أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد بسام العمري - الدكتور الذي يعرف كل شيء














المزيد.....

الدكتور الذي يعرف كل شيء


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8457 - 2025 / 9 / 6 - 14:00
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية
    


في مدينة صغيرة، حيث يعرف الناس بعضهم أكثر مما يعرفون أنفسهم، يعيش بيننا رجلٌ يبدو كأنه يحمل سرًّا لم يُكشف بعد. اسمه الدكتور منير. رجل ذو مكانة أكاديمية، يُحب أن يُعرّف نفسه باعتباره أحد القلائل الذين “يفهمون النص”، لا يقرأونه فقط.
في البداية، تظن أنه عبقري.
يتحدث عن القرآن كما لو أنه نزل إليه شخصيًّا، يشرح الرموز كما لو كانت كائنات حية لا يفهمها سواه، ويربط بين "النور" و"الوعي الكوني" و"البنية التداولية" كما يربط البعض بين الخبز والشاي.
صفحته على فيسبوك لا تُشبه الصفحات، بل تشبه منبرًا يتعالى على القُرّاء.
نصوص طويلة، مليئة بالمصطلحات، تفكيكٌ متواصلٌ للمعنى، وإحالات غامضة إلى كتّاب لا يعرفهم أحد.
لكن الغريب ليس فيما يكتبه... بل في جمهوره.
جمهورٌ من الطلاب، وأشباه المثقفين، وأناس لم يقرأوا كتابًا كاملاً في حياتهم، لكنهم حين يقرأون له يشعرون أنهم في حضرة "شيخ الطريقة" لا الأستاذ الجامعي.
كل منشور يتبعه مهرجان من التصفيق الرقمي:
"الله عليك يا دكتور!"
"هذا هو العمق الحقيقي."
"لو كان ابن عربي بيننا، لنهل من معينك!"
أما من يسأل، أو يشكّك، أو يطلب توضيحًا، فمصيره معروف:
حظرٌ مباشر، أو سخرية مبطّنة، أو تجاهل كما يتجاهل البحر حصاة.
وقد بدأت تظهر ملاحظات غريبة…
عبارات من نصوصه مأخوذة، بحرفها، من كتب لفلاسفة ومفكرين غربيين، لا يذكرهم، بل ينسبها إلى نفسه بتعديل بسيط أو إضافة فاصلة.
مرةً نشر فقرة كاملة من بول ريكور، وكتب فوقها:
“كتبتُ هذا صباحًا وأنا أرتشف شاي الزعتر بعد الفجر.”
لكن لا أحد اهتم.
فالمريد لا يسأل شيخه عن مصدر البركة.
والجمهور المُنبهر لا يُدقّق.
حول الدكتور منير، تكوّن فريق صامت من الضعفاء فكريًا، ممن وجدوا في لغته المتعالية غطاءً لسطحيتهم.
فكلما زاد غموضه، زاد انبهارهم.
وكلما انزاحت كلماته عن المعنى، اقتربوا من تسميته "مفكر الأمة".
هو لم يحتج يومًا إلى الحقيقة، بل إلى جمهورٍ لا يسأل.
ولم يكن هدفه التبليغ، بل الانبهار.
وهكذا ظلّ يكتب، يتحدث، ويعيد تدوير الأفكار وكأنها وحي جديد،
ينشر، فيُهلّل له أتباعه،
وينسى أنه، في النهاية،
ساردٌ يروي نفسه فقط، لا النص.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -السكر: المتهم الأول في قائمة أمراض العصر-
- ظلال الخرسانة: حين يُبنى الشك
- الأدب الأفريقي: ذاكرة تتكلّم بلسان الأسطورة وصوت الأرض
- الحاج مراد: أسير التوقعات بين أنين الروح وشهقات الزمن
- -فضول الإنسان: بين الحاجة المعرفية وانتهاك الحريات-
- من خدش بسيط إلى عدوى خطيرة: أمراض قد تنقلها القطط للبشر
- الخطوة الأخيرة: حين ابتلعني ظلّي
- الشعر الحر: ثورة إبداعية في مواجهة التفعيلة التقليدية-
- الإنسان بين غموض الذات وأسرار الكون
- الشعر والزمن في فكر العقاد: تعميق اللحظات وإغناء التجربة الإ ...
- النجمة التي لا يراها سوانا
- - فلسفة المناعة العاطفية في عالم لا يعرف الحنان-
- حكاية الفصول
- صراع الفكر الحر مع سلطة الدين عبر التاريخ-
- -التحرش سببه ملابس المرأة أم أخلاق الرجل؟-
- الأكسجين والغباء في منظور إنساني وفلسفي
- الوطن بين الفلسفة والسياسة والاقتصاد والنفس: رؤية شاملة
- فلسفة الحب والتفرد في كلمات نزار قباني
- جمال التوافق الأدبي والفكري بين الزوجين
- إلى أجمل امرأة في الدنيا


المزيد.....




- بعد السعودية.. الإمارات تؤكد -وقوفها الكامل- بجانب مصر إثر ت ...
- انهيار أرضي يبتلع قرية في دارفور: أكثر من ألف شخص تحت الأنقا ...
- وسط انتقادات.. الداخلية الألمانية تعتزم زيادة عمليات الترحيل ...
- بسبب الرسوم الجمركية...88 شركة بريد في العالم تعلق خدماتها م ...
- هل ترسم قوات -الراغبين- الأوروبية منعطفا في حرب روسيا على أو ...
- حزب المعارضة الرئيسي بتركيا يعقد مؤتمرا استثنائيا الشهر الجا ...
- مسلح بساطور يواجه عددا من ضباط الشرطة داخل متجر -وول مارت-.. ...
- صربيا.. الشرطة تقمع مظاهرات حاشدة تطالب بإقالة الرئيس بالغاز ...
- إلهام شاهين وليلى علوي وإيناس الدغيدي يحتفين بعودة أنغام
- شرطة عُمان تعلن ضبط وتسليم متهم مطلوب للإمارات وتكشف ما فعله ...


المزيد.....

- عملية تنفيذ اللامركزية في الخدمات الصحية: منظور نوعي من السو ... / بندر نوري
- الجِنْس خَارج الزَّواج (2/2) / عبد الرحمان النوضة
- الجِنْس خَارج الزَّواج (1/2) / عبد الرحمان النوضة
- دفتر النشاط الخاص بمتلازمة داون / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (مقدمة) مقدمة الكتاب / محمد عبد الكريم يوسف
- الحكمة اليهودية لنجاح الأعمال (3) ، الطريق المتواضع و إخراج ... / محمد عبد الكريم يوسف
- ثمانون عاما بلا دواءٍ أو علاج / توفيق أبو شومر
- كأس من عصير الأيام ، الجزء الثالث / محمد عبد الكريم يوسف
- كأس من عصير الأيام الجزء الثاني / محمد عبد الكريم يوسف
- ثلاث مقاربات حول الرأسمالية والصحة النفسية / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الصحة والسلامة الجسدية والنفسية - محمد بسام العمري - الدكتور الذي يعرف كل شيء