أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - الانتخابات العراقية: حين تتحول صناديق الاقتراع إلى أداة مقاومة سلمية














المزيد.....

الانتخابات العراقية: حين تتحول صناديق الاقتراع إلى أداة مقاومة سلمية


سعد العبيدي

الحوار المتمدن-العدد: 8456 - 2025 / 9 / 5 - 15:59
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تعود في كل موسم انتخابي بالعراق موجة الجدل ذاتها بين الغالبية غير المنتمية حزبيًا، حيث ينقسم الرأي العام حول جدوى المشاركة في العملية الانتخابية بين اتجاهين متناقضين: المقاطعة من جهة والمشاركة من جهة أخرى. هذا الانقسام غير الجديد نتيجة طبيعية لتجارب مريرة خلفتها الانتخابات السابقة، يعكس في عمقه أزمة ثقة بالنظام السياسي من جهة، وحاجة ملحة إلى مسار إصلاحي من جهة أخرى.
يرى أنصار المقاطعة أن الابتعاد عن صناديق الاقتراع هو الموقف الصحيح لإسقاط نظام تغلغلت فيه الأحزاب النافذة واستشرى فيه الفساد، وأن المشاركة بأي قدر ستزيد من هيمنة هذه القوى، خاصة مع تحكمها بآليات الانتخابات والتزوير، ما يجعل فرص صعود المستقلين أو تقاسم السلطة شبه معدومة. في المقابل، يرى دعاة المشاركة أن الانتخابات، مهما كانت عيوبها، تظل فرصة – وإن كانت محدودة – لإحداث تغيير تدريجي وفتح مسار إصلاحي على المدى البعيد.
وتتمحور الإشكالية هنا في سؤال جوهري: هل تشكّل المقاطعة وسيلة ضغط فعالة للتغيير، أم أنها عمليًا تترك الساحة فارغة أمام الأحزاب المهيمنة لتكرّس سيطرتها أكثر فأكثر؟ والإجابة عن هذا السؤال تستدعي العودة إلى حجج الطرفين. فالمقاطعون يعتقدون أن العملية السياسية مختلة في جذورها، قائمة على المحاصصة الطائفية والحزبية، وأن أي مشاركة تعني إضفاء شرعية على نظام فاسد. أما دعاة المشاركة فيشيرون إلى أن القوانين العراقية لا تشترط نسبة محددة لاعتبار الانتخابات ناجحة، ما يعني أن المقاطعة لا تُبطل العملية الانتخابية ولا توقفها، بل تمنح القوى النافذة فرصة أكبر للاحتكار وتشريع القوانين التي تخدم مصالحها.
ومن هنا يخلص أنصار المشاركة إلى أن التصويت لصالح المستقلين الحقيقيين، والشباب الواعي، والمرشحين المدنيين غير الطائفيين، يمكن أن يشكّل نواة لإصلاح مستقبلي. وهم يستندون في ذلك إلى شواهد تاريخية عراقية تثبت أن المقاطعة كثيرًا ما أفرغت الساحة لصالح القوى المهيمنة بدل أن تحدّ من نفوذها، كما حدث مع مقاطعة الحوزة الشيعية عام 1921، ومقاطعة بعض القوى السنية عام 2003، حيث جاءت النتائج عكس ما كان يطمح إليه المقاطعون.
وبتحليل الاتجاهين بموضوعية، يتبين أن ترجيح كفة المشاركة أكثر واقعية، لأنها تقلّص تدريجيًا من نفوذ الأحزاب التقليدية عبر إدخال وجوه جديدة مستقلة أو مدنية حتى وإن لم تكن ناضجة تماما. كما أن الإصلاح في ظل منظومة مترسخة لا يمكن أن يكون قفزة مفاجئة، بل عملية تراكمية تبدأ من صناديق الاقتراع وتتوسع مع مرور الوقت. وتجارب دول عديدة خرجت من أنظمة استبدادية أو فاسدة تؤكد أن التغيير لم يأتِ دفعة واحدة، بل عبر مسار طويل دعمته المشاركة السياسية الواعية.
وتزداد قوة هذا الخيار مع تنامي وعي الشباب الذين يشكلون الشريحة الأكبر في المجتمع، ويملكون أدوات التواصل والتنظيم والتأثير، ما يمنح القوى المستقلة والأحزاب المدنية قاعدة دعم متصاعدة. وحين تتلاقى جهود هؤلاء الشباب مع الأكاديميين والنخب الفكرية القادرة على صياغة برامج واقعية بديلة، يمكن للعملية الانتخابية أن تتحول مستقبلا من إجراء شكلي إلى أداة فعلية للتغيير وصناعة بدائل سياسية جديدة.
وعليه، فإن المقاطعة، مهما حملت من رمزية احتجاجية، تبقى عمليًا خيارًا يخدم القوى النافذة لأنها تبقي العراق أسيرًا لفسادها وهيمنتها. أما المشاركة، وإن بدت محدودة الأثر في بداياتها، فهي المدخل الواقعي لفتح أفق الإصلاح التدريجي وتوسيع مساحة حضور الشباب والمستقلين. وخلاصة القول: إن صناديق الاقتراع، إذا أُحسن استثمارها، يمكن أن تتحول إلى أداة مقاومة سلمية تنقذ العراق من سلطة الهدم والتخريب وتفتح الطريق نحو مستقبل أفضل.



