أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - الدكتاتورية التنموية في العراق :الإمكانات والمُحدِّدات














المزيد.....

الدكتاتورية التنموية في العراق :الإمكانات والمُحدِّدات


عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث

(Imad A.salim)


الحوار المتمدن-العدد: 8439 - 2025 / 8 / 19 - 12:44
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


ليسَ من السهلِ ، بل يكاد يكون من المستحيل ، اعادة بناء بلدٍ مزّقتهُ الصراعات والانقسامات ، بوجود "نماذج" سياسية تتوزّعُ على السُلُطات الثلاث في هذا البلد ، كهؤلاء "السيّداتِ" و"السادة".
لذا ما على السيد رئيس وزراء العراق سوى تجاوز هذا اللغو الشاسعِ والعقيمِ، وهذه المناكفات والمهاترات التي كلّفت هذا البلد الكثير من المال والجُهدِ والدمِ طيلة أربعة عشر عاماً.
ما عليهِ سوى أنْ يبقى بعيداً، وأن يسلَخَ نفسهُ بعُمق، عن هذه العلاقاتِ "التخادميّةِ" سيّئةِ السُمعة، وعن هذه "المقاولات" المُشينةِ، و"الجُنَحِ" المُخِلّةِ بالشرف الوطنيّ، وأن يتركَ كلّ هذا الهراء العظيم خلف ظهره، و يمضي قُدُماً في بناء "دكتاتورية تنمويّة" Development Dictatorship ، نحنُ أحوجُ ما نكونُ اليها الآن أكثر من أيّ وقتٍ و ظَرْفٍ آخر .
الهدف الرئيس للدكتاتورية التنموية هو: أقصى تعبئة و "تحشيد"، واكفأ تخصيص للموارد المُتاحة Maximum Mobilization and Efficient Allocation of Resources .
تقوم هذه "الدكتاتوريّة التنمويّة" على ثلاث ركائز اساسيّة لتحقيق التنمية الاقتصادية، هي: خطّة تنمية وطنيّة مُصمّمة بشكلِ جيّد. وحكومة من ذوي الاختصاص قادرة على تنفيذ هذه الخطّة. و برنامج حكومي واضح وصارم يُتيح للحكومة "الاستحواذ" على (أو تدبير و تأمين) رأس المال الضروري لتنفيذ هذه الخطّة .
وأرجو ألاّ يُصابَ السيد رئيس الوزراء بالفزع من صراخ الذين لا همّ لهم سوى تحويل كلّ الممكنات الى مستحيلات. فهذه "الدكتاتورية التنمويّة" هي في كلّ الأحوالِ أسهلُ وأقلّ كُلفةً من "دكتاتورية" مهاتير محمد التنمويّة، التي لم تكن تملكُ من المقوّمات والموارد غير شجرة زيتِ النخيل، والفقر والجهل والانقسام العِرقيّ الذي كان يفتكُ بماليزيا. و"دكتاتوريّة" لي كوان يو التنمويّة، التي لم تجد في حوزتها من المقوّمات والموارد سوى المستنقعات والبعوض والفساد الذي كان يفتكُ بسنغافورة. و"دكتاتوريّة" بارك جونغ هي، التي لم تجِد في كوريا الجنوبيّة كلّها لا نفط، ولا موارد أخرى، بل لم تجِد لا مراعٍ ولا أراضٍ صالحةٍ للزراعة، ولا تملِكُ غير تاريخٍ مُمتَدٍ من الحروب "العقائديّة"، والخوف من الجوع الدائم.
وأتمنى من السيد رئيس الوزراء ألاّ يخشى من "دسائس" الأهل قبل "مؤامرات" الغرباء، ومن حروب الاصدقاء قبل معارك الأعداء، ومن "ألغام" الأقربين قبل "خنادق" الأبعدين. ففي الحرب الكوريّة وحدها تم احتلال وتخريب العاصمة (سول) ثلاث مرّات.. ورغم ذلك ها هيَ (سول) الآن، واحدةً من أجمل مدن العالم وأكثرها أمناً وصلاحيّةً للعيش، مع أنّها لا تبعدُ عن الحدود مع كوريا الشماليّة بأكثر من 60 كيلومتراً، وتتطايرُ صواريخ كيم ايل جونغ الباليستيّة فوقها وحولها بينَ حينٍ وحين.. وبوسعِ جيشهِ أن يَصِلَ اليها بالدرّاجات الهوائيّة، وأن يُعيدَ احتلالها في أيّةِ لحظة.
وألتَمِسُ من السيّد رئيس الوزراء ألاّ يستنكِفَ من التعلَم من الآخرين. لقد أرسلَتْ كوريا الجنوبية نساءها الى مستشفيات المانيا لتعلّم أصول التمريض. وأرسلتْ عمّالها الى مدن الشرق الأوسط لتعلّم أصول البناء في أقسى الظروف. وأرسلَتْ طلاّبها واساتذتها الى أفضل البلدان والجامعات في العالم، ليستنسخوا وينقلوا ويطَوّروا أفضل ما فيها، ويُسهموا في نهضة كوريا بزمنٍ قياسيّ.
و لا تجفَل سيدي رئيس الوزراء من "بروباغندا" الداخل والخارج، ولا تيأس بسبب العويل. فمجلة Foreign Affairs الرصينة جدّاً كانت قد ذكَرَت جازمةً في عام 1960 بأنّ: "ليس هناك من فرصةٍ لتحقيق مُعجزةٍ اقتصاديّة في كوريا". وبعدَ عقدٍ واحدٍ من هذه "المقولة" بدأت هذه "المعجزة بالتحقّق، و ها هو اقتصاد كوريا الجنوبية الآن، الاقتصاد الرابع في آسيا، ومن بين الاقتصادات العشرين الكبرى على مستوى العالم .
أخيراً.. لا تأبه سيدي رئيس الوزراء لمن يقولُ لك: أنتَ وحيد، وليس هناك من كتلةٍ برلمانيةٍ تدعمك. في هذا الأمر أرجو أن تكونَ على ثقةٍ من أنَ العقول الجميلة لدى خيرة شباب هذا البلد، اضافةً ل "شيوخِ" الخبرةِ فيه ستقفُ معك، وتشدُّ في أزرك.. وأرجو أن لا تشُكّ لحظةً واحدةً أنَ الملايينَ من العراقيّينَ، ممن يحبّون هذا البلد حبّاً جمّاً، سيعملونً معك بإخلاصٍ، دون صخَبٍ أو مِنّة.
هل بوسعكَ أن تفعلَ ذلك؟
نعم.. بوسعكَ أن تفعلَ ذلك.. عندما تقرّرَ أن تفعلَ ذلك .
فأفعلْهُ إذن.. و الآن .
أنتَ بطبيعةِ الحال ستحتاجُ الى مكنسةٍ هائلة، ولا شيء آخرَ غير مكنسةٍ هائلة.. عندما تَسُدُّ "الأزبالُ" الأفاقَ كلّها.
واجبكَ أنتَ.. أن تبحثَ عن هذه المكنسة .
وواجبنا نحنُ جميعاً.. أن نكنُسَ معك ..
عندما تحينُ لحظة "الكَنْسِ" العظيمة هذه .
المصدر :
Joong -Kyung Choi : Upside-Down Success Story. Koryas Economic Development. Translated by christy Hyun -Joo Lee .Daewon Publishing Co.Republic of Corea. First Edition 2013.
وقد قامت وزارة التخطيط بترجمته إلى العربية، وتوزيعه قبل سنتين تقريباً على من يهمّهم الأمر كافّة.



