أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - تركيا بين تصدير الأزمات الداخلية واللعب بالورقة السورية














المزيد.....

تركيا بين تصدير الأزمات الداخلية واللعب بالورقة السورية


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 20:02
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعيش تركيا في السنوات الأخيرة حالة غير مسبوقة من الاضطراب السياسي والاجتماعي، جعلتها تتأرجح بين التفكك الداخلي والبحث عن "عدو خارجي" لتوحيد الصفوف الداخلية المهددة بالتصدع. وفي هذا السياق، برزت الورقة السورية باعتبارها وسيلة مثالية في يد أنقرة للتغطية على أزماتها البنيوية، سواء عبر التلويح بمحاربة "قوات سوريا الديمقراطية (قسد)" أو عبر محاولات شقّ الصف الكُردي خدمةً لأهداف داخلية.

ورقة "قسد" وتوظيفها داخليًا

لا يخفى أن العداء التركي التاريخي لـ"قسد" (الامتداد المحلي لحزب العمال الكردستاني)وفق الرؤية التركية، بات يُستخدم من قبل حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان كذريعة لضرب المعارضة السياسية التركية. فالحكومة تسعى لتسويق خطاب "الأمن القومي" في مواجهة قسد كتبرير لسياساتها الأمنية المشددة، الأمر الذي يتيح لها إلصاق تهمة "الإرهاب" بكل من يعارضها في الداخل (1).

وفي هذا الإطار، ظهرت خلال الأيام الماضية رواية غامضة حول شابٍ هاجم مركزًا للشرطة في إزمير وهو يصرخ "الله أكبر"، وهو حدثٌ اعتبرته المعارضة مفبركًا لإيجاد ذريعة جديدة تربط الاحتجاجات الشعبية بالإرهاب (2).

المجلس الوطني الكردي بين الفخ التركي والانقسام الداخلي

المستجد الأخطر تمثل في دخول أنقرة على خط العلاقات الكُردية–الكُردية، إذ صدرت تعليمات جديدة من المخابرات التركية للمجلس الوطني الكُردي بعدم "التطبيع" مع قسد أو حزب الاتحاد الديمقراطي (PYD). ورغم أن بعض قيادات المجلس الوطني الكُوردي وافقت على هذه التوجيهات، فإن قيادات أخرى رفضتها واعتبرت الانصياع لها بمثابة محاولة لهدم ما تحقق في مؤتمر وحدة الصف والموقف الكُردي المنعقد في 26 نيسان 2025، والذي لاقى ترحيبًا كُرديًا واسعًا (3).

هذا الانقسام كشف عن عمق التحديات أمام وحدة الموقف الكُردي؛ إذ ترى أطراف كُردية أن بعض القيادات في المجلس الوطني تسعى لاستخدام الغطاء التركي لكسب مكاسب شخصية لدى سلطة دمشق، وهو ما أكّدته تصريحات قياديين مثل عبد الحكيم بشار وفصلة يوسف (4).

المعارضة التركية في الشارع: الغضب من "الانقلاب القانوني"

في الداخل التركي، تصاعدت احتجاجات المعارضة بشكل كبير بعد قرار قضائي مثير للجدل أطاح بالقيادة المحلية لـ"حزب الشعب الجمهوري" (CHP) في إسطنبول، وتعيين لجنة مؤقتة بديلة، إضافة إلى إغلاق مقر الحزب وتشديد الطوق الأمني حوله. زعيم المعارضة أوزغور أوزيل وصف ما حدث بأنه "انقلاب قانوني" يهدف إلى تحويل تركيا إلى نظام حزبي أحادي على غرار روسيا، داعيًا إلى مقاومة مدنية وقانونية (5).

بالتوازي، فرضت السلطات التركية حظرًا على التجمّعات في ست مناطق رئيسية بإسطنبول، وخفّضت سرعة الإنترنت على منصات التواصل الاجتماعي، في محاولة لخنق الاحتجاجات التي امتدت من مقار الحزب إلى الشارع العام (6).

اجتماع "تركيا بلا إرهاب": تصدير الأزمة للخارج

في ظل هذا التوتر الداخلي، عقد مجلس الوزراء التركي اجتماعًا برئاسة أردوغان تحت شعار "تركيا بلا إرهاب"، حيث تم وضع مواجهة قسد على رأس جدول الأعمال، إلى جانب ملفات إقليمية أخرى مثل غزة والحرب الأوكرانية. غير أن اللافت هو توقيت الاجتماع، الذي بدا وكأنه محاولة لصرف الأنظار عن الأزمة الداخلية، وتقديم صورة الدولة "الموحدة ضد الإرهاب" رغم الانقسام الشعبي الواضح (7).

التحركات الكُردية: الاستعداد لمواجهة محتملة

في المقابل، تتحرك "قسد" بخطى متسارعة نحو تعزيز دفاعاتها شمال شرقي سوريا عبر حفر الأنفاق وزرع الألغام، في مؤشر على استعدادها لاحتمال مواجهة عسكرية مع أنقرة أو حتى دمشق. إلا أن وجود القوات الأميركية في المنطقة يمنح الإدارة الذاتية شيئًا من الطمأنينة بأن مواجهة مباشرة مع النظام السوري ليست وشيكة، بينما يظل الخطر الأكبر متمثلًا في مساعي تركيا لافتعال صراع خارجي لتخفيف الضغط الداخلي (8).

