أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي محمود - الثعلب والقنفذ، رؤية استراتيجية معاصرة














المزيد.....

الثعلب والقنفذ، رؤية استراتيجية معاصرة


حسين علي محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8434 - 2025 / 8 / 14 - 08:44
المحور: العولمة وتطورات العالم المعاصر
    


استراتيجية "الثعلب والقنفذ" هي نموذج تحليلي يقسم الناس أو المنظمات إلى فئتين : "الثعالب" و"القنافذ".
الثعالب هم أولئك الذين يتبنون مناهج متعددة الأبعاد، يسعون لتحقيق أهداف متنوعة، ويفكرون في العديد من الاحتمالات.
إن المبدأ الاساسي لإستراتيجية الثعالب يعتمد على تنوع الوسائل والاهداف والمرونة والتكيف مع الظروف المتغيرة، واقتناص الفرص المختلفة، ولكنها قد تكون مشتتة وغير مركزة.
بينما استراتيجية القنافذ، فالمبدأ الاساسي فيها التركيز على هدف واحد رئيسي والعمل بجد وتنفيذه ببراعة وتحقيق النجاح المدى الطويل ويتجاهلون الانحرافات.

رواد استراتيجية الثعلب والقنفذ هم بالدرجة الأولى :
الفيلسوف الإغريقي أرخيلوخوس (Archilochus) والمفكر المعاصر إسيا برلين (Isaiah Berlin)، لكن هذا المفهوم تطور لاحقًا وتم تبنيه في مجالات متعددة، خاصة في الإدارة والاستراتيجية، ومن أبرز من طوروه :
● أرخيلوخوس (Archilochus) الفيلسوف الإغريقي :
أول من صاغ الفكرة بصورتها المجازية من خلال قوله : "الثعلب يعرف أشياء كثيرة، لكن القنفذ يعرف شيئًا واحدًا كبيرًا."
وقد استخدمت هذه العبارة لاحقا لفهم الأنماط الفكرية والسلوكية للناس.
● إسيا برلين (Isaiah Berlin) المفكر البريطاني : في مقاله الشهير عام 1953 "القنفذ والثعلب : مقالة حول رؤية التاريخ" (The Hedgehog and the Fox)،
صنف الكتاب والمفكرين إلى نوعين :
- القنفذ : لديه فكرة مركزية واحدة ينظم بها رؤيته للعالم.
- الثعلب : يتعامل مع العالم بشكل مرن، من خلال العديد من الأفكار والخبرات.
● جيم كولينز (Jim Collins) في كتابه الشهير "من جيد إلى عظيم" (Good to Great) : استخدم مفهوم "القنفذ" كأساس استراتيجي لنجاح الشركات.
فالشركات العظيمة حسب كولينز، كانت تلك التي التزمت بما سماه "مفهوم القنفذ".
ومع انتقال مفهوم "الثعلب والقنفذ" من سياقه الفلسفي والأدبي إلى ميدان الإدارة الحديثة، أعاد مفكرون مثل جيم كولينز صياغته ضمن أطر عملية تصلح لتوجيه الشركات والقادة، ففي عالم الأعمال أصبحت هذه الاستراتيجية أداة تشخيصية تساعد على تحديد ما إذا كانت المنظمة بحاجة إلى تنويع استراتيجياتها استجابةً للتقلبات (نهج الثعلب)، أو التركيز العميق على ميزة تنافسية واحدة لتعظيم أثرها (نهج القنفذ)، وقد وجدت هذه الفكرة طريقها أيضًا إلى مجالات مثل القيادة التحويلية، وإدارة التغيير، والتخطيط الاستراتيجي، لتصبح بمثابة جسر يربط بين التنوع الفكري والالتزام المحوري، وبين الابتكار والاستدامة.

