أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رياض سعد - قطع أرزاق العراقيين: بين عبث البلديات وعجز الدولة عن ايجاد بدائل حقيقية















المزيد.....

قطع أرزاق العراقيين: بين عبث البلديات وعجز الدولة عن ايجاد بدائل حقيقية


رياض سعد

الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 10:54
المحور: حقوق الانسان
    


منذ عام 2003، دخل العراق في دوامة اقتصادية خانقة جعلته رهينًا لمورد واحد يكاد يكون الأوحد: النفط ... ؛ إذ تعتمد الموازنة العامة بنسبة تقارب 95% على صادرات النفط الخام، بينما يُسد العجز المتبقي عبر فرض الضرائب والرسوم والغرامات الباهظة على المواطنين، وكأن الدولة قد وجدت في جيب المواطن المرهق خزينة بديلة عن التنويع الاقتصادي...!!
في المقابل، فإن حال المواطن العراقي – وخصوصًا أبناء الأغلبية العراقية المغبونة – لا يخفى على أحد : فهم بين موظف يعيش على راتب بالكاد يكفيه وسط تضخم الأسعار، أو متقاعد تآكلت مدخراته، أو مستفيد من منحة الرعاية الاجتماعية التي لا تسمن ولا تغني من جوع... ؛ كل هذا في ظل قطاع عام متضخم حد اللعنة ... ؛ يرزح تحت البيروقراطية والروتين، بعيدًا عن أي مفهوم حقيقي للحوكمة الإلكترونية أو روح القرن الحادي والعشرين، غير منتج بالمرة ... ؛ ومع ذلك لم يتمكّن من استيعاب طاقات أبناء الأمة العراقية، تاركًا شريحة واسعة من الشباب بلا عمل أو وظيفة.
وفي ظل هذه البطالة المهددة للاستقرار الاجتماعي، لجأ كثير من العراقيين إلى حلول فردية ومبادرات ذاتية، فافترش بعضهم الأرصفة كباعة متجولين، وأقام آخرون بسطات وجنابر وأكشاك صغيرة، فيما استغل آخرون أراضٍ فارغة لتشييد محالّ ودكاكين بسيطة يمارسون فيها أنشطة تجارية متواضعة، طلبًا للرزق الحلال، بعيدًا عن كاهل الدولة العاجزة.
لكن هذه الجهود الشعبية لم تصمد أمام جرافات البلديات وأمانة بغداد، التي تشن – بشكل شبه دوري، وغالبًا قبيل كل دورة انتخابية – حملات إزالة قاسية تطال هذه البسطات والمحالّ، من دون أي تعويض أو توفير بدائل، وكأن المطلوب هو قطع شريان الرزق الأخير لآلاف العوائل... ؛ و هذه الحملات لا تراعي أن أصحاب هذه المشاريع الصغيرة هم في الغالب ممن فشل القطاع العام في استيعابهم، وأنهم لم يجدوا أمامهم سوى هذه المهن البسيطة لتأمين لقمة العيش.
المفارقة أن الحكومة ، بدلًا من دعم القطاعات الإنتاجية – زراعية كانت أو صناعية أو تجارية أو سياحية – يسير بخطى ثابتة نحو تدميرها، مع تكريس اعتماد شبه كامل على الواردات الأجنبية، والعمالة الوافدة، والجاليات الغريبة، وهو ما يضعف الاقتصاد الوطني ويزيد تبعية البلاد لجيرانها وللقوى الخارجية... ؛ و هذا النمط يفتح الباب واسعًا أمام انزلاق الشباب العاطل إلى الجريمة أو الإدمان أو التطرف، في ظل غياب مسارات عمل كريمة.
أليس الأولى بالحكومة العراقية، وهي التي لا تتردد في تقديم مساعدات سخية لدول أخرى تحت ذرائع دينية أو قومية أو إنسانية، أن تبدأ برعاية مواطنيها أولًا؟
أليس بإمكانها – بدل الهدم والمنع – إنشاء أسواق مخصصة للباعة المتجولين، أو بناء مجمعات تجارية صغيرة بأسعار رمزية، أو توفير عربات بيع متنقلة مجهزة، إما مجانًا أو بالتقسيط الميسر؟
