أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - الحوار السوري-السوري: جسور من الثقة فوق بحر من التعقيدات














المزيد.....

الحوار السوري-السوري: جسور من الثقة فوق بحر من التعقيدات


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 20:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خضم التعقيدات التي يشهدها الملف السوري، تبرز اللقاءات المستمرة بين السيدة إلهام أحمد، الرئيسة المشتركة السابقة لمجلس سوريا الديمقراطية، والسيد أسعد شيباني، مسؤول الملف الكُردي في دمشق، كمنارة قد تُضيء مساراً نحو حل سياسي بعيداً عن لغة السلاح. ورغم التشكيك الذي يحيط بهذه الجلسات، فإنها تُمثل ضرورة استراتيجية في ظل واقع متحرك، يؤكد أن الحوار هو اللغة الوحيدة القادرة على تجسير الهُوّات.

جدوى الحوار في واقع متغير

غالباً ما يتم وصف مثل هذه اللقاءات بأنها "حوارات صماء"، لكن هذا التوصيف يتجاهل حقيقة جوهرية في فلسفة السياسة: وهي أن وجود قنوات اتصال مفتوحة، حتى بين أطراف متناحرة، هو علامة على نضج سياسي وليس ضعفاً. لقد شهد الموقف السوري الرسمي تطوراً ملحوظاً تجاه قضية محورية مثل اللامركزية، التي كانت فيما مضى خطاً أحمر، لتبدأ اليوم في الظهور كخيار قابل للنقاش ضمن رؤية لإدارة الدولة (1). هذا التحول في المواقف، الذي تفرضه المتغيرات الجيوسياسية وتوازنات القوى الداخلية والإقليمية، هو الدليل الأقوى على أن الحوار المستمر قادر على صنع معجزات سياسية كانت تُعتبر ضرباً من المستحيل.

عقبات إقليمية: عندما تكون مصالح الآخرين فوق مصالح السوريين

لا تتم أي مفاوضات سورية في فراغ، بل تحت عباءة مصالح إقليمية متضاربة. فتركيا، التي ترى في أي نموذج للحكم الذاتي في شمال وشرق سوريا تهديداً وجودياً لأمنها القومي (2)، لذا فهي تقف حجر عثرة أمام أي تفاهم داخلي. والمفارقة أن أنقرة، التي ترفض الحكم الذاتي، قد لا تعترض في الخفاء على سيناريوهات التقسيم الطائفي أو الإثني لسوريا، بما يخدم رؤيتها لأمنها الطويل الأمد، وهو ما يجد صدى متقاطعاً مع الرؤية الإسرائيلية.

فإسرائيل، من جانبها، ترفض قيام سوريا موحدة وقوية، وتفضل دويلات أو كيانات ضعيفة يسهل احتواؤها أو إدارتها (3). غير أن التنافس الإقليمي يجعل من إسرائيل طرفاً غير مرغوب فيه في أي ترتيبات مستقبلية، مما يضيف طبقة أخرى من التعقيد على المشهد السوري، حيث يصبح البلد ساحة لتصفية حسابات الآخرين.

ملفات على طاولة الحوار: ما وراء البروتوكولات

تتناول جلسات أحمد وشيباني ملفات شائكة تتعدى البروتوكولات الشكلية إلى صلب القضايا العالقة، ومن أبرزها:

الدفع نحو جولة حوار جديدة في دمشق، في إشارة إلى رغبة الطرفين في استئناف العمل السياسي داخل الأراضي السورية وليس في العواصم الأوروبية، كما تصر دمشق.
مناقشة مقترحات لتعديل الإعلان الدستوري تمهيداً لعرضها على الرئيس السوري واللجنة الدستورية.
العمل على تهدئة الخطاب الإعلامي والسياسي المتبادل، كخطوة أساسية لبناء الحد الأدنى من الثقة.
تفعيل اتفاق سابق يتعلق بزيارة رسمية لوزير سوري إلى مناطق شرق الفرات.
عرض المخرجات على شخصيات نافذة من كلا الطرفين، كاحمد الشرع ومظلوم عبدي، لضمان دعمها قبل إقرارها.
إدراك كلا الطرفين للضغوط الأمريكية على "قوات سوريا الديمقراطية" للتوصل لاتفاق، والضغوط التركية المضادة على دمشق لعرقلة أي تفاهم.

