أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - اللامركزية في العراق وسوريا: هل تكون مفتاح العدالة والاستقرار للكُرد؟















المزيد.....

اللامركزية في العراق وسوريا: هل تكون مفتاح العدالة والاستقرار للكُرد؟


مروان فلو

الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مقدّمة

في دولٍ متعددة القوميات والمناطق تخضع لصدماتٍ أمنية وسياسية، تبرز أسئلة حول كيفية تنظيم السلطة لخفض التوترات وتحسين الخدمات. كثيرون يقترحون أن اللامركزية أو الأنظمة ذات الحكم التشاركي (الفيدرالية) قد تكون جزءاً من الحلّ. هذا المقال أشرح هذه المفاهيم، و اقارن بينها، وأعرض دلائل وتجارب من العراق وسوريا مع ذكر مواقف محلّلين ووقائع تاريخية وميدانية مدعّمة بمراجع.

أولاً — ما معنى «اللامركزية»؟

اللامركزية عملية إدارية وسياسية تقوم على نقل بعض السلطات والموارد والقرارات من الحكومة المركزية إلى مستويات محلية (محافظات، بلديات، مجالس إقليمية...)، وتشتمل مظاهرها على: تفويض (delegation)، تفويض كامل/حكم ذاتي محلي — devolution، وتفكيك المركز (deconcentration). الغرض العملي منها: تقصير مسافة صنع القرار للمواطنين، تحسين تقديم الخدمات، وزيادة المساءلة المحلية.

ثانياً — ما الفرق بين اللامركزية والفيدرالية والكونفيدرالية؟

اللامركزية: آلية داخلية في إطار دولة موحّدة تسمح بسلطات أوسع للجهات المحلية لكن تظل السيادة للدولة المركزية. (أنظر التعريف أعلاه).

الفيدرالية (الاتحادية): ترتيب دستوري تعمل فيه حكومتان مباشرتان على السكان — حكومة مركزية ودول/ولايات إقليمية لها دستورها وصلاحياتها، مع توازن دستوري بين المستويين (مثال: ألمانيا، سويسرا كنُظم فيدرالية). الفيدرالية عادة تُنظَّم دستورياً ولا تُعدّ مجرد تفويض إداري مؤقت.

الكونفيدرالية: اتحاد قوي لكنه فضفاض بين دول ذات سيادة كاملة تتعاون في مهام محددة (دفاع، سياسة خارجية، تجارة) مع احتفاظ كل دولة باستقلالها. تاريخياً استخدمت هذه التسمية لوصف تحالفات دُولية طواعية. الاتحاد الاورپي مثلاً

ثالثاً — لماذا يعتقد كثيرون أن اللامركزية/الفيدرالية حلول ممكنة؟

1. تقريب القرار للمواطن وتحسين الخدمات: نقل الصلاحيات يحسّن قدرة الحكومات المحلية على تكييف السياسات مع حاجات السكان.

2. الشمولية ومقوّمات السلام: بناء مؤسسات محلية شاملة ومساءلة يمكن أن يستعيد ثقة الجماعات ويقلّل دوافع العنف والتمرد، خصوصاً في سياقات ما بعد الصراع. المنظمات الدولية ترى أن الحوكمة المحلية مدخل مهم لإعادة الإعمار وإدامة السلم، مع التحفّظ أن ذلك ليس حلّاً سحريّاً.

3. المزايا السياسية: نظم الحكم اللامركزيّة أو الفدرالية تتيح مشاركة أوسع للأقليات والسياسات المحلية، ما قد يقدّم بدائل عن المسارات العنيفة للمطالبة بالحقوق.

رابعاً — ما المخاطر والقيود؟

تعزيز الهويات الإقليمية على حساب الهوية الوطنية: تفويض واسع قد يُقوّي انقساماً عرقياً/مذهبياً إذا لم تُصمَّم آليات حماية الحقوق.

نزاعات على الموارد (مثل النفط): توزيع الإيرادات والموارد بين المركز والمناطق قد يصبح نقطة احتكاك (حالة العراق مثالاً).

ضعف القدرات المحلية: نجاح اللامركزية يحتاج مؤسسات وإدارة محلية قادرة وشفافة؛ وإلا فستتفشّى الفساد واللامساواة. الأبحاث تشير إلى أن أثر اللامركزية على السلام والتنمية متباين ويعتمد على التصميم المؤسسي والظرف السياسي.

