أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - مذكّرات كاتب فقد صوته














المزيد.....

مذكّرات كاتب فقد صوته


محمد بسام العمري

الحوار المتمدن-العدد: 8442 - 2025 / 8 / 22 - 18:52
المحور: الادب والفن
    


الفصل: "حين يموت الحرف"
نصّ رمزي صوفي يتشظّى بين النثر والمناجاة
[1]
أردتُ أن أكتب.
ليس لأن الكتابة رغبة، بل لأن الصمت صار خانقًا.
كنتُ كطفلٍ يحاول أن يبكي، لكنه نسي شكل الدمع.
مددتُ يدي نحو القلم،
فنظر إليّ كما ينظر المحكوم إلى قاضيه.
كان خفيفًا...
خفيفًا كأنّ الحروف هجرت جسده.
[2]
قلتُ لنفسي في المرآة:
"هل ما زلتَ كاتبًا؟"
ضحكت المرآة،
ثم تكوّرت على نفسها كصدفة فارغة.
[3]
في دفترٍ قديم،
كتبتُ ذات مرة:
"الحرفُ نَفَسُ الروح، فإن ماتت الروح، انقطع النَّفَس."
وقرأت الجملة اليوم،
لكنها لم تُشفِني.
تأملت فيها كمن يتأمل قبرًا لا يعرف من فيه.
[4]
أردت أن أكتبك، يا رب،
لكنّي خشيت أن أقول اسمك بجملٍ ميتة.
خشيت أن أُفسد قدسك بمجازٍ مستهلك.
كيف أكتبك، وأنا فقدت ذاك الشعور الطاهر الذي كان يسبق الكلمات؟
ذاك الارتعاش، ذاك الركوع الخفيّ للحرف قبل أن يولد.
[5]
أحاول، صدّقني.
أفتح دفتري،
أضع فنجان القهوة،
أترك مقطعًا صوفيًا في الخلفية،
أشعل شمعة كما لو أنّي في حضرةٍ كونية.
لكن الحرف لا يأتي.
[6]
في الليلة الماضية،
حلمت أنني أكتب على الماء.
كلّما كتبت جملة،
جاءت موجةٌ ومسحتها.
وفي نهاية الحلم،
رأيت وجهًا يشبهني يقول لي:
"الكلمات ليست لك، بل عليك."
[7]
صوتٌ ما في داخلي يتمتم:
"من لم يُضِئ قلبه، أظلمت عليه اللغة."
وكنتُ، يا صاحبي، قد أطفأت النور منذ زمن.
لا عمدًا...
لكنّني كنتُ أبحث عن نَفَسي بين العتمات.
[8]
الآن،
لم تعد الكتابة سلاحًا، ولا أملًا، ولا حتى عزاء.
هي فقط عادةُ مَن خسر كل شيء،
ولا يملك إلا أن يكتب عن خسارته.
لكن،
ماذا تفعل إن لم تعد الخسارة تقول شيئًا؟
ماذا لو أنّ حتى الحزن ملّك؟
[9]
صوتي مات،
لكنّني ما زلت أحتفظ بالقلم.
كأني أحتفظ بجثة صديق،
خشية أن أنسى رائحته.
[10]
في آخر صفحة من مذكّرتي،
سأكتب بخطٍ خافت:
"هنا توقّف الحرف،
لأن صاحبه لم يعد يشبهه."



#محمد_بسام_العمري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -الصراع بين القلب والعقل: تحليل أدبي وفلسفي لنص الأخطل الصغي ...
- الألعاب التربوية وأهميتها في رياض الأطفال: شواهد دراسية
- غيمة مرهقة
- أدب الطفل ومكانته في الأدب العربي
- سحر الإيقاع في الشعر العربي: بين التوتر النفسي ومرونة البنية ...
- حكاية فراشة بين النار وأزهار الصبار
- أوركسترا الخلاص: سيمفونية النجاة
- -بين رغيف السلطان وجوع الروح-
- الصفصاف الهرم


المزيد.....




- فولتير: الفيلسوف الساخر الذي فضح الاستبداد
- دموع هند رجب تُضيء مهرجان القاهرة السينمائي في دورته الـ46
- توقيع الكتاب تسوّل فاضح!
- فيثاغورس… حين يصغي العقل إلى الموسيقى السرّية للكون
- العلماء العرب المعاصرون ومآل مكتباتهم.. قراءة في كتاب أحمد ا ...
- -رواية الإمام- بين المرجعي والتخييلي وأنسنة الفلسطيني
- المخرج طارق صالح - حبّ مصر الذي تحوّل إلى سينما بثمن باهظ
- -إنّما يُجنى الهدى من صُحبة الخِلّ الأمين-.. الصداقة الافترا ...
- مؤسس -هاغينغ فيس-: نحن في فقاعة النماذج اللغوية لا الذكاء ال ...
- مسرحية -عيشة ومش عيشة-: قراءة أنثروبولوجية في اليومي الاجتما ...


المزيد.....

- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية
- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد بسام العمري - مذكّرات كاتب فقد صوته