تُعد استراتيجية "الثعلب والقنفذ" إطاراً تحليلياً متعدد الأبعاد يمكن إدماجه في مفاهيم الإدارة المعاصرة مثل إدارة المعرفة والتفكير الاستراتيجي الديناميكي، فنهج "الثعلب" يتوافق مع المنظورات المرنة في بيئات العمل المعقدة، حيث يتم تبني استراتيجيات تكيّفية تعتمد على الابتكار، وتعدد مصادر المعرفة، واستشراف المستقبل.
أما نهج "القنفذ" فيرتبط بنماذج التركيز الاستراتيجي طويل المدى، التي تؤكد على الميزة التنافسية المستدامة وفق نظرية "بارني" (Barney) في الموارد الجوهرية، وبهذا يصبح الاختيار بين النهجين أو الدمج بينهما قرارًا استراتيجياً يتحدد بناءً على طبيعة الصناعة، وديناميات السوق، ومدى استقرار البيئة الخارجية، بما يتيح للمؤسسات صياغة مسارات نمو متوازنة تجمع بين المرونة والصلابة، وبين التكيف والمحافظة على الهوية الجوهرية.

■ محدوديات نموذجي القنفذ والثعلب :
فالبرغم من فاعلية النموذجين، إلا أنه يعاني من بعض القصور :
- نهج القنفذ قد يقود إلى الجمود في بيئات عالية التغير.
- نهج الثعلب قد يؤدي إلى التشتت وفقدان الميزة التنافسية.
- غياب معايير كمية دقيقة لقياس مدى نجاح تطبيق النهجين.


بعد كل ما بيناه عن استراتيجية الثعلب والقنفذ، فانه يمكن إضافة ستراتيجية ثالثة تدمج الفكرتين، توفر إطاراً مفيداً لفهم الأنماط الفكرية والسلوكية للأفراد والمنظمات، إذ يمكن تطبيق هذا الإطار على مختلف المجالات، بما في ذلك الإدارة والاستراتيجية، ولأننا في عصر رقمي يتطلب المركزية والمرونه للتغيير، بإعتماد فكرة مركزية مع عدة مناهج للعمل.

استراتيجية "النحل والنمل" يمكن أن تكون نموذجاً لهذه الاستراتيجية الهجينة.
● النحل : يمثل النحل استراتيجية تعاونية ومتخصصة، حيث يعمل الأفراد معا لتحقيق هدف مشترك.
يتخصص النحل في أدوار مختلفة، مثل جمع الرحيق أو إنتاج العسل، ويعتمد على تعاون الفريق لتحقيق النجاح.

● النمل : يمثل النمل استراتيجية تعاونية ومرنة، حيث يعمل الأفراد معا لتحقيق هدف مشترك.
يتكيف النمل مع التحديات والتهديدات، ويعتمد على تعاون الفريق لتحقيق النجاح.

من خلال دمج استراتيجية النحل والنمل، يمكننا الاستفادة من قوة كلتا الاستراتيجيتين، حيث يمكننا تحقيق أهدافنا من خلال التعاون والعمل الجماعي، مع الحفاظ على المرونة والتكيف مع التحديات والتهديدات.
في عصرنا الرقمي الحالي، يمكن أن تكون استراتيجية "النحل والنمل" مفيدة للمنظمات التي ترغب في تحقيق النجاح في بيئة سريعة التغير، كما يمكن تطبيق هذه الاستراتيجية من خلال :
- تعزيز ثقافة التعاون والعمل الجماعي والمساءلة المشتركة.
- وضع هدف مركزي واضح يتفق عليه جميع الأعضاء.
- توزيع الأدوار بناءً على التخصص مع مرونة لإعادة توزيعها عند الحاجة.
- الحفاظ على المرونة والتكيف مع التحديات والتهديدات.
- تحقيق الأهداف من خلال العمل الجماعي والتعاوني.
- الاستثمار في أنظمة معلومات تدعم اتخاذ القرار السريع.



