أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الحاكم: فروق جوهرية لا يجوز إغفالها من الناحية














المزيد.....

الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الحاكم: فروق جوهرية لا يجوز إغفالها من الناحية


عزالدين بوغانمي
(Boughanmi Ezdine)


الحوار المتمدن-العدد: 8441 - 2025 / 8 / 21 - 07:47
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


النظرية، يقتضي التمييز بين الحزب الحاكم وبين الاتحاد العام التونسي للشغل إدراك اختلاف طبيعتهما وأدوارهما في بنية الدولة والمجتمع. فالحزب الحاكم هو الذراع السياسية المباشرة للسلطة التنفيذية، يمسك بمقاليد الدولة ويُدير مؤسساتها عبر برامج وسياسات يتحمّل مسؤوليتها كاملة أمام الشعب. أما الاتحاد، فهو معادل مدني للسلطة، وُجد منذ نشأته ليكون قوة موازية لسلطة الإدارة والأعراف، يقف في وجهها ويمنعها من التغوّل على المجتمع، مستخدما في ذلك ثقله الجماهيري وشرعيته الاجتماعية بوصفه كان شريكا تاريخيا للنخبة الحاكمة قبل الاستقلال وبعده.

التوانسة ينخرطون في الاتحاد لأنه ضامن لمكاسبهم الاجتماعية والاقتصادية، أي أن مصالحهم المادية اليومية مرتبطة بوجوده واستمراره. لذلك كان التجمعيون منخرطون في الاتحاد أيضا وأغلبيتهم الساحقة كانت مع المنظمة في إضراباتها ونضالاتها. وقد كنا على هذا شُهودًا.
بهذا المعنى، الاتحاد ليس حزبًا سياسيًا يطرح برامج حكم، بل هو شبكة اجتماعية تُمثّل صوت الشغيلة، وتقوم بدور أساسي في استقرار الدولة وتوازنها دون أن تنخرط في الحكم مباشرة أو تتحمّل مسؤولية السياسات التي أضرت بمعيشة المواطنين.

المقارنة بين الاتحاد وبين الحزب الدستوري/التجمع خطأ فادح في التقدير:

1. الحزب الحاكم استولى على الدولة نفسها: الرئيس منه، الحكومة منه، المسؤولون الجهويون والمحليون منه، وهو الذي صاغ السياسات النيوليبرالية وأدار منظومة الاستبداد التي انتهت بثورة شعبية. فكان سقوطه نتيجة طبيعية لمسؤوليته المباشرة عن الأزمة

2. الاتحاد، في المقابل، ظلّ قوة اجتماعية قائمة على التوازن: قيادته كانت في أحيان كثيرة متحالفة مع السلطة، لكن قواعده النقابية المنتشرة في كل القطاعات والجهات كانت في خصومة دائمة مع السياسات الاقتصادية الجائرة. لذا لم يطالب الشعب بحلّه، بل رأى فيه سندًا وحاضنة.

3. لحظة الثورة كشفت جوهر هذا الاختلاف: حين انهار الحزب الحاكم وسقط النظام، لعب الاتحاد دور الحاضن للثوار وللدولة في آن واحد، وأسهم في ضمان الاستقرار في لحظة فراغ سياسي وأمني غير مسبوقة.

بالنتيجة فإن انغراس الاتحاد في الدولة والمجتمع لم يكن على شكل استحواذ سياسي كما فعل الحزب الحاكم، بل على شكل شبكة اجتماعية واسعة من عمال الحضائر إلى الجامعيين تقاوم ذلك الاستحواذ على نحو ما. ولذلك فإن القول بإمكانية زوال الاتحاد كما زال حزب التجمع هو خطأ في التحليل ناجم عن تجاهل للفارق الكبير في دور الحكم، وبين دور التوازن وضمانة الاستقرار وحماية المكاسب الاجتماعية والاقتصادية دون التورط في الحكم.

الاتحاد العام التونسي للشغل بين التاريخ والاتهامات

ليس من العسير اتّهام الاتحاد العام التونسي للشغل بكونه "سبب الخراب"، خاصّة وأن الاتحاد منظمة مدنية لا تملك أيّ وسيلة للدّفاع عن نفسها سوى الالتجاء للمحاكم. ولكن من الصعب تجاهل حقيقة أن استمرار الاتحاد في لعب دور اجتماعي ووطني فاعل منذ ما قبل الاستقلال إلى اليوم لم يكن نتيجة فساد قياداته، بل ثمرة ثقله الشعبي وتجذّره في الوعي الجماعي. فلو كان الاتحاد مجرّد جهاز بيروقراطي متعفّن، لكان اندثر كما اندثرت عشرات الهيئات من قبله، لكنه بقي لأنه يمثّل سندًا تاريخيًا واجتماعيًا للمجتمع التونسي.

كما هو معلوم أنا ضد القيادة الحالية من موقع وطني ونقابي، وبسبب انحرافها بالاتحاد وإدخاله في ممرّ ضيّق خدمة لراشد الغنوشي. ولكن بنفس الوقت أنا ضد كل المحاولات الملتوية والخبيثة لتصفية هذه المنظمة العمالية العظيمه.
طبعا الغوغاء المحتشدة في كلا الفريقين، والمُتأهّبة للهجوم دفاعًا عن الزّريبة، تجد صعوبة كبيرة في فهم أيّ موقف يقوم على النّزاهة الأخلاقية لأنّ الغوغاء كائنات تمّ تدريبها خارج مقاييس"النّزاهة". ومن هذا الباب نحن مُستمرّون في الدفاع عن أفكارنا ضد الفاسدين وأصحاب النفوذ الحقيقيين دون الاهتمام بما تنطق به الحشود.