#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)       Imad_A.salim#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مُشتَرَكات ومسارات الأنظمة السابِقة واللاحِقة في العراق -2-
- مُشتَرَكات ومسارات الأنظمة السابِقة واللاحِقة في العراق
- العراقُ سيرك.. العراقُ لم يَعُد سينما
- التنانيرُ القِصار والجُبَبِ الطِوال في الاقتصاد العراقي
- انتخابات وترشيحات وعوائل سعيدة (1)
- كم هو رائعٌ أن يكونَ العراقُ هناك
- انتخابات وترشيحات وعوائل سعيدة
- في الچول.. في الچول.. دونَ نَجمة *
- التعليم العالي وتوزيع المناصب الأكاديميّة على أُسس طائفيّة ف ...
- تلكَ الرائحة.. هذهِ الرائحة
- اضرِب المربوط.. يخافُ السايِب
- انطباعات سورياليّة عن الثورةِ والثوّار في العالَمِ العربيّ
- إشكاليات احتساب وتسديد كلفة إطعام الموقوفين والنزلاء في سجون ...
- سلام دونالد ترامب: سلامُ العجرفة.. سلامُ القوّة
- محنة الفلاّحين بعد محنة الموظفين في إقليم كردستان
- الكتابة عن الاقتصاد بقنابر-المِهداد- عيار 175 ملّم
- عن مولانا خام برنت واقتصاد العراق الهشّ.. مرّةً أخرى
- الحُزنُ أهلي الطيّبونَ.. الحُزنُ عائلتي السعيدة
- مفارقات ومُقاربات واشتراطات الحرب والسلام في العراق الراهن
- وقائِعُ الموتِ العجيبةِ جدّاً.. في هذهِ الحربِ غيرِ العجيبة


المزيد.....




- إسرائيل تتجه للمصادقة على أكبر صفقة في تاريخها لتوريد الغاز ...
- كالكاليست: الحرب مع إيران أعادت الاقتصاد الإسرائيلي إلى الور ...
- 3 آلاف ساعة شمسية سنويًا فهل تتحول ليبيا إلى الطاقة الشمسية؟ ...
- نزيف العقول الفلسطيني: كيف نحول الهجرة من خسارة إلى فرصة اقت ...
- الغاز الطبيعي الأميركي يتراجع بفعل الإنتاج والطقس
- صادرات الصين من المعادن النادرة عند أعلى مستوى في 6 أشهر
- صندوق الثروة النرويجي يراجع استثماراته بإسرائيل كل 3 أشهر وي ...
- اقتصاديون حائزون على جائزة نوبل يطالبون نتنياهو بوقف احتلال ...
- مصر تتلقى 4 ملايين طن قمح محلي بانتهاء موسم الحصاد
- شوكولاتة بطعم الفساد.. كواليس تهريب الكاكاو في ساحل العاج وغ ...


المزيد.....

- دولة المستثمرين ورجال الأعمال في مصر / إلهامي الميرغني
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / د. جاسم الفارس
- الاقتصاد الاسلامي في ضوء القران والعقل / دجاسم الفارس
- الاقتصاد المصري في نصف قرن.. منذ ثورة يوليو حتى نهاية الألفي ... / مجدى عبد الهادى
- الاقتصاد الإفريقي في سياق التنافس الدولي.. الواقع والآفاق / مجدى عبد الهادى
- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - عماد عبد اللطيف سالم - الدكتاتورية التنموية في العراق :الإمكانات والمُحدِّدات