|
قراءة في قرار المحكمة الاتحادية العليا حول مركز التسوية والتحكيم الرياضي
سالم روضان الموسوي
الحوار المتمدن-العدد: 8465 - 2025 / 9 / 14 - 22:34
المحور:
دراسات وابحاث قانونية
أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارها العدد 94/اتحادية/2025 في 25/8/2025 وجاء القرار بعدة مبادئ مهمة لابد من مناقشتها من خلال تحليل ما ورد فيها برؤية فقهية صرفة لا تمثل تقييماً او معارضة للحكم القضائي، لأنه في كل الاحوال قرار بات وملزم للسلطات كافة ويجب احترامه واحترام ما ورد فيه، لكن يبقى للفقه دور في الوقوف على المبادئ القانونية التي تبناها والحيثيات التي اعتمدها، من اجل تحقيق الاثراء المعرفي القانوني، سواء كان للباحث في القانون او المهتم بالشأن الحقوقي والقضائي، فضلاً عن أهميته في تحقيق الامن القانوني، الذي يعنى بدور الحكم القضائي في تبسيط وتوضيح النصوص القانونية بما تتضمنه من أسباب وحيثيات اثناء تفسير النص عند النظر في الدعوى، وجعل المفاهيم القانونية اكثر اتاحة للمواطن وتقريبها من فهمه كما ان قراءة احكام المحاكم التي هي مرجع للطعن مثل قرارات القضاء الدستوري، تكون من اجل الاطلاع على ماهية المبدأ الجديد الوارد فيها، وتحليل أسبابه، لغايات علمية تتعلق بعلم القانون وفن القضاء، وهذا ما اكرره في كل مناسبة لقراءة او تعليق على حكم قضائي، حيث لا يستطيع احد ان يفهم القاعدة القانونية فهماً جيداً ولا ان يعرف مدى خطورتها ما لم يتحقق من القرارات والاحكام القضائية التي تصدر بمناسبة تطبيقها، الا من خلال تحليلها وابداء الملاحظة تجاه الفقرة الحكمية واسبابها، وهذا ما أشار اليه الفقيه الفرنسي الكبير هنري كابيتان "Henri Capitant"، الذي يرى بان الواجب الملقى على رجال القانون من الفقهاء يتجلى في مهمة تحليل الاحكام القضائية، ويرى كابيتان بان الفقيه لا يستطيع ان يفخر بمعرفة القانون، الا اذا اكمل وأحيا دراسة النصوص من خلال دراسة احكام القضاء، ويقول ايضاً، بان الدراسات النقدية المستندة الى حكم العقل، تعد قطاعاً جوهرياً من قطاعات التربية القانونية وعلى وفق ما ذكره الفقيه الفرنسي هنري كابيتان “Henri Capitant” والذي نقله الدكتور عباس حسن الصراف في المقال الموسوم (ترجمة مقدمة كتاب الاحكام الكبرى في القضاء المدني ـ مقال منشور في مجلة القضاء العدد الثاني في اذار عام 1957 ـ السنة الخامسة عشر ـ ص 214)
لذلك سأعرض المبادئ التي وردت في قرار المحكمة الاتحادية العليا محل البحث والتي تتمثل (1- مفهوم الخصومة في الدعوى الدستورية 2- المركز القانوني لمركز التسوية الرياضي 3- حجية قرارات التحكيم التي تصدر من خلاله 4- القضاء باعتباره من أوجه السيادة) وسيكون العرض على وفق الاتي:
أولا: خصومة المدعى عليه في الدعوى الدستورية:
تضمن قرار المحكمة الاتحادية العليا محل البحث فقرة حكمية تتعلق برد الدعوى من جهة الخصومة تجاه رئيس الجمهورية، واستندت المحكمة في قرارها اعلاه على ان المدعى عليه يجب ان يترتب على اقراره حكم، وجاء فيه (ان الخصم من يترتب على إقراره حكم في الدعوى على فرض صدور إقرار منه، وحيث أن رئيس الجمهورية إضافة لوظيفته) لا علاقة له بكل الطلبات الواردة في دعوى المدعي ولا يترتب على إقراره حكم فيها على فرض صدور إقرار منه، لذا يتوجب رد الدعوى عنه لعدم توجه الخصومة، أما بشأن طلبات المدعي/ إضافة لوظيفته)،
