أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!














المزيد.....

غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!


محمود كلّم
(Mahmoud Kallam)


الحوار المتمدن-العدد: 8394 - 2025 / 7 / 5 - 16:21
المحور: القضية الفلسطينية
    


من يظنّ أن غزة تنزف اليوم، فليُراجع نفسه. إنما غزة لا تنزف... بل تتبرع، عن طيب خاطر، بدمائها لأمّةٍ ماتت فيها الحياة، وغابت عنها النخوة. أمةٌ أصبحت بلا دم، بلا إحساس، بلا حتى القدرة على الغضب.

في كل مرة تُقصف فيها غزة، لا نسمع سوى صمت العالم، وتبريرات القتلة، وتصريحات الشجب الخجولة. لا شيء يتغيّر إلا عدد الشهداء، الذي يرتفع كما لو أننا نعدّ أرقاماً لا أرواحاً. أطفال يُنتشلون من تحت الركام، نساءٌ تركضن حافياتٍ بين الأنقاض، رجالٌ يُودّعون أبناءهم بلا وداع... ثم يمضي العالم إلى نشرته التالية.

غزة اليوم ليست فقط ضحية حرب، بل ضحية خذلانٍ عربي، وصمتٍ إسلامي، وجُبنٍ دولي. كل بيتٍ يُقصف هناك يصفع ضمير هذه الأمة، وكل دمعة تُذرف في غزة تُغرق ما تبقّى من ماء وجوهنا. لكننا نتقن التجاهل، ونجيد التعايش مع الدم، كأنه لونٌ معتاد في شاشاتنا.

ليست غزة بحاجة إلى دموعنا، ولا إلى شعاراتنا الجوفاء. هي بحاجة إلى كسر هذا الحصار الذي بات يختنق منه الهواء نفسه. بحاجة إلى صوتٍ صادق، إلى موقف لا يُحسب ألف مرة قبل أن يُقال. بحاجة إلى أن نتوقف عن اعتبارها مجرد نشرةٍ إخبارية قبل النوم.

غزة اليوم تتبرع لنا بما تبقّى من شرف. تمنحنا فرصةً لنستيقظ، لنتذكّر من نحن، لندرك أننا على وشك فقدان آخر ما يربطنا بتاريخنا، وهويتنا، وإنسانيتنا.

وغزة... تبيت الليالي على صوت الطائرات، وتصحو على أسماء الشهداء. لا وقت فيها للبكاء، ولا مكان للنجاة. وحدها تحتضن جراحها، وتضمّ أشلاءها كأنها تُغني لطفلٍ لن يعود.

وكلما سقط شهيد، سقطت قطعة من كرامتنا معه. وكلما تهدّم بيت، تهدّمت فينا إنسانيتنا.

سنعود إلى نومنا العادي، وأعمالنا المعتادة، لكن غزة لن تنام. ستسهر مع أمٍّ تنتظر ابناً تحت الأنقاض، ومع طفلةٍ تحضن دُميتها الوحيدة في مركز إيواء، ومع عجوزٍ تنظر إلى السماء ولا تسأل شيئاً... فقد تعبت من الأسئلة.

يا غزة... سامحينا، فقد اعتدنا موتك.
سامحينا، لأننا لم نعد نشعر أن صراخك يخصّنا.
سامحينا، لأننا لم نعد نبكي كما يليق بمن فقد كلّ شيء.

[محمود كلّم] كاتب فلسطيني يكتُبُ في الشَّأنين السِّياسيِّ والوجدانيِّ، وَيُعنَى بقضايا الانتماء والهُويَّة الفلسطينيَّة. يرى في الكلمة امتداداً للصَّوت الحُرِّ، وفي المقال ساحةً من ساحات النِّضال.



