أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - تحليل: العالم يعيد كتابة الرواية














المزيد.....

تحليل: العالم يعيد كتابة الرواية


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8432 - 2025 / 8 / 12 - 17:00
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ عقود، ظل الاعتراف بدولة فلسطينية حلماً معلقاً بين قاعات الأمم المتحدة وضجيج السياسة الدولية. لكن شيئاً ما تغير في السنوات الأخيرة، وتحديداً في الشهور الأخيرة، حيث بدأنا نشهد تحولاً ملحوظاً في مواقف دول كبرى، حتى تلك التي كانت لعقود تميل بوضوح نحو إسرائيل، وهي اليوم تعلن صراحةً اعترافها بفلسطين، أو على الأقل نيتها فعل ذلك قريباً.
هذا التحول يمثل نقطة مفصلية في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ويعيد تشكيل المشهد الجيوسياسي في المنطقة والعالم. السؤال هنا: ما الذي يدفع هذه الدول، خاصة الأوروبية الكبرى، إلى كسر ما كان يوماً من "التابوهات" السياسية؟ وما هي تداعيات هذا التحول على مستقبل القضية الفلسطينية؟
لم تعد قائمة الدول المعترفة بدولة فلسطين مقتصرة على الدول التقليدية الداعمة للقضية. فإيرلندا، النرويج، إسبانيا، سلوفينيا، أرمينيا، والمكسيك، وصولاً إلى جزر الكاريبي مثل البهاما وترينيداد وتوباغو وجامايكا وبربادوس، قد أضافت ثقلها إلى قائمة الـ 147 دولة التي تعترف بالفعل بدولة فلسطين، من أصل 193 دولة عضو في الأمم المتحدة.
هذا الانضمام لدول أوروبية ذات وزن سياسي واقتصادي، يمنح الاعتراف زخماً رمزياً وسياسياً كبيراً، ويشير إلى تحول في المزاج العام تجاه القضية الفلسطينية. والأكثر أهمية هو أن الأفق يلوح بأسماء ثقيلة الوزن مثل أستراليا، كندا، المملكة المتحدة، وفرنسا، البرتغال ومالطا، وهي دول إذا أقدمت على هذه الخطوة، فإنها ستمنح القضية الفلسطينية زخماً غير مسبوق على الساحة الدولية، وتضع ضغوطاً إضافية على إسرائيل والمجتمع الدولي لإيجاد حل عادل وشامل.
إن السؤال المحوري الذي يطرح نفسه هو: ما الذي يدفع هذه الدول، خاصة الأوروبية الكبرى، إلى كسر ما كان يوماً من "التابوهات" السياسية؟ الإجابة تحمل أكثر من وجه، وتتداخل فيها عوامل تاريخية ودبلوماسية وأخلاقية. فمن جهة، هناك إرث دبلوماسي عربي طويل، قديم وحديث، لم يتوقف عن طرق أبواب العواصم ومؤسسات القرار، رغم محدودية الإنجازات الملموسة أحياناً. هذا الجهد الدبلوماسي المستمر، والذي يشمل تواصل القيادات الفلسطينية والعربية مع المجتمع الدولي، لعب دوراً أساسياً في إبقاء القضية حية على الأجندة الدولية، وتهيئة الأرضية لمثل هذه التحولات.
لكن من جهة أخرى، لا يمكن تجاهل أن إسرائيل نفسها لعبت، من حيث لا تريد، دوراً محورياً في هذا التحول. فصور الحرب المدمرة في غزة، والمجازر بحق المدنيين الأبرياء، والتقارير الدولية المتزايدة التي تتحدث عن انتهاكات جسيمة للقانون الدولي الإنساني، صارت عبئاً أخلاقياً وسياسياً ثقيلاً على حكومات غربية أمام شعوبها.
في زمن لم تعد فيه الكاميرا تُدار من طرف واحد، ومع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي التي تنقل الأحداث لحظة بلحظة، أصبح من الصعب على الحكومات تجاهل الضغط الشعبي المتزايد الذي يطالب بوقف الانتهاكات وإنصاف الفلسطينيين.
الدول الأوروبية، التي لطالما تمسكت بـ"حل الدولتين" كشعار دبلوماسي فارغ، تجد نفسها اليوم تحت ضغط شعبي وإعلامي متزايد، يدفعها لتحويل الشعار إلى فعل. هذا الضغط ليس مجرد تعبير عن تعاطف، بل هو انعكاس لتغير في الوعي العالمي تجاه الصراع، حيث لم يعد من المقبول التغاضي عن معاناة شعب بأكمله.
بعض هذه الدول، بدافع من قناعات أخلاقية وسياسية، تريد فعلاً إنصاف الفلسطينيين وتحقيق العدالة. بينما يرى البعض الآخر في الاعتراف رسالة سياسية قاسية إلى إسرائيل، مفادها أن صبر العالم على سياساتها التي تقوض حل الدولتين قد نفد، وأن استمرار الاحتلال والتوسع الاستيطاني لن يمر دون عواقب دبلوماسية وسياسية.
هذه اللحظة التاريخية، التي تشهد تزايداً في الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، تحمل في طياتها فرصاً وتحديات لكل من الفلسطينيين والإسرائيليين. بالنسبة للفلسطينيين، قد تكون هذه فرصة ذهبية، إذا ما أحسنوا استثمارها سياسياً وقانونياً. فالاعتراف المتزايد يمنحهم شرعية دولية أكبر، ويعزز من موقفهم في المحافل الدولية، ويمكن أن يفتح آفاقاً جديدة للدعم الدبلوماسي والاقتصادي. يجب على القيادة الفلسطينية استغلال هذا الزخم لبناء مؤسسات الدولة، وتعزيز الوحدة الوطنية، والعمل على تفعيل هذه الاعترافات على أرض الواقع، وتحويلها إلى خطوات عملية نحو إنهاء الاحتلال وإقامة الدولة المستقلة.
أما بالنسبة لإسرائيل، فإن هذه الموجة من الاعترافات تمثل رسالة تحذير واضحة: العالم بدأ يميل نحو الطرف الذي اعتاد أن يصفه بـ"الخاسر الدائم". فبينما تحصد فلسطين اعترافاً بعد الآخر، تجد إسرائيل نفسها، رغم اعتراف نحو 165 دولة بها، في مواجهة موجة عزلة ناعمة ولكنها تتصاعد بثبات. هذه العزلة لا تقتصر على الجانب الدبلوماسي فحسب، بل قد تمتد لتشمل الجوانب الاقتصادية والثقافية، وتؤثر على مكانة إسرائيل في المجتمع الدولي.
إن استمرار السياسات الحالية، التي تتجاهل الحقوق الفلسطينية وتعيق حل الدولتين، لن يؤدي إلا إلى تعميق هذه العزلة وزيادة الضغوط الدولية عليها. إن المقارنة بين عدد الدول المعترفة بفلسطين حتى الآن (147+) وعدد الدول المعترفة بإسرائيل (165) تظهر تقارباً ملحوظاً، مما يشير إلى تآكل الدعم التقليدي لإسرائيل وتزايد التعاطف مع القضية الفلسطينية.
إن موجة الاعترافات الدولية المتزايدة بدولة فلسطين ليست مجرد حدث دبلوماسي عابر، بل هي مؤشر على تحول عميق في الرواية العالمية للصراع الفلسطيني الإسرائيلي. لقد بدأ العالم يرى بوضوح أن استمرار الوضع الراهن غير مستدام، وأن العدالة والإنصاف يجب أن يسودا.
ربما هي ليست نهاية المعركة، لكنها بالتأكيد بداية فصل جديد فيها، فصل قد يكون عنوانه: "العالم يعيد كتابة الرواية". هذا الفصل يتطلب من جميع الأطراف إعادة تقييم مواقفها، والعمل بجدية أكبر نحو تحقيق سلام عادل وشامل يضمن حقوق الجميع.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ما وراء نوايا احتلال مدينة غزة
- فكر معي: هل نعبد الله حبًا أم طمعًا؟
- حل الدولتين: ستار دخان على فضيحة أخلاقية عالمية
- لماذا يكتب مستقبل فلسطين بغير الحبر العربي؟
- رحيل عبقري لم يعرف التنازل في حياته..!
- العرب يرقصون وغزة تحترق
- فلسطين: فضيحة العرب
- المسجد والكنيسة.. كلاهما بيتنا
- حين يكون الحب شبهة أمنية..!
- العقيدة القديمة والخوف من المجهول
- غزة بين فكّي الاحتلال والتهجير
- نربي القاتل ونبكي القتيل..
- مآذن الصمت العربي
- لماذا علينا، نحن عرب الداخل، أن نقلق؟
- إسرائيل: صناعة رأي عام خائف ومُدجّن
- تآكل حرية التعبير لدى عرب الداخل
- أيمن عودة في مرمى الاغتيال السياسي
- من الكنيست إلى الشارع: العنصرية بلا خجل
- إسرائيل: العنصرية من الهمس إلى الصراخ
- كاملٌ بذاته


