أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - لماذا يكتب مستقبل فلسطين بغير الحبر العربي؟














المزيد.....

لماذا يكتب مستقبل فلسطين بغير الحبر العربي؟


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8419 - 2025 / 7 / 30 - 22:14
المحور: القضية الفلسطينية
    


في جغرافيا السياسة المعقدة للشرق الأوسط، لا وجود لفراغ. كل انسحاب هو في جوهره تسليم للمواقع، وكل صمت هو إذن للآخرين بالصراخ. ولزمن طويل، اختارت قوى عربية وازنة، وعلى رأسها المملكة العربية السعودية، مقاربة "المتفرج الحذر" تجاه القضية الفلسطينية. اكتفت الرياض بدور المراقب الذي يُصدر بيانات بروتوكولية، ويقدم دعماً مالياً، دون أن تترجم ثقلها السياسي والديني إلى فعل استراتيجي حقيقي على الأرض. لكن هذا التكتيك، الذي ربما كان يهدف إلى تجنّب التعقيدات، تحوّل إلى خطأ استراتيجي، ترك الساحة مفتوحة أمام قوى إقليمية أخرى برعت في ملء هذا الفراغ.
أدركت طهران منذ عقود أن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع حدودي، بل هي أقوى أصل رمزي في العالمين العربي والإسلامي. منذ ثورة 1979، وضعت فلسطين في قلب خطابها السياسي، فحولت السفارة الإسرائيلية في طهران إلى سفارة فلسطينية، وأعلنت "يوم القدس العالمي"، وأسست "فيلق القدس" كذراع لدعم حركات المقاومة.
لم يكن هذا النهج بدافع العاطفة فقط، بل جاء ضمن حسابات دقيقة:
أولا- كسب الوجدان العربي: عبر تبني خطاب المقاومة، قدّمت إيران نفسها كطرف حاضر حيث غاب العرب، خاصة بعد خروج مصر من معادلة الصراع المباشر باتفاقية كامب ديفيد.
ثانيا- تعزيز نفوذها الإقليمي: استفادت إيران من القضية الفلسطينية كورقة قوة تضاف إلى أدواتها في الساحة الإقليمية.
ثالثا - ورقة تفاوضية دولية: أصبح دعم الفصائل الفلسطينية أداة فاعلة في معاركها مع الغرب وإسرائيل، لا سيما في ملفات حساسة كالبرنامج النووي.
هكذا، لم تترك طهران مساحة فارغة، بل ملأت غياب الدور العربي بخطاب وممارسات أثّرت بعمق في المشهد الإقليمي.
في المقابل، يبدو أن الرياض بدأت تدرك خطورة هذا الغياب. لهجتها باتت أكثر وضوحًا، وخطواتها أكثر حضورًا، كما في رعايتها المشتركة مع فرنسا لمؤتمر حل الدولتين في نيويورك. وفي تموز/يوليو 2025، شاركت مع 16 دولة أخرى في دعوة حركة حماس لتسليم سلاحها للسلطة الفلسطينية ضمن رؤية موحدة للدولة. ورغم أن هذه خطوة إيجابية، إلا أنها تبقى متواضعة قياسًا بما تفرضه التحولات المتسارعة على الأرض.
فالواقع لا ينتظر: إسرائيل تواصل فرض وقائع جديدة بسياساتها التوسعية، وقوى إقليمية تبني نفوذها من خلال خطاب المقاومة، فيما يظل الموقف العربي محصورًا في دائرة المؤتمرات والبيانات.
الحقيقة التي أثبتها التاريخ المعاصر أن أي تحرك عربي فاعل لا ينجح دون شراكة حقيقية بين القاهرة والرياض. غياب هذا التنسيق حوّل القضية الفلسطينية، بل والقضايا العربية عمومًا، إلى ملفات مفتوحة للتدخل والابتزاز من الخارج، سواء من القوى الكبرى أو من القوى الإقليمية التي تملأ فراغ الغياب العربي.
مصر بدورها تبذل جهودًا حثيثة، خصوصًا في ملفات الوساطة ووقف إطلاق النار في قطاع غزة وإدخال المساعدات لأهاليه، لكنها غالبًا ما تأتي كردود فعل لأزمات متفجرة، لا كجزء من رؤية استراتيجية متكاملة.
والسؤال اليوم: هل تدرك الرياض والقاهرة أن تجاهل القضية الفلسطينية لم يعد ترفًا سياسيًا، بل أصبح خسارة استراتيجية يومية؟ إن كل يوم يمر دون فعل عربي موحد وقوي هو تنازل إضافي عن أوراق القوة لصالح لاعبين آخرين.
إن استعادة زمام المبادرة لا تتحقق بالشعارات، ولا بالمؤتمرات التي لا تملك آليات تنفيذ، بل تبدأ من صياغة استراتيجية عربية موحدة تتجاوز الخلافات التكتيكية وتضع رؤية عملية للقضية الفلسطينية. ومن استخدام أوراق الضغط الاقتصادية والسياسية التي تملكها دول عربية كبرى لفرض تكلفة حقيقية على الاحتلال. ومن تقديم بديل عربي جاد يثبت حضوره إلى جانب الشعب الفلسطيني، ويجعل الرهان على غير العرب خيارًا أقل جدوى.
إن لم تتحرك العاصمتان العربيتان الأهمّ في أسرع وقت، فإن مستقبل المنطقة سيظل مرتهنًا بقرارات الآخرين، فيما يقف العرب متفرجين على قضيتهم المركزية وهي تُستنزف حتى آخر قطرة.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رحيل عبقري لم يعرف التنازل في حياته..!
- العرب يرقصون وغزة تحترق
- فلسطين: فضيحة العرب
- المسجد والكنيسة.. كلاهما بيتنا
- حين يكون الحب شبهة أمنية..!
- العقيدة القديمة والخوف من المجهول
- غزة بين فكّي الاحتلال والتهجير
- نربي القاتل ونبكي القتيل..
- مآذن الصمت العربي
- لماذا علينا، نحن عرب الداخل، أن نقلق؟
- إسرائيل: صناعة رأي عام خائف ومُدجّن
- تآكل حرية التعبير لدى عرب الداخل
- أيمن عودة في مرمى الاغتيال السياسي
- من الكنيست إلى الشارع: العنصرية بلا خجل
- إسرائيل: العنصرية من الهمس إلى الصراخ
- كاملٌ بذاته
- من المنتصر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟
- الرد الإيراني: رمزي ومحسوب
- سيناريوهات الرد على الضربة الأميركية
- قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة


