أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْكمُبْرِئ -الْجُزْءُ السَّادِسُ-















المزيد.....


الْكمُبْرِئ -الْجُزْءُ السَّادِسُ-


حمودة المعناوي

الحوار المتمدن-العدد: 8430 - 2025 / 8 / 10 - 18:16
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


وأخيرًا، اِنبجَسَ للعربيِّ سرٌّ قديمٌ، إنجلتْ عنه غَشاواتُ ليلٍ طالَ في فكرِه. ففي لَهجةِ الضخمِ الغريبةِ، التي كانتْ تُثيرُ حيرتَه كَطِّلَسْمٍ مُعقّدٍ بسحرِ الجنِّ القديمِ، إنكَشفَ السِّرُّ كنورٍ بَزَغَ من قلبِ الظلماتِ، مُبَدِّدًا غيمَ الجهلِ الذي رانَ. ذاكَ الرجلُ، يهوديٌّ من مَغربِ الشّمسِ الذهبيِّ، حيثُ التاريخُ يَنبِضُ في كلِّ ذرَّةِ رملٍ، والعاداتُ تَجري كالأنهارِ الخالدةِ عبرَ وديانِ الأجيالِ. وهُناكَ، في أرضِ الأجدادِ المَباركةِ، تُبدَّلُ السينُ شينًا؛ عادةٌ تَوارَثوها اليهود المغاربة كأنفاسِ الأرواحِ الطاهرةِ، التي تَسري في عروقِ الزمنِ. فَيَصيرُ الحرفُ في أفواهِهِم همسًا ساحرًا، كحَفيفِ الرّيحِ بينَ سعفِ النخيلِ يُداعبُ أذنَ الخلودِ، أو كطنينِ النحلِ الذهبيِّ الذي يُغنّي لحنَ الوجودِ الأزليِّ. كلُّ "شينٍ" تخرجُ من فمهِ، هي نداءُ روحٍ تُعانقُ الأزمانَ، وتَحكي قصصًا من غابرِ الأيامِ، مُذكرةً بأسرارِ الكونِ العظيمةِ.
وَقَفَ العربيُّ، وعيناهُ تَشتعِلانِ بضَوءِ الفَهْمِ، كَشَمسٍ أشرقتْ فجأةً بعدَ طولِ غيابٍ، مُنيرةً آفاقَ الإدراكِ، مُبدّدةً ظلالَ الغموضِ. أَطلقَ سؤالَهُ كَسهمٍ نافذٍ، إخترقَ صمتَ المكانِ كَصاعقةٍ من سحرٍ، وإنطلقَ صوبَ جاكوبَ كَنجمٍ مُنيرٍ يُضيءُ درباً كانَ مجهولاً في فضاءِ الحيرةِ والضياعِ قائلا:
جاكوب ..آش حَبَّ الخاطِرُ؟ "سيِّدي جاكوبُ، كيفَ لي أن أقدم لك خِدمةٌ تُرضيكَ"؟
كلماتٌ بسيطةٌ في نطقها، لكنَّها حَملتْ في طيّاتِها نَبْضَ قلبٍ يَنزفُ عونًا، كَأنَّ كلَّ حرفٍ فيها مفتاحٌ ذهبيٌّ يُفتَحُ بهِ بابُ الوصالِ بينَ الأرواحِ العطشى. صَدى السؤالِ إرتدَّ من جدرانِ المكانِ، كَصوتِ العودِ يُشجيكَ لحنًا عميقًا يلامسُ الروحَ، يَحكي عن لقاءِ أرواحٍ قُدِّرَ لها أنْ تلتقيَ في مَنعطفِ القدرِ، و عن مصيرٍ يَتَشابكُ خيوطُهُ في صمتِ القدرِ الأبديِّ، راسمًا لوحةَ المستقبلِ بفرشاةِ السماءِ.
أَجابَ جاكوبُ، فمُهُ يُرغي زَبَدًا كَبَحرٍ هائجٍ يَبُثُّ أسرارَهُ العميقةَ من الأعماقِ، أو كَشلالٍ أزليٍّ يَتَدَفَّقُ من أعالي الجبالِ الشاهقةِ، حاملاً نَبأً عظيماً يهزُّ الوجدانَ والضمائرَ. صوتهُ، هَديرُ لهفةٍ لا تُقاوَمُ، أَعلنَ عن سرٍّ جَليلٍ، كأنَّه وحيٌ يُنزلُ من علياءِ الغيبِ، على قلبٍ ظمآنَ للحقائقِ. قائلا:
لقدْ جاءَني دافيد "DAVID" في منامي ...الملكُ دافيدُ، يا للعجبِ ويا للبيانِ! كَأنَّ الحلمَ كانَ بُروقًا سماويةً تَهزُّ الروحَ، تُنيرُ ظلامَ الليلِ بِحقائقَ خفيَّةٍ لمْ تكنْ لتُرى بالعينِ المُجرّدةِ، بل بنورِ البصيرةِ. دافيدُ التاجرُ، ناداني بإسمٍ قديمٍ، غاصَ في أعماقِ قلبي كَحِكمةٍ أزليةٍ، راسخةٍ كالجبالِ الشامخةِ، لا تزولُ.
