أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - فلسفة الحب والتفرد في كلمات نزار قباني














المزيد.....

فلسفة الحب والتفرد في كلمات نزار قباني


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 08:40
المحور: الادب والفن
    


نزار قباني، الشاعر السوري المعروف برومانسيته الفائقة وشاعريته الرقيقة، يعبر في هذا الاقتباس عن الجانب الفلسفي للعاطفة. فهو يرى أن الحب ليس مجرد مشاعر متبادلة، بل هو قدرة على منح الآخر مكانة استثنائية تعكس الحب والتقدير. هذه الفكرة تتجاوز الأبعاد التقليدية للحب لتصل إلى مفهوم أكثر عمقًا يتجلى في إعطاء الحبيبة اسمًا خاصًا يعبر عن خصوصية العلاقة.
"المرأة التي تحبها، اجعل لها اسمًا جميلاً مختلفًا لا يناديها به أحد غيرك". هذا الاقتباس يعبر عن مفهوم خاص للعاطفة والحب، حيث يرمز الاسم الجميل والمختلف إلى التميز والتفرد في العلاقة، ويعكس رغبة الشاعر في منح المحبوبة مكانة خاصة لا ينافسه فيها أحد.
ويليام شكسبير: في مسرحيته "روميو وجولييت"، نجد أن الاسم يلعب دورًا كبيرًا في الحب. يقول روميو: "ما هو الاسم؟ ما نسميه وردة بأي اسم آخر ستظل رائحته عطرة." هنا، يبرز شكسبير فكرة أن الحب يتجاوز الأسماء والألقاب، ولكنه في الوقت نفسه يمنح الحبيب تميزًا وتفردًا.
جون كيتس: الشاعر الإنجليزي الرومانسي، في قصيدته "إلى الحورية"، يعبر عن جمال الحب في تفاصيله الصغيرة، حيث يمنح المحبوبة أسماء وصفات تعبر عن جمالها وتفردها في عينيه.
مارسيل بروست: في روايته "البحث عن الزمن المفقود"، يتناول بروست فكرة الحب والتفرد في العلاقة من خلال منح الشخصيات أسماء وصفات خاصة تعبر عن مكانتهم الفريدة في قلب الراوي.
الفلسفة تعمق مفهوم التفرد في الحب من خلال تحليل العلاقات الإنسانية وتأكيد أهمية التميز والخصوصية في تعزيز الروابط العاطفية. الفيلسوف الفرنسي جان بول سارتر يناقش في فلسفته الوجودية أن الحب الحقيقي ينبع من الاعتراف بالآخر ككيان مستقل وفريد. ومن خلال منح الحبيبة اسمًا خاصًا، يعبر الشاعر عن هذا الاعتراف بالتفرد والخصوصية.
الاقتباس من نزار قباني يحمل بين طياته رسالة عميقة عن الحب والتفرد. منح المحبوبة اسمًا جميلاً ومختلفًا يعبر عن مكانتها الفريدة في قلب المحب، وهو تعبير عن الاعتراف بخصوصية العلاقة وتقدير الفردية. تتجلى هذه الفكرة في الأدب العالمي والفلسفة، مما يبرز أهمية الخصوصية والتفرد في تعزيز الروابط العاطفية والإنسانية.



