أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - -المؤامرة الغربية لإسقاط نظام قيس سعيّد- بين الوقائع والدّعاية















المزيد.....

-المؤامرة الغربية لإسقاط نظام قيس سعيّد- بين الوقائع والدّعاية


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8459 - 2025 / 9 / 8 - 00:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تتكرر منذ أيام التدوينات والتصريحات التي تصوّر أن هناك "مخططًا غربيًا" يستهدف إسقاط الرئيس قيس سعيّد وإعادة تمكين المعارضة، خصوصًا حركة النهضة. هذا الخطاب يوظف أسماء لشخصيات أمريكية وفرنسية وإسرائيلية ويضعها في شبكة واحدة ليخرج بصورة "مؤامرة كبرى". لكن عند التدقيق، يتبيّن أن الواقع مختلف، وأن جزءًا من هذا الكلام دعاية سياسية أكثر منه تحليل موضوعي.

أولًا: الوقائع الصحيحة

بعض السياسيين التونسيين لجأوا فعلًا إلى خدمات لوبيينغ في الخارج، وعلى سبيل المثال هنالك تونسي أمريكي الجنسية معروف، عضو في حركة النهضة، ينشط في واشنطن منذ سنوات لحشد تأييد الطبقة الحاكمة الأمريكية لحركة النهضة.

وهنالك من وقّع عقدًا رسميًا مع رجل العلاقات الإسرائيلي-الكندي آري بن ميناشي في 2019.

كما يوجّه الإعلام الفرنسي انتقادات متكررة لقيس سعيّد، وقد أبدت الولايات المتحدة وأوروبا تحفظات على مسار تركيز السلطة في يد الرئيس قيس سعيد بعد 25 جويلية 2021

هذه كلها وقائع صحيحة وموثقة، لكنها لا تشكّل مؤامرة غربية منظمة كما يقول البعض.

ثانيًا: المبادرات التشريعية في الكونغرس

يُستشهد دائما بمشاريع قوانين أمريكية "ضد تونس"، لكن الحقيقة أنها مبادرات ومقترحات فردية لم يحظ أي منها بمصادقة الكونغرس، بما في ذلك المشروع الأخير الذي قدّمه النائب الجمهوري جو ويلسون بمشاركة زميله الديمقراطي جيسون كرو "استعادة الديمقراطية في تونس"، وبإمكاننا إدانة الولايات المتحدة لألف سبب وسبب. ولكن لا يُعقل الهجوم على مجلس النواب الأمريكي على خلفية قانون "متعلق بتونس" لم يُصادق عليه، مثلما لم يصادق على مشروع السيناتور الديمقراطي بوب مينينديز الذي قدمه منذ سنتين.

ثالثًا: الموقف الغربي الواقعي

الولايات المتحدة: ترى أن علاقتها مع تونس مستقرة ومتميزة، ولا تعتبرها تهديدًا، لذا تكتفي بالضغط الدبلوماسي المحدود دون إجراءات عدائية.

أوروبا: تتخابث كالعادة، ففرنسا لا تنتقد رسميا لكن إعلامها لا يتوقف عن الانتقاد، ألمانيا تتحفظ وتتعامل مع الموضوع ببرود شديد، أما إيطاليا فتدفع علنا للتعاون مع قيس سعيّد وحماية الاستقرار في تونس لثلاثة أسباب:
الأوّل سياسي داخلي مرتبط بملف الهجرة وعلاقته بمستقبل جورجيا ميلوني السياسي.
والثاني إيديولوجي يتلخص في عداء اليمين الإيطالي للجماعات الإسلامية المتطرفة باعتبارها تهديدا للاستقرار المجتمعي في ظل تزايد حجم الجالية المسلمة على التراب الإيطالي.
والثالث جيوسياسي متّصل بالعلاقات الحيوية بين إيطاليا والجزائر خاصة في المجال الطّاقي، والموقف الجذري للنظام الجزائري من الإسلام السياسي في محيطه الجغرافي.

