أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - العدوان الصهيوني ومشروع إسرائيل الكبرى















المزيد.....

العدوان الصهيوني ومشروع إسرائيل الكبرى


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8413 - 2025 / 7 / 24 - 11:23
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


1. التطهير والإخضاع: غزة والضفة في قبضة التهجير

لم يعد يخفى على أحد أن إسرائيل تسابق الزمن لتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي. فبعد أن صادق الكنيست البارحة على قانون ضم الضفة الغربية بأغلبية 71 نائبا من إجمالي 120 . بات واضحًا أن الدولة الصهيونية تعتبر "الضفة" جزءًا لا يتجزأ من مشروعها الاستيطاني. غير أن ما هو جارٍ منذ 7 أكتوبر 2023، يكشف وجها أكثر فجاجة لهذا المشروع: إبادة ممنهجة لسكان غزة عبر تدمير مقومات الحياة بأكملها، تمهيدًا لإفراغها من أهلها وفتحها لاحقًا أمام مشاريع الاستيطان.

في المقابل، استمرت عمليات القضم العسكري في الضفة الغربية، عبر هجمات يومية يشارك فيها جيش الاحتلال والمستوطنون معًا حيث تم هدم الاف البيوت وحرق الممتلكات والبساتين وطرد السكان. الهدف هو خلق بيئة طاردة، تجعل البقاء مستحيلاً وتدفع الفلسطينيين نحو "الرحيل الطوعي"، وهو المصطلح الذي تستخدمه المنظومة الصهيونية لتغطية عمليات التهجير القسري. يتزامن ذلك مع الحرب على "الأونروا"، وتكثيف الحديث عن "الوطن البديل" في الأردن أو سيناء أو حتى تهجير بعض سكان غزة إلى دول أفريقية.

2 تصفية القضية يقتضي تخريب الجوار عبر تحطيم القوى المحيطة وتفكيك الكيانات الوطنية

لتحقيق هذا المشروع، تدرك إسرائيل أن البيئة الإقليمية الحاضنة لفكرة المقاومة يجب أن تُفكك وتُشل بالكامل. لذلك، تسعى جاهدة إلى:

تفجير الداخل اللبناني من خلال تأجيج الانقسامات حول ملف سلاح حزب الله، ما يهدد وحدة لبنان ويعيد إنتاج خطاب "الحرب الأهلية".

تدمير سوريا كفاعل موحد من خلال العمل المتواصل على تقسيمها إلى أربع كيانات مذهبية وعرقية: دولة درزية على حدود الأردن، وكردية في الشمال، وعلوية في الساحل، وسنية في الوسط. هذا السيناريو، الذي لم يعد تحليلًا نظريًا، بل عبّر عنه صراحة جدعون ساعر، وزير الخارجية الإسرائيلي الحالي، منذ سنة 2015.


سوريا ولبنان والعراق وفق الرؤية الإسرائيلية، ينبغي أن تُعاد صياغتها جغرافيًا وديمغرافيًا بما ينهي إمكانية لعبها لأي دور مقاوم، وبما يحوّلها إلى فسيفساء من الدويلات المتصارعة، التي لا وظيفة لها سوى الاستقواء بإسرائيل، أو الصمت أمام توسّعها.


التحالف الأميركي–الإسرائيلي: تفاهم استراتيجي لا خلافات جوهرية حول تغيير الخريطة : من سايكس–بيكو إلى "بلاد الشام" الجديدة

لا يمكن فصل كل هذه السياسات عن التفاهم الاستراتيجي العميق بين واشنطن وتل أبيب. فإسرائيل باعتبارها (أداة/شريك) لا تعمل منفردة، بل تتحرك ضمن أمريكي، هدفه إعادة رسم خريطة المنطقة على أسس إثنية وطائفية. وقد بدأ التنفيذ.

