أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - وكان صوتًا… لا يُشبه الأصوات














المزيد.....

وكان صوتًا… لا يُشبه الأصوات


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8461 - 2025 / 9 / 10 - 09:11
المحور: الادب والفن
    


ثمّة لحظاتٌ لا تُقاس بالزمن،
بل تُقاس بالاهتزازات الخفية التي تطرأ على الروح…
حين تشعر فجأةً أن شيئًا ما في داخلك ينكسر،
ثمّ يضيء.
ليست كلّ عودةٍ إلى الله تأتي من نور،
فبعض الأرواح لا تُبصر حتى تغرق في الظلمة تمامًا،
حتى يتكسّر فيها وهم "التحكّم"،
ويزول عنها سُكرُ الذات،
وتجلس وحدها… في فراغٍ عارٍ من كلّ الأصوات،
فلا تسمع إلا ذلك الصوت الخفيّ الذي لم يفارقها يومًا.
ذلك الصوت،
الذي لا يُشبه المواعظ،
ولا يُقال في الخطب،
ولا يُدوَّن في الكتب.
صوتٌ يُولد من التهشّم،
ويُخاطبك كما لم يجرؤ أحد أن يفعل:
بلا خوف، بلا جلد، بلا وعود…
فقط بحنانٍ يفضحك، ويطهّرك، ويقيمك من جديد.
القصيدة التي ستُقرأ،
ليست قصيدة عن الخطيئة…
بل عن الوعي الذي لا يُولد إلا من قلب الخطيئة.
ليست عن سقوط الجسد،
بل عن قيام الروح حين تُصفع بقسوة الحقيقة.
إنها ليست اعترافًا،
بل احتراقًا.
ليست توبةً لأن النار أحرقت،
بل لأن القلب أخيرًا… تذكّر من خلقه.
هي نغمة من مزامير الرماد،
صداها لا يُدوّى في المساجد فقط،
بل في غرفٍ مظلمة،
وفي لحظات نزفٍ داخلي،
وفي نظرةِ امرأةٍ كانت تُباع بالأمس…
ثم صارت تسجد الليلة.
فاصغِ إليها لا بأذنك…
بل بذاك الجزء المنسيّ فيك،
الذي ما زال ينتظر صوتًا
لا يُشبه الأصوات.
وكان صوتًا... لا يُشبه الأصوات
كانت تبيعُ جسدَها
وتشتري به سُكرَ النسيان
في الأزقّةِ الباردة،
حيثُ لا أحدَ يسألُ عن اسمك،
ولا أحدَ يسألُك: "لماذا تبكين بعد كلّ لذّة؟"
كانت تعرفُ المواعظ،
سمعتها كثيرًا في طفولتها
من أفواهٍ تلوك الله
ثمّ تتفل على الفقراء.
وكانت تقول:
"دَعوني أغرق،
فلا أحد ينتظرني على الشاطئ."
لكنها في تلك الليلة
التي لم تكن ككلّ الليالي
حين شربتْ كثيرًا،
وخانها العاشق،
وسقطتْ في زقاقٍ يشبه رحمًا باردًا...
سمعتْ صوتًا
لا يُشبه الأصوات.
كان خافتًا…
كأنّه تذكّر قديم
من أيامٍ لم تولد فيها بعد.
كان يسألها
لا بل يهمسُ في صدرها:
"هل تعبتِ؟"
لم يكن صوتَ شيخ،
ولا ملاك،
ولا شيءٍ من الأشياء
التي قرأت عنها في كُتب الدين…
ربما كان صوتَ قلبها
الذي بقي طاهرًا،
رغم كلّ ما مرّ عليه من أقدام الغرباء.

صارتْ تبكي…
ليس على خطاياها،
بل لأنها اكتشفت أنّها ما زالت قادرةً على البكاء.

ثمّ في صمت الغرفة
التي نامت فيها وحدها تلك الليلة
استيقظت على رعشة.
ظنّتْها من البرد،
لكنها كانت من داخِلها.
ذلك الصوت،
عاد مرّة أخرى،
يقول دون أن يقول:
"هأنذا... لم أترككِ يومًا."

ومن يومها،
تركتَ كلّ شيء.
لم تُصبحي قدّيسة،
ولا واعظة في القنوات.
لكنّكِ كنتِ تمشين خفيفة،
كأنّكِ سامحتِ الأرض
على ما فعلته بكِ.

وصرتِ إذا سألكِ أحدٌ:
"متى عُدتِ إلى الله؟"
تبتسمين، وتقولين:
"حين لم يعُد لي مكانٌ في قلبي إلا له."



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مزامير الفصول
- من ثدي واحد: مسرح الأدوار وتواطؤ الغايات
- الألم كجمالية وجودية: دراسة فلسفية وفكرية واجتماعية
- تأملات في فلسفة الحديث مع النفس
- اهتمامات المرأة بين البناء الذاتي والتحديات المجتمعية: قراءة ...
- -ملهمة الفجر وإشراقة الروح-
- الكذب القهري: مقاربة نفسية لاضطراب الميثومانيا-
- الدكتور الذي يعرف كل شيء
- -السكر: المتهم الأول في قائمة أمراض العصر-
- ظلال الخرسانة: حين يُبنى الشك
- الأدب الأفريقي: ذاكرة تتكلّم بلسان الأسطورة وصوت الأرض
- الحاج مراد: أسير التوقعات بين أنين الروح وشهقات الزمن
- -فضول الإنسان: بين الحاجة المعرفية وانتهاك الحريات-
- من خدش بسيط إلى عدوى خطيرة: أمراض قد تنقلها القطط للبشر
- الخطوة الأخيرة: حين ابتلعني ظلّي
- الشعر الحر: ثورة إبداعية في مواجهة التفعيلة التقليدية-
- الإنسان بين غموض الذات وأسرار الكون
- الشعر والزمن في فكر العقاد: تعميق اللحظات وإغناء التجربة الإ ...
- النجمة التي لا يراها سوانا
- - فلسفة المناعة العاطفية في عالم لا يعرف الحنان-


المزيد.....




- فاطمة الشقراء... من كازان إلى القاهرة
- هل يعود مسلسل (عدنان ولينا) من جديد؟!
- فيلم -متلبسا بالسرقة-.. دارين آرنوفسكي يجرب حظه في الكوميديا ...
- طالبان وتقنين الشعر.. بين الإبداع والرقابة
- خطأ بالترجمة يسبب أزمة لإنتر ميلان ومهاجمه مارتينيز
- فيلم -هند رجب- صرخة ضمير مدويّة قد تحرك العالم لوقف الحرب عل ...
- خالد كمال درويش: والآن، من يستقبلنا بابتسامته الملازمة!
- فنانون عالميون يتعهدون بمقاطعة مؤسسات إسرائيل السينمائية بسب ...
- الترجمة بين الثقافة والتاريخ في المعهد الثقافي الفرنسي
- مسرحية -سيرك- تحصد 3 جوائز بمهرجان القاهرة للمسرح التجريبي


المزيد.....

- الثريا في ليالينا نائمة / د. خالد زغريت
- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - وكان صوتًا… لا يُشبه الأصوات