أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - غزة بين فكّي الاحتلال والتهجير














المزيد.....

غزة بين فكّي الاحتلال والتهجير


ناضل حسنين
الكاتب الصحفي

(Nadel Hasanain)


الحوار المتمدن-العدد: 8401 - 2025 / 7 / 12 - 14:48
المحور: القضية الفلسطينية
    


منذ أن تمددت آليات جيش الاحتلال داخل قطاع غزة، لم يعد السؤال "من يسيطر؟"، بل "إلى أين تتجه الأمور؟". فغزة اليوم ليست تحت الاحتلال وحسب، بل تحت مشرط تفكيك ممنهج. وما يحدث ميدانيًا لا يُشبه أي جولة سابقة. هذه ليست عملية عسكرية محدودة، ولا هي "ضربة تأديب" كما أحبت إسرائيل أن تسوق هجماتها سابقًا، بل خطة تدميرية استراتيجية تشبه إعادة تهيئة الأرض من جديد.
للوهلة الأولى، قد يبدو أن حماس فقدت السيطرة على قطاع غزة. وهذا صحيح جزئيًا. فوجود جيش الاحتلال في قلب القطاع، وغياب مؤسسات السلطة الإدارية والمدنية للحركة، وتهجير مئات آلاف السكان، كلّها دلائل على تفكك الهيكل التنظيمي الظاهر. لكن التفكك لا يعني الانهيار.
ما يحدث هو تحول: من سلطة مهيمنة إلى تكتيك العصابات. حرب الشوارع، الأنفاق، الكمائن، الكمائن المضادة. ليست هذه علامات ضعف، بل هي توقيع حماس الميداني حين تفقد الأرض. والمفارقة أن قدرة الحركة على العودة للانتشار بمجرد انسحاب جيش الاحتلال من منطقة ما، هي ميزة لا تملكها أي جهة أخرى. لا وجود لأي كيان سلطوي بديل في غزة منذ 2006، والحركة لا تبعث من رماد، بل تعود ببساطة لأن لا أحد غيرها يملك البنية ولا الإرث ولا القدرة.
في محاور مثل "موراغ"، لا تتلكأ إسرائيل عبثًا في المفاوضات. هذه ليست مماطلة دبلوماسية، بل لعبة مكشوفة: خلق أمر واقع يتيح تحويل مناطق معيّنة إلى "معسكرات اعتقال" تمهيدًا لإفراغها. التهجير هنا لا يأتي عبر شاحنات وقوافل. بل عبر الخنق البطيء، والحياة التي لا تطاق، والخوف الذي لا يرحم. "موراغ" ليست حالة إنسانية فقط، بل نموذج هندسيّ لسياسة "الهندسة الديموغرافية".
في سوريا، تم تشكيل فصائل رديفة، وتم توجيهها على الأرض لخلق مشهد "ما بعد الثورة"، مشهد الفوضى والاحتراب الأهلي. الآن يتم نسج نفس اللعبة في قطاع غزة: جماعات موضعية، مهمتها الاشتباك، التخريب، ونقل المعركة من مواجهة الاحتلال إلى معارك داخلية. الفوضى هنا ليست فراغًا، بل أداة. واللاعبون الجدد ليسوا غرباء، بل أذرع محلية أُعدّت مسبقًا لهذا الدور.
أما الولايات المتحدة فقد وصلت إلى القناعة أن استمرار القتال لا يخدم أحدًا، لا إسرائيل، ولا مصالحها. ولا بد ستفرض تهدئة، عاجلًا أم آجلًا. لكنها ستكون تهدئة بلا حل. تعليق لا يعني تسوية، بل لحظة توقف تمهد لإعادة توزيع الأوراق.
وفي مثل هذه اللحظة، سيكون الإقليم برمته جاهزًا لتقديم تصوراته: مصر ستخوض مواجهة سياسية لمنع التهجير. وقطر ستلعب دور الممول الشرعي لكل الاحتياجات. وتركيا ستدخل بثوب الراعي الديني والإنساني. أما الإمارات فستحاول الدخول من بوابة الإعمار لا أكثر.
لكن السؤال الحقيقي: من سيقرر مصير غزة؟ ومن سيتولى السلطة؟ هل نعود إلى حماس كأمر واقع؟ أم ستخلق سلطة هجينة جديدة برعاية إقليمية؟ أم أن الاحتلال سيبقى هو الحل الأسوأ لكن "الأبسط" بالنسبة للبعض؟
غزة اليوم في حالة معلقة: لا سلطة تسيطر بالكامل، ولا إسرائيل قادرة على فرض نموذج حكم بديل. لا مشروع واضح، ولا تصور متفق عليه. فقط الميدان هو من يتكلم.
اسرائيل لم تنتصر لأنها لم تحقق بوقة السلاح ما وضعته من أهداف لهذه الحرب، وحماس لم تُهزم رغم فداحة الخسائر لأنها فكر عقائدي قبل ان تكون تنظيمًا مسلحًا، في هذه الاثناء يعيش سكان القطاع بين نيران لا ترحم، وشبهات لا تنتهي، ومستقبل بلا خارطة.
ما يحدث في غزة ليس صراعًا عسكريًا فحسب. بل سباق على من يرسم ملامح المرحلة القادمة. ومن يفوته التقاط هذه اللحظة، سيفوته القطار، ويجد نفسه متفرجًا على قطاع يُعاد تشكيله دون إذنه... ولا وجوده.



