أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - الهيمنة الناعمة: كيف تبني إيران نفوذها في وسط وجنوب العراق دون كلفة مباشرة














المزيد.....

الهيمنة الناعمة: كيف تبني إيران نفوذها في وسط وجنوب العراق دون كلفة مباشرة


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8436 - 2025 / 8 / 16 - 21:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


منذ سقوط النظام الاجرامي السابق عام 2003، تشكلت علاقة معقدة بين إيران ووسط وجنوب العراق، اتسمت بكونها علاقة غير متكافئة على الإطلاق… ؛ إيران، الدولة الإقليمية ذات الطموحات الاقليمية والسياسات البرجماتية … ؛ وجدت في انهيار مؤسسات الدولة العراقية فرصة ذهبية لإعادة رسم موازين القوى على حدودها الغربية، وإعادة صياغة هوية جزء مهم من العراق وفق مصالحها الاستراتيجية.

لكن الأهم أن هذه السيطرة لم تتخذ شكل الاحتلال المباشر أو الضم الرسمي، بل جاءت عبر “الهيمنة الناعمة” التي تحقق أقصى المكاسب بأدنى التكاليف.

فمن يراقب طبيعة العلاقة بين إيران ووسط وجنوب العراق، يدرك أنها علاقة غير متكافئة تقوم على صيغةٍ تحقق لطهران أكبر قدر من النفوذ والمكاسب، مع أدنى حد من الالتزامات والمسؤوليات الانسانية والاخلاقية … ؛ ولو افترضنا – جدلاً – أن المجتمع الدولي عرض على إيران أن تتسلم رسمياً إدارة المحافظات ذات الغالبية الشيعية في العراق، وتضمها إليها تحت السيادة الإيرانية المباشرة، كما فعلت سابقا مع عبادان والمحمرة وغيرهما … ؛ لوجدنا أنها سترفض ذلك دون تردد، والسبب بسيط : الانتقال من السيطرة غير المعلنة إلى الحكم الرسمي يعني تحمّل أعباء حقيقية لم تكن ملزمة بها من قبل.

فالضم الرسمي كان سيفرض على طهران أن تعامل تلك المناطق كأي إقليم إيراني آخر؛ أي أن تطلق إليها حصتها الطبيعية من مياه الأنهار التي جرى تحويل مجراها داخل الحدود الإيرانية، وأن توفر الغاز والكهرباء مجاناً، وأن تضع خططاً لحمايتها عسكرياً من أي تهديد خارجي، وأن تنفق على تطوير البنية التحتية، وتحديث المنظومة الصحية والتعليمية، وتحقيق نمو اقتصادي مستدام.

لكن الواقع الحالي أكثر ملاءمة لمصالح إيران: فهي تمارس سيطرة فعلية على القرار السياسي والأمني في هذه المناطق دون أن تتحمل التزامات الدفاع أو الإنفاق… ؛ فالعراق – من ماله وموارده – هو الذي يحمي نفسه، ويشتري الغاز والكهرباء من إيران بأسعار تجارية، ويغرق أسواقه بالبضائع الإيرانية والمواد الغذائية المستوردة … ؛ فالسوق العراقية مفتوحة على مصراعيها أمام البضائع والمواد الغذائية الإيرانية، مما يجعل العراق مستهلكاً دائماً للمنتج الإيراني ومصدراً للعملة الصعبة لطهران… ، فيما يتوجه مرضاه إلى المستشفيات الإيرانية وطلابه إلى الجامعات الإيرانية… ؛ اذ ان مئات آلاف العراقيين يتجهون للعلاج أو التعليم في إيران، مما يدر مليارات الدولارات على الاقتصاد الإيراني سنوياً ؛ وحتى في نسج علاقاته الدبلوماسية أو الاقتصادية مع دول أخرى، يجد العراق نفسه مضطراً إلى مراعاة الرأي الإيراني قبل الإقدام على أي خطوة… ؛ فهذه المتطلبات تعني إنفاقاً مالياً مستمراً ومسؤوليات سيادية لا ترغب طهران بتحملها، وهي اليوم تستمتع بوضع أفضل بكثير: سلطة الأمر الواقع بلا التزامات الدولة الحاكمة… ؛ كما ذهب الى ذلك الكاتب صاحب الاسماعيلي .

والأدهى أن هذه الهيمنة تتغذى على شعور قطاع واسع من الشارع الشيعي في العراق بالامتنان لإيران، إذ يربط كثيرون بقاءهم ببقائها، ويرون عزتهم من عزتها، وشرفهم من شرفها… ؛ و هنا يتحول النفوذ السياسي إلى ولاء عاطفي، وهو أعمق وأخطر، لأنه يكرّس النفوذ الأجنبي بوصفه امتداداً للهوية والانتماء، لا باعتباره تبعية أو استغلالاً.

بهذه المعادلة، تستطيع إيران أن تحصد نفوذاً استراتيجياً واسعاً في وسط وجنوب العراق، بلا كلفة أمنية أو مالية تذكر، مستندة إلى مزيج من المصالح الاقتصادية، والهيمنة السياسية، والارتباط العاطفي الذي يصعب فصمه بالوسائل التقليدية.

