سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8443 - 2025 / 8 / 23 - 20:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تنبيه لا بد منه: على جميع الأحزاب والأطراف التي يعنيها مستقبل الكورد ومكتسباتهم أن يتعاملوا بجدية ومسؤولية مع المرحلة الحالية، فالمسار الذي تحقق بعد عقود طويلة من النضال والتضحيات ليس مضموناً بشكل تلقائي، بل قابل للتراجع والانكسار إن لم يُحسن الجميع إدارة خلافاتهم.
مع اقتراب موعد الانتخابات في إقليم كوردستان، تزداد التوترات في السليمانية بشكل لافت، بدءا من إصدار أوامر قبض بحق بعض القيادات بمثل (لاهور شيخ جنكي)، مروراً بالانتشار الأمني المكثف عند التقاطعات والمواقع الحساسة، وصولاً إلى الاستعراضات المتبادلة بين الأجنحة المتنافسة داخل الاتحاد الوطني الكردستاني. هذا الانقسام الداخلي انعكس بشكل مباشر على أمن المدينة، حيث بات لكل جناح أدواته الأمنية والإعلامية التي تحوّل الخلاف السياسي إلى حالة ميدانية متوترة.
لكن المشهد لا يقتصر على الخلافات الحزبية فقط، بل هو مفتوح على تداخلات إقليمية ودولية. إيران وتركيا تتابعان بدقة ما يجري وتتحركان كلٌّ وفق حساباته، فيما تراقب الولايات المتحدة وبريطانيا بحذر خوفاً من أن يؤدي الانفلات الأمني إلى تهديد استقرار الإقليم. أما بغداد، فهي تنظر بترقّب وتسعى إلى استثمار هذا الوضع لصالحها، إذ تخشى من انعكاسات الصراع الأميركي–الإيراني عبر ملف الحشد الشعبي على توازنات الانتخابات في الداخل العراقي وفي الإقليم معاً .
كل ذلك يفتح الباب واسعاً أمام تساؤلات جدية: هل ستُجرى الانتخابات فعلاً في موعدها، أم أن التأجيل وربما الإلغاء سيكونان الخيار الواقعي لتفادي انفجار أكبر؟
وهنا تبرز نقطة بالغة الأهمية: على حكومة الإقليم أن تتحسب لموضوع دخل المواطن الكوردي، وبالأخص قضية الرواتب، وأن تتحمل مسؤوليتها الكاملة في ضمان عدم انقطاعها، من خلال العمل على تعزيز الاستقلال المالي والاقتصادي. الشعب الكوردي معروف بصبره، وهو الضامن الحقيقي لأمن واستقرار كوردستان، لكن لا ينبغي أن يوضع تحت ضغط دائم يتعلق برزقه ومعيشته، لأن امتحان صبر الناس في قوتهم اليومي سيؤدي حتمًا إلى نتائج لا تخدم الاستقرار المنشود.
في المقابل، يبرز أسلوب الحزب الديمقراطي الكوردستاني في إدارة شؤونه الداخلية كنموذج مختلف. فعندما يتعلق الأمر بإصلاحات أو إعادة ترتيب البيت الحزبي، يتم ذلك في توقيت مدروس وبعيداً عن ضجيج الإعلام والمهاترات، وهو ما يعكس عقلانية في التعامل مع الأزمات الداخلية وحرصاً على أن لا تتحول الخلافات إلى ورقة ضغط تُستغل خارجياً .
وأخيرا وليس آخراً أن ما يجري في السليمانية ليس تفصيلًا عابراً ، بل اختبار حقيقي لقدرة الكورد على حماية مكتسباتهم التي تحققت بجهود وتضحيات جسام. المرحلة المقبلة مفصلية، وأي اهتزاز داخلي لن يضعف حزباً بعينه فقط، بل قد يهدد مجمل الإنجازات التي ما زالت بحاجة إلى تثبيت وضمان في ظل بيئة إقليمية ودولية شديدة الاضطراب.
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