إن دعم القطاع الخاص لم يعد ترفًا، بل ضرورة وطنية وأمنية، لأن أي اقتصاد يُبنى على النفط وحده، ويقتل المبادرة الفردية، ويحارب التجارة الصغيرة، إنما يزرع بذور الفوضى في تربة المجتمع، ويُبقي العراق أسير أزمات متجددة... ؛ فالمطلوب ليس تفليش دكاكين الناس، بل تهديم العقلية الإدارية المتحجرة التي ترى في المواطن عائقًا بدل أن تراه شريكًا في البناء.
إليكم تحليلًا شاملًا مدعومًا بالبيانات لتغطية المحور الاقتصادي والإحصائي:
1. رسم الاقتصاد العراقي: هشّ ومركّز على النفط
يُقدّر أن قطاع النفط يُشكّل حوالي 60% من الناتج المحلي الإجمالي في السعر الجاري، بينما لم تتجاوز مساهمة القطاع الصناعي 1.5% فقط، ما يعكس اختلالًا هيكليًا مزمنًا في الاقتصاد العراقي.
القطاع غير النفطي يساهم بنحو 57% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 69% في دول مشابهة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
القطاعات غير الرسمية واسعة الانتشار، تشير التقديرات إلى أن 80% من الأعمال في العراق غير رسمية، وفقًا لمسوح أجرتها منظمة العمل الدولية بالتعاون مع الإحصاء المركزي وبرامج التنمية.
وفي بلدان مشابهة، مثل الجزائر وتونس ومصر، قد يصل حجم الاقتصاد الموازي إلى 30-35% من الناتج المحلي، ما يعكس احتمالية ارتفاع هذه النسبة في العراق.
2. بطالة متصاعدة وأرقام متباينة
وفقًا لمنظمة العمل الدولية وبيانات مواقع اقتصادية، بلغت نسبة البطالة في العراق 15.5% عام 2024، بارتفاع طفيف عن 15.4% في 2023، بينما كان المتوسط منذ 1991 نحو 10.15%.
مصادر حكومية عراقية، كما ورد في “IraqiNews.com”، ذكرت أن البطالة انخفضت إلى 13.4–13.0% في 2024؛ بعض الإحصاءات تشير إلى 13% تحديدًا.
في المقابل، تقرير لمؤسسة Future Iraq Foundation توقع أن تصل البطالة إلى 16.3% في 2024، وهو أعلى مستوى في العقد الماضي.
الواقع الحقيقي يتسم بالتباين، لكن المؤكد أن البطالة تتراوح بين 13% و16%، مع احتمالية تفاقمها في الأوساط الشابة.
3. القطاع غير الرسمي: مظلة للبطالة… لكن بثمن
نحو 5.73 مليون شخص، أي ما يزيد عن ثلثي القوى العاملة العراقية، يعملون في السوق غير الرسمي، وفقًا لتقرير مسح القوى العاملة لعام 2021.
هذا القطاع، رغم أنه يؤمِّن مصدر دخل للبسطاء، لكنه لا يوفر تغطية اجتماعية، ويحرم العمال من حقوق العمل والعقد والضمانات.
توصيفات استراتيجية التحول: خيار مؤجل أم ممكن؟
عُقد مؤتمر وطني في أكتوبر 2024 بالشراكة بين المنظمة الدولية للعمل والحكومة العراقية لدعم استراتيجية لتقنين الاقتصاد غير الرسمي، وزيادة الحماية الاجتماعية للأفراد.
تمّ التأكيد على ضرورة تسهيل إجراءات التسجيل، وإقرار قانوني يُسهّل إدماج الصغار في الاقتصاد الرسمي عبر الحوافز والتأمينات، بما في ذلك قانون الضمان الاجتماعي الجديد لعام 2023.
الخلاصة والتوصية
الفوضى التي ترافق حملات إزالة البسطات والمحلات ليست مجرد إساءة للأفراد، بل عرقلة لآخر المورد الوحيد المتاح لألوف العراقيين... ؛ و الاقتصاد العراقي لا ينهض بدون تنمية القطاع الخاص وتفعيل المبادرات الشعبية ... ؛ ويجب دمج هذه الجهود ضمن اقتصاد رسمي – مدعوم بحوافز، تأمينات، ودعم تشريعي – يشكّل مدخلًا لاستعادة توازن الاقتصاد، والبدء فعليًا في بناء دولة قادرة على التنمية والإنتاج المستمر.