ان الدعوى الدستورية هي في الاصل دعوى عينية لان أصلها يتعلق بخصومة تجاه القانون أو النص القانوني المطعون فيه ولا تمثل حقاً شخصياً مثل طلب التعويض أو غير ذلك، ويرى جانب كبير من الفقه بان الدعوى الدستورية هي دعوى عينية فقط[1]،
وهذا يقود الى السؤال عن قيمة إقرار الخصم بالدعوى، بمعنى إذا ما اقر رئيس الجمهورية او رئيس مجلس النواب بان القانون غير دستوري او النص الطعين غير دستوري، فهل هذا الإقرار ملزم للمحكمة ولها ان تنهي النزاع بناء على هذا الإقرار؟
الجواب يكون بالنفي حتماً، لان القانون لا يمثل التزام شخصي لرئيس الجمهورية، لان مهمته هي اصدار ما شرعه مجلس النواب على وفق صلاحيته الدستورية في المادة (73/ثالثاً) من الدستور التي جاء فيها (يصادق ويصدر القوانين التي يسنها مجلس النواب، وتعد مصادقا عليها بعد مضي خمسة عشر يوما من تاريخ تسلمها) ولم يكن التزاما شخصياً تجاه طرف اخر،
اما رئيس مجلس النواب وهو يمثل المجلس بحكم كونة من يتولى إدارة المجلس بوصفه شخصاً معنوياً، فهو لم يشرع القانون بمفرده وانما يشرع من المجلس بأغلبية حددها الدستور وعلى وفق صلاحياته الواردة في المادة (61) من الدستور، بمعنى انه لا يمثل إرادة منفردة تجاه التزام محدد يكلف به، لان الالتزام كما عرفه فقه القانون بانه حالة قانونية يرتبط بمقتضاها شخص معين بنقل حق عيني او بالقيام بعمل او الامتناع عن عمل[2]، ويكون إقراره بالادعاء الوارد في الدعوى قد صدر منه بإرادته الكاملة ويلزم بهذا الإقرار[3]، فاذا كانت الدعوى طلب الحكم بإلزامه بمبلغ من المال عن دين واقر به اصبح ملزم بأدائه ولا حاجة لأدلة إثبات أخرى، لان القانون اعتبر الإقرار سيد الأدلة لأنه حجة قاطعة على المقر وعلى وفق ما ورد في المادة (67) من قانون الأثبات رقم 107 لسنة 1979 المعدل التي جاء فيها الاتي (الإقرار حجة قاطعة وقاصرة على المقر) ، كما ورد شرط اخر وهو ان يكون الخصم محكوم او ملزم بشيء يقوم به سواء أداء مبلغ من المال أو القيام بعمل أو الامتناع عن عمل في حال ثبت حق المدعي في الدعوى بعد تقديم الأدلة التي تثبت ذلك الحق[4]، بينتما في الدعوى الدستورية لا يوج-د التزام شخصي من المدعى عليه وانما الخصومة تتعلق بالقانون محل الطعن، لذلك تكرار الإشارة الى ان خصومة المدعى عليه في الدعوى الدستورية قائمة ولا حاجة لوجود إمكانية ترتب اثر على إقرار المدعى عليه لان التزامه ليس بالتزام شخصي، فضلا عن ذلك فان الاستناد الى هذه الإشارة مصدره المادة (4) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، وهذا القانون صممت احكامه لفض المنازعات الشخصية حصراً وليس الدعاوى الدستورية، ومن ثم لا يمكن ان يكون سنداً للحكم، فضلا عن ذلك فان الدعوى نظرتها المحكمة الاتحادية العليا بموجب اختصاصها في الرقابة الدستورية على القوانين وليس باعتبارها دعوى نزاع ناشئ عن تطبيق القوانين الاتحادية.
