرب العسكرية إلى حرب ديموغرافية وثقافية. هذه الممارسات، التي تُنفذ تحت غطاء فصائل تكفيرية، تهدف إلى إضعاف المجتمعات المحلية وتسهيل السيطرة عليها.

في النهاية، تظل غزة الركيزة الأساسية التي تقاوم هذا المشروع الإبادي. بينما تسعى القوى الصهيونية والأمريكية لفرض هيمنتها عبر أدواتها العسكرية والسياسية، فإن غزة، بمقاومتها الباسلة، تقلب المعادلة. إنها ليست مجرد معركة عسكرية، بل صراع وجودي يحدد مصير المنطقة. غزة، بجانب جنوب لبنان وسوريا المقاومة، تشكل الخط الأمامي في مواجهة هذا المشروع. الدرس الأساسي هو أن المقاومة، مهما كانت الظروف قاسية، هي السبيل الوحيد لكسر الهيمنة الأمريكية-الصهيونية وإعادة ترتيب المعادلة الإقليمية على أسس جديدة.



#احمد_صالح_سلوم (هاشتاغ)       Ahmad_Saloum#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مقدمة لمسرحية : شايلوك يحلم بريفييرا غزة : وحشية الطمع الاست ...
- مسرحية: شايلوك يحلم بريفييرا غزة
- رواية : شجرة الكرز الحزين
- رواية : امواج الحقيقة الهادرة
- رواية : لمن ترفع اليافطة !
- رواية : نبوءة الرياح في شوارع شيكاغو
- تحالف الإرهاب والمال والنفوذ الصهيوني في قلب فرنسا
- نهاية عصر لوبيات الصهاينة
- رواية : كوميديا الفردوس السومري..رواية تاريخية
- رواية : عبيد ماستريخت: دراكولا كرئيس للمفوضية
- رواية : صحراء السراب
- رواية : دموع الأرض المحلقة
- رواية : أصداء الخفاء
- رواية: عشرة أعوام من الرماد
- رواية :رأس ابو العلاء المهشم !
- رواية: إمبراطورية سامر السريع
- رواية: أصداء الأفق المحطم
- رواية : ارض النبض الكربلائي العجيب
- رواية : مكعبات الوافل واناشيد الميز
- رواية : رقصة الدم على رمال النفط


المزيد.....




- تنظيم مسلح جديد في خان يونس يطرح نفسه بديلًا لحماس.. من هي ج ...
- نعيم قاسم يدعو السعودية إلى فتح صفحة جديدة مع حزب الله: لحوا ...
- محكمة العدل الدولية تعلن تلقيها شكوى من مالي ضد الجزائر
- أيام على السابع من أكتوبر
- رئيس ملاوي ومنافسه يتنازعان الفوز بالرئاسة وسط توتر سياسي
- ترامب يمتنع عن المصادقة على مساعدة عسكرية لتايوان
- 5 نساء يتقدمن في العمر بسرعة والعلم يوضح السبب
- -رحاليستا- الليبي يتحدث لترندينغ عن رحلته في صنع المحتوى وزي ...
- إفتهان المشهري .. اغتيال مسؤولة يمنية رميا بالرصاص في وضح ال ...
- محمد قبنض.. اختطاف منتج مسلسل باب الحارة السوري من دمشق والد ...


المزيد.....

- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - احمد صالح سلوم - الضربة الصهيونية لمحمية قطر وسياقات الصراع الإقليمي