أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية قطة فوق صفيح ساخن مراد ساره















المزيد.....

رواية قطة فوق صفيح ساخن مراد ساره


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 22:20
المحور: الادب والفن
    


بداية اشير إلى أن تناول الحيوان في الأعمال الأدبية العربية محدود، رغم وجود أعمال تراثية في غاية الأهمية، كناب كليلة ودمنة" فعلى الصعيد الفلسطيني كتب موسى الحسيني "مذكرات دجاجة" التي تعد أول عمل أدبي فلسطيني تناول الواقع بصورة رمزية، في هذا العمل الروائي يقدم لنا "مراد ساره" شكل جديد في تناول الحيوان، فهو يشرك القطة "هرهورة" في السرد حتى أنها أخذت مكانة أعلى من مكانة السارد نفسه، وهذا ما يجعل عنوان الرواية "قطة فوق صفيح ساخن" منسجما مع سرديتها وأحداثها.
وبما اننا نتحدث عن رواية فلسطينية، فقد توقف السارد عند المكان "مخيم شلنر" وقسوة الحياة التي يعيشها اللاجئ، وأنهى الرواية بالحديث عن مجزرة صبرا وشاتيلا"
العنوان قطة فوق صفيح ساخن
قلنا إن السارد يشرك القطة "هرهورة" في السرد، وحتى أنه في مواضع معينه تكون هي السارد الرئيس في الرواية: وأحيانا أخرى تكون هي من يوجهه ويعطيه التعليمات للكتابة: "أكتبها صح يا مراد هكذا تكتب (ما لجرح بميت إيلام)
ـ شكرا هرهورة، على ما اضن أنني أدخاتك في القصة لتقومي بدور القطة لا بدور أستاذ نحو وصرف.
ـ إذا لم يعجبك كلامي اصرفني من القصة (ميوووو)
ـ لا ما رح أفرط فيك مثل أولاد الحرام يلي فرطوا بفلسطين إنتي صرتي محسوبة علينا وواحدة من أبناء المخيم" ص 8، من خلال هذا الحوار يمكنا معرفة مكانة القطة، التي تجاوزت دورها (كأداة) تجميل للسارد، إلى كونها محرك وفاعل ومؤثر في الرواية، من هنا وجدناها تفرض ذاتها ومكانتها على السارد "مراد" ومن ثم على احداث الرواية،
كما نلاحظ علاقة العنوان "على صفيح ساخن" بواقع حال الفلسطيني الذي يعيش المأساة منذ عام 48 وحتى قراءة الرواية، وما وجود مخيم "شلنر" إلا إشارة على استمرار حالة اللجوء، وهذا ما يجعل العنوان منسجم ومتوافق مع متن الرواية وشخصياتها ومن يسردها.
السارد والقطة
نلاحظ ان السارد يتبادل الأدوار في تناول المأساة الفلسطينية حنى أنهما يتشاركان في الحديث عنها، وهذا ما جعل (صوتهما) واحد رغم اختلاف الجنس "بشر/ حيوان، رجل/ أنثى، من مشاهد الصوت: "بكت وهي تخبرني كيف طردت من موطنها وحضرت إلى هنا، أمر دبر بليل وقدر حمل أمي في كرتونة.
كنت وإخوتي الخمسة نتسابق على ندوب أثدائها المترهلة، كانت في ضياع كبير بعد أن ألقت بين البراميل المتجمدة في إحدى زوايا مركز توزيع المؤن" ص9، إذا ما توقفنا عند هذا المشهد نجد وحدة الحال بين القطة واللاجئ، كما نلاحظ التداخل والتشابك في السرد.
تتوغل "هرهورة" أكثر في قيادة السردة، مؤكدة أنها هي من تقود ولا أحدا سواها: "أريد أن أحمل معاناة لاجئة شردت وتقطعت بها السيل حتى سكنت مركز توزيع المؤمن، أشق الحروف وحيدة دون ان يكون مراد دور في نبش أحداث النهاية....من يقرأ قصتي فليكملها حتى نهايتها، فسيان بين حياة الإنسان والحيوان" ص15، إذا ما توقفنا عند هذا المقطع نتأكد ان من يقود السرد هي "هرهورة" بعيدا عن سطوة "مراد" السارد الذي يبدو أنه (خلق) كائنا ولم يستطع السيطرة عليه، ولم يقتصر الأمر على السيطرة بل تعداه إلى التفوق الى السارد نفسه، وجعله "تابع" لما تسرده هي: "أكتب عن نفسك أولا وعن الخيام والتشرد حضرة كاتبا العظيم وحاول أن تتذكر مصيبتك الخرساء التي لم تسمع لها صوتا، حاول قبل أن تكتب عن أمي التي ودعتني دون عودة أن تكتب عن أمتك العربية وعارها" ص22، إذن نحن أمام حالة تمرد تقوم لها امرأة/ (أنثى)، وحيوان، بمعنى أن كل صفات الضعف/الهوان/ التبعة/ (عدم المعرفة) تكمن فيها، ومع هذا نجدها تتمرد على (خالقها) "مراد" وتتحدث بحكمة ومنطق، وتعطيه التوجيهات تستند على حقائق، من هنا وجدنا كلامها عقلاني/ واقعي، وعلى السارد/ على المتلقي التوقف عند كلامها، لمعرفة الحقيقة التي نحاول نحن البشر/ العقلاء تجاهلها.
السارد مراد