#سعد_العبيدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عندما يرفع القبو
- من الأديرة إلى المصانع… حكاية شراب مثير للجدل
- من أطلال الحرب إلى أيقونة السياحة… حكاية قلعة بامبرة
- بين إنجلترا واسكتلندا: قرية تزهر بالحب والهروب
- مدينتان على ضفتي التاريخ: ليدز ويورك
- رحلة في أزقة الزمن وذاكرة الحجر
- حين تنطق لندن....
- حين يصاب الوطن بالتبلد
- تداعي الدولة العراقية: حين تنهار البُنى من داخلها
- مسرح الحريق: العراق بين لهب المأساة وقيد البندقية
- حين يسير العراق إلى حتفه: مرآة النفس الجمعيّة المعطوبة
- ڤرّنا... حيث تتكلّم الغابة بلغة الهدوء
- في حضرة التاريخ: بين أوربرو وبابل
- بطء بطعم الشرق
- على طريق الحسين
- علمٌ ينتظر الولادة من رحم الوطن
- أربعة أيام في عمر قاضٍ
- هذا ليس دين أبي
- الشبح من انتصر
- كيف تُهيّأ النفوس لتقبّل الخسارة؟: قراءة نفسية في سيناريو ال ...


المزيد.....




- زيلينسكي ردا على دعوة بوتين للمجيء إلى موسكو: -لا أستطيع الذ ...
- تقرير يكشف تفاصيل عملية أميركية فاشلة للتجسس على كيم جونغ أو ...
- رئيس وزراء السنغال يعتذر عن عدم تلبية أول دعوة رسمية لزيارة ...
- فريق إغاثي يصل قرية سودانية منكوبة على ظهر الحمير
- فيديو.. حماس تضع رهينتين في سيارة وتجوب بهما شوارع مدينة غزة ...
- القوات الروسية تسيطر على بلدتين جديدتين في دونيتسك
- لبنان.. انتشار للجيش ولافتات -دعم- قبيل بحث خطة -نزع السلاح- ...
- الضربات التوراتية العشر.. رموز دينية تهيمن على جيش إسرائيل
- كاتس يعلن -فتح باب الجحيم- في غزة وتدمير برج شاهق
- إسرائيل تعلن اغتيال قيادي في -قسم المالية- بحركة حماس


المزيد.....

- الحجز الإلكتروني المسبق لموسم الحنطة المحلية للعام 2025 / كمال الموسوي
- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعد العبيدي - الانتخابات العراقية: حين تتحول صناديق الاقتراع إلى أداة مقاومة سلمية