في هذا السياق، يمثل مقال جدعون ساعر "وداعًا سوريا" وثيقة بالغة الأهمية؛ فقد نُشر في مجلة معهد دراسات الأمن القومي سنة 2015، ويعلن فيه بشكل سافر أن سوريا الموحدة قد انتهت، ويقترح إقامة كيانات بديلة حسب الهويات الطائفية والعرقية: دويلة علوية في الساحل، كردية في الشمال، وسُنّية في الوسط، ودويلة درزية في الجنوب تقوم حاجزا بين الأردن والكيان السني المتطرف في الوسط! لذلك لا يمكن تفسير أحداث السويداء الأخيرة بمعزل عن المخطط الصهيوني.
بالتوازي مع ذلك، يدعو رجل الأعمال الأميركي المقرّب من ترامب، توماس بارّاك، إلى إعادة النظر في اتفاقية سايكس-بيكو، واستحضار مفهوم "بلاد الشام"، ليس من موقع قومي سوري، أو قومي عربي، بل كإطار لتفكيك الدول المركزية وتمزيقها في أشكال جديدة من الكيانات العازلة التي تخدم أمن إسرائيل.

يُخطئ من يظن أن هناك خلافًا جوهريًا بين واشنطن وتل أبيب حول أهداف هذا المشروع. كل ما في الأمر هو اختلاف في أدوات التنفيذ:
إسرائيل تعتمد سياسة "الجرافة": القصف، التدمير، التهجير.
أما الولايات المتحدة، فتفضل استراتيجية "القفازات الناعمة": العقوبات، الضغط الدبلوماسي، وإغراءات الانفتاح المؤقت، والضرب عند الاقتضاء.


ما يجمع الطرفين هو إيمان مشترك بأن الشرق الأوسط الجديد لن يُبنى عبر التوافق، بل من خلال الحروب المتعاقبة، وما يسمّيه العسكريون الصهاينة بـ"المعركة بين الحروب". أما الهدن والاتفاقات، فليست سوى محطات مؤقتة، تُخترق عند أول فرصة، ما دامت النتيجة النهائية تسير في الاتجاه الذي يخدم الرؤية الإسرائيلية-الأميركية للمنطقة.


4. العدوان على إيران: استكمال حلقة التفكيك الشامل

لم يكن العدوان الصهيوني الأخير على إيران مجرد رد فعل أو رسالة ردعية عابرة، بل خطوة في مشروع استراتيجي أشمل، يهدف إلى ضرب محور المقاومة في رأسه بعد تفكيك أطرافه. فبعد محاصرة غزة، وكسر ظهر حزب الله في لبنان، ومواصلة العدوان على لبنان لإجباره على سلاح المقاومة. وبعد إلغاء دور سوريا (حلقة الدعم والإمداد) وإخراجها من المعادلة، وتحريك برنامج التقسيم والتمزيق، جاء الدور على إيران، باعتبارها الداعم المركزي لهذا المحور، و"القلعة الأخيرة" المتماسكة في وجه الهيمنة الغربية.

ضرب إيران، والعمل على إسقاط نظامها وتفكيكها، لا ينفصل عن المشروع الأميركي-الإسرائيلي المشترك، الذي يسعى في خطين متوازيين:
أولًا، تصفية القضية الفلسطينية نهائيًا، من خلال خنق المقاومة وعزلها، وتحطيم كل من يمدّها بالدعم والعمق الاستراتيجي.

ثانيًا، التمهيد لإقامة "إسرائيل الكبرى"، عبر إعادة رسم خارطة المنطقة على حواف المذاهب والإتنيات، وإخضاع كل دولة كبيرة أو مركزية لمنطق الإخضاع الكامل، أو التفتيت.