ضمن هذا الواقع يحاول "مراد" المحافظة على وجوده ككاتب/ كسارد/ كخالق "لهرهورة" من خلال وجوده أسمه في الرواية: "أخطأت مرة ثانية يا مراد" ص9، "مراد مشان الله اتركني من شهلا ودخلني بسرعة على المخيم" ص14، مراد سارة الذي تحول بفعل الأمم إلى لاجئ" ص28، وأحيانا أخرى جاء أسم مراد كتكسير لوتيرة السرد: "في مسامع الأثير همست اين مراد مستبدلا الحرف الأخير بالواو، قطة كادت تنطق اسم كاتب الرواية، وهو يطاردني ويصنع أقداري بأوجاعه" ص95، "أي ظلم وقع على قطة ذنبها الوحيد خيال كاتبها؟!" ص99، وهذا ما يجعلنا نقول إن "هرهورة" تفوقت على مُوجدها، خالقها وجعلته تابع/ لاحق لها، من هنا حاول المحافظة على وجوده من خلال ذكر أسمه الذي جاء على لسان القطة.
كتابة الرواية
من الجماليات الفنية في الرواية كسر وتيرة السرد، (وكشف) الطريقة التي كتبت بها الرواية، ولماذا أوجد السارد "القطة": "هرهورة نتاج فكري لنصف مثقف وجد نفسه في سنوات الضياع الأخيرة. عاملتها بقسوة في بداية القصة لشعوري المطلق بأنني من طبقة برجوازية في صياغة الكتابة ونسيت قول الله: (وتلك الأيام نداولها بين الناس) ص27، هذه الطريقة في كسر وتير السرد تحسب للرواية لأنها تنسجم/ تتوافق مع (تمرد/ ثورة) هرهورة على السارد.
وفي موضع آخر يحاول السارد (تبرير) (خلقه) للقطة كالساردة ومحركة للأحداث الروائية: "لما رأيت المعرفة كرهت الاستخدام وطردت روحي من القصة لأنها من الأمم، ورضيت أن تدخل في جسد (هرهورة) حتى لا تعلن من الأجيال المظلمة" ص30، وهذا ما يجعنا نقول إن السارد (تراجع) إلى الخلف تاركا المجال أمام القطة لتكون سيدة الموقف في الرواية، وما وجود السارد فيها إلا من باب (حفاظ ماء الوجه) فقد كانت "هرهورة" هي الساردة والمحركة والمسيطرة على الرواية وأحداثها.
المحسنات الفنية
يستخدم السارد فقرات صيغت بلغة أدبية جاذبة للقارئ، تجمع بين عمق الفكرة وفنية تقديمها، فعلى سبيل المثل عندما يتحدث عن حياة الفقر في المخيم وكيف كان الاستدانة تمثل حالة عامة للاجئ: "ـ سجل ع الدفترـ (فيزا كرت كانت تستخدم لحل مشكلة الفقراء" ص114، نلاحظ جمالية التقديم لحدث (قديم) تسجيل الدين على الدفر، وإعطاءه صورة حديثة" فيزا كرت" فمضمون الدين في الحالتين واحد، لكن الطريقة التقديم الساخرة هي اللافتة.
"سيارة بيضاء تتستر بالفضيلة ونسيت أن تخلع لباس الاثم والعار الممهور يو إن" ص45، نلاحظ أنسنة السيارة وإعطائها صفات بشرية، فتبدو وكأنها امرأة سافرة، مما يجعل المتلقي ينحاز لموقف السارد من تلك السيارة/ الأنثى السافرة.
وعن حال البيوت في المخيم يقول: كل البيوت بدون جذور خيمة" ص41، والجذور هنا تتجاوز القواعد، الأساسات، لتصل إلى علاقة الإنسان بالأرض، والعلاقة هنا أيضا تتجاوز ما هو مادي/ بناء، لتمتد إلى ما هو روحي/ عاطفي، فالفلسطيني لا يقبل أن يكون/ يبني بيته إلا في وطنه فلسطيني، وكل بيت خارج فلسطين هو خيمة، هو مكان مؤقت لحين البناء/ التعمير في فلسطين.
الرواية من منشورات جفرا للنشر والتوزيع، عمان، الأردن، الطبعة الأولى2021.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رواية أبناء السماء يحيى القيسي
- رواية نهر يستحم في البحيرة يحيى يخلف
- الأعداد في قصيدة الطوفان صلاح أبو لاوي الطوفان
- الثورة في قصيدة -يأتي الصباح- سامي عوض الله (البيتجالي)
- الشاعر سميح محسن في ديوان (اخلع سماءك وانتظرني): تجسيد لفكرة ...
- الشكل والمضمون في كتاب أزاهير وقوارير محمد حافظ
- أنا الشاعر في ديوان -شجر اصطفاه الطير- عمر أبو الهيجاء
- المرأة في مجموعة -الأخوات الحزينات- نجاتي صديقي
- المكان في مجموعة -حين تموت المدن- صلاح دهني
- عزوف الحياة في قصيدة -خذ روحي إليك- علي البتيري
- الشعبية في رواية خرفيش محمود عيسى موسى
- الاستعمار الاستيطاني في رواية -الحريق- محمد ديب، ترجمة سامي ...
- البياض المطلق في -أمي- مراد السوادني
- التسلية في قصة -معضلة الزنزانة رقم 13-
- الشعر وتقديم الواقع في قصيدة- طفلان يبتسمان-
- غزة في رواية -سلالة من طين، غزة الباكية- قمر عبد الرحمن
- الواقع والتغيير في -خطابات الإسكندر- فيصل زريقات
- الوطن في قصيدة -حين ثملت يا وطني- نزيه حسون
- عودة الحياة في قصيدة -صديقي الشاعر من غزة- لشاعر المتوكل طه
- الفلسطيني في رواية مرآة واحدة لا تكفي