ثمَّ إستطردَ جاكوبُ، كَمنْ يَكشفُ عن كنزٍ دُفِنَ طويلاً تحتَ رمالِ النسيانِ، مُعلنًا عن وجودٍ مُقدّرٍ: أَمرَني سرَّ كلِّ الأكوانِ، نجمَ الأماني المضيءَ أنْ أبحثَ عنكَ، كَنزًا خفيًّا تَلَمَّسَ وجودَهُ في غياهبِ الظُّلُماتِ، والآنَ عثرت عنك، أحتاجُكَ، لأداءِ الليلةِ الكناويةِ، ! فكانَ صوتهُ رعدًا يُوقظُ الأرضَ و السماءَ من سباتها العميقِ، يُعلنُ بدءَ رحلةٍ سِحريةٍ، تُنسَجُ خيوطُها بَيْنَ اليقظةِ والأحلامِ، في عالمٍ تُشاركُهُ فيهِ الأرواحُ والنجومُ، مُشَكِّلةً قدرًا جديدًا من العشقِ والإلهامِ، بِنَشوةٍ سماويةٍ.
دَافيدُ، مَلكَ الجِنِّ اليهوديِّ، سَيِّدَ السبتيينْ. بإسمِه تُفتَحُ كنوز الأكوانِ، ملك معلوم عندَ الضالعينَ في سِرِّ الحالِ الروحانيِّ الكناويِّ، إسمُه رَعدٌ يَشُقُّ سَماءَ الغيبِ، يَهزُّ عروشَ الصَّمتِ العميقِ، صوتُه صَدىً منْ أعماقِ الأزمانِ السحيقةِ، يُرنُّ في مَسامِ الروحِ. يُثيرُ في النَّفسِ حِيرَةً كَموجِ بحرٍ، ويُوقظُ في القلبِ جشعا دفينًا، كَنارٍ تَخبو تحتَ الرَّمادِ.
قالَ العربيُّ جازمًا، صوتُهُ حِصنٌ منْ صَخرٍ أصمٍّ لا تَهزُّهُ الرِّياحُ العاتيةُ، كأنَّهُ صوتُ الحقِّ نفسُه يَنطِقُ في سَكونِ الليلِ:
لا أستطيعُ سَيِّدي، لا أستطيعُ، أنا عندي عهدٌ معَ المَلِكاتِ، ساطعاتِ النورِ، قاطناتِ عروشِ الأثيرِ، عَهدٌ مَنسوجٌ بخيوطِ النورِ منْ نَسيجِ الفَجرِ الأبديِّ، في سِرِّ الليلِ البَهيجِ، مَحفورٌ في الروحِ، كَرسمٍ أبديٍّ على جَبينِ الخلودِ، لا يَمحوهُ الزمانُ و لا يَبلى.
كانت كلماتُهُ صلْبَةٌ، كَجبالٍ راسخةٍ قاماتُها تلامسُ السَّماءَ، لا تَنحني أمامَ عواصفِ الدُّنيا وزوابعِها. إيمانٌ راسخٌ كالأرضِ تَدعمُها الأوتادُ، قناعةٌ لا تَتزعزعُ، كَشجرةٍ أصولُها في قاعِ الأرضِ عميقَةٌ، لا تُبالي بِشِدَّةِ الرِّياحِ.
ردَّ جاكوبُ، كأن صوتُهُ حفيفَ يأسٍ مُتَغلغِلٍ، كَرياحِ الخريفِ العابسةِ في أوراقٍ مُتَساقِطَةٍ من شجرِ العمرِ قائلا:
خَلاصٌ... خلاصٌ... شَيِّدْي العربي...
كان قلبه يَتَلَظَّى نارًا منْ جَمْرِ الحَسرةِ،
إسترسل جاكوب قائلا:
سَأُعطيكَ المالَ، سأُعطيكَ الذهبَ، أَنهلْ منهُ ما شئتَ، فَلمْ يَبقَ للرُّوحِ فسحةٌ غيرُكَ، ولا مَلجأٌ. كَأنَّ كلماتِهِ كانتْ دَمعًا منْ ذهبٍ يَسيلُ، كَمطرٍ حارقٍ على أرضِ رَفضٍ قاسٍ، إغراءٌ يَتلاشى كَضبابِ الصَّباحِ أمامَ شمسِ الظّهيرةِ، أمامَ صَفاءِ العهدِ وسموِّ الروحِ المطمئنَّةِ.
لمْ يُطِقِ العربيُّ وَضعًا، فاضَ الصَّبرُ فيهِ كنهرٍ جارفٍ يُفيضُ عن ضِفافهْ، مُعلنًا عن فيضانِ الروحِ. فَتَحَ بابَ السيارةِ، كَأنَّهُ يَفتحُ بابَ سِجنٍ طالَ فيهِ الأسرُ والقيودُ، نَزَلَ مُندفعًا، القلقُ يَتملّكُهُ كَشيطانٍ أزرقٍ يَتراقصُ في عُصبَةِ الشَّرايينِ، أَغلَقَ البابَ خلفَهُ، كَأنَّهُ يَطوي صفحةَ دُنيا بأسرها، ويُعلنُ نهايةَ فصْلٍ، وغادرَ في صمتٍ لا يَلينْ.