#رياض_سعد (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (6)
- وادي حوران محتل كالجولان من قبل الامريكان (5) وادي حوران في ...
- السياحة الدينية في العراق: بين الفرص المهدورة والموارد المنه ...
- ثمن اغتصاب السلطة وثمن الخضوع لها: قراءة تاريخية في إرث الدو ...
- الأمة العراقية : من متاهة الانتماءات المضللة إلى فضاء المواط ...
- الدوافع السياسية والأمنية وراء إصرار الولايات المتحدة وحلفائ ...
- الدوني العائد من خرائب الشام : التهديد السوري والخذلان العرا ...
- السلطات الحكومية والشخصيات السياسية العراقية بين الاقنعة وال ...
- الساكن في الغرفة السابعة و الاخيرة
- من يطارد الفقراء؟ دولة بلا بدائل و-شفل- بلا رحمة
- عقدة اللااتفاق العراقي: بين شتات الهوية العراقية وبوصلة الوط ...
- عقدة الدونية في الوعي الجمعي الشيعي العراقي: تحليل نفسي- اجت ...
- الإزاحة بدل الإعانة: قراءة نقدية في سياسة الهدم الحكومية دون ...
- مرآة الله المكسورة : ياسر بين الشهوة المتفجرة والتوبة المتكر ...
- الولاء الوطني: بين الانتماء الجوهري والانسلاخ المشبوه
- الاحتلال الناعم والهيمنة الغربية في العراق : من الاستعمار ال ...
- الاحتلال البريطاني وتأسيس منظومة النفوذ
- سائقٌ بالصدفة... ورفيقُ الغبن
- إزالة التجاوزات... حين تتقن الدولة قهر شعبها !
- فلول الطائفية والدونية والبعث: خيانةٌ متجددة ومواجهةٌ لا بدّ ...


المزيد.....




- مادورو: الأمم المتحدة عاجزة عن وقف مجازر إسرائيل في غزة
- مادورو: الأمم المتحدة عاجزة عن وقف مجازر إسرائيل في غزة
- طيارون بجيش الاحتلال يتظاهرون ضد خطة نتنياهو لإعادة احتلال غ ...
- واشنطن تنتقد -تدهور- حقوق الإنسان و-تضييق- الحريات في أوروبا ...
- تقرير واشنطن عن حقوق الإنسان يتجاهل جرائم الإبادة والتجويع ا ...
- المدعية العامة السويدية تحقق في بلاغات عن جرائم حرب بغزة
- جامعات ونقابات إسرائيلية تصعّد لوقف الحرب وإعادة الأسرى
- آيرين خان المقررة الأممية المعنية بحقوق حرية التعبير
- بالفيديو.. إسرائيل تعلن استهداف -مجموعة مسلحة تنتحل صفة عمال ...
- تقرير حقوق الإنسان الأمريكي: عنف إسرائيل بالضفة في أعلى مستو ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رياض سعد - قطع أرزاق العراقيين: بين عبث البلديات وعجز الدولة عن ايجاد بدائل حقيقية