خلاصة المعادلة

إيران بعد 2003: من التدخل الخفي إلى النفوذ الممأسس … ؛ فمنذ 2003 وحتى اليوم، نجحت إيران في:

*تأسيس شبكة نفوذ سياسي داخل مؤسسات الدولة العراقية، عبر أحزاب وقيادات تدين بالولاء السياسي أو الأيديولوجي لها.

*ترسيخ أذرع مسلحة ؛ تجعل نفوذها العسكري حاضراً دون أن تتحمل تكاليف جيش نظامي.

*اختراق النسيج الاجتماعي والديني عبر المرجعيات الدينية، والمواسم والمناسبات الدينية المشتركة، والزيارات المتبادلة, والتنسيق مع الفئات والشخصيات ذات الجذور الايرانية .

فإيران، ومن خلال هذه المنظومة، تسيطر فعلياً على القرار السياسي والأمني والاقتصادي لوسط وجنوب العراق، بينما تبقى بغداد هي المسؤولة عن حماية نفسها، وتمويل خدماتها، وإعالة سكانها… ؛ إنها صيغة تحقق لطهران نفوذاً استراتيجياً دائماً دون أي كلفة مباشرة، وتجعل أي محاولة عراقية للتحرر من هذا النفوذ صعبة ومعقدة، لأنها تتطلب مواجهة سياسية واقتصادية ونفسية في آن واحد.

ولكني اختلف مع ما ذكره الكاتب الاسماعيلي في النص اعلاه ؛ فبعض الجهات الايرانية السياسية والدينية لا تؤمن بهذه السياسة اولا ؛ وهنالك طيف واسع من الايرانيين يدعم الشيعة في العراق بمختلف انواع الدعم اللوجستي والمادي ؛ فضلا عن الاواصر التاريخية والدينية والاجتماعية والاهداف الاستراتيجية المشتركة والتي تجمع الطرفين ؛ الا انه ومما لا شك فيه ان الكفة الراجحة للجانب الايراني .



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- السياحة بين العراق وإيران: تبادل غير متكافئ أم استغلال اقتصا ...
- أشباح الإمبراطورية : المخابرات البريطانية في العراق من الظل ...
- قطع أرزاق العراقيين: بين عبث البلديات وعجز الدولة عن ايجاد ب ...
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (6)
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (5) وادي حوران في ...
- السياحة الدينية في العراق: بين الفرص المهدورة والموارد المنه ...
- ثمن اغتصاب السلطة وثمن الخضوع لها: قراءة تاريخية في إرث الدو ...
- الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواط ...
- الدوافع السياسية والأمنية وراء إصرار الولايات المتحدة وحلفائ ...
- الدوني العائد من خرائب الشام : التهديد السوري والخذلان العرا ...
- السلطات الحكومية والشخصيات السياسية العراقية بين الاقنعة وال ...
- الساكن في الغرفة السابعة و الاخيرة
- من يطارد الفقراء؟ دولة بلا بدائل و-شفل- بلا رحمة
- عقدة اللااتفاق العراقي: بين شتات الهوية العراقية وبوصلة الوط ...
- عقدة الدونية في الوعي الجمعي الشيعي العراقي: تحليل نفسي- اجت ...
- الإزاحة بدل الإعانة: قراءة نقدية في سياسة الهدم الحكومية دون ...
- مرآة الله المكسورة : ياسر بين الشهوة المتفجرة والتوبة المتكر ...
- الولاء الوطني: بين الانتماء الجوهري والانسلاخ المشبوه
- الاحتلال الناعم والهيمنة الغربية في العراق : من الاستعمار ال ...
- الاحتلال البريطاني وتأسيس منظومة النفوذ


المزيد.....




- أهالي رامز يحتجّون على تهديد حقّهم في المياه جرّاء تحويل منا ...
- فشل بفحص الرصانة.. رائحة كحول تفضح طيارًا قبيل إقلاعه في الل ...
- الإمارات ترحب بـ-اللقاء التاريخي- بين ترامب وبوتين في ألاسكا ...
- تصاعد الاحتجاجات المناهضة للحكومة في صربيا.. والسلطات تنفي ا ...
- كيف يوظّف رئيس بنين -دبلوماسية الجوازات- مع نجوم أميركيين
- خبيران عسكريان: احتلال غزة خطة مبهمة ويُحضّر لها بالقصف والت ...
- جنازة رمزية في ستوكهولم لصحفيي الجزيرة الذين اغتالتهم إسرائي ...
- تحليل.. لماذا يُعدّ إقناع بوتين بالجلوس مع زيلينسكي الاختبار ...
- مواجهة في الظل بين تل أبيب وطهران.. هكذا تعمل إيران على إعاد ...
- نظام -العقوبات الثانوية- الأمريكية .. أداة ضغط لتحييد الطرف ...


المزيد.....

- الأرملة السوداء على شفا سوريا الجديدة / د. خالد زغريت
- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض سعد - الهيمنة الناعمة: كيف تبني إيران نفوذها في وسط وجنوب العراق دون كلفة مباشرة