أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - الشرق الأوسط يُعيد تشكيل خارطته.. فهل من يقظة كوردية تُعيد للكورد موقعهم في التاريخ؟














المزيد.....

الشرق الأوسط يُعيد تشكيل خارطته.. فهل من يقظة كوردية تُعيد للكورد موقعهم في التاريخ؟


بوتان زيباري

الحوار المتمدن-العدد: 8391 - 2025 / 7 / 2 - 09:19
المحور: القضية الكردية
    


لم تكن التحولات التي يشهدها الشرق الأوسط مجرد زوبعة عابرة أو هبّات متقلبة، بل هي إعادة تشكيل جوهرية لخارطة القوى والتأثير، حيث تتبدّل موازين القوى، وتتزعزع الأركان التي ارتكزت عليها أنظمة سياسية كانت يومًا ما ركيزةً للوجود الإقليمي. وفي قلب هذه المتغيرات، تظهر سلسلة من القرارات الاستراتيجية التي تشير إلى حالة ضعف وانحسار في مكمن القوة الإيراني، ذلك المكمن الذي كان يمتد بذراعيه عبر الحدود ليغذي محور "المقاومة" في لبنان وسوريا وفلسطين واليمن، مُشكلاً حاضنة سياسية وعسكرية لحركات مسلحة تُعيد صياغة الواقع تحت عنوان الممانعة.

ولعل أبرز ما يتراءى في هذا المشهد هو حالة الضعف المركزي التي تضرب في جذور النظام الإيراني، لتخلق فراغًا استراتيجيًا في خطوط نفوذه، تلك الخطوط التي كانت تمتد عبر الجغرافيا الشيعية والمقاومة المسلحة. وهنا، في شرق كوردستان، حيث الكورد يعيشون بين ضغوط الداخل وتعقيدات الخارج، تتشكّل لحظة جديدة، لحظة قد تكون فرصة تاريخية للنهوض من جديد، لكن بشروط جديدة ومواقف موحّدة.

إن الفرصة لا تُستغل إلا بالعقل الجمعي، وباليقظة الوطنية، وبالرؤية الموحّدة. فما ينقص الكورد ليس الأرض ولا التاريخ، بل الوحدة التي تجعل من التباين السياسي والإيديولوجي مصدر قوة وليس عامل تفكك. فالقضية الكوردية، طوال عقود، ظلت أسيرة الانقسامات والمصالح الضيقة، تتحول من بيدق في أيدي الآخرين إلى ورقة مساومة بين القوى الكبرى، بينما الكوردي يظل يبحث عن نفسه في مرآة غيره.

وفي زمن يتبدّل فيه النجم ويأفل، وتتغير فيه الموازين بسرعة لم تعرفها البشرية من قبل، لا يمكن لأي قضية أن تبقى على حالها دون أن تستيقظ من غفلتها. فالتاريخ لا يرحم المتخاذلين، ولا يترك مكانًا للأحلام المشتتة. إن الكورد اليوم أمام اختبار حقيقي: إما أن يكونوا صنّاع مستقبلهم، وإما أن يبقوا رهائن الماضي والتجاذبات الخارجية.

ولا شك أن الفلسفة السياسية، بأسئلتها العميقة حول العدالة والحرية والسلطة، تدفعنا إلى التفكير بجدّية في بناء استراتيجية جديدة، استراتيجية تقوم على أساس المصلحة القومية العليا، والتخطيط البعيد المدى، بعيدًا عن الحسابات الآنية والانفعالات المؤقتة. فالفكر الفلسفي لا يُنتج فقط للمعارف النظرية، بل هو بوصلة العمل السياسي الصائب، وهو دليل السائرين نحو الحق والعدل.

ومن هنا، فإن الحديث عن مستقبل الكورد لا يمكن أن ينفصل عن وعي ثقافي وسياسي عميق، يجمع بين التجربة التاريخية والواقع الجديد، وبين الهوية والمواطنة، وبين الرؤية الفلسفية والتطبيق العملي. فليس المطلوب اليوم إعادة توزيع الأدوار ضمن لعبة قديمة، بل تأسيس لعبة جديدة تمامًا، تضع الكورد في موقع القرار وليس التنفيذ، في موقع القيادة وليس التبعية.

