أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مروان فلو - الانتخابات السورية على محك الشرعية: قراءة في الثغرات القانونية والسياسية














المزيد.....

الانتخابات السورية على محك الشرعية: قراءة في الثغرات القانونية والسياسية


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 10:11
المحور: المجتمع المدني
    


في مناخ سياسي معقد لا تزال فيه سوريا غارقة في أتون الصراع،أعلنت اللجنة العليا للانتخابات عن تفاصيل العملية الانتخابية لمجلس الشعب. ورغم التأكيدات الرسمية على نزاهة الانتخابات ومراعاتها للمعايير الدولية، فإن قراءة متأنية للإطار القانوني المنظم لها تكشف عن فجوات عميقة تهدد شرعيتها من الأساس. لا تقتصر هذه الإشكاليات على الشكليات، بل تمتد إلى جوهر المبادئ الديمقراطية التي يفترض أن تقوم عليها أي عملية انتخابية ذات مصداقية.

1. المساواة النظرية مقابل المساواة الفعلية: إشكالية الناخب الخارجي تؤكد اللجنة العليا على مبدأ المساواة بين الناخبين داخل سوريا وخارجها.ومع ذلك، فإن التطبيق العملي يفكك هذا المبدأ نظريًا. فعدد مراكز الاقتراع خارج سوريا محدود للغاية مقارنة بعدد الناخبين المشتتين في دول الجوار والعالم، مما يشكل عائقًا لوجستيًا كبيرًا. علاوة على ذلك، فإن طبيعة وجود السوريين في دول مثل لبنان أو تركيا، حيث كثير منهم إما لاجئون أو مقيمون في أوضاع هشة، تثير مخاوف أمنية حقيقية تمنعهم من التصويت بحرية. المعيار الدولي، كما هو منصوص عليه في وثيقة "الالتزامات والضمانات الدولية للانتخابات الحرة النزيهة" الصادرة عن الأمم المتحدة، يؤكد أن المساواة يجب أن تكون فعلية وليست شكلية، بما في ذلك توفير إمكانية الوصول الآمن والسري إلى صناديق الاقتراع.

2. نظام الهيئات الناخبة: نقيضة الانتخاب المباشر يبتعد النظام الانتخابي السوري الحالي عن أحد أهم أركان الديمقراطية،وهو الانتخاب المباشر. فآلية "الهيئات الناخبة" تعني أن الناخبين لا يختارون نوابهم مباشرة، بل ينتخبون هيئات وسيطة تقوم بدورها باختيار الأعضاء. هذه الآلية تقطع الصلة المباشرة بين الناخب وممثله، وتقلص من قدرة المواطن على محاسبة ممثليه، وتفتح الباب أمام عمليات تزكية وتعيين مقنعة تحت غطاء انتخابي. هذا يتعارض صراحة مع المادة 21 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان التي تنص على أن "إرادة الشعب هي مصدر سلطة الحكومة، ويعبر عن هذه الإرادة بانتخابات نزيهة دورية تجري على أساس الاقتراع السري وعلى قدم المساواة بين الجميع، أو وفق أي إجراء مماثل يضمن حرية التصويت".

3. استقلالية القضاء الانتخابي: إشكالية الطعون المحسومة مسبقًا تتركز السلطة في البت في الطعون الانتخابية بما في ذلك الطعون على قرارات الناخبين والمرشحين،في يد "لجان الطعون" التي تشكلها اللجنة العليا للانتخابات. وهنا يكمن أحد أكبر مواطن الضعف؛ فغياب الضمانات الدستورية والقانونية لاستقلالية هذه اللجان عن السلطة التنفيذية يجعل حيادها مشكوكًا فيه. الحق في الطعن أمام جهة قضائية مستقلة ومحايدة هو حق دستوري وأحد الضمانات الأساسية لنزاهة الانتخابات، كما هو معترف به في تعليق اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة رقم 25، والذي يؤكد على ضرورة وجود آليات تظلم فعالة ومستقلة.

4. الرقابة المشروطة: محامون بلا سلطات يُطرح وجود محامين في الدوائر الانتخابية كضمانة للشفافية.ولكن، ما قيمة المراقب إذا لم تكن له الصلاحية للمراقبة الحقيقية؟ إذا لم يُمنح هؤلاء المحامون الحق في التنقل الحر، والتوثيق المستقل، والوصول الكامل إلى جميع مراحل العملية، والطعن في أي مخالفة فورًا، فإن دورهم يتحول إلى مجرد "ختم توثيق" شكلي، مما يفرغ عملية الرقابة من مضمونها ويجعلها أداة لتحسين الصورة فقط وليس لضمان النزاهة.

