أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - من المعلقات إلى المكتبات: رحلة خالد اليوسف في سطور الوطن














المزيد.....

من المعلقات إلى المكتبات: رحلة خالد اليوسف في سطور الوطن


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 10:23
المحور: قضايا ثقافية
    


في قلب الجزيرة العربية، حيث تهب الرياح محمّلة برائحة السدر والعَرْفَج، وتتماوج الكثبان الذهبية كأنها صفحات من كتاب الأزل، قامت مدينة الرياض، تلك الواحة التي غدت حاضرة الزمان ومأوى الحلم. هنا، على أرضٍ مرّت فوقها أقدام الأنبياء، وشهدت في فجر التاريخ ركضات هاجر حول بئر زمزم، وانطلقت منها قوافل الكلمة منذ أيام المعلقات، وصدحت بأصوات الشعراء الذين صاغوا من رمل الصحراء وسعف النخيل ملحمة اللغة، وعلّقوا أبياتهم على جدار البيت العتيق ليتردد صداها في قلوب العابرين. فمنذ طرفة بن العبد وعنترة بن شداد وعروة بن الورد، كان لهذه الأرض لسانٌ من ذهب، ودمعٌ يبلل وجه القصيدة، وروحٌ تنحت من الكلمة مجدًا خالدًا.
في هذا المناخ المجبول بالعراقة والنبض، وُلد خالد بن أحمد اليوسف، أحد أبناء الرياض البررة، وحامل مشعل السرد السعودي الحديث. نشأ في بيئة تتقاطع فيها الحكايات الشعبية مع المرويات التاريخية، فامتلأ قلبه بعبق الحرف، وتربّت روحه على مهابة الكلمة، حتى غدا شاهدًا على رحلة الأدب السعودي من وميض البدايات إلى وهج النضج. لم يكن خالد مجرد قاصّ، بل كان مؤرّخًا أمينًا لذاكرة الوطن الأدبية، يُمسك بخيوط الماضي والحاضر، فيوثّق ويحلّل، ويجمع ما تناثر من أوراق السرد في كتاب واحد، كأنما يخشى أن يضيع منّا بعض الضوء.عرفته الساحة الثقافية منذ أواخر السبعينيات، حين أطلّ عبر الصحف والمجلات بقصص تنبض بحسّ إنساني دافق، ووعي فني رصين. توالت أعماله، فكتب وأصدر، حتى تجاوزت مؤلفاته العشرات، في القصة القصيرة، والرواية، والدراسات الببليوجرافية التي حفظت للأدب السعودي أرشيفه الحي. كان كاتبًا يزاوج بين عين الباحث الدقيق وقلب الأديب المرهف، فيلتقط تفاصيل الحياة كما يلتقط الراعي الغيمة البعيدة في أفق الصيف، ويحوّلها إلى مطر يسقي الذاكرة.
الرياض التي احتضنته لم تكن مجرد مدينة في جغرافيا الوطن، بل كانت فضاءً أسطوريًا تتقاطع فيه ظلال الماضي مع أنفاس الحاضر. فيها الأسواق القديمة التي ما زالت تتردد فيها أصداء الحكايات، وفيها المساجد التي حملت في أروقتها تلاوات الأئمة، وفيها المجالس التي انبعث منها الشعر والغناء الشعبي. من هذه الأرض، التي أهدت العالم لغةً باذخة ونبيًا أميًا علّم الدنيا أبجدية الرحمة، خرج خالد ليحكي قصص الناس، بملامحهم ولهجاتهم وأحلامهم الصغيرة التي لا تقل عن الصحارى اتساعًا.لقد كان خالد بن أحمد اليوسف شاهدًا على تحوّلات الثقافة في المملكة، مشاركًا في ملتقياتها، حاضنًا للمواهب الجديدة، ومرجعًا للباحثين والدارسين. لم يكتب قصته الشخصية فقط، بل كتب قصة وطن بأكمله، وطن يعرف أن الكلمة عهد، وأن الحرف شرف، وأن الأدب هو ذاكرة الأمة التي لا تموت.