لَحِقَهُ جاكوبُ، مُتوسِّلاً بوَجهِ اللهِ، صوتُهُ يَخنقُهُ الأنينُ كَخيطٍ رفيعٍ يوشكُ أنْ يَنقطعَ، يُحاوِلُ إعناقَهُ، يُغري بِكلِّ ما لذَّ و طابَ، كَتاجرٍ يَعرضُ أثمنَ السِّلَعِ الثَّمينَةِ في سوقِ الأحلامِ،
لكنَّ العربيَّ لمْ يُصغِ، إيمانُهُ راسخٌ كالجبالِ الشاهقةِ لا تَتزعزعُ بِزَلزالٍ، قناعتُهُ لا تَزولُ، لا بِتغيُّرِ المنازلِ في فصولِ العمرِ، ولا بِتَبدُّلِ الأوقاتِ والسّنينْ، ولا تتغيرُ بِتغيُّرِ العروضِ الدُّنيويةِ المغريةِ، التي تَبهتُ أمامَ ضياءِ عهدِهِ، كَنورِ القمرِ أمامَ الشّمسِ. فَعهدُهُ أسمى، وروحهُ تَرفضُ، كلَّ عروضِ الدُّنيا، فَهوَ للحقِّ دينٌ مُبينٌ، لا يَميلُ ولا يَحيدُ، بل يَبقى ثابتًا كَنجمٍ في السَّماءِ.
عادَ إلى عرينهِ، حيثُ الأرواحُ تترقّبُ كنجومٍ عطشى لفجرٍ قادمٍ. مجموعتُهُ، نجومٌ ساهرةٌ، تستقرُّ حولَهُ، تتشابكُ أنفاسُها في قداسةِ اللحظةِ. هنا، يزهرُ همسُ الأسرارِ، فنٌّ كناويٌّ أسودُ، عميقٌ كبئرِ الزمنِ، تسكنُهُ حكاياتُ الوجودِ. أنغامُ الروحِ تُعزفُ، كأنّها قيثارةُ الكونِ، وصوتُ المعلّمِ يطرقُ طريقَ المعرفةِ في دهاليزِ الوعي، يُضيءُ عتمةَ الجهالةِ بنورِ البصيرةِ.
العربيُّ يلقي دررَ الماضي، كنهرٍ يفيضُ سِحراً على تلامذةٍ شغوفينَ، يرتشفون كلَّ كلمةٍ كرحيقِ زهرةٍ نادرةٍ. كلُّ وترٍ يُحدِّثُ عن حكايا الأمسِ، عن أسرارٍ خبّأتها القرونُ، وكلُّ نغمٍ يروي عن فنٍّ خالدٍ، لا تبلغهُ الأيدي، يُحلّقُ في فضاءاتِ الروحِ بلا قيودٍ.
حتى إنتصفَ الليلُ، وتعبَ السكونُ من نفسه. النجومُ أغمضتْ جفونَها المتلألئةَ، كعيونٍ ساهرةٍ أرهقها النظرُ في اللامحدودِ. الألحانُ سكنتْ، خَفَتَتْ أصواتُها، والدروسُ طوتْ غضونَها ككتابٍ قديمٍ أغلقَ صفحاتهِ على حكمةٍ عميقةٍ. أرخى العربيُّ جفنَهُ، تعبٌ لفّهُ كالحريرِ الأسودِ، ينسدلُ عليهِ بلطفٍ. ودّعَ الأصحابَ، ونامَ كطيرٍ غادرَ للوكرِ الأخيرِ، بعدَ رحلةِ يومٍ طويلٍ، محمّلاً بأثقالِ المعرفةِ وجمالِ الإبداعِ.
في مهدِ نومِهِ، حيثُ الحدودُ تتلاشى وتذوبُ في بحرِ الخيالِ، أطلّتْ ملكاتُ الجنِّ، كالبدرِ الساطعِ في سماءٍ لا تعرفُ الظلامَ، تُبثُّ نورَها في سويداءِ القلبِ. أشباحٌ من عهدٍ قديمٍ، منسيٍّ، تائهةٌ بينَ الأضواءِ والظّلماءِ، كأنّها أرواحٌ تحلّقُ في فضاءٍ أزليٍّ. يُنادينَهُ بإسمِهِ،
"العربيُّ... العربيُّ"...
كأنه همسٌ ينسجُ بالذهبِ الخالصِ، كسرٍّ أزليٍّ يكشفُ النقابَ عن عالمٍ خفيٍّ. صوتٌ كنسيمِ الفجرِ،
"إستيقظْ... إستيقظْ..."
