أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - للاإيمان الشباني - لغات الحب تعلمناها من الحبيب المصطفى














المزيد.....

لغات الحب تعلمناها من الحبيب المصطفى


للاإيمان الشباني

الحوار المتمدن-العدد: 8415 - 2025 / 7 / 26 - 11:18
المحور: قضايا ثقافية
    


آ

في سيرة النبي محمد صلى الله عليه وسلم مع زوجاته، تتجلّى أرقى صور الإنسانية النبوية التي تنضح بمفهوم الحب في أنقى تجلياته، حب لا يقف عند حدود العاطفة العابرة، بل يتجذر في الأفعال والمواقف اليومية التي تُبنى بها البيوت وتستقر بها النفوس. ومن هذا المنهل الطاهر تنبثق لغات الحب الخمس، التي لم تأت كنظرية حديثة فحسب، بل كانت ممارسة فعلية في بيت النبوة، حية نابضة، تنطق بها أفعاله وتفيض بها مشاعره، حتى أصبح نموذجًا خالدًا في العطاء الوجداني والسلوك الراقي.
من بين لغات الحب التي نلمسها في تعامله صلى الله عليه وسلم، تبرز لغة الامتنان والثناء، إذ لم يكن يتجاهل معروفًا ولا يصمت عن إحسان، بل كان يشكر ويثني، ويذكر جميل زوجاته ويذكرهن بالخير حتى بعد رحيلهن، كما كان يفعل مع السيدة خديجة رضي الله عنها. وكان يكرم أهلها، ويقول عنها ما يحفظ المحبة في قلوب زوجاته الباقيات، ويجعل كل واحدة منهن تشعر أنها في موضع تكريم وتقدير. هذه اللغة التي تُشعر المرأة بوزنها المعنوي، وبأن ما تقدمه لا يضيع، كانت من أولى اللغات التي سكنت بيت النبوة، لأنها تشبع حاجات النفس في أن تُرى وتُشكر.
أما لغة تكريس الوقت، فقد تجلت بوضوح حين كان النبي صلى الله عليه وسلم يسابق عائشة رضي الله عنها، ويستمع إليها حين تروي له قصصًا طويلة كما في حديث أم زرع، ويصبر على إنصاتها وحديثها، بل ويعلق بعد انتهائها بما يدخل السرور عليها. كان يختار أن يمنح زوجاته وقتًا خالصًا لا يشوبه انشغال ولا يقطعه تشتت، وكان يرافقهن في الزيارات والرحلات، ويجعل لكل واحدة منهن لحظتها الخاصة. لم يكن الوقت عنده مجرّد لحظة، وهي وحي ينبض بالحضور والاهتمام والحنان، لحظة يملؤها بالاستماع، والملاطفة، والمشاركة.
وفي لغة الهدايا، نرى "السحر الحلال" كما تصفه بعض القلوب التي تعرف أثر الهدية، كيف تفتح مغاليق النفس وتؤلف بين القلوب. كان النبي صلى الله عليه وسلم يوصي بالهدية ويقبلها ويهدي، وكان يحب أن يدخل السرور بها، ويعلم أن في الهدايا مفاتيح للوصل وتجديدًا للود، وإشعارًا بالتقدير والاهتمام. الهدايا لم تكن عنده مادة بل معنى، وكان يبث بها رسالة حب رقيقة المعنى قوية الأثر.
وأما لغة الخدمة، فهي من أروع صور التواضع النبوي التي تضيء صفحات سيرته، فقد كان في خدمة أهله، يكنس بيته، ويخيط ثوبه، ويصلح نعله، لا يرى ذلك نقصًا من مكانته ولا حطًّا من مقامه، إنه يرى فيه قمة الكمال الإنساني، أن تعين من تحب، أن تشاركه التعب، أن تُشعره أنك حاضر بجسدك وقلبك ويدك. كثير من النساء تجد في هذه اللغة بابًا عظيمًا للحب، أن يُقاسمها الرجل ثقل الحياة ويشاركها همّها، فتشعر بالاحتواء والدعم.
أما لغة اللمس، فقد كان الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم بارعًا في إحيائها دون تكلف، ففي اللمسة حياة، وفي القبلة قبس محبة، وفي المسحة على اليد أو الرأس أو الجبين دفء يطفئ قسوة الأيام. كان يقبل زوجاته وهو صائم، ويقبل قبل خروجه للمسجد، ويحتضن، ويضع رأسه على حجر عائشة وهي حائض، فيزيل الحواجز ويمنح الحنان مساحة أرحب. لم يكن الاتصال الجسدي عنده غريزة، بل كان وسيلة حب، وشفرة ودّ، وتعبيرًا عن انصهار الأرواح في جسد واحد ومصير مشترك.
كل واحدة من هذه اللغات لم تكن عشوائية، بل كانت وحيًا سلوكيًا يلائم طبائع النساء ويخاطب الفطرة فيهن، ولذلك جاء تعامله متنوعًا، مرنًا، حكيمًا، وكأنه مدرسة تمشي على الأرض، يتخرج منها الأزواج والآباء والعشاق، ليتعلموا كيف يكون الحب خلقًا لا نزوة، فعلًا لا قولًا، شمولًا لا تخصيصًا. ولأن رسالته رحمة للعالمين، كان لا بد أن تمتد هذه اللغات لتُقرأ اليوم من جديد على ضوء حاجات العصر، في زمن جفّ فيه الحضور العاطفي رغم تزايد الوسائل.
ولأن الحب عنده صلى الله عليه وسلم لم يكن ضعفًا، بل قوة تمد العلاقة بوقود الاستمرار، لم يكن مجرد مشاعر بل تربية، كان يسير بهذا الحب منهجًا لأمته، ليجعل من الأزواج شركاء، ومن البيوت ساحات للسكن والسكينة، ومن العلاقات روابط لا تتآكلها الأيام. لقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم، فعلمنا كيف نحب، ووهب عمره لله، فعلمنا أن الحب لا يتعارض مع القداسة، بل يعانقها.
ذلك هو الحب النبوي الذي نستقي منه، منهجًا وسبيلاً، لنعيش به ومعه، في بيوتنا ومجتمعاتنا، لا لنفتش فقط عن السعادة، بل لنصنعها.