في هذا السياق، مصر، والمملكة العربية السعودية، وتركيا ليست دولًا خارج الحسابات، بل هي محطات لاحقة في مشروع التفكيك، لأنها تشكّل عواصم حضارية رمزية، كتل سكانية وازنة، وقواعد جغرافية، لا يمكن لإسرائيل الكبرى أن تُقام من دون إضعافها أو تقسيمها. هذه الدول تمثل من منظور المشروع الصهيوني-الأميركي عوائق مستقبلية مؤكّدة، سواء بوزنها الديمغرافي أو بموقعها الجغرافي، خاصة وأنها ترتبط بدرجات متفاوتة بمسار "الحزام والطريق" الصيني، الذي يُنظر إليه كتهديد استراتيجي على الهيمنة الغربية وعلى التفوق الإسرائيلي في شرق المتوسط.

لذلك، فإن الحرب ليست مجرد سلسلة من المعارك المنفصلة، بل جزء من تصور شامل لإعادة بناء المنطقة، بما يُحكم السيطرة عليها من البحر الأحمر إلى البحر المتوسط، ويقطع الطريق أمام أي بديل حضاري أو اقتصادي منافس، سواء أتى من طهران أو بكين أو أنقرة أو القاهرة.


الصراع على الجغرافيا لا يزال مفتوحًا

ما يجري هو صراع وجودي على الجغرافيا والهوية والسيادة. صراع تناحُري بين مشروع إسرائيل الذي يسعى إلى تفكيك المحيط ومحو فلسطين من الخارطة بتفريغ الأرض من شعبها، وبين الشعوب التي تصر على حقها في البقاء والمقاومة.
وعلى مقتضى نتائج الصراع يتشكل مستقبل المنطقة. والسؤال الكبير الذي يفرض نفسه:
هل نستطيع مواجهة العدو، قبل فهم مخططاته؟



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الصهاينة يريدون سوريا مقسمة
- الفتنة الطائفية في سوريا صنيعة الخارج
- صعوبة التّمييز يخلق فوضى النقاش حول المُستهدف من التغيير: ال ...
- صفقة ترامب/نتنياهو: هدنة في غزة مقابل -شرق أوسط-إسرائيلي
- غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى
- مجتمع ملفّق وعنصري
- المطالبة بفرض العقوبات على النظام ووقف المساعدات
- المواجهة التاريخية بين مشروعين
- الرد الإيراني على العدوان الأميركي
- إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...
- اسرائيل تعتدي على إيران بالوكالة
- مسار الصراع بين مشروعين
- من تحييد مصر إلى العدوان على إيران: معركة اقتلاع روح المقاوم ...
- المغزى السياسي والاستراتيجي من المواجهة العسكرية بين إيران و ...
- الكيان الصهيوني يتفكّك: فما هي الأسباب البنيوية والعوامل الم ...
- تشوّه البنية الكولونيالية وتحوّلاتها الاقتصادية والسياسية
- أمريكا هي الطاعون
- المسؤولية الشعبية في الصراع الفلسطيني الصهيوني وضرورات قلب ا ...
- قيس سعيّد وسياسة اللّيل


المزيد.....




- بيان مشترك سوري أمريكي فرنسي واتفاق على إنجاح العملية الانتق ...
- نتنياهو: ندرس خيارات بديلة لإعادة الرهائن وأنهاء حكم -حماس- ...
- مسؤول مطلع: سحب وفد أمريكا من مفاوضات غزة -زلزال- نحاول التع ...
- اجتماع اسطنبول: إيران تؤكد أنها ستواصل المفاوضات مع الأوروبي ...
- ما سبب فرض بريطانيا قيودا على التأشيرات لجنسيات معينة؟
- هطول أمطار قياسية في شمال الصين وبكين تتأهب لفيضانات
- علماء: تدهور الفطريات الجذرية يدمر التنوع البيولوجي
- بريطانيا تشارك بمؤتمر حل الدولتين في نيويورك
- بيان مشترك من أمريكا وفرنسا وسوريا بعد اجتماع باريس.. هذا ما ...
- مسؤول إسرائيلي: سنسمح للدول الأجنبية بإنزال المساعدات على غز ...


المزيد.....

- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - العدوان الصهيوني ومشروع إسرائيل الكبرى