أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-














المزيد.....

-الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-


حامد الضبياني

الحوار المتمدن-العدد: 8396 - 2025 / 7 / 7 - 15:15
المحور: قضايا ثقافية
    


يبدو أن السكون الذي يسبق العاصفة في الشرق الأوسط قد طوى صفحته الأخيرة، وأن هدير المرحلة المقبلة يكتب جمله الأولى من سواحل صور وجنوب بيروت، وليس بعيدًا عن قم وطهران وبغداد. لم يكن المشهد اللبناني يومًا بهذا الوضوح الكارثي، ولا كان الحليف الإيراني بهذا الارتباك الذي تخونه العباءات والفتاوى. هناك في الزوايا المعتمة لصناعة القرار، يقف رجل شاحب القسمات، مثقل بالرموز والرتب، يرمق جغرافيا المصير بعين مترنحة بين الإيمان بالثبات وبين شبح السقوط. لا أحد يسأل: هل اختار الرحيل؟ بل الكل يهمس: هل بقيت له لحظة ليختار أصلًا؟
إنها نهاية زمن الصمت المتفاخر، وبداية جولات ما بعد الحقيقة. لا أحد يتحدث عن بيان أو خطاب، فالرجل الذي طالما صدح بتهديدات يقطفها الصدى، غيّبته الآن دهاليز مغلقة، لم تعد خطابات "الممانعة" تسعفه، ولم تعد شعارات "الرد المناسب" تطيل عمر الحكاية. في الزوايا الحرجة، تنهار الصورة دون أن تنهار معها الجدران بعد... لكن من قال إن الانهيار لا يبدأ من الداخل؟ من قال إن القلب لا يموت صامتًا قبل أن تصمت المدافع؟،تتكسر الجدران غير المرئية لترسانة الصواريخ، تُمزقها طائرات لا تُرى، ولا يُسمع منها إلا الصدى البعيد، كأنها الأشباح التي تدور فوق الضاحية وتهمس في طهران وبغداد: "موعدكم اقترب". ليست صدفًا تلك الاقترابات الدقيقة من البحر، حيث تلوح كالفنسون، تلك الحاملة التي لا تلوح بلا سبب، ولا تقترب بلا نية. خلفها ترتفع حرائق سياسية واستعدادات لسيناريوهات تتداخل فيها الجغرافيا بالعقيدة، والقرار العسكري بالجنون الاستراتيجي.وفي سماء مشتعلة بالعيون الإلكترونية، تُجري طائرات دون طيار عرضها المسرحي الصامت فوق رؤوس من لا ينامون ليلهم. هناك في العمق الإيراني، في زوايا يُعتقد أنها أوكار للمستقبل المشؤوم، تجوب أسراب تحمل عيونًا لا ترمش، تعدّ النفس وتقرأ حركة الجدران بحثًا عن ذلك الكنز الثقيل، حيث لغم اليورانيوم المختبئ خلف أسوار التحدي.الأسوأ ليس في الاقتراب، بل في أن الخطوط الحمراء صارت رمادية، وأن الأصدقاء اختلطوا بالخصوم، وأن من اعتاد على الاحتماء بالصوت العالي لم يعد يملك سوى الصمت الخائف. في المقلب الآخر، وحدات ظل، فرق بأسماء لا تُذكر، تحمل أعلامًا بألوان متعددة، تقوم بما لا يُقال، تنفّذ ما يُخطط في صمت مريب، وتترك آثارها لمن يجيد قراءة الرماد.في لبنان، لا أحد يملك ترف السؤال عن المدى، فالمدى صار هو السؤال. كل شيء ينهار بهدوء: المعنى، الدولة، الاقتصاد، الإيمان بالغد. حتى أولئك الذين كانوا ذات يوم يرددون شعارات "الكرامة والسلاح"، صاروا اليوم يتساقطون إما في الملاجئ أو في بيانات النفي أو على قارعة "كان يا ما كان".وليس غريبًا أن تتقاطع خطوط الأزمة عند بوابة اسمها واشنطن وتل أبيب. هناك تُرسم الخرائط بيد من لا يرحمون، وهناك تُعقد جلسات سرية لا تحضرها الصحافة، بل تحضرها شهية الحرب. ترامب الذي لا ينسى، ونتنياهو الذي لا يغفر، يجتمعان على حافة الانفجار الأكبر. إجماع لا تصنعه السياسة، بل تصنعه الرغبة في نهاية "الدور" الإيراني، ونزع ما تبقى من أوراق اللعبة من يد الولي الغارق في عزلة دولية قاتلة.
ربما لم يكن نعيم قاسم بطل المشهد الأخير، لكنه أحد الذين يسحبون الستارة من خلف المسرح. ربما لم يرفع السلاح بنفسه، لكن اسمه صار في مرمى التصويب، ليس بصفته شخصية، بل باعتباره رمزًا لمرحلة قررت أن تقف ضد الزمن. والوقت الآن لا يرحم من يتأخر عن فهم الإشارات.لبنان، ذاك الوطن الذي يشبه المصلوب على حافة الاحتمالات، صار الآن ميدانًا مفتوحًا لصراع لا يملك أدواته. أما أهله، فهم بين مطرقة الجوع وسندان الرعب، لا يعرفون في أي دقيقة تنفجر السماء، ولا من أي اتجاه تأتي النيران. فالحرب إذا اشتعلت، لا تسأل عن العناوين، بل تطرق كل باب، وتخطف من لا ذنب له سوى أنه ولد على أرض الجحيم المؤجل.أما عن الغد، فلا أحد يجرؤ على التنبؤ. فالمشهد أكبر من أن يحتويه عقل، والأقدار صارت تكتب بأصابع لا نراها. لكن ما هو واضح أن الساعات المقبلة ليست كسابقاتها، وأن كل شيء يتحرك على رقعة نار، وأن النهاية لا تُكتب بالحبر، بل بالدخان والدم.
قد لا يكون الغد أفضل، لكن لا بد له أن يولد، ولو من رماد.



