سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8402 - 2025 / 7 / 13 - 14:03
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لم تكن تصريحات المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا والسفير في تركيا، توماس باراك (Thomas Barak)، التي قدّم فيها نصائح إلى “قوات سوريا الديمقراطية” بضرورة الالتزام بشروط تركيا وحكومة أحمد الشرع، مجرد موقف دبلوماسي عابر. بل عكست تحوّلاً مقلقاً في السياسة الأمريكية تجاه الكورد، وتحديدًا تجاه مظلوم عبدي – الشريك العسكري الذي وثقت به واشنطن لعقد من الزمن، وراهن عليه العالم في الحرب على تنظيم داعش.
ما الذي تغيّر اليوم؟
عبدي لم يرفع السلاح ضد تركيا، ولم يُقْدِم على أي خطوة تُهدد الأمن الإقليمي. بل بقي طيلة السنوات الماضية من أبرز دعاة التهدئة، ومن أكثر الأصوات التي نادت بالحوار، واعتمدت الدبلوماسية بدلاً من المواجهة. ومع ذلك، تُواجَه قواته اليوم – ليس من أنقرة فقط – بل من واشنطن نفسها، بلغة الضغط والتوجيه، في ظل صمت دولي مخجل أو تغاضٍ متعمّد عن هذه الانحرافات.
والمفارقة المؤلمة أن الكورد، أينما وجدوا، يدفعون ثمن خيارهم السلمي. حزب العمال الكردستاني، الذي طالما وُصف بالتمسك بالسلاح، أقدم قبل أيام على خطوة غير مسبوقة بإحراق أسلحته أمام الكاميرات في بادرة سياسية واضحة. لكن الردّ، كالعادة، كان التجاهل أو التصعيد، لا التقدير ولا التشجيع.
وفي العراق، لا يختلف الحال كثيرا. إقليم كوردستان، الذي اختار أن يكون نموذجًا للحكم الذاتي ضمن دولة اتحادية، يُعاقب بشكل دوري من قبل الحكومة الاتحادية في بغداد، من خلال حجب رواتب موظفيه لأشهر، وإضعاف صلاحياته المالية والدستورية. والنتيجة: رسائل متكررة للكورد بأن طريق السلم لا يُكافأ.
الكورد لم يطلبوا المستحيل. طالبوا بالحد الأدنى من الحقوق: إدارة مناطقهم، تعليم لغتهم، حماية ثقافتهم، والمشاركة بعدالة في ثروات البلاد. لكنهم في كل مرة يُفاجأون إما بإملاءات إقليمية، أو بانقلابات مفاجئة في مواقف دولية، تكون نتيجتها المزيد من العزلة، والمزيد من الشكوك في نوايا الحلفاء.
وأعترف أنني لا أملك إلا أن أضحك حين أسمع رؤساء وزعماء العالم يتحدثون عن حقوق الإنسان، بينما يُترك شعبٌ بأكمله، مثل الكورد، تحت رحمة الإهمال والخذلان.
فهل تتحول هذه الصدمات المتكررة إلى لحظة مراجعة كوردية شاملة؟
وهل ما زالت واشنطن قادرة على تبرير هذا التناقض بين خطابها حول الشراكة وحقوق الإنسان، وبين أفعالها في الميدان؟
الكورد ليسوا عبأً على الاستقرار، بل ضحية للعبة المصالح التي لا ترى فيهم سوى أوراق مؤقتة. لكن، وكما علمتنا التجربة، فإن الشعوب التي تصمد رغم الخذلان قادرة على قلب المعادلات ولو بعد حين.
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