وزن المعارضة التونسية: في نظر الغرب، المعارضة التونسية هي حركة النهضة التي تعتبرها واشنطن وبروكسل حركة إخوانية متطرفة فشلت في امتحان إدارة الدولة. وعلى وجه الخصوص فرنسا التي لم تبرأ بعدُ من الحملة المليونية "إلا رسول الله" التي قادها الإخوان المسلمون ضدها سنة 2018 بإيعاز من أردوغان. لذلك المطلوب غربيا هو احتواء قيس سعيّد، وليس دعم المعارضة أو محاولة إسقاط النظام.

رابعًا: حدود الخطاب الدعائي

القول بوجود "مؤامرة غربية كبرى" يخلط بين وقائع جزئية (نشاط لوبيينغ، مشاريع الكونغرس المعزولة) واستنتاجات قصوى (مشروع لإسقاط النظام). والنتيجة، بقطع النظر على النّوايا، هي تضخيم صورة "المؤامرة" وإخفاء النقاش الحقيقي حول مشاكل الداخل.

قرائن على طبيعية العلاقات التونسية مع الغرب

1. التعاون الاقتصادي والمالي

الاتحاد الأوروبي أمضى في جويلية 2023 مذكرة تفاهم مع تونس تشمل دعمًا ماليًا (حوالي 900 مليون يورو على مراحل) ومعونات عاجلة للهجرة.

البنك الإفريقي للتنمية وافق سنة 2024 على تمويل مشاريع في تونس (بنية تحتية وزراعة).

صندوق النقد الدولي ما زال يتفاوض مع تونس، ورغم التعثر، لم يعلن تعليق العلاقات أو قطعها.

كل هذه المعطيات تظهر أن التعاون الاقتصادي مستمر ومستقر.

2. الدبلوماسية والعلاقات الدولية

تونس تشارك بانتظام في القمم الدولية: الاتحاد الإفريقي، القمة العربية، الأمم المتحدة.

في فيفري 2024، التقى وزير الخارجية التونسي بسفراء الاتحاد الأوروبي في تونس، وأكدوا مواصلة الشراكة.

الأهم من كل هذا، في علاقة بطلب اللجوء، صنّفت المفوضية الأوروبية تونس ضمن قائمة "دول المنشأ الآمنة"، بما يفسّر رأيها في أن حالات "الاعتقال السياسي" محدودة ولا تصل إلى حد "القمع المنهجي" الذي يستوجب الحماية الدولية وفق اتفاقية جينيف الرابعة. هذا التصنيف يعكس ثقة أوروبا في أن البلاد لا تُعتبر بيئة خطرة وبالتالي لا يمكن أن تكون هدفًا لمؤامرة غربية بسبب انتهاك حقوق الإنسان.

أيضا، لا وجود لقطيعة دبلوماسية من أي نوع، بل العكس: حوار متواصل وثقة أوروبية نسبية في استقرار البلاد.

3. الأمن والعسكر

الولايات المتحدة تعتبر تونس منذ 2015 "حليفًا رئيسيًا خارج الناتو"، أي علاقات عسكرية متميزة دون الانضمام إلى الحلف.

في 2024، جرت مناورات “الأسد الإفريقي” بمشاركة الجيش التونسي إلى جانب الأمريكيين ودول أخرى.

الاتحاد الأوروبي وبلدان أوروبية تموّل برامج تدريب ودعم للشرطة والديوانة. بما يعني أن التعاون الأمني والعسكري مستمر ومستقر رغم التصريحات والانتقادات الهامشية التي تصدر من حين إلى آخر هنا وهناك..

4. المجتمع المدني والتعليم والثقافة

برنامج إيراسموس+ الأوروبي ما زال يشمل طلبة تونسيين سنة 2024–2025.

المعهد الفرنسي ومعهد غوته والسفارة الأمريكية ينظمون بانتظام أنشطة ثقافية في تونس.

تونس تواصل توقيع شراكات جامعية مع جامعات أوروبية وأمريكية.

كل هذا يدل على أن العلاقات الثقافية والعلمية مفتوحة ونشيطة، ويعكس بكل وضوح طبيعية علاقة النظام التونسي بالعالم.