#للاإيمان_الشباني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- من كتاب( أفئدة من ذهب)زوجات النبي والحكمة من كلل زوجة
- حميد بركي المفكر الادبي
- التطفل
- عندما يصبح السؤال تساؤلا
- مهرجان ابن عريف
- أخلاقيات العلاقة الزوجية
- رد بآشارة يغني عن السؤال والإثارة
- الجميل (صبرا ،هجرا.. )
- شبه قرين
- من كتابي رواد من شروق (مراكش والقلعة عملة واحدة)
- من كتابي أفئدة من ذهب(الفلكي حماد عاشور)
- سر الجمال
- خاتمة كتاب (رواد من شروق)
- مقدمة كتاب (رواد من شروق)
- سيرة ادباء وشعراء (رشيد أيلال)
- سوق الغزل ( من مغرب الثقافات)
- سيرة ادباء وشعراء (أحمد حيدة )
- سيرة الشاعر الناقد (حميد بركي )
- الشاعرة أمينة حسيم
- الشاعر رشيد سحيت


المزيد.....




- زعيم كوريا الشمالية يتعهد بالانتصار في المعركة ضد أميركا
- الشرطة الهندية توقف رجلا يدير سفارة -وهمية-
- صحافي روسي ينجو بأعجوبة من هجوم بمسيرات أوكرانية
- ملك الأردن يبحث مع الرئيس الأميركي تطورات غزة وسوريا
- إسرائيل تعلن استئناف إسقاط المساعدات جوا فوق غزة الليلة
- قادة بريطانيا وفرنسا وألمانيا يهددون بتفعيل -آلية الزناد- ضد ...
- قوات الاحتلال تقتحم السفينة حنظلة
- ماكرون يتصل بالشرع ويدعو لحوار وطني شامل في سوريا
- كيف تعاطت المقاومة الفلسطينية مع التهديدات الإسرائيلية الأمي ...
- كم دولة اعترفت بدولة فلسطين؟


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - للاإيمان الشباني - لغات الحب تعلمناها من الحبيب المصطفى