أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - حكاية فراشة بين النار وأزهار الصبار














المزيد.....

حكاية فراشة بين النار وأزهار الصبار


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 10:53
المحور: الادب والفن
    


في الثالث عشر من نوفمبر عام 2024، من مدينة ابن جرير المغربية، كتب الجد عبد اللطيف المنصوري قصيدته لحفيدته ذات الأعوام الثلاثة. كلماته كانت مشبعة بالحب والخوف العميق عليها، تلك الفراشة الصغيرة التي يتمنى لها حياة جميلة رغم ما يحيطها من تحديات الزمن وأشواك الواقع. رسم لها من مخاوفه صورةً تختلط فيها حلاوة الأمل بمرارة الوجع، وأراد لها أن تحيا رغم الحريق أو الوخز، أن تستمد قوتها من ضعفه، وذكرياته من حاضرها
*****حفيدتي********
صغيرتي...
قدرك يا طفلتي
ياصغيرتي
أنك فراشة جميلة
وكل ما حولك نار ..
وأزهار صبار .
إن لم تحترقي
ستموتين وخزا بالأشواك
في زمـــن
أصبح فيه الامل قليلا
و الوجع كبيــرا
أحتاج إليــكْ لتذكريني
بأني لا زلتُ أنــا
ذلك الصبي
و أنّ اللــون الأخضـــر
يمــلأ المكـــــــــان
دعني اخاف عليك
منك
دعني اكسر
رتابة خوفي
خوفك
ومن كل من يتآمر على
حضورك
استمرارك
عنفوانك
فييسرقك مني ساعة
فترة
دهرا...
ويقدف بي حيث يزهر الغياب
طفل لم يكبر
في عينيك
تسرقه غيمة
وحبة سكر
لا يريد البقاء
الا من اجلك
وبعد مرور السنوات، نضجت تلك الطفلة وتجاوزت في خيالها حدود الرعب والألم لتصل الثامنة عشرة، وها هي ترد على جدها بكلماتٍ تحمل معاني الحكمة والنضج. كبرت الفراشة التي كانت تخشى الاحتراق، فصارت تجيد التحليق بأجنحةٍ صنعتها من أشواك الحياة. تحمل في قلبها إرث الحب والخوف، لكنها ترى في كل ألم حياةً، وفي كل شوكةٍ طريقاً جديداً، حتى صارت هي الأمل الأخضر الذي طالما بحث عنه في عالمٍ مليء بالرماد
يا جدي العزيز...
في الثامنة عشرة،
حملت في قلبي رحيق وردك وكلماتك،
وحملت في قلبي صدى خوفك القديم،
من نارٍ كانت تحرق أطرافي
ومن شوكٍ كنتَ تخشى أن يُجرحني.
لكنكَ لم تعلم أني كبرت،
كفراشةٍ تعشق الرقص فوق النيران،
وأزهرُ في كل ألمٍ وزمان.
لم أعد طفلتك الصامتة،
أنا الآن صبيةٌ تستنشق الشوق
وتغزل من الأشواك جناحين،
فلا خوف يجبرني،
ولا نيران تطفئني.
جدي العزيز،
أنظر إليك وأبتسم،
أنت ذاك الطفل الذي يتكئ على زمنٍ رحل،
وأنا الحلم الذي يسعى أن يبقى،
في كل طيفٍ، وفي كل غيمةٍ وسكر.
دعني أخاف عليك،
دعني أحتوي رهبتي من موتك،
دعني أصرخ بأني أحيا
لأجلك، ولأجلنا، ولأجل حبٍ
يُزهر في قلبٍ لا يعرف النسيان،
لا يعرف الرحيل،
ولا يخشى الظلام.
سأكون لك الأمل في زمن القسوة،
اللون الأخضر في عالم الرماد.
وهكذا تستمر حكاية الجد وحفيدته، كأنها قصيدة تكتبها الأيام ويعيد الزمن صياغتها. هي تفتح أجنحتها لتحلق في عوالمه التي طالما خاف عليها منها، وهو يرى في عينيها امتداداً لكل أمانيه التي لم تكتمل. بين الخوف والأمل، بين الماضي والحاضر، نسجت علاقتهما خيطاً أبدياً من الحب، كجسرٍ بين جيلين، يحمل كلٌّ منهما الآخر نحو غدٍ لم يُكتب بعد.
وتبقى الحفيدة شاهدةً على أحلام الجد التي لم تذبل، وشجاعته التي كان يخفيها خلف رقة كلماته، أما هو فيراها أكبر من كل خوفٍ احتضنها لأجله، وأجمل من كل فراشةٍ تحلّق دون خوف. ستبقى هذه الحكاية نبراساً يضيء دربها، ومع كل شوكةٍ أو نارٍ تعترضها، ستذكر أن أمل الجد الأخضر يسري في عروقها كحكاية أبدية عن حبٍ لا ينطفئ، وأملٍ لا يموت.



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أوركسترا الخلاص: سيمفونية النجاة
- -بين رغيف السلطان وجوع الروح-
- الصفصاف الهرم


المزيد.....




- تايلور سويفت تتألق بفستان ذهبي من نيكولا جبران في إطلاق ألبو ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- حوارية مع سقراط
- موسيقى الـ-راب- العربية.. هل يحافظ -فن الشارع- على وفائه لجذ ...
- الإعلان عن الفائزين بجائزة فلسطين للكتاب 2025 في دورتها الـ1 ...
- اكتشاف طريق روماني قديم بين برقة وطلميثة يكشف ألغازا أثرية ج ...
- من الجو..مصور يكشف لوحات فنية شكلتها أنامل الطبيعة في قلب ال ...
- التمثيل الشعري للذاكرة الثقافية العربية في اتحاد الأدباء
- الكوتا المسيحية: خسارة ريان الكلداني وعودة الجدل حول “التمثي ...
- مؤرخ وعالم آثار أميركي يُحلل صور ملوك البطالمة في مصر


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - حكاية فراشة بين النار وأزهار الصبار