ثانياً: المركز القانوني لمركز التسوية الرياضي:
1. ان مركز التسوية الرياضي ما هو الا جهة تحكيم تتولى فض النزاع بين الطرفين المتخاصمين الذين يرغبون بفض المنازعات عن طريق التحكيم دون اللجوء الى القضاء، وهو ليس بديلاً عن القضاء، وانما يعد من بدائل فض المنازعات وعلى وفق ما اشارت اليه المادة (251) من قانون المرافعات التي جاء فيها (يجوز الاتفاق على التحكيم في نزاع معين. كما يجوز الاتفاق على التحكيم في جميع المنازعات التي تنشأ من تنفيذ عقد معين)،
وهذا ما أكدته المحكمة الاتحادية العليا في قرارها محل البحث حيث جاء في الصفحة (6) بان هذا المركز لا يمكن اعتباره محكمة بالمعنى الدستوري والقانوني، وبذلك لا يجوز اجبار أي طرف على اللجوء اليه، وانما يكون اختيارياً وبموجب اتفاق بين الطرفين، ولهم ام ان يتوجهوا الى القضاء لفض النزاع، وهو صاحب الولاية والاختصاص استناداً لأحكام المواد (29) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل، والمادة (3) من قانون التنظيم القضائي رقم 160 لسنة 1979 المعدل
2. لوحظ في النظام الداخلي لمركز التسوية الرياضي وفي الفقرة (ثامناً) نصاً فيه مخالفة للاحكام الدستورية والقانونية حيث جاء فيها ( تخضع المنازعات التي تقع ضمن أختصاص المركز التي لها صلة بالرياضة أو أي مؤسسة تؤثر في اللجنة الأولمبية الوطنية العراقية والإتحادات والأندية الرياضية لقوانين كل منها والأنظمة واللوائح والقواعد الخاصة بالإتحادات الدولية ذات الصلة المتعلقة بحل المنازعات او أي قانون نافذ بعد أستنفاذ كل طرق الطعن الداخلية داخل ذلك الكيان ، ويتم تسوية مثل هذه النزاعات عن طريق التحكيم أو التوفيق وذلك من خلال المحكمين أو الموفقين الذين يتم أختيارهم من قبل اطراف النزاع بين قائمة المحكمين والموفقين المعتمدة لدى المركز وفقا للآليات المنصوص عليها في القواعد الإجرائية الخاصة بالمركز .)
وتتمثل المخالفة في هذا النص بجعل المحكمين هم فقط اللذين تتم تسميتهم من قبل اللجنة الأولمبية، بينما مركز التحكيم هو هيئة تحكيم وليس محكمة، بينما قواعد التحكيم العامة في القانون العراقي، الأصل فيها ان يختار طرفي النزاع المحكمين، وان تعذر يتم اللجوء الى المحكمة المختصة لتسميتهم بناء على طلب احدهم وعلى وفق احكام المادة (256) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 المعدل التي جاء فيها (1-إذا وقع النزاع ولم يكن الخصوم قد اتفقوا على المحكمين أو امتنع واحد أو أكثر من المحكمين المتفق عليهم عن العمل أو اعتزله أو عزل عنه أو قام مانع من مباشرته ولم يكن اتفاق في هذا الشأن بين الخصوم فلأي منهم مراجعة المحكمة المختصة بنظر النزاع بعريضة لتعيين المحكم أو المحكمين بعد تبليغ باقي الخصوم وسماع أقوالهم 2- يكون قرار المحكمة بتعيين المحكم أو المحكمين قطعيا وغير قابل لأي طعن . اما قرارها برفض طلب تعيين المحكمين فيكون قابلا للتمييز طبقا للإجراءات المبينة في المادة 216 من هذا القانون)
