أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - وصمة الدم… لا الطُهر














المزيد.....

وصمة الدم… لا الطُهر


رانية مرجية

الحوار المتمدن-العدد: 8409 - 2025 / 7 / 20 - 08:18
المحور: الادب والفن
    


لم تكن نائمة، بل كانت تحلم.
تحلم بفستان أرجوانيّ اللون، يُرفرف في ساحة المدرسة...
تحلم بصديقتها وهي تضحك تحت شجرة الجميز...
تحلم بأن تكبر، بأن تكتب، بأن تصير شيئًا له معنى في هذا العالم.
لكنهم لم يمهلوها.
في ليلةٍ بلا قمر، وعلى سرير طفولتها، تسلّلوا إلى غرفتها كما تتسلّل الذئاب إلى حظيرة الضعف...
ذبحوها بهدوء، كما تُذبح الخراف.
غسلوا أيديهم بالدم، وغطّوا وجهها الصغير بقطعة قماش…
وقالوا إنها ماتت دفاعًا عن شرفهم.
كان اسمها أريج،
وكان عمرها خمسة عشر ربيعًا،
وكانت، ببساطة، تحب الحياة.
في صبيحة الجريمة، كانت أمّها تصرخ على عتبة البيت:
– قتلوك يا أريج، وقتلوني معك…
لكنّي لن أصمت، لن أضعف، لن أغفر.
ضمّتها صديقتها القديمة، قالت لها:
– دم أريج لن يضيع، أقسم لك.
هذه البلاد، وإن تواطأت، لا تنسى الوجوه المذبوحة.
جلس الأب في زاوية البيت، مكسور الظهر، لا يقوى على الكلام.
كان يتمتم بين فواصل البكاء:
– لم تُقتل ابنتي من أجل الشرف…
بل قتلها الجهل، والتسلّط، وقتلها أنصاف الرجال الذين نصّبوا أنفسهم أوصياء على السماء.
قتلها من ظنّ أن الرجولة تُقاس بسلطة السكين.
في اليوم التالي، عمّت الإشاعات البلاد كما تعمّ العاصفة حقول القمح:
قالوا إنها كانت ترقص في شرم الشيخ…
قالوا إنها خُلعت الحجاب…
قالوا إنها وضعت حلقة في سرتها، وإنها تُحب شابًا روسيًا، وإنها تفضّل اليهود على العرب…
لكن أريج، ببساطة، لم تكن تملك جواز سفر.
ولم يكن في صدرها غير وجع المراهقة، وأسئلتها الصغيرة.
بعد يومين، ظهرت نتيجة التشريح الطبيّ:
أريج كانت عذراء.
جسدها نقيّ.
لا حلق على سرتها، لا وشم، لا عار…
لكن من قال إن الطهارة تُقاس بالجسد؟
من يعيد لأريج حياتها، الآن وقد قُتلت مرتين:
مرّة بالسكين،
ومرّة بالافتراء.
وقفت أمها، للمرة الأولى، في وجه عائلتها.
اتهمت شقيقها – خال أريج – بالتحريض.
شهدت ضد أهلها.
صرخت:
– الشرطة كانت تعلم… وتخاذلت.
– الشرف الحقيقي أن نحمي بناتنا، لا أن ندفنهنّ بأيدينا.
سارت إلى الجمعيات النسويّة.
طرقت الأبواب.
رفعت صورة ابنتها في المظاهرات.
تحدّثت عن صوتها، عن دفاترها، عن حلمها بأن تصير معلّمة يومًا ما.
انفتح التحقيق من جديد، وبدأت الحقيقة تتقشّر كجلدٍ متعفّن:
الجناة اعترفوا، وصرّحوا بندمهم:
– صدّقنا الإشاعات،
– اغتالنا الخوف من العار،
– خُدعنا بكلام النساء اللواتي يبرّرن القتل باسم الله.
لكن الأكثر فظاعة…
أن امرأةً من بين من حرّضن على قتل أريج، وقفت بوجه مكشوف، وقالت:
– أريج بريئة، نعم…
لكن من سبقنها كنّ يستحقن الموت.
فالمرأة ناقصة عقل ودين، ومكانها في البيت.
أيّ بيتٍ هذا؟
وأيّ دينٍ ذاك؟
الذي يسمح أن تُسفك دماء الورد،
أن يُذبح القمر،
أن يُذبح الحلم…
ويُقال بعدها "الحمد لله الذي طهّر العائلة من العار".
ماتت أريج، لكن القصيدة لم تمت.
ماتت أريج، لكنها صارت سؤالًا معلّقًا في السماء:
– إلى متى سنذبح بناتنا… ونقول: باسم الله؟