المزيد.....




- تصميم سعودي و200 ساعة عمل.. أحدث إطلالة لجينا أورتيغا
- بعد تقليله من شأن علاقته بإبستين.. شاهد كيف تحشد وسائل الإعل ...
- شاهد كيف علق مراسل CNN على دعوة دول عربية حماس الى نزع سلاحه ...
- شقيق الطيار الكساسبة يعلّق على قرار محكمة ستوكهولم بإدانة وح ...
- رسائل متناقضة في لبنان: ماذا سيحدث لسلاح حزب الله؟
- وزير الخارجية السوري عقب لقائه نظيره الروسي في موسكو: لا نية ...
- إيران تستنكر العقوبات الأميركية الجديدة على -أسطول شمخاني- و ...
- وسط دعوات حصر السلاح.. ما هي القدرات العسكرية للجيش اللبناني ...
- -يولكا- في حماية بوتين.. تعرّف على التقنية الروسية الجديدة ا ...
- بعد تعديل تقرير عن طفل غزة.. احتجاجات واتهامات لصحيفة نيويور ...


المزيد.....

- لتمزيق الأقنعة التنكرية عن الكيان الصهيو امبريالي / سعيد مضيه
- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - لماذا يكتب مستقبل فلسطين بغير الحبر العربي؟