فإذا وقفت أمام حسنك صامتاً
فالصمتُ في حَرَم الجمال جمالُ
كَلِماتُنا في الحُبِّ تقتلُ حُبَّنَا
إن الحروف تموت حين تُقالُ
قصص الهوى قد أفسدتك .. فكلها
غيبوبةُ .. وخُرافةٌ .. وخَيَالُ
الحب ليس روايةً شرقيةً
بختامها يتزوَّجُ الأبطالُ
لكنه الإبحار دون سفينةٍ
وشعورنا أن الوصول محال
في البيت الأول، يشير نزار قباني إلى أن الصمت أمام الحسن هو في حد ذاته جمال. هذا المعنى يعكس عمقًا فلسفيًا يشبه فكرة إيمانويل كانط حول الجمال، حيث يرى كانط أن الجمال ليس شيئًا يمكن التعبير عنه بالكلمات، بل هو تجربة شعورية تتجاوز التعبير اللغوي. الصمت هنا ليس مجرد غياب للكلام، بل هو تجسيد للحظات تأملية يعيشها الإنسان أمام عظمة الجمال.
في هذا السياق، يمكن أيضًا استحضار فكرة الفيلسوف الألماني آرثر شوبنهاور الذي قال: "الموسيقى تبدأ حيث تنتهي الكلمات" ليعبر عن أن هناك جوانب من التجربة الإنسانية لا يمكن التعبير عنها بالكلمات، والصمت أو الفن يمكن أن يكونا وسائل للتعبير عن هذه الجوانب.
في البيتين التاليين، يقول نزار إن الكلمات في الحب تقتل الحب، وإن الحروف تموت حين تُقال. هنا يمكننا أن نستحضر فلسفة لودفيج فيتجنشتاين، الذي يعتقد أن حدود لغتنا هي حدود عالمنا، وأن ما لا يمكن التعبير عنه بالكلمات يجب أن يُصمت عنه. في هذا السياق، يرى قباني أن الحب هو من الأمور التي تعجز اللغة عن احتوائها أو التعبير عنها بشكل كامل، وأن محاولة صياغة الحب بالكلمات يمكن أن تؤدي إلى تحطيم جوهره الحقيقي.
يمكننا أيضًا أن نتذكر مقولة الفيلسوف الفرنسي جاك دريدا الذي أشار إلى أن "كل كلمة هي خيانة"، مشيرًا إلى أن الكلمات قد تفتقر إلى القدرة على نقل المعنى الكامل للتجربة الإنسانية، وخصوصًا في حالات الحب العميقة والمعقدة.
نزار قباني يرى أن قصص الهوى التي تروى قد أفسدت مفهوم الحب الحقيقي، مشيرًا إلى أن تلك القصص ليست سوى غيبوبة وخرافة وخيال. يمكن مقارنة هذا الفكر بالفيلسوف الفرنسي جان بودريار، الذي يتحدث عن مفهوم "الواقع الفائق" (Hyperreality) حيث تصبح النسخ أو التمثيلات الخيالية أكثر واقعية وتأثيرًا من الواقع نفسه. القصص الرومانسية قد تخلق توقعات غير واقعية عن الحب، مما يؤدي إلى خيبة الأمل عند مواجهة الواقع.
في البيتين الأخيرين، يصف نزار الحب بأنه ليس رواية شرقية بختامها يتزوج الأبطال، بل هو الإبحار دون سفينة، وشعور بأن الوصول محال. هذا التشبيه يعكس فلسفة الوجودية، كما يراها جان بول سارتر، حيث يعتبر أن الحياة هي رحلة مليئة بالتجارب والبحث المستمر عن المعنى دون وجود ضمان للوصول إلى غاية نهائية. الحب هنا هو تجربة وجودية تتجاوز المفاهيم التقليدية، رحلة مستمرة تتسم بعدم اليقين والبحث الدائم.
نستطيع أيضًا أن نستذكر الفيلسوف الصيني لاو تزو الذي قال: "الحياة هي رحلة يجب أن تعيشها، ليس مجرد مشكلة يجب أن تحلها"، مشيرًا إلى أن التجربة الإنسانية هي رحلة بحد ذاتها وليست مجرد هدف يجب الوصول إليه.
أبيات نزار قباني تحمل في طياتها تأملات فلسفية عميقة حول الجمال، والحب، والصمت، واللغة. عبر استخدامه للغة الشعرية العميقة، يعبر قباني عن رؤى فلسفية تلامس الفكر الإنساني العالمي، مما يجعل قصائده ليست فقط عملًا أدبيًا، بل تأملات فلسفية تتجاوز حدود الثقافة والزمان. من خلال استحضار أفكار كانط، شوبنهاور، فيتجنشتاين، دريدا، بودريار، سارتر ولاو تزو، يمكننا أن نرى كيف أن تأملات قباني تتناغم مع الفكر الفلسفي العالمي وتفتح لنا أبوابًا جديدة لفهم الحب والجمال واللغة.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جمال التوافق الأدبي والفكري بين الزوجين
- إلى أجمل امرأة في الدنيا
- كيف تؤثر التحولات الاجتماعية على مفهوم الزواج؟-
- -الوطن وحقوق المواطن: نحو مجتمع يقوم على الكرامة والحرية-
- -ظلّ رجل على الهامش-
- أهمية تدريس الرياضيات في رياض الأطفال
- -صمت العطاء وصخب الوهم -
- -في عمق الأرض يكمن السر-
- وصيّة الجرح وردُّ النور
- -إلى فراشتي... حيث يزهر اللقاء في الأبدية-
- عناصر تقييم النص: بين الكاتب والمصحح اللغوي
- ذاكرةٌ قلقة
- مذكّرات كاتب فقد صوته
- -الصراع بين القلب والعقل: تحليل أدبي وفلسفي لنص الأخطل الصغي ...
- الألعاب التربوية وأهميتها في رياض الأطفال: شواهد دراسية
- غيمة مرهقة
- أدب الطفل ومكانته في الأدب العربي
- سحر الإيقاع في الشعر العربي: بين التوتر النفسي ومرونة البنية ...
- حكاية فراشة بين النار وأزهار الصبار
- أوركسترا الخلاص: سيمفونية النجاة


المزيد.....




- محمد ثروت نجم احتفالية الأوبرا في ذكرى المولد النبوي على الم ...
- ماذا وراء -أكبر سرقة كتب في أوروبا منذ الحرب العالمية الثاني ...
- الصوت يُعيد القصيدة
- الكتاتيب في مصر: ازدهرت في عصر العثمانيين وطوّرها علي باشا م ...
- رواية -مغنية الحيرة-.. يا زمان الوصل بمملكة الحيرة
- -اللي باقي منك-... فيلم عن مراهق فلسطيني يمثل الأردن في أوسك ...
- المخرج الإسباني بيدرو ألمودوفار يدعو حكومة بلاده لقطع العلاق ...
- السياسة حاضرة بقوة في مهرجان البندقية السينمائي 2025
- بعد محطات مهمة.. الإعلان عن موعد عرض فيلم -ضي- في مصر
- الحكومة: شرط اللغة في دور رعاية المسنين ”أمر لا بدّ منه”


المزيد.....

- حوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الأول / السيد حافظ
- يوميات رجل غير مهزوم. عما يشبه الشعر / السيد حافظ
- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - فلسفة الحب والتفرد في كلمات نزار قباني