وبذلك فان النظام الداخلي تضمن نصاً يتقاطع مع نص قانوني نافذ، ولا يوجد نص في قانون اللجنة الأولمبية يجعل من تسمية المحكمين بيد اللجنة الأولمبية حصراً. كما انه يخالف كل الأعراف المتعلقة بالتحكيم بما فيها قواعد التحكيم النموذجية مثل قواعد الاونسترال وغيرها
3. كذلك وجود مخالفة أخرى في نص الفقرة (ثامناً) لان قرار المحكمين يجب ان يكون ملزم للطرفين الذين اختاروا التحكيم ولا توجد أي جهة إدارية لها سلطة المصادقة على تلك القرارات، وانما يكون للطرف الخاسر او المتضرر من القرار الطعن به امام جهات الطعن التي رسمها القانون، وحيث ان الفقرة أعلاه منحت ادارة المركز صلاحية المصادقة فإنها خالفت نص القانون النافذ في قانون المرافعات الوارد في المادة (271) التي جاء فيها (بعد أن يصدر المحكمون قرارهم على الوجه المتقدم يجب عليهم اعطاء صورة منه لكل من الطرفين وتسليم القرار مع أصل اتفاق التحكيم إلى المحكمة المختصة بالنزاع خلال ثلاثة الأيام التالية لصدوره وذلك بوصل يوقع عليه كاتب المحكمة) ولا توجد أي جهة لها الحق في المصادقة او رفض القرار.
ثالثاً: حجية قرارات المحكمين:
1. لوحظ وجود مخالفة صريحة في النظام الداخلي للمركز عندما الزمت تنفيذ قرار المركز بعد المصادقة عليه، لدى دوائر التنفيذ على وفق احكام قانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل، وهذه المخالفة تتمثل في صلاحية دوائر التنفيذ المقيدة بالمحررات القابلة للتنفيذ الوارد ذكرها في المادة (9) والتي جاء فيها (تنفذ الاحكام الصادرة من محاكم القطر، وفق احكام هذا القانون ) وكذلك المحررات التي لها قوة تنفيذية والوارد ذكرها في المادة (14) من قانون التنفيذ التي حددت المحررات القابلة للتنفيذ وليس من بينها قرار المحكمين
وفي كلا النصين لا يوجد ما يسمح لتنفيذ قرار المحكمين مباشرةً من قبل دوائر التنفيذ، واي إضافة لتلك المحررات لابد وان يكون بقانون له نفس قوة قانون التنفيذ، وليس بموجب النظام الداخلي الذي لا يعدو عن كونه تعليمات وقوتها اقل من قوة القانون ولا يمكن ان تعدل النصوص القانونية، او ان تضيف اليها نصوص، لان هذا من اختصاص السلطة التشريعية حصراً، بينما النظام الداخلي اصدرته اللجنة الأولمبية الوطنية لتنظيم اعمالها فقط،
2. اصل المخالفة القانونية في قرار التحكيم لأنه ليس بالحكم القضائي والقانون العراقي لا يجيز تنفيذه بالمباشر حيث جاء في المادة (272/1) من قانون المرافعات المدنية التي جاء فيها منع صريح لتنفيذ قرار المحكمين مالم تصدقه المحكمة المختصة التي جاء فيها (ان قرار التحكيم ليس بالحكم القضائي والقانون العراقي لا يجيز تنفيذه بالمباشر حيث جاء في المادة (272/1) من قانون المرافعات المدنية منع صريح لتنفيذ قرار المحكمين مالم تصدقه المحكمة المختصة[5]، وقانون التنفيذ رقم 45 لسنة 1980 المعدل قد حدد حصراً المحررات القابلة للتنفيذ المباشر وعلى وفق ما ورد في المادة (14) ولا يجوز تنفيذ سواها بشكل مباشر، وانما بموجب حكم قضائي) ،