#حسين_علي_محمود (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ممر ترامب، إعادة تشكيل موازين القوى في جنوب القوقاز وإيران
- زيارة لاريجاني إلى بغداد، رسائل استراتيجية في لحظة إقليمية ح ...
- لابوبو بين الموضة ونظريات المؤامرة
- خور عبد الله بين اتفاقيات الأمر الواقع وتحديات الاستقلال الب ...
- دكاترة من ورق، وألقاب بلا معرفة
- الثقافة البائسة، عندما تتحوّل العلاقات الإنسانية إلى دفتر حس ...
- البيدوفيليا، مقاربة أنثروبولوجية-سوسيولوجية في الجذور والأبع ...
- ممر داوود، تفكيك سوريا خدمةً لإسرائيل الكبرى!!
- البعد السياسي والتأثير الرمزي لربطة العنق
- من تل أبيب إلى واشنطن، كيف يوظف نتنياهو وترامب الحروب للهروب ...
- الفرق بين الرغبة الجنسية عند الرجل والمرأة، قراءة سوسيولوجية ...
- في أزمة التفاهة، هل نملك ما نحمي به المجتمع؟؟
- بين طهران وتل أبيب، ما بعد الإثني عشر يوماً
- مازاران، ظلّ السلطة ودهاء السياسة
- طهران ما بعد انهيار النووي وحرب استنزاف لا مهرب منها !!
- من يفوز جائزته الشرق الاوسط
- قصف وايزمان دِلالات إيرانية ورسائل استراتيجية
- ميكافيلية الحاكم من فلسفة السلطة الى تزييف الوعي
- ‏مضيق هرمز الكارت الستراتيجي الاخير لدى إيران
- عملية -الأسد الصاعد- ورسم شرق أوسط جديد


المزيد.....




- بين التقارب والانزعاج.. تاريخ علاقة ترامب مع بوتين
- لقاء ترامب وبوتين: ماذا نعرف عنه؟
- معدن نيزكي نادر يكسر قواعد انتقال الحرارة ويذهل العلماء
- مصر تدين -ما يسمى بإسرائيل الكبرى- وتطالب الدولة العبرية بإي ...
- حصاد التجويع المنهجي لقطاع غزة
- أي مستقبل لملف السويداء السورية؟
- تقدم في المفاوضات مع إندونيسيا وأرض الصومال لاستقبال الغزيين ...
- زيارة لاريجاني إلى لبنان.. رسائل إيرانية تصطدم بجدار السيادة ...
- اجتاح أوروبا.. -تسونامي الاعتراف- بفلسطين يشعل الجدل الدولي ...
- -أرانب الزومبي- تثير ذعرا في ولاية أميركية


المزيد.....

- نبذ العدمية: هل نكون مخطئين حقًا: العدمية المستنيرة أم الطبي ... / زهير الخويلدي
- Express To Impress عبر لتؤثر / محمد عبد الكريم يوسف
- التدريب الاستراتيجي مفاهيم وآفاق / محمد عبد الكريم يوسف
- Incoterms 2000 القواعد التجارية الدولية / محمد عبد الكريم يوسف
- النتائج الايتيقية والجمالية لما بعد الحداثة أو نزيف الخطاب ف ... / زهير الخويلدي
- قضايا جيوستراتيجية / مرزوق الحلالي
- ثلاثة صيغ للنظرية الجديدة ( مخطوطات ) ....تنتظر دار النشر ال ... / حسين عجيب
- الكتاب السادس _ المخطوط الكامل ( جاهز للنشر ) / حسين عجيب
- التآكل الخفي لهيمنة الدولار: عوامل التنويع النشطة وصعود احتي ... / محمود الصباغ
- هل الانسان الحالي ذكي أم غبي ؟ _ النص الكامل / حسين عجيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العولمة وتطورات العالم المعاصر - حسين علي محمود - الثعلب والقنفذ، رؤية استراتيجية معاصرة