#رانية_مرجية (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مناديل من حرير الكلمات: مزامير العاشق الروحاني
- -فراديس إنانا-: تجلّيات الخلاص والموت في شعر يحيى السماوي قر ...
- قراءة في قصة -خمّ الديوك- – لنبيل عودة
- الله يعرفني… وأنا أعرفه… وهذا يكفي
- أن تكون إنسانًا أولاً
- خمسةُ أشهرٍ من الغياب… وكبرُ الحنين
- نظرة من الداخل: المتوحدون وذوو الإعاقات الذهنية التطورية... ...
- البُعدُ أجمَل
- شتّان بين من مهنتهم الأيديولوجيا... وبين من حوّلوها إلى فنٍ ...
- وجعٌ يقاومهُ وجع
- العطاء الموجع… حين تُزهِر الأرواح من دموعها
- -نحنُ الملحُ الباقي... والجرحُ النّديّ-
- -الديك والانتخابات الديمقراطية-
- في حضرة الشراكة: أبطالٌ في قلب الوطن
- بعد موت الأمل: حين يصير القلم موطناً للروح المنفية
- “أطياف أم-
- في مهبِّ الجوع… غزةُ تصرخ
- -صليلُ الوشاةِ... ونحيبُ القلوب-
- -بسمة الصباح وظلّ خالد: حين يتحوّل الحزن إلى حارس-
- الخلاص بالنعمة... حين تتكلم النفس بلغة بولس


المزيد.....




- دراسة تنصح بعزف الموسيقى للوقاية من الشيخوخة المعرفية.. كيف؟ ...
- كتّاب وأدباء يوثقون الإبادة في غزة بطريقتهم الخاصة
- حين أكل الهولنديون -رئيس وزرائهم-.. القصة المروّعة ليوهان دي ...
- تكريم الإبداع والنهضة الثقافية بإطلاق جائزة الشيخ يوسف بن عي ...
- أهمية الروايات والوثائق التاريخية في حفظ الموروث المقدسي
- -خطر على الفن المصري-.. أشرف زكي يجدد رفضه مشاركة المؤثرين ف ...
- هل يحب أطفالك الحيوانات؟ أفلام عائلية أبطالها الرئيسيين ليسو ...
- أحمد عايد: الشللية المخيفة باتت تحكم الوسط الثقافي المصري
- مهرجان -شدوا الرحال- رحلة معرفية للناشئة من الأردن إلى القدس ...
- لغز الإمبراطورية البريطانية.. الإمبريالية مظهر للتأزم لا للق ...


المزيد.....

- يوميات رجل مهزوم - عما يشبه الشعر - رواية شعرية مكثفة - ج1-ط ... / السيد حافظ
- . السيد حافظيوميات رجل مهزوم عما يشبه الشعر رواية شعرية مك ... / السيد حافظ
- ملامح أدب الحداثة في ديوان - أكون لك سنونوة- / ريتا عودة
- رواية الخروبة في ندوة اليوم السابع / رشيد عبد الرحمن النجاب
- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رانية مرجية - وصمة الدم… لا الطُهر