سوزان ئاميدي
الحوار المتمدن-العدد: 8429 - 2025 / 8 / 9 - 02:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في ظل المشهد السياسي السوري المعقد والمتداخل، تستمر قضية الكورد في سوريا في مواجهة تحديات مستمرة على المستويات المحلية والإقليمية والدولية. مؤتمر الحسكة الأخير جاء في إطار الجهود الرامية إلى تثبيت الحضور السياسي لمكونات شمال وشرق سوريا، خاصة الكورد، ضمن أي تسوية مستقبلية للبلاد. وعلى الرغم من أن المؤتمر لم يطرأ عليه تغيير جذري في مطالب الكورد أو شروطهم السياسية، فإنه يعكس واقعاً مستمراً يسعى من خلاله الكورد لتعزيز موقعهم وشراكتهم الوطنية وسط أجواء سياسية مضطربة وصراعات إقليمية.
البيان الختامي الذي طالب بدستور ديمقراطي ونظام حكم لا مركزي، لم يكن تجديدا للمطالب فحسب، بل تاكيدا على ضرورة التعامل مع الكورد كمكون أساسي في أي تسوية سياسية. رغم شمولية البيان الذي تناول مكونات أخرى كالعرب والسريان والدروز، فإنه وضع الكورد في مركز الفعل السياسي الوطني، مع إبراز أهمية الإدارة الذاتية كنموذج قائم يحتاج إلى تطوير وتوافق أوسع.
مشاركة المكونات الأخرى في الحوار تمثل فرصة للكورد لتقليل التوترات وبناء تحالفات محلية، مع استمرار التحديات الإقليمية، وخصوصاً الموقف التركي الرافض لأي نفوذ كوردي مستقل، الذي يظل عائقا كبيراً أمام التقدم السياسي.
في الأفق الأوسع للقضية الكردية، يظل التنسيق السياسي العابر للحدود وتوسيع الشراكة من أبرز التحديات، إضافة إلى ضرورة تحقيق العدالة الانتقالية ورفض التغيير الديمغرافي الذي يهدد الهوية الكردية في سوريا. إن انعقاد هذا المؤتمر يعطي إشارة لبقية أجزاء كردستان بأن التنسيق السياسي يمكن أن يتم عبر قنوات مدنية وسياسية، وليس فقط عبر المواجهات العسكرية أو التحركات الاحتجاجية. كما أن إدخال قضايا مثل العدالة الانتقالية ورفض التغيير الديمغرافي في الخطاب الكوردي يعيد صياغة هذا الخطاب ليصبح وطنياً جامعاً ، يلتقي مع تطلعات أطياف واسعة من السوريين، ويعزز شرعيته أمام الرأي العام المحلي والدولي.
غير أن هذه الطموحات تواجه عراقيل عدة، من بينها غياب موقف دولي واضح، والتباينات الداخلية بين القوى الكوردية التي تحد من قدرتهم على تشكيل جبهة سياسية موحدة.
في خضم هذه التحديات، يبقى مؤتمر الحسكة محطة مهمة تعكس استمرار النضال السياسي للكورد في سوريا، لكنها ليست نقطة تحول حاسمة في مطالبهم أو موقعهم السياسي. إن نجاح الكورد في تحقيق تمثيلهم الكامل والشراكة الفاعلة في مستقبل سوريا يعتمد على قدرتهم في مواجهة الضغوط السياسية والإقليمية، وبناء توافقات داخلية وخارجية تعزز موقعهم الوطني.
في النهاية، يذكّر مؤتمر الحسكة الجميع بأن الكورد جزء لا يتجزأ من مستقبل سوريا السياسي، وأن تجاهلهم لن يكون خياراً مستداماً في أي تسوية مستقبلية .
#سوزان_ئاميدي (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