5. استبعاد الرقابة الدولية المحايدة: محلية مُسيّسة الإعلان عن مشاركة منظمات سورية ودولية يبدو مطمئنًا.ولكن التجارب السابقة، بما في ذلك الانتخابات الرئاسية عام 2021، أظهرت أن المنظمات المحلية المسموح لها بالمراقبة غالبًا ما تكون إما مرتبطة بالسلطة أو غير قادرة على العمل بحياد. الأكثر إشكالية هو الاستبعاد المتعمد لمنظمات رقابية دولية رصينة ذات خبرة مثل بعثات المراقبة التابعة للأمم المتحدة أو الاتحاد الأوروبي أو منظمة الأمن والتعاون في أوروبا (OSCE). استبعاد هذه الجهات، التي تتبع بروتوكولات مراقبة صارمة ومعترف بها عالميًا، يدل على عدم الرغبة في الخضوع لمعايير الرقابة الحقيقية ويفقد العملية مصداقيتها دوليًا.

خلاصة القول،إن العملية الانتخابية في سوريا، كما هي مُصممة حاليًا، تفتقر إلى الحد الأدنى من الضمانات القانونية والمؤسسية التي تؤهلها لأن تكون نزيهة أو معبرة عن الإرادة الحرة للشعب السوري. إنها تكرس هيمنة السلطة التنفيذية على العملية برمتها، من الترشيح إلى الإشراف إلى الفصل في النتائج.

لنيل أدنى قدر من المصداقية، يجب على السلطات السورية:
1. الانتقال إلى نظام الانتخاب المباشر فورًا.
2. ضمان استقلالية كاملة لأجهزة الإشراف والطعون الانتخابية.
3. تسهيل التصويت للسوريين في الخارج بإنشاء مراكز اقتراع كافية وضمان سرية وأمن تصويتهم.
4. السماح بدخول مراقبين دوليين مستقلين من هيئات ذات سمعة عالمية (الأمم المتحدة، الاتحاد الأوروبي) ومنحهم صلاحيات مراقبة كاملة وحرة.

بدون هذه الإصلاحات الجوهرية، ستظل الانتخابات مجرد طقس شكلي، وسيستمر طرح سؤال الشرعية الذي يلاحق أي مخرج سياسي في سوريا، مما يعمق من أزمة البلاد و حلها.

مروان فلو
٢٧/٨/٢٠٢٥


المراجع :

ـ.الإعلان العالمي لحقوق الإنسان (1948) - المادة 21.

ـ العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية (1966) - المادة 25.

ـ تعليق اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة رقم 25 (1996): بشأن المشاركة في الحياة العامة وإجراء الانتخابات.

ـ وثيقة كوبنهاغن لمؤتمر الأمن والتعاون في أوروبا (1990): التي وضعت معايير ديمقراطية للدول الأعضاء، بما في ذلك إجراء انتخابات حرة ونزيهة.

ـ تقارير الأمم المتحدة حول الوضع في سوريا.

ـ تقارير منظمات حقوقية مستقلة مثل: هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، والشبكة السورية لحقوق الإنسان، حول الانتخابات السابقة في سوريا.






ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تركيا.. العقدة الأكبر أمام الحل السوري
- بعد قرن من الخيانة.. هل حان الوقت لاعتراف أمريكا بكوردستان ا ...
- إسرائيل وتركيا والجيش السوري: صراع النفوذ وإعادة تشكيل المنط ...


المزيد.....




- مكتب نتنياهو يقول إنه اتفق مع برنامج الأغذية العالمي على مضا ...
- تعطيل خدمات الأونروا يضاعف معاناة النازحين من مخيم جنين
- البعثة الإيرانية لدى الأمم المتحدة: أعضاء مجلس الأمن أمام لح ...
- دمشقية: نعمل على مشروع قانون يحسن أوضاع اللاجئين الفلسطينيين ...
- بعد سؤاله عن أصوله اللبنانية.. سياسي أسترالي يهاجم صحفياً خل ...
- القوات الأميركية قد تُحمّل مسؤولية مساعدة إسرائيل في جرائم ا ...
- شرطة مكافحة الفساد الهندية تداهم مقرات زعيم حزب -عام آدمي- ب ...
- شرطة مكافحة الفساد الهندية تداهم مقرات زعيم حزب -عام آدمي- ب ...
- أمين الأمم المتحدة: المجاعة في غزة أصبحت كارثة حقيقية
- فرنسا وألمانيا وبريطانيا يعيدون فرض عقوبات الأمم المتحدة على ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - مروان فلو - الانتخابات السورية على محك الشرعية: قراءة في الثغرات القانونية والسياسية