أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سوزان ئاميدي - من حرق البنادق إلى صناديق السياسة… ماذا تعني حرق السلاح لدى حزب العمال الكردستاني؟














المزيد.....

من حرق البنادق إلى صناديق السياسة… ماذا تعني حرق السلاح لدى حزب العمال الكردستاني؟


سوزان ئاميدي

الحوار المتمدن-العدد: 8398 - 2025 / 7 / 9 - 19:20
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


في خطوة غير مسبوقة في تاريخ النزاعات المسلحة في الشرق الأوسط، أعلن حزب العمال الكردستاني (PKK) عن إنهاء كفاحه المسلح عبر حرق أسلحته علناً ، لا من خلال تسليمها إلى الدولة التركية، ولا عبر وسيط دولي أو لجنة محايدة. هذا الفعل الصادم والمقصود لا يشكّل مجرد نهاية مادية لاستخدام السلاح، بل يفتح الباب أمام تأويلات سياسية ورمزية عميقة، تتعلق بطبيعة التحول في مسار الحركة، وبالرسائل التي ترغب في توجيهها إلى الداخل والخارج على حد سواء.
اختيار الحرق، وليس التسليم، لا يعكس فرقاً في الأسلوب فحسب، بل في الموقف أيضاً. فالتسليم غالباً ما يرتبط بالانكسار أو القبول بشروط الطرف الآخر، بينما الحرق يمثّل قراراً ذاتياً ينطوي على إرادة واضحة في إدارة اللحظة السياسية، واستعادة السيطرة على الرمزية النضالية. يريد الحزب أن يطوي صفحة العمل المسلح بإرادته لا بإرادة خصومه، وأن يُنهي مرحلة دون أن يُسقط سرديته الخاصة أو يتيح للآخرين كتابة نهايته.
في هذا السياق، تصبح النار فعلاً سياسياً بذاته. إنها ليست فقط أداة للإتلاف، بل وسيلة للتطهير الرمزي من ماضٍ مليء بالعنف، دون التبرؤ منه. حرق السلاح يعبّر عن رغبة في القطيعة مع الكفاح المسلح، لكنه في الوقت نفسه تأكيد على أن هذا القرار هو نتاج مراجعة داخلية لا نتيجة لإملاء خارجي. إننا أمام فعل مزدوج: اعتراف ضمني بأن السلاح لم يعد مجدياً في السياق الحالي، ولكن دون التخلي عن مشروعية النضال أو الرواية التاريخية له.
ومن زاوية أخرى، يمكن قراءة هذا القرار كوسيلة لتفادي التوظيف السياسي والإعلامي للسلاح. فتسليم الأسلحة كان سيُفسَّر كعلامة ضعف، وربما يُعرض لاحقاً كغنيمة رمزية في الإعلام الرسمي التركي أو يُستخدم في مداولات دعائية لتشويه صورة الحزب أمام جمهوره. باختيار الحرق، يُغلق الحزب هذا الباب تماماً، ويحتفظ لنفسه بخاتمة يراها أكثر كرامة، وربما أكثر تأثيراً لدى قاعدته الكوردية .
رغم ذلك، فإن الفعل الرمزي مهما كان لافتاً لا يكتمل من دون محتوى سياسي بديل. إذ إن التحول من البندقية إلى صناديق السياسة لا يتحقق عبر النار وحدها، بل يتطلب مشروعاً سياسياً واضحاً، ومؤسسات، وتحالفات، وخطاباً جديداً قابلاً للتطبيق. فما بعد السلاح، إن لم يكن مؤطَّراً بمبادرة سياسية جدّية، قد يتحول إلى فراغ أو إلى حالة انتظارية طويلة.
لكن رغم كل تلك التحديات، تظل هذه الخطوة لحظة نادرة تستحق التوقف. فحزب العمال الكردستاني، الذي ارتبط تاريخه طويلاً بالعنف والجبال والعمل المسلح، يبدو وكأنه يفتح نافذة جديدة، ربما نحو السياسة، وربما نحو مرحلة انتقالية يسعى فيها إلى إعادة تموضعه كفاعل سياسي مشروع داخل تركيا وخارجها.
ختاماً، يمكن القول إن البنادق قد احترقت، لكن السؤال الأهم لا يزال مفتوحاً: هل سيُبنى فوق هذا الرماد مسارٌ سياسيٌ حقيقي، أم ستبقى النار مجرّد لحظة عابرة في ذاكرة نزاعٍ أطول مما يُتخيّل؟



#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إيران ومعاهدة عدم الانتشار في ميزان التهديد والعزل
- لماذا فشلت النخبة الشيعية في قيادة الدولة العراقية؟
- إيران بين المشروع النووي وتصدير الأزمات ،حين يدفع الشعب ثمن ...
- كندا تحت الضغط وصراع العملاقين يهدد مستقبلها الاقتصادي
- الكورد وبغداد…عقود من المعاناة في ظل تجاهل الدستور
- العراق لا يحتاج عملية استبيان لمعرفة مستوى تقييمها عند العرب ...
- زيارة ترامب وإعادة تشكيل المحاور الإقليمية من الخليج إلى الك ...
- إشعال التوترات: الهند وباكستان كسلاح لتغطية الأزمات الكبرى
- الاتفاق النووي الإيراني: هل يعيد خلط أوراق الشرق الأوسط؟
- مستقبل الحشد الشعبي: بين الدولة والولاءات الخارجي
- إيران والنووي: بين التخصيب والردع… حين تتقاطع الحسابات وتفتر ...
- طبول الحرب في زمن الحوار: الكورد والعراق في مرمى الجغرافيا و ...
- حيازة السلاح النووي: خيار استراتيجي أم تعبير عن الخوف؟
- الثروات الطبيعية الكوردية وحقوق الشعوب: بين الصراعات السياسي ...
- كيف يقول الفرد بثقة: ها أنا ذا ؟
- الإعلام الشوفيني يصف الفيدرالية بالتقسيم لتبرير المركزية الش ...
- ‎التقارب الكوردي-التركي: هل يمهد النفط لحلول سياسية جديدة ؟
- إلى القيادات الكوردية في سوريا
- سياسة ترامب في المنطقه تتوضح من خلال كابينته
- مستقبل سوريا على المدى -القريب-


المزيد.....




- قتلى وجرحى بينهم أطفال إثر غارة قرب نقطة توزيع مياه وسط غزة، ...
- ترامب يقول إن الولايات المتحدة سترسل صواريخ باتريوت الدفاعية ...
- ترامب يقرر إرسال صواريخ باتريوت إلى أوكرانيا
- مقتل العشرات في اشتباكات مسلّحة جنوب سوريا
- وفاة محمد بخاري رئيس نيجيريا السابق عن 82 عاما بعد مسيرة حكم ...
- سوريا: اشتباكات دامية بين الدروز والبدو في السويداء تسفر عن ...
- قتلى وجرحى خلال اشتباكات طائفية في السويداء، فماذا يحدث في ا ...
- ماكرون يقرر زيادة الإنفاق الدفاعي بـ4 مليارات دولار في 2026 ...
- عباس: حماس لن تحكم غزة والحل الوحيد تمكين الدولة الفلسطينية ...
- مورسيا : مدينة يقطنها مهاجرون من شمال أفريقيا تهتز على وقع ا ...


المزيد.....

- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي
- ذكريات تلاحقني / عبدالاله السباهي
- مغامرات منهاوزن / ترجمه عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سوزان ئاميدي - من حرق البنادق إلى صناديق السياسة… ماذا تعني حرق السلاح لدى حزب العمال الكردستاني؟