المزيد.....




- قوات روسية تخترق دفاعات أوكرانية في دونيتسك قبل أيام من قمة ...
- الانتقال إلى إيطاليا قد يكون خطة جيمي كيميل البديلة
- إسرائيل: حرب ردود بين وزير الدفاع ورئيس الأركان.. و-التعيينا ...
- - فلسطين حرّة-.. رسالة من مراقب جوي فرنسي إلى طياري شركة -إل ...
- شركة -البحري- السعودية تنفي نقلها أسلحة لإسرائيل على متن سفي ...
- رونالدو وجورجينا.. خطوبة وقصة حب وقيراطات ألماس ثمنها ملايين ...
- -قبة حرارية فوق أوروبا!-.. جفاف وحر وحرائق وجو يحبس الأنفاس ...
- لماذا اغتالت إسرائيل أنس الشريف؟
- سرايا القدس تبث مشاهد لقصف مستوطنتين إسرائيليتين بغلاف غزة
- نشطاء يشيدون بنباهة طفل يمني أنقذ شقيقته من محاولة اختطاف


المزيد.....

- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- جبرا نيقولا وتوجه اليسار الراديكالي(التروتسكى) فى فلسطين[2]. ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ااختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- اختلاق تاريخ إسرائيل القديمة / سعيد مضيه
- رد الاعتبار للتاريخ الفلسطيني / سعيد مضيه
- تمزيق الأقنعة التنكرية -3 / سعيد مضيه
- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - تحليل: العالم يعيد كتابة الرواية