#محمود_كلّم (هاشتاغ)       Mahmoud_Kallam#          


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- غزّة... وأبو الحن في فخِّ المُساعدات!
- غزّة... لا مفرّ: نُزُوحٌ من الموتِ إِلى الموتِ!
- من العدس إلى الشّهادة... الشهيد نزار بنات كما لم تعرفُوهُ!
- غزّة... تنزفُ في عرض البحر!
- غزّة تنزف بصمت... وأمريكا تُدير المجزرة!
- غزّة وحدَها... والعُروبةُ في غيبوبةٍ!
- سمعان ميشال حطّاب (أبو إيلي)... من الأشرفيّة إلى مخيم شاتيلا ...
- غزّة تُذبحُ... والأُمّةُ تتوضّأُ للصّلاةِ!
- ناجي العلي رسمها، ونزار بنات نطق بها: سيرةُ وطنٍ يغتالُ أبنا ...
- وصيّةُ الدّم... من نزار بنات إلى ابنته مارية بنت الأربعين يو ...
- الشهيد نزار بنات... حين يُغتالُ الصوتُ ولا تموتُ الحقيقة!
- خليل نزار بنات... يكبُرُ على وجعِ الوطنِ!
- نزار بنات... شهيدُ الكلمة والشّاهدُ الذي كتب وصيّتهُ بدمهِ!
- نزار بنات واليمن... قصّةُ حُبٍّ لا تعرفُ الخيانة!
- نزار بنات: شهيد الحقيقة في زمن الخيانة!
- حين بكى غسان... ونام نزار في تراب فلسطين
- جيهان ونزار... وحدهُما في حُضنِ الغيابِ!
- حين تُناديه الأُمُّ... ولا يُجيبُ!
- حين ينكسرُ قلبُ الأب… ولا أحدَ يسمع!
- مجزرة مدرسة صيدا الرسميَّة – المدخل الجنوبي: حين تحوَّل المل ...


المزيد.....




- -إعدامات جماعية تنفذها مليشيات الهجري- بالسويداء.. ما قصة ال ...
- كوكاكولا تغيّر معادلة السوق الأمريكية.. منتج جديد بسكر القصب ...
- -أخشى أن أخرج بكيس للبحث عن الطعام، فأعود محملاً فيه كجثة-، ...
- أردوغان يصعّد لهجته: نتنياهو تجاوز هتلر في الوحشية
- لكسر الحصار عن القطاع.. كتلة برلمانية إيرانية تقرر إرسال باخ ...
- غوتيريش يعلن نهاية عصر الوقود الأحفوري: شمس الطاقة النظيفة أ ...
- رفض طعون حزب -البديل- الألماني لرفع شبهة التطرف اليميني
- طواف فرنسا: باريه-بنتر يفوز بالمرحلة السادسة عشرة ويصبح أول ...
- بالأرقام.. أسعار السلع التموينية الأساسية في قطاع غزة قبل وب ...
- شاهد.. معاناة أهالي قطاع غزة في الحصول على لقمة العيش


المزيد.....

- ثلاثة وخمسين عاما على استشهاد الأديب المبدع والقائد المفكر غ ... / غازي الصوراني
- 1918-1948واقع الاسرى والمعتقلين الفلسطينيين خلال فترة الانت ... / كمال احمد هماش
- في ذكرى الرحيل.. بأقلام من الجبهة الديمقراطية / الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / محمود خلف
- الأونروا.. والصراع المستدام لإسقاط شرعيتها / فتحي الكليب
- سيناريوهات إعادة إعمار قطاع غزة بعد العدوان -دراسة استشرافية ... / سمير أبو مدللة
- تلخيص كتاب : دولة لليهود - تأليف : تيودور هرتزل / غازي الصوراني
- حرب إسرائيل على وكالة الغوث.. حرب على الحقوق الوطنية / فتحي كليب و محمود خلف
- اعمار قطاع غزة بعد 465 يوم من التدمير الصهيوني / غازي الصوراني
- دراسة تاريخية لكافة التطورات الفكرية والسياسية للجبهة منذ تأ ... / غازي الصوراني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الفلسطينية - محمود كلّم - غزّة... آخرُ ما تبقّى من إِنسانيّتِنا!