أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - الاندماج والتعنصر لدى المهاجرين في المجتمعات الحديثة














المزيد.....

الاندماج والتعنصر لدى المهاجرين في المجتمعات الحديثة


رحيم حمادي غضبان
(Raheem Hamadey Ghadban)


الحوار المتمدن-العدد: 8433 - 2025 / 8 / 13 - 12:28
المحور: المجتمع المدني
    


إن المفاهيم الكيميائية مثل الخليط والمزيج والمحلول والمركب يمكن أن تشكّل مدخلًا استعاريًا لفهم بنية المجتمعات الحديثة، خاصة في ظل التغيرات الديموغرافية الناتجة عن موجات الهجرة المتزايدة لأسباب سياسية أو اقتصادية أو إنسانية. ففي الكيمياء، يختلف الخليط عن المركب من حيث تمازج العناصر وتغير خصائصها؛ فـ"الخليط" يحافظ على صفات مكوناته الأصلية، بينما "المركب" ينتج مادة جديدة بخصائص مغايرة، أما "المحلول" فيمثل حالة من التجانس التام بين مكوناته. وبالمثل، قد يتكون المجتمع المعاصر من جماعات متعددة الخلفيات الثقافية واللغوية والدينية، لكن درجة انسجامها أو اندماجها تتباين تبعًا لعوامل سياسية وثقافية واقتصادية.

وفق نظريات علم الاجتماع، مثل نظرية الاندماج الثقافي (Cultural Assimilation) ونظرية التعددية الثقافية (Cultural Pluralism)، فإن نجاح المجتمع في تحقيق التماسك يرتبط بقدرته على إيجاد أرضية قيمية مشتركة تحافظ على التنوع دون فرض التجانس القسري أو الإقصاء. غير أن التحدي يزداد حين يهيمن ما يمكن وصفه بـ"التعنصر" — أي ترسيخ الحواجز الذهنية والهوياتية بين الجماعات — حتى في حال تحققت شروط المواطنة القانونية.

في هذا السياق، تبرز تصريحات رئيس حزب السويد الديمقراطي (SD)، التي مفادها أن "المهاجر لا يمكن أن يصبح سويديًا حتى لو حصل على الجنسية السويدية"، كمثال واضح على التعنصر؛ إذ استشهد بنفسه قائلًا إنه لو هاجر إلى سوريا وعاش فيها، فلن يصبح سوريًا. هذا المنطق يعكس منظورًا انغلاقيا يرى الهوية الوطنية أمرًا وراثيًا أو إثنيًا أكثر من كونها رابطة مدنية قائمة على الحقوق والواجبات، وهو ما يتعارض مع المفهوم الحديث للمواطنة.

تأثير هذا الخطاب خطير، إذ يُحوّل الانتماء الوطني إلى معيار إثني، ويغذي الانقسام بدلًا من تعزيز التماسك. ومن منظور سوسيولوجي، فإن التعامل مع هذه الظاهرة يتطلب حلولًا شاملة، منها: تبني سياسات تعليمية تعزز اللغة الوطنية المشتركة بوصفها أداة للاندماج، وإطلاق برامج دمج اقتصادي واجتماعي توفر فرص العمل والمشاركة السياسية لكل الفئات، وإرساء آليات مستمرة للحوار بين المكونات المختلفة لكسر الصور النمطية المتبادلة، فضلًا عن وضع أطر قانونية صارمة لمواجهة الخطابات الإقصائية أو العنصرية.

إن بناء مجتمع متماسك في ظل التنوع لا يتحقق بإنكار الاختلاف أو إذابته قسرًا، بل بإدارته إدارة ذكية تحول المجتمع من "خليط" هش إلى "مركب" اجتماعي متين، حيث تصبح الفروق الثقافية مصدرًا للإثراء لا للتفرقة، ويستند الانتماء إلى قيم المواطنة والعدالة، لا إلى محددات الدم أو الأصل.



#رحيم_حمادي_غضبان_العمري (هاشتاغ)       Raheem_Hamadey_Ghadban#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أحلام قسد المستقبلية
- الاثباتات الجنائية في جريمة الزنا
- بريطانيا ودولة فلسطين
- الوحدة 8200
- خور عبدالله نزاع سياسي ام حق جغرافي
- خور عبدالله صراع سياسي ام حق جغرافي؟
- ليل بغداد
- الرجولة والذكورية والفرق بينهما
- المذهبيه وأثرها السلبي على وحدة الشعوب الاسلامية
- التدخل الأسرائلي في السويداء
- الاقتتال الشيعي المحتمل في العراق
- العلمانية والمجتمع الأسلامي
- المودة سبيل النجاة والصلح منهج العقلاء
- الكرد.ماذا بعد تسليم السلاح؟
- السلاح المنفلت بين الارادة الداخلية والأوامر الخارجية(لبنان. ...
- أمي ثم أمي
- بريكس والدولار
- الشرق الأوسط بين المطرقة والسندان
- العقيدة الشخصية. بين الحرية الفردية وأحترام الأخرين والمجتمع
- الضابطة التي ودعت الحلم على الأسفلت


المزيد.....




- الأمم المتحدة تدين استهداف إسرائيل لعناصر تأمين المساعدات بغ ...
- الأمم المتحدة تدين استهداف إسرائيل عناصر تأمين المساعدات بغز ...
- بسبب الوضع الإنساني في غزة.. انقسامات أوروبية حول معاقبة إسر ...
- الأمم المتحدة: مقتل وإصابة منتظري المساعدات في غزة مقلق للغا ...
- احتجاج أمام منزل كاتس وعائلات الأسرى بغزة تنظم غدا عشرات الم ...
- الأمم المتحدة: إسرائيل اغتالت 1760 مجوّعا فلسطينيا
- الأمم المتحدة: إسرائيل اغتالت 1760 مجوّعا فلسطينيا
- حماس تندد بإدراجها بالقائمة السوداء لمرتكبي الجرائم الجنسية ...
- الأمم المتحدة: قوات الاحتلال قتلت 46 من عناصر تأمين المساعدا ...
- أحداث الساحل السوري بين رواية دمشق وتقرير لجنة الأمم المتحدة ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - رحيم حمادي غضبان - الاندماج والتعنصر لدى المهاجرين في المجتمعات الحديثة