في هذا الإطار يُزوّد خصوم الاتّحا العام التونسي للشغل كائناتها ب"تعمّد الخلط بين المنظمة وبين القيادة الحالية" موضع الجدل. وكأنّ الاتحاد مُختزل حصرا في انحرافاته وارتباكاته، ولكأنّ أزمة البلاد والاتحاد شيء واحد.
طبعا الجميع يدرك أن الإصلاح صار ضرورة ملحّة، لكن تحويل هذه الأزمة الداخلية إلى ذريعة لمعاداة الاتحاد نفسه يكشف عن تخابث ليست المقصود به نقاش حول القيادة، بل عداء دفين للاتحاد باعتباره القوة الاجتماعية الوحيدة القادرة على وضع حدّ لتغوّل لوبيات المال على المجتمع وعلى الدولة في نفس الوقت.

لقد عرف الاتحاد محطات متناقضة في تاريخه، لكنّه ظل في اللحظات المفصلية ركيزة لاستقرار الدولة وحماية المجتمع من الانهيار. لذلك يبقى السؤال موجّهًا إلى من يطالبون (خِفية) بالتخلّص منه: ماذا تريدون بالضبط؟
هل أنتم مع إصلاح الاتحاد وتنقيته من مظاهر الفساد والهوان، مثلما نطالب جميعًا بإصلاح الدولة والأحزاب والمنظمات التي مسّها زلزال 2011؟
أم أنكم تسعون إلى إلغاء الاتحاد برمّته لتمهيد الطريق أمام لوبيات الفساد المالي والإداري التي لا تريد مُعادلًا مدنيًا يوقفها عند حدودها ويمنعها من الطّغيان؟

هنا يكمن جوهر المسألة: إمّا أن تكونوا مع الإصلاح شاملاً وعادلاً في الاتحاد وفي الإدارة وفي مؤسسات الدولة، وحينئذ سيكون التمييز واضحا ولا غُبار عليه بين المكتب التنفيذي الحالي من جهة وبين المنظنة الشغيلة، وإمّا أن تكون النيّة تتجه للتخلص من الاتحاد وسيسقط هذا الخيار.



#عزالدين_بوغانمي (هاشتاغ)       Boughanmi_Ezdine#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الأزمة النقابية في تونس: بين فساد البيروقراطية وتواطؤ الفاعل ...
- مقاومة الاستعمار خيار شعبي، وكل الحكومات معادية لبنادق الثوّ ...
- من التبعية إلى التمويه: أوروبا بين الإخضاع الأميركي والاستثم ...
- النظام السوري وازدواجية الأداء في لبنان وفلسطين
- سوريا الأسد: في توازن السلاح والسياسة، دعم المقاومة كتحجيمها
- العدوان الصهيوني ومشروع إسرائيل الكبرى
- الصهاينة يريدون سوريا مقسمة
- الفتنة الطائفية في سوريا صنيعة الخارج
- صعوبة التّمييز يخلق فوضى النقاش حول المُستهدف من التغيير: ال ...
- صفقة ترامب/نتنياهو: هدنة في غزة مقابل -شرق أوسط-إسرائيلي
- غزة على أعتاب تهدئة... وفلسطين في مهبّ صفقة كبرى
- مجتمع ملفّق وعنصري
- المطالبة بفرض العقوبات على النظام ووقف المساعدات
- المواجهة التاريخية بين مشروعين
- الرد الإيراني على العدوان الأميركي
- إيران، من دولة محاصرة إلى نظام مخترق
- المواجهة الغربية الإيرانية: رهانات تغيير نموذج الحكم، وعوامل ...
- اسرائيل تعتدي على إيران بالوكالة
- مسار الصراع بين مشروعين
- من تحييد مصر إلى العدوان على إيران: معركة اقتلاع روح المقاوم ...


المزيد.....




- هل تم ترتيب عقد لقاء بين بوتين وزيلينسكي؟ لافروف يوضح
- في الشرق الأوسط، هل نشهد عودة إلى الحرب الباردة؟- جولة الصحا ...
- وسط دوي صفارات الإنذار في كييف.. أمين عام الناتو يدعو لضمانا ...
- دراسة أمريكية جديدة تكشف عن مخاطر محتملة لاستخدام القنّب أثن ...
- مستقبل غامض لقصر باكينغهام بعد قرار الأمير وليام تغيير مسكنه ...
- وفاة الرضيعة غدير بريكة بسوء التغذية في غزة
- -التحقيقات الفدرالي- يدهم منزل بولتون ويؤكد -لا أحد فوق القا ...
- كيف هندست إسرائيل بعملياتها العسكرية التجويع في غزة؟
- نجل مروان البرغوثي يعلق لـCNN على فيديو والده مع بن غفير.. و ...
- روسيا تُلزم تثبيت تطبيق “ماكس” على الهواتف.. هل يسعى الكرملي ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عزالدين بوغانمي - الاتحاد العام التونسي للشغل والحزب الحاكم: فروق جوهرية لا يجوز إغفالها من الناحية