المزيد.....




- أمير تاج السر: أؤرخ للبشر لا للسلاطين والرواية تبحث عن الحقي ...
- العودة إلى زمن (المصابيح الزرق) لحنّا مينه.. علامة مبكرة من ...
- حسين الجسمي يحيي -ليلة من العمر- في الساحل الشمالي وليلى زاه ...
- أنطونيو بانديراس في عيده الـ65: لن أعتزل التمثيل
- مقهى -مام خليل-.. حارس ذاكرة أربيل وقلبها النابض
- بمشاركة 300 دار نشر.. انطلاق -معرض إسطنبول للكتاب العربي- في ...
- الصدق أحلى يا أصحاب. قصة للأطفال جديدة للأديبة سيما الصيرفي
- هل يمكن للذكاء الاصطناعي حماية ثقافة الشعوب الأصلية ولغاتها؟ ...
- مجتمع ما بعد القراءة والكتابة: هل يصبح التفكير رفاهية؟
- السعودية.. تركي آل الشيخ يكشف اسم فنان سوري سيشارك وسط ضجة - ...


المزيد.....

- نقوش على الجدار الحزين / مأمون أحمد مصطفى زيدان
- مسرحة التراث في التجارب المسرحية العربية - قراءة في مسرح الس ... / ريمة بن عيسى
- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - رواية قطة فوق صفيح ساخن مراد ساره