أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق استراتيجي؟














المزيد.....

التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق استراتيجي؟


ليث الجادر

الحوار المتمدن-العدد: 8426 - 2025 / 8 / 6 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


تشير تقارير دولية صدرت في يوليو وأغسطس 2025 عن وكالات متخصصة مثل رويترز وماركت سكرينر وFDI Insider، إلى أن شركات صينية مستقلة – غير مرتبطة مباشرة بالحكومة الصينية – قد كثّفت حضورها الاستثماري في قطاع التنقيب عن النفط في العراق، متجاوزة بذلك الأدوار التقليدية التي لطالما احتكرتها الشركات الحكومية العملاقة.

هذا التحول يعكس تغيرًا مزدوجًا: من جهة في سياسة الطاقة الصينية التي أصبحت أكثر انفتاحًا على الفاعلين غير الحكوميين، ومن جهة أخرى في النموذج العراقي للعقود النفطية الذي انتقل مؤخرًا من نموذج “الرسوم الثابتة” إلى عقود “تقاسم الأرباح”، ما فتح المجال أمام مستثمرين أكثر مرونة، كالشركات الصينية الخاصة.

خريطة الشركات ومواقع الاستثمار

من أبرز هذه الشركات:

United Energy Group (UEG): تنتج اليوم ما يقارب 120,000 برميل يوميًا من حقل البلوك 9، وقد حصلت على امتيازات جديدة في "بلوك الفاو".

Geo‑Jade Petroleum: دخلت بقوة إلى جنوب العراق بمشروع متكامل يشمل حقل "Tuba"، إلى جانب إنشاء مصفاة ومصنع للبتروكيماويات، في استثمار يتجاوز 800 مليون دولار. كما حصلت على عقود لتطوير حقول "نفط خاني" و"الحويزة" قرب إيران.

Zhongman Petroleum & Gas: وسّعت وجودها في حقول “شرق بغداد” ومناطق الفرات الأوسط، متعهدة بضخ استثمارات تصل إلى نصف مليار دولار.

Anton Oilfield Services Group: حصلت على دور المشغل لحقل "الذُفرية" في محافظة واسط.

الطابع غير الحكومي كأداة "اطمئنان" غربي

دخول شركات مستقلة مثل Geo‑Jade وZhongman وUEG يمنح واشنطن ولندن مستوى أعلى من الاطمئنان، فهي ليست أدوات مباشرة للدولة الصينية، بل كيانات ذات بنية رأسمالية هجينة، غالبًا ما:

ترتبط بشبكات تمويل عالمية تشمل مساهمين من شركات طاقة كبرى غربية.

تعتمد على تكنولوجيا أو خدمات نقل وتكرير مملوكة لمجموعات أوروبية وأمريكية.

تخضع لرقابة السوق الدولية أكثر من خضوعها لتوجيه سياسي مركزي.


هذا البناء يمنحها شرعية "اقتصادية" في عيون الغرب، ويُبقيها ضمن ما يمكن وصفه بـ"المنطقة الرمادية الآمنة"، طالما لا تُحوّل أرباحها أو عملياتها إلى أدوات ضغط جيوسياسي.

الرضا الأمريكي الصامت: تكتيك داخل استراتيجية أوسع

ما يحير – للوهلة الأولى – هو: كيف لبلد كالعراق، المرتبط عضويًا بالبنية الأمنية والسياسية للغرب، أن يسمح بهكذا انخراط صيني متسارع؟
لكن التحليل الأعمق يُرجّح أن هذا النشاط يجري ضمن رضا أمريكي–بريطاني صامت ومدروس، وذلك كجزء من توازنات تكتيكية ترتبط بإعادة ترتيب أوراق الشرق الأوسط بعد 2024، حيث تسعى واشنطن إلى:

تخفيف الأعباء الميدانية.

تفويض بعض الأدوار "الوظيفية" دون خسارة الهيمنة.

إبقاء الصين في الهامش الاقتصادي غير المهدد، وتحت الرقابة غير المباشرة.

هذا الرضا ليس متروكًا للصدفة، بل مؤطّر بشروط دقيقة، منها:

أن يظل النشاط الصيني اقتصاديًا صرفًا.

أن لا يشمل أي تموضع سياسي أو أمني أو لوجستي.

أن لا يُستخدم كبوابة لخرق منظومة القرار السيادي المرتبط بالغرب.

سطوة الميليشيات كشرط واقعي للاستثمار

عنصر محلي لا يقل أهمية في تفسير هذا التوازن هو واقع سطوة الفصائل المسلحة، لا سيما الشيعية، على المناطق الغنية بالنفط في الجنوب والوسط.
فالشركات الصينية، بطبيعتها البراغماتية، تُجيد التعامل مع هذا الواقع، حيث:

تقيم تفاهمات ميدانية غير رسمية لضمان الحماية.

لا تُمانع تقديم خدمات تنموية أو "مكافآت ناعمة".

تتجنب الاصطدام مع القوى الفعلية على الأرض.