خامساً — تجربة العراق: درسٌ عمليّ مختلط

بعد 2003 أقرَّ الدستور العراقي نظاماً فيدرالياً سمح بوجود إقليم كُردي ذي حكم شبه ذاتي (KRG). النتيجة: إمكانية إدارة شؤون محلية ووجود مؤسسات خاصة، لكن نشأت خلافات حادة مع بغداد حول النفط والموارد والحدود الدستورية، كما شهدت العلاقة تقلبات سياسية وعسكرية. التجربة تُظهر أن الفدرالية/اللامركزية قد تُقدّم حماية للأقليات لكنها تحتاج آليات واضحة لتقاسم الموارد وحسم النزاعات الدستورية.

سادساً — ماذا عن سوريا؟ مواقف وحجج ووقائع

1. دور قوى محلية قوات سوريا الديمقراطية / حزب الاتحاد الديمقراطي(PYD/SDF) في مقاتلة داعش: القوات الكُردية المدعومة بتحالف قوى محلية — ما عُرِف بـ«قوات سوريا الديمقراطية» (SDF) — لعبت دوراً مركزياً في هزيمة «دولة الخلافة» في مناطق شرقي سوريا، ودفع عناصرها ثمناً بشرياً وماديّاً واضحاً خلال الحرب. هذه الوقائع تُستخدم اليوم كحجة من قبل من يرون ضرورة إدماج هذه القوى سياسياً بدل بقائها خارج النظام.

2. آراء محلّلين: بعض الكتاب والمحلّلين (مثل غُركان تشاكير أغلو في ميديا سكوب) يرون أن مساراً فيدرالياً أو حكمًا لا مركزيًا قد يوفّر طريقاً لإدماج خصوم محليين وضمان حقوق مجموعات، وبالتالي تحويل السلاح إلى إطار سياسي مؤسّس. هذه المقاربة تُعرض كبديل عن الحلول الأمنية المطلقة. (هذا رأي محلّلين ينقل كتحليل إعلامي وليس توجيهاً سياسيّاً).

3. الحساسية الإقليمية—دور تركيا وأطراف إقليمية: تركيا تعتبر الكثير من الفصائل الكُردية على صلة بحزب العمال الكردستاني (PKK) تهديداً لأمنها، وتعمل بين الحين والآخر على خيارات أمنية وسياسية تجاه مناطق شمال سوريا. في المقابل، تدخلات تركيا أو أي محاولة واسعة لتصفية الفصائل الكُردية قد تواجه تعقيدات دولية وإقليمية وتكاليف بالغة، لذا التحليلات تُعدُّ أن خيارات أنقرة محسوبة وتراعي توازنات إقليمية ودولية، رغم تواتر العمليات العسكرية المحدودة عبر الحدود.

خلاصة الواقع السوري:
توجد قِوى محلية (أدّت دوراً عسكريّاً وسياسياً)، ثمّة مقترحات بتسوية سياسية عبر صيغ لامركزية أو فيدرالية لاحتواء المطالب، وهناك قلق إقليمي—كل ذلك يجعل التصميم الدستوري والضمانات الأمنية والدولية عوامل حاسمة لنجاح أي خيار.

سابعاً — ما الخلاصة العملية (ماذا يجب أن يتضمّن أي تصميم لامركزي أو فيدرالي ليكون قابلاً للنجاح؟)

1. قواعد دستورية واضحة: تحديد الصلاحيات، آليات فضّ النزاعات، وتوزيع الإيرادات.

2. ضمانات أمنية وانتقالية: آليات لتفكيك الميليشيات المسلّحة أو إدماجها في مؤسسات أمنية خاضعة لسيطرة مدنية—مع ترتيبات دولية/إقليمية لحماية التغيير في المراحل الانتقالية.

3. بناء قدرات مؤسسية محلية: تمويل وتدريب ومساءلة لتعزيز حوكمة محلية فعّالة ونزيهة.

4. آليات لحماية الأقليات وحقوق الإنسان: تشريعات دستورية ومؤسسات رقابية لحماية الحقوق وعدم تسييس الهوية.

خاتمة

اللامركزية والفيدرالية أدوات حكومية يمكن أن تخفّف ضغوط الانقسام وتحسّن الخدمات، لكنها ليست ضمانة تلقائية للسلام أو العدالة. نجاح أي نموذج يعتمد على التفاصيل الدستورية، مشاركة الأطراف المحلية، آليات تقاسم الموارد، وضمانات أمنية وسياسية واضحة. في سياقَي العراق وسوريا تظهر تجارب مُتعاكِسة: بعضها يدعم الفكرة بكونها مخرجاً سياسياً، وبعضها يحذّر من مخاطر التنفيذ الضعيف. لأي طرح إصلاحي شعبية أو قبول مجتمعي، يجب أن يصاحبه تصميم مؤسسي مدروس ومفاوضات سياسية شاملة — والاعتماد على دروس خبراء المؤسسات الدولية والعلماء والمحلّلين المحليين.