بدا كمن يوقظُ الروحَ من نومٍ عميقٍ، يشدّها نحو حافةِ الوجودِ واللاوجودِ، كنداءٍ سماويٍّ يُعلنُ عن ميلادِ وعيٍ جديدٍ.
في لجّةِ سُباتٍ، حيثُ اللاّمبالاةُ عرشٌ من سرابٍ، كانَ العربيُّ يُقلّبُ أفكارًا كالرمادِ، هباءً يَتراقصُ في فراغِ العدمِ. فجأةً، إنشقتْ سَتائرُ الأفقِ، و إنسدلتْ. ملكةٌ من لُجّةِ المَجهولِ، يدُها سَوطٌ من قَدرٍ مكتومٍ، هوى على جَبينِ الوجودِ، صَفعةً تُزلزلُ عروشَ السكونِ، ويَهتزُّ لها الكونُ في رقصةِ التّيهِ الأبديِّ.
إرتجفَ الكيانُ من قَيدِ النّومِ، إنفكّتْ أغلالُ الكرى عن عينينِ كانتا مَعبدًا لِلحلمِ. إستُفيقَتْ روحٌ كانَتْ غارقةً في لُجّةِ النّسيانِ. صرخَ الفزعُ في حنايا ضلوعٍ، طاردًا أشباحَ حُلمٍ أسودَ، مُردّدًا إبتهالاً يكسرُ صمتَ الكونِ، ويُشرقُ بهِ نورُ اليقينِ:
"أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ... أعوذُ باللهِ من الشيطانِ الرجيمِ."
هكذا نطقها العربي، كلماتٌ كَرعودِ الأزلِ، تُبدّدُ غَيمَ الوَهمِ الذي يُخيّمُ على شُرفةِ الرّوحِ.
وفي غمرةِ الإفاقةِ، تَسلّلَ هَمْسٌ من ريحٍ، كأنّها أنينُ نجمةٍ ضائعةٍ في فضاءِ الشوقِ، يلفُّ البيتَ بِردائِهِ الباردِ، كَكَفنٍ من صقيعٍ أبديٍّ. تساءلتْ النّفسُ في وجلٍ، صَدىً يتردّدُ في كهوفِ الوعيِ: هلْ غادرْتُ شُرفتي مفتوحةً لأحضانِ اللَّيلِ الذي يَتراقصُ على حافّةِ المَجهولِ، قبلَ أنْ أغرقَ في لُجّةِ الأحلامِ المَنسيّةِ؟
إندفعَ الجسدُ نحو البابِ، خطاهُ لهيبٌ من تساؤلاتٍ مُشتعلةٍ في عَتْمةِ اليقينِ، كَوَهجِ نجمٍ يَتسارعُ نحو قَدَرٍ مَجهولٍ. وجدَ القفلَ نَزيفًا من خشبٍ ومعدنٍ، حُطامًا يَنطقُ بِخيانةٍ، يُشيرُ إلى ظِلٍّ تسلّلَ خِلسةً، كَروحِ شيطانٍ إقتحمَ سَكينَةَ المَلاذِ، تاركًا خلفَهُ أثرًا من لا شيءَ. جابَ الزوايا، بحثًا عن شَبحٍ، عن أثرِ خُطىً لا تُرى إلا بِعينِ الخيالِ، لكنَّ العدمَ كانَ سيّدَ المَشهدِ، والصَّمتُ رَفيقهُ في دهشةِ البحثِ، كأنّما الأرضُ إبتلعتْ كلَّ شيءٍ.
فجأةً، إهتزتْ أغشيةُ الوعي، تَذكَّرَ، وميضُ الكنمبري إخترقَ الظلمةَ. إندفعَ نحو مكمنهِ، لكنَّ العدمَ إستقبلهُ، فإجتاحتْهُ صدمةٌ كالصاعقةِ؛ الكنمبري سُرِقَ، وغابَ عن ناظريهِ للأبدِ، خيطٌ من النورِ إنقطعَ في كينونتهِ.
لكنَّ الهاويةَ كانت أعمقَ، فجيعةٌ وشيكةٌ تتربصُ. عهودٌ روحانيةٌ، وُشِمَتْ بين الأملاكِ والكنمبري، إستيقظتْ من سباتها، تئنُّ طالبةً الإنتقامَ. بدأَ الزحفُ بـالجنِّ الأسودِ، تبعهمْ بنو الأحمرِ الجزارون، وتصاعدَ الهولُ حتى بلغتْ الملكاتُ، و هذا ما إنْفَجَرَ في روح العربي. قراح العذاب الزؤام، من ذاك النزيف البطيء في قرارة الروح، إنفجرت كل أصناف الألم و الاسقام. لم تكن عذابات مدويّة، بل صرخةٌ قهر مكتومةٌ في الأعماق. فتّحتْ مسامّ الروح، وإندفعَ منها سيلٌ من الألم الصامت، يروي حكاياتٍ لم تُسرد بعد. في كلّ ركنٍ، في كلّ خلية، يتمدّدُ جرحٌ عميقٌ، لا يلتئم ولا يجفّ. نزيفٌ أبديٌّ، يتسربُ ببطءٍ، يلوّنُ كلّ زاويةٍ من الكيان بلونٍ شاحب. لا الموتُ ينهيه، ولا الحياةُ تُحييه. مجرّدُ نبضٍ مؤلمٍ، يتردّدُ صداه في الصمت، يهمسُ بقصةِ عذابٍ لا ينتهي.