بالمقابل، تتردد الشركات الغربية في العمل تحت هذه الظروف، وهو ما يجعل من الشركات الصينية البديل "المثالي" من وجهة نظر الحكومة العراقية.

تفريغ لا تموضع
يمكن توصيف ما يجري بأنه تفريغ لفائض القوة الصينية الاقتصادية في بيئة نفطية مرنة ومنخفضة الكلفة، دون أن يرتقي ذلك إلى تموضع استراتيجي حقيقي.
بمعنى أدق: الصين هنا لا تُراكم نفوذًا، بل تحصد ربحًا، وتملأ فراغًا ضمن حدود مرسومة أمريكيًا.

الخلاصة التحليلية

نحن أمام توازن دقيق ومدار بعناية، قائم على:

1. الرضا الأمريكي–البريطاني المشروط ضمن استراتيجية إعادة التموضع.

2. طبيعة الشركات الصينية المستقلة ككائنات استثمارية لا سياسية.

3. القدرة الصينية على التفاهم مع البنية الميدانية للفصائل المسلحة.

4. غياب الرغبة الصينية (حتى الآن) في تحويل الاستثمار إلى نفوذ سياسي.

لكن هذا التوازن يطرح سؤالًا حادًا:
إلى متى يمكن لواشنطن أن تقبل بشريك اقتصادي غير تابع لها، في أخطر قطاع سيادي في العراق؟
وما الذي سيحدث إذا قررت بكين في لحظة ما أن تحول الربح إلى سلطة، أو أن ترعى حضورًا استراتيجيًا من بوابة الشركات "المستقلة"؟



#ليث_الجادر (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سكونية الاقتصاد الريعي الخليجي وتجميد التناقضات الطبقية
- هل أفلت النظرية الثورية الماركسية في الاقتصاد الريعي
- قوة العمل بين الاقتصاد السلعي والاقتصاد الريعي: في تشوّه الد ...
- حزب الدعوة: المنظمة الغامضة
- شهقة ما قبل الوجود
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- الإخوان المسلمون: استنساخ استخباراتي بريطاني للماسونية في ال ...
- حماس: الجذر الإخواني والدعم القطري في سياق التوازن مع إسرائي ...
- الإسلام السياسي : أسلمة الرأسماليه
- في تجذير العجز: الرعايه الاجتماعية كآلية لضبط الجماهير
- جهاز استخبارات الحشد الشعبي: البنية، الصلاحيات، والعلاقة بال ...
- الوطنية كجدل يمزّق، واللادولة كفراغ مفاهيمي
- الوطنية العراقية ومأزق الكردي: ولاء يُطلب بلا شراكة
- الروح الوطنية العراقية: من رابطة سيادية إلى أداة قمع رمزي
- في تقديس الكيان الميت: تناقضات الطائفة ووهم الدولة
- مهمة الثوري العراقي المرحليه..الهدم ثم الهدم
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )..2
- ذي القرنين: حين ينهار المنطق أمام النص ( غيبوبة الفكر )
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق
- العراق بين العرش الموعود وأشباح التمزق..11 و 12


المزيد.....




- من الموضة إلى العافية... ديور تغيّر مفهوم الرفاهية في الولاي ...
- قمة مرتقبة بين بوتين وترامب.. وموسكو تتحفّظ على مقترح لقاء ث ...
- سلوفينيا تحظر استيراد منتجات المستوطنات الإسرائيلية وتلوّح ب ...
- قمة مرتقبة بين ترامب وبوتين .. هل ستنهي الحرب في أوكرانيا؟
- جسلة للكابينت الإسرائيلي اليوم لمناقشة خطة نتانياهو لاحتلال ...
- جلسة مرتقبة للحكومة اللبنانية لاستكمال النقاش بشأن الورقة ال ...
- أزمة دبلوماسية متصاعدة: هل سترد الجزائر على باريس بقرارات غي ...
- طائرات هيركوليس ومخيم غالانغ.. خطة إندونيسية لدعم غزة إنساني ...
- رئيس الوزراء السوداني بالقاهرة في أول زيارة خارجية
- مسؤولة أوروبية: حرب غزة تشبه إلى حد كبير الإبادة الجماعية


المزيد.....

- المدخل الى موضوعة الحوكمة والحكم الرشيد / علي عبد الواحد محمد
- شعب الخيام، شهادات من واقع احتجاجات تشرين العراقية / علي الخطيب
- من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل ... / حامد فضل الله
- حيث ال تطير العقبان / عبدالاله السباهي
- حكايات / ترجمه عبدالاله السباهي
- أوالد المهرجان / عبدالاله السباهي
- اللطالطة / عبدالاله السباهي
- ليلة في عش النسر / عبدالاله السباهي
- كشف الاسرار عن سحر الاحجار / عبدالاله السباهي
- زمن العزلة / عبدالاله السباهي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - ليث الجادر - التوسع الصيني في قطاع النفط العراقي: لعبة توازنات أم خرق استراتيجي؟