إعداد : مروان فلو
٦/٩/٢٠٢٥
—------------------------

المراجع (مرتّبة رقمياً )

1. World Bank — An Introduction to Decentralization, Multi-Level Governance and Intergovernmental Relations: A Toolkit for Intergovernmental Architecture Analysis (Toolkit / تعريفات ومفاهيم حول اللامركزية).


2. UNDP — Practice Note: Decentralised Governance for Development / Local Governance in Fragile and Conflict Settings (ملاحظات ومبادئ حول الحوكمة اللامركزية وأثرها على التنمية والسلام).


3. Britannica — مقالة تعريفية عن Federalism / Federation (تعريف الفيدرالية ومميزاتها الدستورية).


4. Britannica — مقالات ومداخل حول Confederation (تعريف الكونفيدرالية والفروق مع الفيدرالية).


5. The Guardian — تقارير حول دور Syrian Democratic Forces (SDF) في هزيمة داعش وتأثير ذلك على المشهد السياسي والأمني في شمال سوريا.


6. Medyascope (مقالات Gürkan Çakıroğlu) — أمثلة على مواقف محلّلين تركيين تؤيّد حلولا فيدرالية/لامركزية كطريقٍ للتسوية في سوريا والمنطقة. (انظر كتابات Gürkan Çakıroğlu في Medyascope).


7. International Crisis Group / تحليلات مراكز فكرية — أوراق وتحليلات عن موقف تركيا وسياساتها تجاه الأكراد في سوريا وتداعيات العمليات العسكرية والخيارات السياسية.


8. Chatham House / Wilson Center / تقارير تحليلية حول فدرالية العراق وتجاربها العملية (نزاعات على الموارد والدستور).


9. أبحاث ومصادر أكاديمية وتقنية حول أثر اللامركزية على الصراع والتنمية (World Bank, Cambridge, مجلات أكاديمية).



#مروان_فلو (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اللامركزية في سوريا… بين الانتخابات المثيرة للجدل وحتمية الت ...
- باريس تكرّم البيشمركة: تكريم رمزي أم بداية لتحوّل سياسي في ا ...
- تركيا وسوريا بين أوجلان و-التسوية المؤجلة-: هل يقترب زمن الح ...
- محاولات طمس الهوية الكُردية في إيران:
- تركيا بلا إرهاب أم سوريا بلا سيادة؟ جدلية الصراع على مستقبل ...
- طمسُ الآثار والذاكرة الكُردية
- الحوار السوري-السوري: جسور من الثقة فوق بحر من التعقيدات
- التحول التركي في سوريا: من الوحدة إلى الفيدرالية
- تفكك يوغوسلافيا وملامح سوريا: الهويات حين تُكتب بالدم
- سوريا بين تفكك السلطة المركزية وصعود الأقليات: مفترق طرق إقل ...
- هل اقتربت ساعة الصفر للتصادم التركي–الإسرائيلي؟
- أوجلان ومسلم: بين خطاب الاندماج ومأزق الشعارات
- الصراع على سوريا إلى أين؟.. ساحة مفتوحة لتصفية الحسابات الإق ...
- نحو اتحاد ديمقراطي يعيد صياغة مستقبل سوريا
- الانتخابات السورية على محك الشرعية: قراءة في الثغرات القانون ...
- تركيا.. العقدة الأكبر أمام الحل السوري
- بعد قرن من الخيانة.. هل حان الوقت لاعتراف أمريكا بكوردستان ا ...
- إسرائيل وتركيا والجيش السوري: صراع النفوذ وإعادة تشكيل المنط ...


المزيد.....




- جامعات يستهدفها ترامب ضاعفت إنفاقها على جماعات الضغط.. كم بل ...
- إيران تعلق على -فقدان- مستشارها الثقافي السابق أمير موسوي في ...
- غارات إسرائيلية على جرود الهرمل وبري بعد لقائه عون: الوضع جي ...
- إسرائيل تتهم مدريد بـ-معاداة السامية- وتمنع دخول نائبة رئيس ...
- عدم استقرار حكومي ودين عام هائل.. فرنسا تثير قلق أوروبا
- تقييم صادم .. أسوأ ثلاث محطات قطار بأوروبا هي محطات ألمانية ...
- نيوزيلندا.. الشرطة تقتل الأب وتعثر على الأطفال الثلاثة بعد ن ...
- بايرو: -فرنسا تزداد فقرا عاما بعد آخر.. وإسقاط الحكومة لن يب ...
- مرايا الحرب: كيف تغير ميزان القوة الإعلامية في السودان؟
- اصمتي واستمعي.. ترامب يوبخ صحفية سألته عن إجراءاته بمدينة شي ...


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - مروان فلو - اللامركزية في العراق وسوريا: هل تكون مفتاح العدالة والاستقرار للكُرد؟