أَمضى العربيُّ يومينِ في مَهْواةِ العذابِ، جحيمٌ تتراقصُ فيهِ الأهوالُ. كانت الأرواحُ تزورُهُ كلَّ ليلةٍ، تُذيقهُ ألوانَ الشقاءِ، و تُنكِّلُ بهِ بأشدِّ ما يكونُ التنكيلُ. خارتْ قواهُ، لم يعدْ يقوى على الإستيقاظِ أو الحراكِ، حتى بزغَ فجرُ اليومِ الثالثِ، حاملاً معهَ شقشقةَ أملٍ خافتةٍ.
فجأةً، إخترقَ حاجزَ الصمتِ، دخلَ شخصٌ منزلَهُ دونَ إذنٍ، كانَ جاكوبُ اليهوديُّ. وقفَ أمامَ العربيِّ كظلٍّ من الماضي، يخاطبُهُ بكلماتٍ حُفرتْ في الذاكرةِ، وكأنها نداءٌ من أعماقِ اللاوعي، أو همسٌ من عالمٍ آخرَ:
"نوضْ... نوضْ دي الكنمبري ديالك...؟"
إنهضْ... هيا إنهضْ ورافقني لأخذْ الكنمبري خاصَّتك؟
من وهجِ قفزةٍ شقتْ ستائرَ الذهول، إنفجرَ العربيُّ من مكانه، كبركانٍ أيقظه هولُ الفجاءة. تجسّدَ جاكوبُ كطيفٍ من اللازمن، وكلماتهُ غريبةٌ، تترددُ كصدىً أثيريٍّ في فضاءٍ مُربك: لا تخف، لا تخف. الكنمبري في أمان، في الحفظ و الصون. قبضاتٌ تنهالُ كصواعقَ غضبٍ أزليّ، و جسدٌ يرتدُّ تحتَ وطأةِ الصدمة، بينما الكلماتُ تتشبثُ بالهواءِ كأمنيةٍ أخيرة، يصرخ جاكوب مناديا العربي: "أتركني، أتركني".
كم "لا" قد جُرِّدتْ من أعماقه! عروضٌ تتلألأُ كسرابٍ في بيداءٍ قاحلة، مغرياتٌ تتراقصُ كأشباحٍ من وهم، وكلها رُفضتْ بصلابةٍ تفوقُ صخورَ الجبال. كان العربيُّ حصنًا منيعًا، شُيدَ بأسوارٍ من اليقين على الكنمبري، كتلةً متشنجةً من الرفضِ المطلق. ثمّ، بأمرٍ ملكيٍّ تسربَ من دهاليزِ الغيب، بأمرِ دافيدَ ملك الأرواح السبتية والجن اليهودي الأزرق، تكسّرَ الحصنُ، وسُلبتِ الأمانة. فالولاءُ للروحِ، لملوك الجنِّ المتربّصِ في الخفاء، يطغى دوماً على الولاء للذاتِ البشريةِ الهشة، مجردِ قشرةٍ تتلاشى أمامَ عاصفةِ الإرادةِ الكونية.
"تقدّم أمامي الآن! أرجع لي الكنمبري خاصتي!"
هكذا صرخ العربي صرخةٌ أسطوريةٌ مزقتْ سكونَ الوجود، هزّتْ أركانَ الزمانِ والمكان، تتبعها خطواتٌ متسارعةٌ نحو قدرٍ مجهولٍ، يتلوّنُ بألوانِ الضباب. في حضنِ السيارةِ، بين همسِ المحركِ الذي يروي أسرارَ الطريق، وصخبِ العجلاتِ التي تدوسُ على أحلامٍ مبعثرة،
إنبعثَ صوتُ جاكوبَ، ينسجُ حكايةَ الكنمبري الصامتِ، قصةَ إرادةٍ سماويةٍ تتجسدُ في آلةٍ خشبية. قائلا: أحضرنا معلمينَ كثر، أناملٌ ماهرةٌ رقصتْ على أوتارهِ كفراشاتٍ ذهبية، لكن لا صوتَ، لا همسَ. كان الكنمبري يحتجُّ بصمتهِ المطبق، يرفضُ الكلام، يرفضُ العزفَ على نغماتٍ ليستْ له. ينتظرُ، هكذا بدا، قدومَ صاحبهِ، الروحَ التي تعرفُ لغةَ صمته، والمفتاحَ الذي يفتحُ أبوابَ أنغامه.
