سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8336 - 2025 / 5 / 8 - 20:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في خضم التوترات الإقليمية التي تحيط بالشرق الأوسط، تعود مشاهد التوتر العسكري بين الهند وباكستان إلى الواجهة بشكل يطرح تساؤلات مشروعة: هل هو تصعيد حقيقي نابع من جذور النزاع التاريخي، أم جزء من لعبة أكبر تُدار خلف الستار؟
الملف النووي الإيراني، والاحتكاك المتصاعد بين طهران وواشنطن، والمواجهة غير المباشرة عبر وكلاء محليين في العراق وسوريا ولبنان، تشكّل جميعها دائرة ضغط كبيرة على الولايات المتحدة، وحلفائها، وعلى مجمل معادلات الاستقرار في المنطقة. وفي الوقت ذاته، يشهد الجنوب الآسيوي فجأةً عودةً لتوترات حدودية وتصريحات متبادلة بين نيودلهي وإسلام آباد، وكأن الزمن يعود إلى لحظات حافة الحرب.
في هذا السياق، لا يمكن إغفال الدور الذي تلعبه القوى السياسية في تجيير الإعلام وتسخير أدواته لصياغة السرديات بما يخدم مصالحها. ومع غزارة المعلومات وتضارب الروايات، تصبح الحقيقة مشوشة حتى أمام المتابعين والباحثين، فما بالك بالرأي العام العامي الذي يتلقى الصورة عبر قنوات موجهة؟ هنا، يتحول الإعلام من ناقل للحدث إلى صانع للحدث، ومن وسيط للواقع إلى أداة لتشكيله.
وبين زحمة التحليلات والمواقف، ومن موقع تخصصي في العلوم السياسية، أجد نفسي أستثمر الكثير من الوقت والجهد في المتابعة الدقيقة، والقراءة النقدية، وربط المعطيات المتناثرة في محاولة لفهم المشهد بعمق واتزان. ومع ذلك، أُقِرُّ بأن الحقيقة كثيراً ما تكون عُرضة للتشويش والتوجيه، وقد تأخذ الأحداث منعطفات غير متوقعة رغم وضوح المؤشرات، بسبب تسارع المتغيرات وتقلّب المشهد الدولي.
ليس من المبالغة القول إن تسليط الضوء على نزاع قديم، مثل كشمير، يمكن أن يكون أداة استراتيجية لإشغال الرأي العام العالمي، وتخفيف الزخم الإعلامي والدبلوماسي عن قضايا أكثر حساسية وتعقيداً. ففي لعبة التوازنات الدولية، تُحرّك الجبهات أحياناً ليس لتحقيق انتصار، بل لتشتيت الانتباه.
إن فهم المشهد الإقليمي لا يكتمل دون قراءة ما وراء التصعيدات الظاهرية. فالهند وباكستان دولتان نوويتان، وكل تصعيد بينهما له ثمن دولي، لكنه أيضاً ورقة ضغط قابلة للاستخدام في لحظات الحاجة.
ولعل السؤال الأهم: من المستفيد من إخماد نار الشرق الأوسط عبر إشعال شرارة في جنوب آسيا؟ وهل الشعوب مجرد جمهور في مسرح من إدارة الأزمات؟
في زمن التلاعب بالسرديات، يبقى الوعي النقدي والتفكير المستقل هما خط الدفاع الأخير أمام ضجيج التوجيه والتضليل.
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