أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناضل حسنين - نربي القاتل ونبكي القتيل..














المزيد.....

نربي القاتل ونبكي القتيل..


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8399 - 2025 / 7 / 10 - 10:23
المحور: المجتمع المدني
    


كلما دوت رصاصة في بلدة عربية، لا أحد يهرع إلى الشرطة. بل نلتقط على الفور هواتفنا، نفتح قوائم الضحايا، نضيف اسمًا جديدًا، فنحن نعد الجثث كما يعد الفلاحون رؤوس الماشية. كم وصل العدد اليوم؟ من يجرؤ أن يعرف؟ ربما ونحن نكتب هذه الكلمات، هناك رصاصة جديدة تبحث عن عنق جديد، عن اسم جديد يُضاف إلى سجل الموتى المجانيين لعرب الداخل.
الموت هنا لا يحتاج إلى سبب. لا خصومة، لا ثأر، لا حتى نظرة عابرة في زقاق مظلم. الموت عندنا مثل الخبز، يتوزع على الجميع، ينتظر فقط من يتطوع ليكون رقمه التالي. الشرطة الإسرائيلية تقول: العنف في دمكم، في جيناتكم، في ملامحكم. كأن أطفالنا يولدون وفي أفواههم فوهة مسدس بدل المصاصة. والقيادات العربية المحلية ترد وتصرخ: تقاعس، تمييز، ميزانيات! وأنا أقول: كلكم تتكلمون، كلكم تشجبون، كلكم تغسلون أيديكم، والدم ينزف على الأرصفة، يلمع تحت ضوء القمر مثل نياشين الشرف المفقود.
الحقيقة لا تحتاج إلى لجان تحقيق ولا إلى ميزانيات. الحقيقة تصفعنا كل صباح حين نفتح النوافذ ونشم رائحة البارود. عصابات تكبر في وضح النهار، تتضخم مثل الكوابيس، تحتل الأزقة، تسرق أولادنا، والشرطة تتثاءب، تتثاءب حتى تظنها تمارس الصمت بلياقة محترف. الدولة لا تلاحق القاتل إذا كان القتيل عربيًا. لماذا؟ لأن فتح ملف جريمة يعني محققين، يعني رواتب، يعني محاكم وسجون وتكاليف، والدولة لا تملك رفاهية الإنفاق على دمنا لأن دمنا رخيص. نحن نموت مجانًا، نُدفن بصمت، ولا أحد يسأل عن الجاني ولا عن الضحية. كلها أرقام صماء، لا تعني أحدًا سوى موظف الإحصاء.
لكن، هل أيدينا نظيفة؟ من الذي ربى القاتل؟ من الذي يبارك له حين يشتري سيارة لا يملكها موظف بعد أربعين عامًا من الخدمة؟ من الذي لا يسأل: من أين لك هذا؟ من الذي يرى ابنه يعود فجرًا كل ليلة ويكتفي بالدعاء؟ من الذي يرى ابنه يتسكع مع أصحاب الدم المسفوك ويصمت، ثم حين يُقتل، يملأ الدنيا نحيبًا وتمثيلًا؟ التمثيل عندنا صار تخصصًا. نبكي على القتيل وكأننا لم نكن نعلم أنه يعيش على حد السكين. نرفع صورته في الجنازة ونكتب "لن ننساك"، بينما نحن من نسيه حيًا وتركه يفعل ما يشاء.
نقارب المئة والخمسين جريمة منذ بداية العام. الشرطة لم تكشف إلا القليل، وحتى هذا القليل، يكون القاتل هو من سلم نفسه، ليس حبًا في القانون، بل لأنه معروف بدون تحقيق او تحريات.
ومع ذلك، سيقول لك أحدهم: ما ذنب الأهل؟ ذنبهم أنهم صمتوا، باركوا، افتخروا، استفادوا. ذنبهم أنهم قبلوا أن يشتري لهم ابنهم الثلاجة من دم غيره، أن يسدد فواتيرهم بمال قذر، أن يهديهم سيارة ثم يهدي نفسه إلى قبره بعدها بأيام. الذنب أنهم قبلوا.
لا تقبل. أقولها لك الآن قبل أن يُقال لك: البقية في حياتك. لا تقبل أن يتحول بيتك إلى مغسل دماء وأنت صامت. لا تقبل أن تسكت عن ابنك حين يخطو أول خطوة في طريق الإجرام، لأن الخطوة التالية قد تكون إلى المقبرة، وستكون أنت أول من يسير خلفه.
المجرمون ليسوا مخلوقات فضائية. إنهم أولادنا. نحن من رباهم على أن الرجولة سلاح، وأن المال لا يُسأل من أين جاء، وأن من لا يحمل سكينًا فهو جبان. ثم نتظاهر بالصدمة حين نجدهم على صفحات النعي.
كفى. لا نحتاج إلى مؤتمرات ولا إلى لجان. نحتاج فقط إلى مرآة... نحدّق فيها طويلًا حتى نرى القاتل الحقيقي.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مآذن الصمت العربي
- لماذا علينا، نحن عرب الداخل، أن نقلق؟
- إسرائيل: صناعة رأي عام خائف ومُدجّن
- تآكل حرية التعبير لدى عرب الداخل
- أيمن عودة في مرمى الاغتيال السياسي
- من الكنيست إلى الشارع: العنصرية بلا خجل
- إسرائيل: العنصرية من الهمس إلى الصراخ
- كاملٌ بذاته
- من المنتصر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟
- الرد الإيراني: رمزي ومحسوب
- سيناريوهات الرد على الضربة الأميركية
- قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة
- ترامب ونتنياهو: مَن يستخدم مَن؟
- هل صارت إسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة؟
- الجريمة تنهش عرب الداخل
- صرخة..
- يوم -القيامة- ..
- المواطن في إسرائيل يدخل كتاب غينيس
- المسيحي الفلسطيني...
- إيران تستعرض... وإسرائيل تنفّذ