ما إنْ لامستْ أقدامُهما عتباتِ الفيلا، حتى إنبعثَ العربيُّ كشظيةِ نورٍ خاطفة، مذعوراً لا متلهفاً، يتجهُ نحو الكنمبري. لمْ يكُنْ ركضًا، بل كانَ إنشطارَ روحٍ توّاقةٍ من قيدِ الجسد، تبتغي عناقَ توأمِها المفقودِ منذُ أزلِ التكوين. وما إنْ ضمّهُ، حتى إنطلقتْ أناملُهُ كالسِّهامِ المشتعلةِ من قوسِ الشوقِ على الأوتارِ العطشى، فصدحَ الكنمبري. لمْ يصدحْ بصوتٍ أرضيٍّ، بل بلغةٍ من الضوءِ الأزرقِ المتلألئِ، لغةِ الحياةِ الجديدةِ التي إبتلعتْ صمتَ السنينَ العجاف، وكأنها لمْ تكنْ قط.
لقد تجرّدَ من كلِّ بهائِهِ الزائف، عُرّيَ من سحرِ الذهبِ و الجواهرِ التي كانتْ تكسو قوامَهُ كقشرةٍ لامعةٍ تخفي جوهرَهُ العتيقَ المنقوشَ بزمنٍ غابر. حلَّ مكانَها شريطٌ أزرقُ طويلٌ يلفُّ يده، كشريانٍ جديدٍ ينبضُ بالحياةِ الكونيةِ المتدفقة. الأزرقُ، هذا اللون! الذي ليسَ مجردَ صبغةٍ باردة، بل هو في رحابُ غمرتهِ، إمتداد لامتناهي لفراغ المحيط الذي يعانق العراء، فسحةٌ سماويةٌ شاسعةٌ بلا حدودٍ، تنبسطُ أمامَ الكنمبري، تعدُهُ بوجودٍ آخرَ يتجاوزُ المادةَ والفناء، بحياةٍ تندسُّ في زرقةِ الأفقِ البعيد، حيثُ لا قيودَ ولا حواجزَ إلا رحابةُ الأملِ المطلقِ الذي لا يعرفُ الإنتهاء.
أينكَ يا عصمان....؟
أينكَ يا بوبكر....؟
يا أرواحاً سكنتْ أوتارَهُ، ونُقشتْ في خشبهِ العتيقِ قصصَ الشوقِ والألمِ الأزليّ. ذهبتُم أنتم، كهمسٍ خافتٍ في الريحِ العابرةِ التي تحملُ الأسرار، كظلٍّ تلاشى مع المغيبِ الأبديِّ الذي يبتلعُ الوجود. أما هي، فقد ظلتْ، آلةٌ أبديةُ الترحالِ، تجوبُ عوالمَ الأيادي، تتنقلُ من لمسةٍ إلى أخرى، كفراشةٍ تائهةٍ تبحثُ عن زهرتها، تحملُ في كلِّ وترٍ صدىً منكم، وفي كلِّ نغمةٍ ذكرى لا تموتُ، بل تتوهجُ كجمرةٍ لا تنطفئُ أبداً، تضيءُ دروبَ الزمن. هي الآنَ مولدٌ جديدٌ، تتلونُ أوتارُها بزرقةِ السماءِ الباعثةِ التي تحتضنُ النجوم، تعزفُ لحنَ البعثِ الأبدي، لحنَ الخلودِ الذي لا يزول، في إنتظارِ أيدٍ جديدةٍ تعرفُ كيفَ تعيدُ إحياءَ الأرواحِ الساكنةِ في عمقِها، وتُطلقَ العنانَ لموسيقى الخلودِ التي ستملأُ الكون.
خاطب جاكوب العربي قائلا: هذا العهد ليسَ ككلِّ عهدٍ، بل هوَ الأشدُّ خطرًا، والأعظمُ شأنًا، نبضٌ من قلبِ الكونِ، سرٌّ يهزُّ عروشَ الوجودْ.