بإيجاز، صحيح هناك تحفظ غربي على المسار السياسي منذ 2021، لكن لا يوجد عداء ولا قطيعة. فالمساعدات، القروض، المناورات العسكرية، التبادلات الثقافية، وكل هذا مؤيد بالاعتراف الأوروبي بتصنيف تونس بلد آمن، ما يجعل الحديث عن أي مؤامرة غربية منظمة كلاما فارغا ولا معنى له.

وبناء على ما سبق، يتضح أن ما يُقدّم كـ"مؤامرة غربية" هو خطاب دعائي يستغله خصوم الرئيس لتغذية شعور عام بالحصار. وأيضًا يستغله أنصار الرئيس لتشويه المعارضة. والنتيجة إفساد السياسة وتقويض مقدمات النقاش المجتمعي الجاد حول مشاكل البلاد وأولوياتها.

حسب رأيي المسألة أبسط بكثير. لا توجد "مؤامرة خارجية". بل توجد أزمة داخلية مركّبة تزداد استفحالا على جميع المستويات، الأمر الذي يتطلب التغيير. ولكن يبقى صاحب القضية الأول والأخير هو شعب تونس ونُخَبِه السياسية، إن هي نجحت في ربط خياراتها بمصلحة شعبها واستقرار بلدها، وأعادت تعريف نفسها على أنها نُخب وطنية ذات خيارات شعبية محلّية ملتحمة بالناس وهمومهم.

النقاش يجب أن يتركّز هنا، في جوهر أزمتنا، وليس على ضفافها. ولا ينفع التطبيل السخيف للنظام، ولا التحريض الرخيص عليه، ولا زرع الأوهام والأكاذيب وتخويف التوانسة بأن العالم يتآمر عليهم.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بخصوص مشروع قانون -استعادة الديمقراطية في تونس-.
- مرّة أخرى دفاعا عن التاريخ الاتحاد العام التونسي للشغل وحزب ...
- الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الحاكم: فروق جوهرية لا يج ...
- الأزمة النقابية في تونس: بين فساد البيروقراطية وتواطؤ الفاعل ...
- مقاومة الاستعمار خيار شعبي، وكل الحكومات معادية لبنادق الثوّ ...
- من التبعية إلى التمويه: أوروبا بين الإخضاع الأميركي والاستثم ...
- النظام السوري وازدواجية الأداء في لبنان وفلسطين
- سوريا الأسد: في توازن السلاح والسياسة، دعم المقاومة كتحجيمها
- العدوان الصهيوني ومشروع إسرائيل الكبرى
- الصهاينة يريدون سوريا مقسمة
- الفتنة الطائفية في سوريا صنيعة الخارج
- صعوبة التّمييز يخلق فوضى النقاش حول المُستهدف من التغيير: ال ...
- صفقة ترامب/نتنياهو: هدنة في غزة مقابل -شرق أوسط-إسرائيلي
- غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى
- مجتمع ملفّق وعنصري
- المطالبة بفرض العقوبات على النظام ووقف المساعدات
- المواجهة التاريخية بين مشروعين
- الرد الإيراني على العدوان الأميركي
- إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...


المزيد.....




- دبي تتحول لمنصة عالمية للأزياء بأسبوع الموضة لربيع وصيف 2026 ...
- هجوم مميت لراكب قطار جلست فتاة أمامه في المقعد.. شاهد اللحظة ...
- بعد شنها أكبر هجوم.. خريطة بالمواقع التي تسيطر عليها روسيا ف ...
- أبرز إطلالات النجمات العربيات على السجادة الحمراء في مهرجان ...
- أول تعليق من نتنياهو على حادث إطلاق النار في القدس
- تحرك كوري عاجل لإعادة مئات المحتجزين في الولايات المتحدة بعد ...
- إثيوبيا تتفوق على مصر في معركة مياه النيل بسد النهضة الضخم
- سقوط 5 قتلى على الأقل في إطلاق نار بالقدس الشرقية والشرطة تح ...
- كيف نفهم التوتر بين أميركا وفنزويلا؟ وما السيناريوهات المتوق ...
- منظمة أنقذوا الأطفال: الاحتلال يقتل طفلا كل ساعة في غزة


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - -المؤامرة الغربية لإسقاط نظام قيس سعيّد- بين الوقائع والدّعاية