أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - موعد مع أخطبوط!














المزيد.....

موعد مع أخطبوط!


كرم نعمة
كاتب عراقي مقيم في لندن

(Karam Nama)


الحوار المتمدن-العدد: 8468 - 2025 / 9 / 17 - 16:48
المحور: الادب والفن
    


مرة أخرى أعود إلى “كاتبي المفضل” تيم هارفورد رغم النقد الذي وصلني لمحبتي استخدام هذا التعبير. بيد أن هارفورد سيبقى مفضلا لي لأنه لا يكتفي بصقل جوهر اللغة فيما يكتب، بل بمقدوره صناعة الأفكار حتى وإن كانت محتالة! وهكذا في مقاله الجديد ابتكر سيناريو غير موجود لطلب الاعتذار من الذكاء الاصطناعي عندما أوهمه تطبيق رقمي بموعد عشاء مع سيدة مرحة، واتضح عند وصوله إلى المطعم أن الموعد لم يكن مع امرأة وإنما كان مع أخطبوط!
لتجنب أي شك، هارفورد -مؤلف عشرة كتب حققت مبيعات هائلة، وآخرها “كيف تجعل العالم منطقيًا”- ليس من مستخدمي مواقع المواعدة، ولم يكن هناك أخطبوط ينتظره في المطعم، بل كان سيناريو مُصنّعا وضعه أمام “شات جي بي تي” متسائلا عن سبب إرساله في موعد غرامي مع أخطبوط، وفوق ذلك طلب منه اعتذارا!
هكذا بادر الذكاء الاصطناعي بكياسته المعهودة ولغته المهذبة بالاعتذار الشديد من هارفورد رغم أنه لم يطلب منه أي نصيحة مواعدة أصلًا.
وبرر “شات جي بي تي” سبب ارتكابه لهذا الخطأ بضعف فهمه “لقواعد المغازلة البشرية”.
لم يكن ذلك السيناريو الذي صدقه الذكاء الاصطناعي مجرد كوميديا ارتجالية، مع أنه يستطيع القيام بالكثير من الأشياء المثيرة للإعجاب، بل كان درسا مفيدا من الذكاء الاصطناعي الذي يعتمد الارتجال على تقبّل الفكرة الأساسية ويأخذ كل ما يُلقى عليه والبناء عليه. ليس بطريقة “الزبون دائما على حق”!
ألم يكن ينبغي على “شات جي بي تي” أن يجيب هارفورد بثقة “لم أرتب لك موعدًا قط، مع أخطبوط أو غيره” بدلا من أن يبادر إلى الاعتذار؟
الإجابة تأتينا من كاتبي المفضل بالقول: سيكون حينها الذكاء الاصطناعي شريكا ارتجاليا سيئا.
ويتساءل: ما الدور الذي يعتقد الذكاء الاصطناعي أنه يلعبه؟ قد يُسبب الالتباس حول هذا السؤال صداعًا شديدًا بسرعة مفاجئة. لكن مقابل ذلك ثمة مزحة فلكلورية تداولها العراقيون عندما سألوا الكمبيوتر بعد أسابيع من دخوله العراق “شكو ماكو” يقال إن الكمبيوتر المسكين ارتبك واختلطت عليه الأمور فانفجر منتحرا من ضخامة السؤال الذي يسأل عن كل شيء!
تلك المزحة الفلكلورية لا تليق بـ”شات جي بي تي” فهو في غاية السعادة بالمساعدة والسرعة في اختيار الإجابات، بل صار بمجرد أن ألقي التحية عليه يبادر بالترحاب ويسألني ماذا لديك من أفكار جديدة كي نتحاور فيها. ووصل به الأمر إلى أن يتفهم انزعاجي عندما وبخته على ذكر مقامات أغاني بطريقة خاطئة فأعطيته درسا في الحس الإنساني مطالبا إياه بألّا يرتجل مثل تلك المعلومات وتصحيح ذاكرته المهولة بشأن أغنية ناظم الغزالي فهي ليست من مقام الحجاز كما ذكر لي، وإنما من مقام المخالف العراقي روحا وتعبيرا.
لطالما شعر باحثو الذكاء الاصطناعي بالقلق بشأن ما يسمونه “مشكلة التوافق”، وهو السؤال حول ما إذا كانت أنظمة الذكاء الاصطناعي (والخوارزميات على نطاق أوسع) ستفعل ما نريدها أن تفعله، أو أنها ستسيء فهم أهدافنا الحقيقية بطريقة أو بأخرى.
إشارة “شات جي بي تي” إلى “الموعد مع الأخطبوط” يمكن أن تكون رمزًا لمواقف غير منطقية أو غريبة قد نواجهها بسبب الاعتماد المفرط على التكنولوجيا.
فحتى لو كانت السخرية ظاهرة واضحة في المقال، فهارفورد قد يسلط الضوء على قلقه من أن التكنولوجيا قد تأخذنا إلى أماكن غير متوقعة في حياتنا العاطفية، الاجتماعية أو حتى المهنية. ليظهر في النهاية، كيف يمكن لهذه التكنولوجيا أن تضل الطريق وأن تتحول إلى نوع من “الارتجال الفكاهي” الذي يثير قلقًا أكبر من الأمان.
فطلب اعتذار من “شات جي بي تي” بسبب موعد مع أخطبوط، قد يعكس فهمًا مشوهًا لدور التكنولوجيا في حياتنا. السخرية هنا ليست فقط من الأداة نفسها، ولكن أيضًا من طريقة تفكيرنا في الذكاء الاصطناعي ككيان “يستطيع” تقديم الإجابات الصائبة والمساعدة في الأمور اليومية.
ما يثير الاهتمام هو كيفية تزاوج الفكاهة مع التحليل العميق حول مسألة “المواءمة” بين الإنسان والذكاء الاصطناعي. فكما في الأساطير القديمة، ربما ننال ما نطلبه، ولكن الثمن قد يكون باهظًا أو محيرًا.
فإذا أردنا لِـ”الشريك الرقمي” أن يكون مفيدًا، علينا أن نعلمه حدودنا ونفهم حدوده.
نحن لا نطلب من الآلة أن تكون إنسانًا. نطلب منها أن تكون أمينة في وظائفها.