وإن من يتأمل في هذا الواقع المعقد، يدرك أن التاريخ يُعيد نفسه بصيغ مختلفة، وأن اللحظات الذهبية لا تأتي إلا لمن يستعد لها ويتأهب لها. فلا يُمكن لشعب أن يتحرر إذا لم يتوحّد، ولا يمكن لوحدة أن تصمد إذا لم تكن قائمة على فكرٍ واضح ورؤية مشتركة. ولعلّ ما يجري في الشرق الأوسط من تحولات دراماتيكية، وما يصاحبها من ضعف في بعض المحاور، هو الدافع الحقيقي للكورد ليقفوا وقفة محاسبة مع الذات، وليقرروا: هل يريدون أن يكونوا لاعبين حقيقيين في المسرح التاريخي، أم أنهم سيبقون شاهد زور على تقسيم الأرض وتوزيع النفوذ؟

هذا ما تُذكّرنا به الفلسفة، وتؤكد عليه السياسة، وتُجسّده التجارب الإنسانية عبر الزمان والأمكنة: أن الأمم لا تُبنى بالكلمات فقط، ولا بالشعارات وحدها، بل بالعمل المنظم، والعقل الجمعي، والإرادة الحرة. والسؤال الآن مفتوح على مصراعيه: هل سيُدرك الكورد أن الوقت قد حان للخروج من إطار "القضية" إلى فضاء "الدولة"؟



#بوتان_زيباري (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- التطبيع السوري الإسرائيلي.. صراع المصالح وتنافس الأدوار في ظ ...
- لعبة الأقنعة: تشريح الصراع التركي بين الديمقراطية والاستبداد ...
- الهدنة والردع: أطياف القوة في لعبة المصالح المتشظية
- سلامٌ هشٌّ.. كالزجاج يلمع ويُخفي شظايا الحرب
- أطياف الصراع: قراءة فلسفية في تداعيات الضربة الإيرانية والرد ...
- ملحمة الصراع الإيراني-الإسرائيلي وتصدعات الشرق المكسور
- صراع الوجود وأسئلة المصير: الهجوم الإسرائيلي على إيران بين ا ...
- سقوط الأقنعة: حين يصبح الفساد سلاحاً للانهيار والهيمنة
- تأملات في الخطاب والهوية بين السجال والوجود
- رياح التمرد والهشاشة: الكورد بين مطرقة الذات وسندان الجوار
- اللامركزية بين مطرقة السلطة وسندان الحرية: تأملات في فلسفة ا ...
- صراع الجبابرة: إيران وسوريا في دوامة الشرق الأوسط الدامية
- الكوردايتي: سيمفونية تحوّلٍ من البقاء إلى الازدهار
- تأملات في الحرية والذات والهوية
- صوت المثقّف في مواجهة دوّامة التفاهة والانقياد
- حين ينهش القناع مَن يلبسه
- سوريا بين رُكام الشرق وحُمى الغرب: عن الأويغور، إسرائيل، وخر ...
- تركيا والكورد في مفترق الطرق
- انفصال المعنى عن الفعل الإنساني: المأساة الصامتة للمجتمع الح ...
- رحلة الكُرد نحو الذات السياسية


المزيد.....




- الأغذية العالمي: شخص من كل 3 بغزة لا يتناول الطعام لمدة أيام ...
- جوع يقتل كما تفعل الحرب.. غزة تعاني بين القصف والمجاعة
- الأونروا- تظل الشاهد الحي على النكبة وتمثل إلتزام المجتمع ال ...
- شاهد.. صوت المجاعة في غزة بلسان المجوّعين
- عشرات الآلاف يتظاهرون في المغرب وموريتانيا ضد التجويع والحرب ...
- عشرات الآلاف يتظاهرون في المغرب وموريتانيا ضد التجويع والحرب ...
- الدفاع المدني بغزة يكشف بدء المرحلة الثانية من المجاعة بالقط ...
- تسارع بناء مخيمات المهاجرين في أميركا بعد تمويل من الجمهوريي ...
- تسارع بناء مخيمات المهاجرين في أميركا بعد تمويل من الجمهوريي ...
- مفوض عام وكالة الأونروا: التقاعس عن إدخال مساعدات لغزة تواطؤ ...


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - بوتان زيباري - الشرق الأوسط يُعيد تشكيل خارطته.. فهل من يقظة كوردية تُعيد للكورد موقعهم في التاريخ؟