المزيد.....




- السعودية: الداخلية تعلن إعدام مواطن -تعزيرا- بتهمة ترويج الم ...
- الأونروا: تصاعد في حالات سوء التغذية بغزة
- الجنائية الدولية تشير لأدلة على ارتكاب جرائم حرب في دارفور
- إسرائيل تستهدف موقعا لتوزيع المياه بغزة والأونروا ترصد تفاقم ...
- الأونروا: نواصل عملنا لمساعدة أكثر الفئات ضعفاً في غزة
- الأونروا: زيادة في عدد حالات سوء التغذية في غزة
- لماذا يستهدف الاحتلال الأسرى المحررين بغزة؟
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات في الضفة الغربية
- نتنياهو: نتوقع التوصل لاتفاق يدوم 60 يوما ويسمح بعودة نصف ال ...
- آلاف الإسرائيليين يتظاهرون للمطالبة بصفقة لإطلاق سراح الرهائ ...


المزيد.....

- أسئلة خيارات متعددة في الاستراتيجية / محمد عبد الكريم يوسف
- أية رسالة للتنشيط السوسيوثقافي في تكوين شخصية المرء -الأطفال ... / موافق محمد
- بيداغوجيا البُرْهانِ فِي فَضاءِ الثَوْرَةِ الرَقْمِيَّةِ / علي أسعد وطفة
- مأزق الحريات الأكاديمية في الجامعات العربية: مقاربة نقدية / علي أسعد وطفة
- العدوانية الإنسانية في سيكولوجيا فرويد / علي أسعد وطفة
- الاتصالات الخاصة بالراديو البحري باللغتين العربية والانكليزي ... / محمد عبد الكريم يوسف
- التونسيات واستفتاء 25 جويلية :2022 إلى المقاطعة لا مصلحة للن ... / حمه الهمامي
- تحليل الاستغلال بين العمل الشاق والتطفل الضار / زهير الخويلدي
- منظمات المجتمع المدني في سوريا بعد العام 2011 .. سياسة اللاس ... / رامي نصرالله
- من أجل السلام الدائم، عمونيال كانط / زهير الخويلدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - المجتمع المدني - ناضل حسنين - نربي القاتل ونبكي القتيل..