في العمق: لماذا هذا الحوار مهم لكل سوريا؟

النجاح في هذه الملفات، ولو بشكل جزئي، ليس انتصاراً لفصيل على آخر، بل هو مكسب لجميع السوريين، عرباً وكُرداً وسرياناً وآشوريين وتركماناً. فوصف هذا الحوار بـ"الخيانة" هو قصر نظر للمخاطر الكبيرة التي تحيط بالبلد. إن تجنب التصعيد والتحريض هو خط دفاع أول ضد الانزلاق إلى حروب داخلية جديدة تغذيها العصبيات والخطابات الطائفية.

لقد أصبح من البديهي أن سوريا ما قبل 2011 لم تعد قائمة، وأن النموذج المركزي الصارم قد أصبح من الماضي. إن بناء سوريا المستقبل يحتاج إلى نموذج جديد يقوم على إدارة لامركزية تحفظ حقوق جميع المكونات ضمن إطار وحدة الدولة وسيادتها.

ختاماّ:

الحوار بين إلهام أحمد وأسعد شيباني هو اختبار حقيقي لإرادة السوريين في كتابة فصل جديد من تاريخهم بأيديهم، بعيداً عن الهيمنة الإقليمية والدولية. إنه اعتراف بأن الخيار العسكري قد أوصل البلاد إلى طريق مسدود، وأن كلمة السياسيين يجب أن تكون هي العليا. في هذا الحوار تكمن بذرة أمل، وإن كانت هشة، إلا أن رعايتها قد تكون البداية لوضع حجر الأساس لسوريا أكثر استقراراً وعدالة.

—---------------

مراجع

1. حنا بطاطو، "سوريا: الدولة المتغيرة"، المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات.
2. تقارير معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى حول الأمن القومي التركي (2022).
3. معهد دراسات الأمن القومي الإسرائيلي (INSS): المصالح الإسرائيلية في سوريا بعد 2011.



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التحول التركي في سوريا: من الوحدة إلى الفيدرالية
- تفكك يوغوسلافيا وملامح سوريا: الهويات حين تُكتب بالدم
- سوريا بين تفكك السلطة المركزية وصعود الأقليات: مفترق طرق إقل ...
- هل اقتربت ساعة الصفر للتصادم التركي–الإسرائيلي؟
- أوجلان ومسلم: بين خطاب الاندماج ومأزق الشعارات
- الصراع على سوريا إلى أين؟.. ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإق ...
- نحو اتحاد ديمقراطي يعيد صياغة مستقبل سوريا
- الانتخابات السورية على محك الشرعية: قراءة في الثغرات القانون ...
- تركيا.. العقدة الأكبر أمام الحل السوري
- بعد قرن من الخيانة.. هل حان الوقت لاعتراف أمريكا بكوردستان ا ...
- إسرائيل وتركيا والجيش السوري: صراع النفوذ وإعادة تشكيل المنط ...


المزيد.....




- -واجهنا حربا في 2011-.. السيسي بندوة تثقيفية للجيش: -نعمل حس ...
- كتائب القسام تعلن العثور على جثة رهينة إسرائيلي آخر
- مواجهة شي جينبينغ وترامب لن يخرج منها إلا منتصر واحد - مقال ...
- ترامب وكيم جونغ أون.. كواليس -تحركات سرّية- للقاء محتمل
- مرحلتان من عمرك يشيخ فيهما جسدك بشكل مفاجئ!
- سرقة مجوهرات من متحف اللوفر في باريس والبحث جار عن اللصوص
- عودة القتال إلى غزة يثير مخاوف بشأن آمال إنهاء الحرب
- تحويل مسار طائرة صينية إلى شنغهاي بعد اشتعال بطارية في خزانة ...
- -نحن الشعب وليس الرعية-... كيف تتابع الصحافة الأمريكية احتجا ...
- منها الشوفان وألواح البروتين.. 6 أطعمة -صحية- قد تقصّر عمرك ...


المزيد.....

- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- شيوعيون على مر الزمان ...الجزء الأول شيوعيون على مر الزمان ... / غيفارا معو
- حكمة الشاعر عندما يصير حوذي الريح دراسات في شعر محمود درويش / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- التاريخ يكتبنا بسبابته / د. خالد زغريت
- جسد الطوائف / رانية مرجية
- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - الحوار السوري-السوري: جسور من الثقة فوق بحر من التعقيدات