وهكذا، حين نتأمل مسيرة خالد، ندرك أننا أمام امتداد طبيعي لذلك النهر التاريخي الذي بدأ منذ أن خطّ امرؤ القيس أول بيت، ووقف عنترة على صهوة فرسه معلنًا حبه وحربه. فكما أن تلك الأرض أنجبت شعراء وفرسانًا، فإنها اليوم تنجب كتّابًا ومؤرخين يسيرون في الطريق ذاته، حاملين شعلة الحرف في ليل العالم.إن خالد بن أحمد اليوسف ليس مجرد اسم في سجل الأدب السعودي، بل هو صفحة مضيئة في كتاب الرياض، وريشة رسمت بعضًا من ملامح روحها، ودليل على أن الأرض التي علّمتنا الشعر، ما زالت قادرة على أن تمنحنا السرد، وأن تزرع فينا حكاياتٍ لا تنتهي، مادامت الصحراء تنام تحت قمر الجزيرة، ومادام في الناس من يكتب، ليبقى الوطن حيًا بالكلمة.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزال الروح
- ماريا تيريزا ليوزو… سيدة الحرف المترف بين زيتون كالابريا وعب ...
- يا غيمةً
- -العراق.. وطنٌ يضيء بالوعود وينطفئ بالابتسامات-
- الذين يريدون أن يفاوضوا ملك الموت
- -لظى الشوق في غيابك-
- حين تنام القصيدة ويصحو الخراب… قراءة في نص «وطنٌ يبيع ملامحي ...
- تاريخ العقول الممنوعة — حين يصبح الفكر تهمة أكبر من الخيانة
- الكتب غير المقروءة… مقابر فاخرة للحبر
- حين تتقاتل الظلال على جدار التاريخ
- -لم يكن الوطن بيتًا مشتركًا، بل مائدة حصرية، جلس عليها من ظن ...
- -على هامش الحضيض... حين يتقوّأ السفهُ على القامات-
- كنت أحبها... وما زلت
- بغداد... حين كانت العرش والسيف والمحراب والقصيدة ...
- عبد السادة البصري... شاعرٌ نَزَفَ الجنوبُ بين حروفه .حين تصب ...
- -الدم الذي يقطر من سبحات الزيف-
- -القصة القصيرة جدًّا... أو كيف تقتل الأدب بسطرين!-
- حين يغيب العقل عن السرد: هل انتهت الفلسفة من الرواية العربية ...
- -جرذان الذهب.. وشيب العراق المنسيّ-
- موطئ القدم الناعم: خطر العمالة الأجنبية حين تستحيل أقليةً مط ...


المزيد.....




- تحذير -أسود- من هطول أمطار غزيرة.. هونغ كونغ تتعرض لموجة جدي ...
- بأسماء جديدة تماما.. الإعلان عن أعضاء لجنة تحكيم الموسم الجد ...
- رأي.. عمر حرقوص يكتب: نتنياهو.. -إسرائيل الكبرى- بأهداف متعد ...
- الاستيطان الإسرائيلي: هل تسعى إسرائيل إلى منع إمكانية إقامة ...
- باريس سان جيرمان بطل السوبر الأوروبي.. كيف قلب النتيجة ضد تو ...
- الشرطة المصرية تقبض على شبان طاردوا فتيات بسياراتهم وتسببوا ...
- غضب عربي وإسلامي من حديث نتنياهو عن -إسرائيل الكبرى-
- بين مشيد ومنتقد... جدل واسع في المغرب حول قانون مجلس الصحافة ...
- -الناس يموتون من الجوع-... أحد سكان شمال دارفور في السودان ي ...
- الحكومة السورية ترحّب بنتائج التحقيق الدولي في أحداث الساحل ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - من المعلقات إلى المكتبات: رحلة خالد اليوسف في سطور الوطن