رابعاً: القضاء باعتباره من أوجه السيادة:
1. موقف التشريع: كان المدعي في الدعوى العدد 94/اتحادية/2025 قد دفع بان النظام الداخلي فيه مساس باستقلال القضاء ، الا ان المحكمة الموقرة بقرارها أعلاه اعتبرت ان قرار مركز التحكيم لا توجد فيه مخالفة لأنه غير محصن من الطعن وعلى وفق ما ورد في الصفحة (6) ، حيث أخرجت هذا المركز من عباءة القضاء العراقي بالمطلق لان قراراته تخضع للطعن لدى محكمة (كاس) التي مقرها في سويسرا/لوزان (Court Of Arbitration for Sport)، وعلى وفق ما ورد في المادة (42/حادي عشر) من النظام الداخلي لمركز التسوية رقم (1) لسنة 2020 التي جاء فيها ( للمتقاضين الطعن بالقرارات الصادرة من المحكمين والموفقين أو أي قرار صادر عن مجلس الإدارة وفقا للفقرة ( عاشرا ) أعلاه بعد تبليغهم رسميا وأصوليا ، أمام محكمة التحكيم الرياضية (الكاس) في لوزان ـــ سويسرا ( Court . of Arbitration for Sport ) في غضون (٢١) واحد وعشرون يوما من تاريخ تبليغ الطرفين بالقرار أو اعتباره مبلغا وستحسم محكمة التحكيم الرياضية ( الكاس ) النزاع نهائيا وفقا لقانون التحكيم المتصل بالرياضة وتكون قراراتها ملزمة و واجبة التنفيذ)
وهذا النص اخرج النزاع من ولاية القضاء العراقي تماماً، وحيث ان النزاعات التي تحصل في العراق واطرافها من العراقيين تكون الولاية للقضاء العراقي على وفق احكام المادة (14) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل التي جاء فيها (يقاضى العراقي امام محاكم العراق عما ترتب في ذمته من حقوق حتى ما نشا منها في الخارج.)
2. موقف القضاء: اما القضاء العراقي فانه يحرص دائما على ان تكون النزاعات في العراق من اختصاصه الحصري لان القضاء من أوجه السيادة ولا يجوز التنازل عنها سواء بالاتفاق او بغيره،
وصدرت عدة قرارات توكد على هذا المبدأ وتوضح تدخل القضاء بقرارات التحكيم ومنحت الاختصاص للقضاء العراقي على خلاف اتفاق الطرفين معللة ذلك بان الاختصاص القضائي من أوجه السيادة ولا يجوز التنازل عنه حتى لو اتفق الطرفان على ان ينعقد الاختصاص لغير المحاكم العراقية، واعتبرت ذلك الشرط باطل، كما انها اعتبرت مجرد وجود طرف عراقي فان القانون العراقي هو واجب التطبيق وينعقد الاختصاص القضائي للمحكم العراقية على خلاف اتفاق الطرفين، ومن هذه القرارات قرار العدد محكمة التمييز الاتحادية العدد 234/235/هيئة مدنية موسعة/2012 في 21/11/2012 وجاء فيه الاتي (فان قرار محكمة البداءة باعتبار الدعوى المنظورة أمامها مستأخرة الى نتيجة حسم النزاع أمام هيئة التحكيم في غرفة التجارة الدولية، يتفق وما تنص عليه المادة253/3من قانون المشار اليها آنفاً، وطالما ان الطرف الأول في العقد هو وزارة الدفاع/مديرية التسليح والتجهيز (المنحلة)وان العقد تم إبرامه في بغداد فتكون المحاكم العراقية(القضاء العراقي)هي المختصة بنظر الدعوى تطبيقاً للقواعد المنصوص عليها في المادتين 14و15 /ج من القانون المدني الجملة الأولى من الفقرة "ج") وقرارها