أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد بسام العمري - أوركسترا الخلاص: سيمفونية النجاة














المزيد.....

أوركسترا الخلاص: سيمفونية النجاة


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 10:52
المحور: قضايا ثقافية
    


في مدينة رمادية، حيث صمت المدافع يكاد يكون أعلى من أصوات البشر، وقف قائد الأوركسترا مايستر أورليان أمام فرقته الموسيقية. كان المسرح خاليًا، إلا من ظلال الأمل التي يصر أن يحافظ عليها. في يده عصا القيادة، وفي قلبه لحن لم يُعزف بعد؛ نغمة خفية كانت تتردد في ذهنه كأنها همس من عالم آخر.

مايستر أورليان لم يكن مجرد قائد أوركسترا، بل كان شاعرًا بالألحان، يقرأ في النغمات ما لا يُقرأ في الكلمات. كان يؤمن أن الموسيقى هي اللغة الوحيدة التي تفهمها الأرواح المعذبة، وأنها قادرة على شفاء جراح لا تستطيع الكلمات أن تصل إليها.
في ليلة هادئة، وبينما كان يعزف منفردًا على البيانو في قاعة فارغة، سمع النغمة. لم تكن مجرد صوت، بل إحساسًا، كأنه ضوء صغير وسط ظلام لا متناهٍ. عرف حينها أن هذه النغمة تحمل رسالة، لكنها لم تكن مكتملة. كان عليه أن يجمع الفرق الموسيقية المتناثرة، وأن يوحد قادة الأجيال المختلفة ليعزفوا معًا سيمفونية الخلاص.

حين بدأ أورليان رحلته لجمع الموسيقيين، واجه مقاومة من "البنادق طويلة الأظافر"، وهم قادة الحرب الذين رأوا في الموسيقى تهديدًا لنفوذهم. حاولوا إسكات الألحان، لأنهم كانوا يعلمون أن الموسيقى، إذا انتشرت، ستغزو القلوب، وستُجبر الجنود على التخلي عن أسلحتهم.
لكن أورليان لم يكن وحده. كان هناك ليونا، عازفة الكمان الشابة التي كانت تؤمن أن الموسيقى ليست مجرد فن، بل دعوة للحب. وكان هناك سيلفيوس، ضابط إيقاع مُخضرم شهد الحروب وعرف أن الضجيج لا يملك القوة التي تملكها الهارمونية.

بدأت الرحلة بعزف ألحان صغيرة في أماكن سرية. في كل مدينة يعبرونها، كانوا يتركون وراءهم لحنًا ينمو في القلوب كزهرة بين الأنقاض. الجنود الذين سمعوا الموسيقى لأول مرة شعروا بأن أصوات الحرب تفقد قوتها، وكأن الألحان تغسل أرواحهم المثقلة.
في إحدى الليالي، وبينما كان أورليان وفرقة "أوركسترا الخلاص" يعزفون في ساحة مدينة مدمرة، وصلت أصواتهم إلى معسكر الجنود. هناك، وُلد مشهد لم يكن يتوقعه أحد: الجنود، الذين حملوا البنادق كجزء من وجودهم، بدأوا يضعونها أرضًا، واحدًا تلو الآخر، لينضموا إلى الحشد الذي يعزف الموسيقى.

مايستر أورليان (مخاطبًا ليونا): "هل تعلمين أن النغمة التي نبحث عنها ليست في الآلات؟ إنها في الصمت بين الأوتار، حيث يولد المعنى."
ليونا: "لكن هل سيصغي العالم؟"
أورليان: "العالم لا يحتاج أن يصغي، بل أن يشعر. الموسيقى ليست صوتًا، إنها نبض."
سيلفيوس (ضابط الإيقاع): "لطالما كنت أؤمن أن الحرب هي أعنف إيقاع. لكنك أثبت أن الإيقاع الحقيقي هو ما يجعل القلوب ترقص، لا تتوقف."

أوركسترا الخلاص لم تكن مجرد مجموعة من الموسيقيين، بل كانت حركة إنسانية. علموا أن الموسيقى ليست للآذان فقط، بل للقلب، للروح، وللإنسانية التي تنسى نفسها في ضجيج العالم.

في الحفل الأخير، حيث اجتمع آلاف البشر من كل الأجيال، وقفت المرأة المجهولة، التي كانت تشاهدهم من بعيد طوال الرحلة. تقدمت بخطى ثابتة، وأخذت مكانها على المسرح، كعازفة جديدة. لم يكن لديها آلة موسيقية، بل كانت فاصلاً موسيقيًا حيًا. بابتسامتها، ربطت بين الأجيال، وأعادت للحضور شعور الأمل الذي افتقدوه.
حين انتهى العزف، لم يكن هناك تصفيق. كان هناك صمت ممتلئ بالمعنى، وكأن العالم بأسره توقف ليتنفس. اختفت البنادق، وزهرت الحقول، وأصبح اللحن الذي جمعته أوركسترا الخلاص نغمةً خالدة، تعيد للإنسانية ألحانها الضائعة.
محمد بسام العمري






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -بين رغيف السلطان وجوع الروح-
- الصفصاف الهرم


المزيد.....




- ترامب يتوعد روسيا بعواقب وخيمة إذا لم يوافق بوتين على إنهاء ...
- محمد صلاح أو -الملك المصري-: كيف تحول صبي صغير إلى -رمز وطني ...
- دعما لغزة.. مناوشات وقنابل الغاز في فولوس خلال احتجاجات على ...
- حرائق غابات مستعرة في اليونان وسط انتشار سريع للنيران بسبب ا ...
- وفاة بشلل الأطفال في غزة تعيد القلق إلى سكان القطاع بعد عام ...
- بارقة أمل للعائلات المكتظة بالخيام.. شاحنة مياه تصل غزة وسط ...
- جوزاف عون يبلغ لاريجاني رفض لبنان أي تدخل خارجي في شؤونه
- على غرار -هند رجب-.. ناشطون يدعون المحامين العرب لملاحقة إسر ...
- بدرية طلبة تنفي اتهامات القتل وتجارة الأعضاء وتؤكد نيتها الل ...
- ضمن مجموعة -النساء الملهمات-.. دمية باربي جديدة لفينوس وليام ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - محمد بسام العمري - أوركسترا الخلاص: سيمفونية النجاة