#حامد_الضبياني (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العزف على وتر الدم... حين تتحول المواكب إلى نارٍ تأكل الوطن
- وهج الدم الهادر… دروس الحسين التي لا تموت
- -رقصة النهاية في ميدان الدخان: أوكرانيا بين أنياب الدب وأطيا ...
- طعنة غُربة
- حين تُطوى الراية قبل أن تذبل... عن إعادة رسم خرائط القوة بين ...
- الفنان العراقي.. صوت الوطن المنفي
- -حين يصير المجد تهمة... ويُؤخذ التاريخ من مأتمٍ لا ينتهي-
- -حين تعزف الدولة على لحن فنائها: عزاءٌ لوطنٍ يُقصف من داخله-
- العراق… صندوقٌ فارسيُّ الأختام
- الطبيب الذي خلع عباءته… وصار جزارًا في معطفٍ أبيض .
- -ويحَ مَن آذى عائشة... فالعرضُ عرضُ نبيٍ والأذى أذًى للسماء- ...
- -مزرعة البروكرات... حين أُطفئت شموعُ العقل وأُشعلت قناديلُ ا ...
- العلم الذي يُغتال... وأمة تنزف ضوءها .
- العقدة الخالدة: سردية الكراهية المتجذّرة ضد العرب منذ فجر ال ...
- -كمب ديفيد الإيراني: سلام يشبه الهزيمة أم هزيمة تُسوّق كسلام ...
- ترامب وصعود ميزان القوة الجديد: حين تعثّرت التنانين وتاهت ال ...
- في مطلعِ الهجراتِ تبكي السنون
- الفنُّ... رسائلُ الخلود في حضارة الرافدين
- الفزاعة التي لبست عمامة الخلافة
- التحية الأخيرة أمام الكاميرا: عندما يذوب الانضباط في حضرة ال ...


المزيد.....




- -اكتفيت إلى هنا-.. دانا مارديني تعلن اعتزالها -كممثلة في مجا ...
- اليابان: رئيس الوزراء ينوي البقاء في منصبه بعد توقعات بهزيمة ...
- إسرائيل تأمر الفلسطينيين في وسط غزة بالتوجه جنوبًا.. ومنتدى ...
- -آليات لأعداء الأمة-.. ضاحي خلفان يحذر من مخاطر الميليشيات و ...
- أزمة السويداء: ما الذي تسعى إسرائيل إلى تحقيقه في سوريا؟
- إذا اندلعت حرب جديدة مع إيران.. ما الجديد في حسابات تل أبيب؟ ...
- ألمانيا ودول أوربية أخرى تستعد لبدء محادثات جديدة مع إيران
- طواف فرنسا: البلجيكي تيم ويلينس بطلا للمرحلة الخامسة عشرة
- غزة تتضور جوعا.. قصة أقسى حصار وتجويع في التاريخ الحديث
- دمشق تعلن تهدئة الأوضاع في السويداء وقلق أميركي من سياسات نت ...


المزيد.....

- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الساد ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الثال ... / منذر خدام
- أسئلة الديمقراطية في الوطن العربي في عصر العولمة(الفصل الأول ... / منذر خدام
- ازمة البحث العلمي بين الثقافة و البيئة / مضر خليل عمر
- العرب والعولمة( الفصل الرابع) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الثالث) / منذر خدام
- العرب والعولمة( الفصل الأول) / منذر خدام
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- مقالات في الثقافة والاقتصاد / د.جاسم الفارس
- قواعد اللغة الإنكليزية للأولمبياد مصمم للطلاب السوريين / محمد عبد الكريم يوسف


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - قضايا ثقافية - حامد الضبياني - -الريح تهدر من الجنوب... هل آن أوان النهاية-