العدد 219/هيئة موسعة مدنية/2011 في 21/8/2011 الذي جاء فيه الاتي (أصدرت المحكمة المذكورة بتاريخ 19-8-2010وبعدد 292/اعتراض/عمل/2005 حكما حضورياً يقضي برد دعوى المدعي استنادا للمادة (16) من عقد الاستخدام موضوع الدعوى باعتبار ان المحاكم الألمانية هي المختصة بنظر الدعوى وليست المحاكم العراقية. وترى هذه المحكمة ان المادة (15) من القانون المدني رقم 40 لسنة 1951 المعدل نصا على الأحوال التي يقاضي فيها الأجنبي أمام محاكم العراق وقد ورد بالفقرة (ج) منها وما نصته (اذا كان موضوع التقاضي عقدا تم ابرمه في العراق او كان واجب التنفيذ فيه او كان التقاضي عن حادثة وقعت في العراق) عليه وحيث ان عقد الاستخدام موضوع الدعوى واجب التنفيذ في العراق فتكون المحاكم العراقية هي المختصة بنظر النزاع استنادا للمادة المشار اليها وباعتبار ان الاختصاص القضائي يعتبر من أعمال السيادة)،
3. موقف الفقه القانوني: كما يشير الفقه القانوني الى ان الاختصاص ينعقد للمحاكم العراقية في أي نزاع يكون احد اطرافه يحمل الجنسية العراقي او النزاع حصل في العراق، وانه على وجه الوجوب ولا خيار فيه، ولا يجوز الخروج عن هذا الاختصاص، لان الولاية العامة للمحاكم العراقية ولا يجوز الاتفاق على خلافه[6]
4. لذلك فان ما جاء في حيثيات قرار المحكمة الاتحادية العليا فيه تناقض مع الولاية العامة للقضاء العراقي، لأنها اعتبرت حق النظر في القرارات الصادر عن الجهات العراقية خاضعة لجهات طعن خارجية، وكأنها تقر التنازل عن تلك الولاية، مع ان القضاء من أوجه السيادة التي لا يجوز التنازل عنها وعلى وفق ما قرره القضاء العراقي في الاحكام التي اشرت اليها سلفاً،
سالم روضان الموسوي
قاضٍ متقاعد
الهوامش===============================
[1] الدكتور رفعت عيد سيد ـ الوجيز في الدعوى الدستورية ـ منشورات دار النهضة العربية ـ الطبعة الأولى عام 2004
ـ ص197
[2] الدكتور عبدالرزاق السنهوري ـ الوسيط في شرح القانون المدني ـ منشورات الحلبي الحقوقية ـ طبعة بيروت عام 2000 ـ المجلد (1) من الجزء الأول ـ ص 125
[3] القاضي عبدالرحمن العلام ـ شرح قانون المرافعات المدنية ـ منشورات المكتبة القانونية ـ الطبعة الثانية عام 2008 ـ ج1 ـ ص54
[4] للمزيد انظر القاضي عبدالرحمن العلام ـ مرجع سابق ـ ج1 ـ ص 78
[5] نص المادة (272/1) من قانون المرافعات المدنية رقم 83 لسنة 1969 (لا ينفذ قرار المحكمين لدى دوائر التنفيذ سواء كان تعيينهم قضاء أو اتفاقا ما لم تصادق عليه المحكمة المختصة بالنزاع بناء على طلب أحد الطرفين وبعد دفع الرسوم المقررة)
[6] الدكتور حسن الهداوي ـ تنازع القوانين واحكامه في القانون الدولي الخاص العراقي ـ منشورات مطبعة الارشاد في بغداد عام 1972 ـ ص 239
#سالم_روضان_الموسوي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حوار قضائي بنكهة فقهية ، قراءة في تعقيب الزميل فضيلة القاضي
...
-
قانون تعديل قانون الأحوال الشخصية لا يسري على الوقائع السابق
...