يا سائلًا عن العهدٍ تلألأَ من صميمِ الزرقةِ السرمديّةِ، إنبثقَ من غياهبِ اللاوجودِ، نورًا باذخًا يُعمي الأبصارَ من فرطِ الإشراقْ هذا هو عهدُ جاكوبَ، ليسَ مجردَ لفظٍ، بل هو نفَسُ الكونِ، مفتاحٌ أبديٌّ يفتحُ الأبوابَ الموصدةَ في أعمقِ أعماقِ الروحِ والوعيْ. لم يُعقدْ مع مجمعٍ واحدٍ، بل مع ثلاثِ عوالمَ، تتراقصُ أرواحُها على إيقاعِ همساتٍ قديمةٍ جدًّا، ميثاقٌ كُتبَ بمدادِ الروحِ الخالدةِ. الأزرقُ ينسابُ كوشاحٍ سماويٍّ من سحرٍ أزليٍّ، لونُ البحرِ حينَ يعانقُ ملكوتَ السماءِ في الأفقِ البعيدِ اللانهائيّ. في طيّاتِ هذه الزرقةِ العميقةِ، تكمنُ عوالمُ الملوكِ المتواريةِ، ومفاتيحُ أسرارٍ لم تُدركْها عينٌ، ولم يسمعْ بها أذنٌ بعدْ. البحراويونَ سلالةٌ من الجن سكنتْ في قلبِ اللُّجِّ الأزليّ، غاصوا في لججِ الروحِ السحيقةِ، و إستخرجوا الدرَّ المكنونَ من أعماقِ الصمتِ المطلقِ. فإنْ لم تكنْ روحُكَ مهيأةً للغوصِ في بحرِهم، ولم تصعدْ بلآلئَ زرقاءَ داكنةٍ، تخلبُ الألبابَ، و تملأُ الروحَ دهشةً لا تُوصفُ، تتجاوزُ كلَّ حدودِ الإدراكِ، فلنْ تُمنحَ أجنحةَ الغيبِ، لنْ تُحلّقَ في فضاءِ الجن السماويينَ، أهلِ العلياءِ، الذينَ تجاوزوا حدودَ المكانِ والزمانْ. هؤلاءِ الطيارونَ الأبديّونَ الذينَ يعانقونَ الغمامَ، سكانُ الأبراجِ الشاهقةِ التي تلامسُ أطرافَ الكونِ الواسعِ. هناكَ، ينسابُ النسيمُ بأنفاسِ الروحِ العتيقةِ، وتتراقصُ النجومُ على أوتارِ الجلالِ الأزرقِ، كسمفونيةٍ كونيّةٍ لا تُضاهى. وإنْ فاتكَ نيلُ بركاتِ هذا الثنائيِّ البهيِّ، الذي يجمعُ بينَ عمقِ المحيط وعلوِّ السماءِ، فلا سبيلَ لكَ إلى السبتيينَ ملوكِ الأرضِ وذخائرها الخالدةِ، أهلِ الكنوزِ الكونيةِ المدفونةِ في سراديبِ الأزلِ، و مخازنِ الدرِّ والجواهرِ النفيسةِ التي لا تُقدّرُ بثمنْ. في سراديبِ الأسرار اليهودية العتيقةِ، يكمنُ سرُّ الثراءِ الأزليِّ، و الغنى الذي لا ينضبُ أبدًا، وتتجلّى أسرارُ التجارةِ التي تُزهرُ ربحًا وفيرًا، يمتدُّ عبرَ الدهورِ. هم التجارُ العظامُ، يمنحونَ البركةَ السخيةَ، ويُضيئونَ الدربَ لمنْ سعى بقلبٍ مُخلصٍ، و توّاقٍ للمعرفةِ و الإمتلاكِ. هم من وَهَبَ قارونَ عروشَ الذهبْ؟ وهم مَن ألقى فرعونَ في بحرِ الغرورِ، حتى غدَا بهِ سَبَبْ؟ وهم من سقى كلَّ تريليونيرٍ، غارقٍ في لججِ المالِ، بلا حدٍّ أو حَسَبْ. إنهم السادة السبتيين، قومٍ أضاءتْ كنوزُهمْ دياجيَ الأرضِ، همُ، ملوكُ الثراءِ، سرُّ الغنى في كلِّ نبضِ. في أعماقِ الأرضِ مَلكوا، وكنوزُ الدهرِ بيمينِهمْ، من كلِّ جوهرٍ نفيسٍ، وفضةٍ وذهبٍ يزهو بها كلُّ وادٍ وهضبةٍ. بسطوا أيديهمْ على معادنِ الأرضِ، أودعوا فيها سرَّ البركاتْ، كلُّ حجرٍ كريمٍ تحتَ سلطانِهمْ، يحكي قصصًا من الأمسِ والآتْ. أسرارُ التجارةِ لديهمْ، و مفاتيحُ الربحِ، لا تعرفُ خساراتْ، همْ سادةُ العطاءِ، يمنحونَ الوفيرَ، و يُضيئونَ دروبَ الخيراتْ. هذه ثلاثُ محالٍ تداخلتْ، كأنّها نبضٌ واحدٌ لروحٍ كُبرى، جسدٌ مُعجزٌ لا يمكنُ فصلُ أجزائهِ، ولا يمكنُ فهمُ سرِّهِ إلا بالكلّيّةِ. ففي البحراويينَ يكمنُ المفتاحُ الأبهرُ، سرُّ البدءِ، ومنطلقُ الوصولِ إلى كلِّ غايةٍ ومنالْ. فيا أيها السالكَ دربَ الروحِ الشفافةِ، والباحثَ عنْ سرِّ الوجودِ المستترِ خلفَ ستائرِ الزمانِ، المحجوبِ عنْ أعينِ العوامْ. غصْ في الأعماقِ، وإصعَدْ بلؤلؤِ الأزرقِ الغامقِ، لتنالَ أجنحةَ العُلا، وتُحلّقَ في الفضاءِ الأرحبِ للوعيِ المطلقِ. ثم أدخلْ سراديبَ الأرضِ القديمةِ، و إكتشفْ كنوزَها المخفيةَ، لتُصبحَ منْ أهلِ الثراءِ المُباركِ الذي لا ينتهي، والمجدِ الذي يتردّدُ صداهُ في أروقةِ الروحِ، وتاريخِ الخالدينَ.