خاتمة

يمكن القول إن اللعب بالورقة السورية بات بالنسبة لأنقرة وسيلة للهروب من أزماتها الداخلية. فبينما تعيش تركيا حالة تصدّع داخلي غير مسبوقة، تحاول السلطة القائمة استخدام "مكافحة قسد" كذريعة لتبرير سياساتها القمعية، وشق الصف الكُردي لإضعاف أي تقارب محتمل بين القوى الكُردية. وفي الوقت ذاته، تسعى لخلق "حالة طوارئ أمنية" تربط المعارضة بالإرهاب، وتبرّر الحظر على المظاهرات والقيود على الحريات.
غير أن هذه السياسات لا تُنذر فقط بتعمّق الأزمة الداخلية التركية، بل تهدد أيضًا بإشعال صراع جديد في سوريا، سيكون ثمنه باهظًا على الجميع.


مروان فلو
٨/٩/٢٠٢٥
—----------------------

المراجع

1. Milliyet، "اجتماع مجلس الوزراء – تركيا بلا إرهاب"، 8 أيلول 2025.


2. شبكة سوريا مباشر (S.L.N)، "لحظة اقتحام الشاب لمقر الشرطة في إزمير"، 7 أيلول 2025.


3. شبكة دار نيوز الإعلامية – مركز الأخبار، "تعليمات جديدة من المخابرات التركية إلى المجلس الوطني الكردي"، 7 أيلول 2025.


4. المصدر نفسه، تصريحات عبد الحكيم بشار وفصلة يوسف.


5. رويترز، "المعارضة التركية تتهم أردوغان بمحاولة انقلاب قانوني"، 7 أيلول 2025.


6. آر تي عربي، "حظر التجمعات في ست مناطق رئيسية في إسطنبول"، 7 أيلول 2025.


7. Milliyet، "جدول أعمال مجلس الوزراء – تركيا بلا إرهاب"، 8 أيلول 2025.


8. برنامج "المشهد الليلة" – قناة المشهد، تصريحات الكاتب شيروان إبراهيم حول الحوار بين قسد ودمشق، 6 أيلول 2025.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللامركزية في العراق وسوريا: هل تكون مفتاح العدالة والاستقرا ...
- اللامركزية في سوريا… بين الانتخابات المثيرة للجدل وحتمية الت ...
- باريس تكرّم البيشمركة: تكريم رمزي أم بداية لتحوّل سياسي في ا ...
- تركيا وسوريا بين أوجلان و-التسوية المؤجلة-: هل يقترب زمن الح ...
- محاولات طمس الهوية الكُردية في إيران:
- تركيا بلا إرهاب أم سوريا بلا سيادة؟ جدلية الصراع على مستقبل ...
- طمسُ الآثار والذاكرة الكُردية
- الحوار السوري-السوري: جسور من الثقة فوق بحر من التعقيدات
- التحول التركي في سوريا: من الوحدة إلى الفيدرالية
- تفكك يوغوسلافيا وملامح سوريا: الهويات حين تُكتب بالدم
- سوريا بين تفكك السلطة المركزية وصعود الأقليات: مفترق طرق إقل ...
- هل اقتربت ساعة الصفر للتصادم التركي–الإسرائيلي؟
- أوجلان ومسلم: بين خطاب الاندماج ومأزق الشعارات
- الصراع على سوريا إلى أين؟.. ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإق ...
- نحو اتحاد ديمقراطي يعيد صياغة مستقبل سوريا
- الانتخابات السورية على محك الشرعية: قراءة في الثغرات القانون ...
- تركيا.. العقدة الأكبر أمام الحل السوري
- بعد قرن من الخيانة.. هل حان الوقت لاعتراف أمريكا بكوردستان ا ...
- إسرائيل وتركيا والجيش السوري: صراع النفوذ وإعادة تشكيل المنط ...


المزيد.....




- في لمح البصر.. شاهد شاحنة صهريج وقود تصطدم بسيارة إسعاف بحاد ...
- محادثات نووية في مصر بين وزير خارجية إيران ومدير وكالة الطاق ...
- خطة ديرمر: هل تُجبر حماس على الرضوخ وتمنح إسرائيل مكاسب سياس ...
- مقتل 4 جنود إسرائيليين في غزة.. ونتنياهو يُحذر السكان: غادرو ...
- 12 وفاة و30 حالة مشتبه بها.. محاكمة طبيب فرنسي بتهمة تسميم م ...
- فرنسا: الجمعية الوطنية تطيح بفرانسوا بايرو وأزمة سياسية جديد ...
- الرئيس البرازيلي يندد بالانتشار العسكري الأميركي بالبحر الكا ...
- صحفية أميركية تكسب قضية تشهير ضد ترامب وتحصل على 83.3 مليون ...
- أعادت الأمل للطلبة.. مساحات تعليمية في غزة رغم الحرب
- مع العودة للمدارس.. كيف نتجنب أخطاء المذاكرة ونضمن التفوق ال ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - تركيا بين تصدير الأزمات الداخلية واللعب بالورقة السورية