-
هل يجوز ان تنفذ الاحكام القضائية جبرا بواسطة الدائن؟ تسليم ا
...
-
انعدام التسبيب في قرار المحكمين يكون سببا لنقضه، قراءة في ضو
...
-
ثعلب الشاعر احمد شوقي في فترة الانتخابات
-
المركز القانوني مدونة الاحكام الشرعية للفقه الجعفري والاثر ا
...
-
هل رجعت المحكمة الاتحادية العليا الى فكرة سلب المبادرة التشر
...
-
معيار التفريق بين الكسب المشروع وغير المشروع عند أصحاب النفو
...
-
رسالة السيد رئيس الجمهورية الى السلطات الثلاث (ومضة دستورية)
-
هل يملك مجلس النواب الخيار التشريعي بمخالفة ثوابت احكام الإس
...
-
هل وجود القوات الامريكية في العراق شرعياً؟
-
هل يجوز للقضاء الدستوري ان يفتي في الأمور العبادية قراءة في
...
-
هل التعبير عن الوجع ممنوع؟
-
لماذا نرفض اتفاقية خور عبدالله؟
-
عندما ينتصر الرأي العام للوطن
-
هل أصبحت المادة (97/1) من قانون إدارة البلديات رقم 165 لسنة
...
-
شهوة الحكم
-
الشعب لا يخون الوطن أيها السياسي المحترم
-
هل يسري قانون تعديل الأحوال الشخصية على واقعة الطلاق التي حص
...
-
الامام علي وباب خيبر من وحي عيد الغدير
المزيد.....
-
إسرائيل.. اجتماع أمني برئاسة نتنياهو ومشاركة وزير الدفاع وقا
...
-
النونو: نتنياهو دمر كل فرص استعادة الأسرى وحماس ليست أحرص من
...
-
متحدث حركة فتح: على حماس تسليم ملف المفاوضات والأسرى للقاهرة
...
-
الأونروا: آلاف نازحي مدينة غزة وجباليا يعيشون بملاجئ مكتظة و
...
-
إسرائيل تدمر برج الجندي المجهول بغزة وتشرد مئات النازحين
-
ارتفاع حصيلة قتلى التظاهرات في نيبال إلى 72 شخصًا.. ورئيسة ا
...
-
المفوضية تصادق على الانتشار النهائي لمراكز الاقتراع الخاص وا
...
-
إسرائيل تدمر -برج الجندي المجهول- بغزة وتشرد مئات النازحين
-
الأونروا: آلاف نازحي مدينة غزة وجباليا يعيشون بملاجئ بلا ميا
...
-
نتنياهو يعقد مشاورات عاجلة مع كبار المسؤولين لـ-حماية الأسرى
...
المزيد.....
-
الوضع الصحي والبيئي لعاملات معامل الطابوق في العراق
/ رابطة المرأة العراقية
-
التنمر: من المهم التوقف عن التنمر مبكرًا حتى لا يعاني كل من
...
/ هيثم الفقى
-
محاضرات في الترجمة القانونية
/ محمد عبد الكريم يوسف
-
قراءة في آليات إعادة الإدماج الاجتماعي للمحبوسين وفق الأنظمة
...
/ سعيد زيوش
-
قراءة في كتاب -الروبوتات: نظرة صارمة في ضوء العلوم القانونية
...
/ محمد أوبالاك
-
الغول الاقتصادي المسمى -GAFA- أو الشركات العاملة على دعامات
...
/ محمد أوبالاك
-
أثر الإتجاهات الفكرية في الحقوق السياسية و أصول نظام الحكم ف
...
/ نجم الدين فارس
-
قرار محكمة الانفال - وثيقة قانونيه و تاريخيه و سياسيه
/ القاضي محمد عريبي والمحامي بهزاد علي ادم
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ اكرم زاده الكوردي
-
المعين القضائي في قضاء الأحداث العراقي
/ أكرم زاده الكوردي
المزيد.....
|