كانَ العربيُّ يَحملُ سرًّا قديمًا، كلَّ هذهِ الحقائقِ الروحانيَّةِ، كَوشمٍ لا يُمحى على جَبينِ الزَّمنِ. لكنَّ المعرفةَ وحدَها كانتْ قَفْرًا. إحتاجَ إلى تَرتيبٍ، إلى خيطٍ مرئيٍّ يَربطُ الفوضى بِوميضِ الوضوحِ، وفقَ همسةِ إتفاقٍ عتيقةٍ معَ جاكوبَ؛ قلبٌ يَنبضُ بِولاءِ الجنِّ اليهودِ السَّبتيينَ.
أرسلَ العربيُّ نداءً، كَصَوتِ الريحِ يَعبُرُ السُّكونَ. بدأتْ أوتارٌ تَعزفُ، أرواحٌ تَستقرُّ. هذهِ المرةَ في مَوزاغانَ "الجديدةِ"، مدينةٍ نَبتَتْ من رَحِمِ الرُّوحِ.
كانتِ الليلةُ الكناويَّةُ الأولى، قُدِّسَتْ لِـلموساويِّينَ. رَنَّ إسمُ سيدي موسى البحريِّ مَلِكِ الجنِّ البحريِّينَ والغَواصينَ، ساكني الأعماقِ الزمرديَّةِ والمحيطاتِ الأبديَّةِ. تداخلتِ المحلَّتانِ، كَغَمغمَةِ الماءِ في السَّماءِ. زُرقةُ الموجِ عانقتْ زُرقةَ العُلى. أصحابُ البيتِ، مَن نَسجُوا خيوطَ هذهِ الليلةِ، حضروا معَ مقدِّمٍ؛ كهنوتُ توجيهٍ يُحدِّدُ طقوسَ التلاقي، لعوالمَ تَتمازجُ فيها الرُّوحُ بالمادَّةِ، والظِّلُّ بالنُّورِ.
بدأت المحلَّةُ البحراويَّةُ؛ بدا صوتٌ العربي مُرتعشٌ، كأنَّه إنغمسَ للتوِّ في عُمقِ البحرِ أو ألقى بنفسِه من أعالي ليسقط في أحضان الموجِ. بدأ ينشد مطلع ترنيمتُها المفتاحيةُ، ترنيمةُ بَوَّابِ المَرسى، لم تكنْ سوى نداءً للمَلِكِ البحراويِّ، سيِّدِ الميناءِ. حارسُ الأبوابِ، والوحيدُ الذي يملكُ مفتاحَ الولوجِ إلى أسرارِ الموجِ، وإلى غياهب الأعماقِ البحريةِ حيثُ تغفو الأحلامُ.
تتوالى الأصداءُ:
واهيا سيدي موسى...
واهيا بواب المرسى...
وايي وياوايي...
الله الله...
صلاة على نبينا...

يتبع. .... .



#حمودة_المعناوي (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الْكِمبْرِئ -الْجُزْءُ الْخَامِس-
- الْكِمُبْرِئ -الْجُزْءُ الرَّابِع-
- الْكمبْرِئ -الْجُزْءُ الثَّالِث-
- الكّْمْبّْرِيّ -الْجُزْءُ الثَّانِي-
- الْكِمُبْرِي -الْجُزْءُ الْأَوَّلُ-
- أَطْلَانتس وَسيِّدِي مُوسَى
- الزَّرَادِشْتِيَّة
- جَوْهَرٌ أَعْمَق أَسْرَار الْوُجُود
- إخْتِرَاق الزَّمَكَان
- المُثَقَّف الْمُزَيَّف
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٌ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ -الْجُ ...
- نَظَرِيَّةٍ مَا بَعْدَ الْحَضَارَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ


المزيد.....




- أمام عدسات الإعلام الأجنبي ..نتنياهو يدافع عن خطته للسيطرة ع ...
- نتنياهو يعتبر خطته للسيطرة على غزة -أفضل طريقة- لإنهاء الحرب ...
- مصر.. بيان من الداخلية بعد فيديو -تعدي ضابط على منادي سيارات ...
- الأردن يستضيف اجتماعًا حول سوريا بحضور الشيباني وتوم باراك
- الأردن يستضيف اجتماعاً ثلاثياً مع سوريا والولايات المتحدة ال ...
- نتنياهو ينكر وقوع مجاعة في غزة ويهاجم الإعلام العالمي: سننتص ...
- الجيش الكوري الجنوبي يتقلّص 20% خلال 6 سنوات.. و-الدفاع- تحذ ...
- واشنطن تتوقع اتفاق سلام لا يُرضي موسكو ولا كييف
- عائلات الرهائن الإسرائيليين تدعو إلى -إقفال شامل- في 17 أغسط ...
- -يمكن للصداقة تحمّله- - ميرتس يدافع عن قرار وقف تسليم أسلحة ...


المزيد.....

- الصورة النمطية لخصائص العنف في الشخصية العراقية: دراسة تتبعي ... / فارس كمال نظمي
- الآثار العامة للبطالة / حيدر جواد السهلاني
- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حمودة المعناوي - الْكمُبْرِئ -الْجُزْءُ السَّادِسُ-