#ناضل_حسنين (هاشتاغ)       Nadel_Hasanain#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نربي القاتل ونبكي القتيل..
- مآذن الصمت العربي
- لماذا علينا، نحن عرب الداخل، أن نقلق؟
- إسرائيل: صناعة رأي عام خائف ومُدجّن
- تآكل حرية التعبير لدى عرب الداخل
- أيمن عودة في مرمى الاغتيال السياسي
- من الكنيست إلى الشارع: العنصرية بلا خجل
- إسرائيل: العنصرية من الهمس إلى الصراخ
- كاملٌ بذاته
- من المنتصر في الحرب الإيرانية الإسرائيلية؟
- الرد الإيراني: رمزي ومحسوب
- سيناريوهات الرد على الضربة الأميركية
- قافلة الصمود: بالعبرية .. لا تقتربوا من غزة
- ترامب ونتنياهو: مَن يستخدم مَن؟
- هل صارت إسرائيل القوة الوحيدة في المنطقة؟
- الجريمة تنهش عرب الداخل
- صرخة..
- يوم -القيامة- ..
- المواطن في إسرائيل يدخل كتاب غينيس
- المسيحي الفلسطيني...


المزيد.....




- البرلمان الجزائري يناقش تعديلات قانون مكافحة تبييض الأموال و ...
- إسبانيا - المغرب: توقيف 9 أشخاص بعد اشتباكات بين متطرفين يمي ...
- المفوضية الأوروبية تقول إنها ستعيد إرسال وفد أوروبي طُلب منه ...
- المحكمة العليا الأميركية تسمح لترامب باستئناف تفكيك وزارة ال ...
- احتجاز? 10?? ?أشخاص بعد اشتباكات بين -متطرفين- ومهاجرين في إ ...
- ماذا نعرف عن الأكواد المميتة التي استخدمت في اغتيال شخصيات إ ...
- غوتيريش: أزيد من 800 مليون شخص يعيشون في فقر مدقع
- سانت كاترين.. تجربة روحية فريدة جنوبي سيناء
- محللان: نتنياهو يريد مفاوضات تثبت وقائع عسكرية وتهجر الغزيين ...
- زيلينسكي يعلن عن ترشيحات لـ-أكبر تعديل وزاري- تشهده أوكرانيا ...


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - ناضل حسنين - غزة بين فكّي الاحتلال والتهجير