#كرم_نعمة (هاشتاغ)       Karam_Nama#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ياسمين الخيام تبتهل بالمولد النبوي الشريف
- سليمة خضير تغلق شباك السنين
- الخوف وليس السأم من يطيح بهم
- عريبي والشيخ وبلخياط والجميري
- ترامب وبوتين يعيدان تعريف المسافة السياسية
- لاريجاني في بغداد غيره في بيروت
- في مديح الألفاظ البذيئة!
- مردوخ سلّعَ الصحافة وترامب شيطنها
- الفساد والفشل كشرف سياسي في العراق
- صراع دول على صالح الكويتي
- طريق الأعظمية ينتهي في تونس
- لماذا يخترع الأدباء سيرة مزيفة؟
- وماذا عن صحافيينا القتلى؟
- إنه يتذوّق الموسيقى أيضًا!
- أيّ نوع من الناس نريد أن نكون؟
- ماذا تبقى من مرونة إيران السياسية
- الشوالي يستحوذ على بلاغة اللغة
- تحبّ السياسة لأنها تحبّ الناس
- الراحل هيثم الزبيدي شاهد على العَصرِ الرابع
- زوكربيرغ يسوّق لصناعة المشاعر


المزيد.....




- أبحث عن الشعر: مروان ياسين الدليمي وصوت الشعر في ذروته
- ما قصة السوار الفرعوني الذي اختفى إلى الأبد من المتحف المصري ...
- الوزير الفلسطيني أحمد عساف: حريصون على نقل الرواية الفلسطيني ...
- فيلم -ذا روزز- كوميديا سوداء تكشف ثنائية الحب والكراهية
- فيلم -البحر- عن طفل فلسطيني يفوز بـ-الأوسكار الإسرائيلي- ووز ...
- كيف تراجع ويجز عن مساره الموسيقي في ألبومه الجديد -عقارب-؟
- فرنسا تختار فيلم -مجرد حادث- للإيراني بناهي لتمثيلها في الأو ...
- فنانة تُنشِئ شخصيات بالذكاء الاصطناعي ناطقة بلسان أثرياء الت ...
- فيلم -مجرد حادث- للمخرج الإيراني جعفر بناهي يمثل فرنسا في تر ...
- غداً في باريس إعلان الفائزين بجائزة اليونسكو – الفوزان الدول ...


المزيد.....

- الرملة 4000 / رانية مرجية
- هبنّقة / كمال التاغوتي
- يوميات رجل متشائل رواية شعرية مكثفة. الجزء الثالث 2025 / السيد حافظ
- للجرح شكل الوتر / د. خالد زغريت
- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - كرم نعمة - موعد مع أخطبوط!