بديعة النعيمي
كاتبة وروائية وباحثة
(Badea Al-noaimy)
الحوار المتمدن-العدد: 8385 - 2025 / 6 / 26 - 19:51
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية بتاريخ ٢٦/يونيو/٢٠٢٥ عن استشهاد فلسطينيين وإصابة آخرين جراء اعتداء عشرات المستوطنين الذين وصلوا قرية مالك في منطقة رام الله عصر أمس، وأحرقوا المباني والمركبات واشتبكوا مع المواطنين وخطوا الشعارات العنصرية على الجدران.
هجمة مثل هذه ما هي إلا سلسلة من الهجمات التي تقع ضمن سياسة التطهير العرقي غير المعلنة، تنفذها جماعة من المستوطنين تحت حماية المؤسسة الأمنية والسياسية في دولة الاحتلال.
وهذه السياسة ليست بالجديدة، فمنذ بدايات المشروع الصهيوني حيث اعتبرت السيطرة على الأرض عبر طرد أصحابها الشرعيين، كانت جزءا جوهريا من عقيدته. وليس أدل على ذلك من تصريح ل "ديفيد بن غوريون" عام ١٩٣٧ في رسالة إلى ابنه "عاموس" بعد صدور تقرير لجنة "بيل البريطانية" التي أوصت بتقسيم فلسطين إلى دولتين عربية ويهودية. حيث جاء فيه " يجب أن نطرد العرب ونأخذ أماكنهم".
وقد تم ما صرح به "بن غوريون" في رسالته تلك، بالفعل عن طريق حياكة خطط التهجير التي نفذتها العصابات الصهيونية على رأسها "الهاجاناه" عام ٤٨ وأدارها "بن غوريون".
واليوم يعيد المستوطنين نفس السيناريو من حرق البيوت ومهاجمة المزارعين واقتحام القرى ليلا تحت حماية الجيش.
وهنا لا بد أن نستعيد ما حدث في حوارة عام ٢٠٢٣ حين صرح وزير المالية"بتسلئيل سموتريتش" "يجب محو حوارة من على وجه الأرض، ويجب أن يقوم الجيش بذلك لا الأفراد" "هآرتس" مارس/٢٠٢٣.
هذه التصريحات وغيرها ليست سوى انعكاسات لتلك السياسة التي لا ترى في الفلسطيني على أرضه سوى عائق ديمغرافي وجغرافي لمشروعها الاستيطاني الإحلالي.
وحتى اتفاق "أوسلو" ١٩٩٣، لم يكن سوى مرحلة مؤقتة لتعميق الاستيطان حيث زاد عدد المستوطنين أضعاف ما كان قبله وفق منظمة بتسليم ٢٠٢٤.
واليوم قرية مالك لا تختلف عن عشرات القرى في الضفة الغربية التي تتعرض إلى ما يسميه جيش الاحتلال بسياسة"جز العشب"، وهي عملية تكرار العنف ضد المدن والقرى الفلسطينية لتفريغها من مقومات الصمود وبالتالي دفع أصحابها للهجرة واستبدالهم بمستوطني الشتات.
والقرية اليوم تمثل أحد النماذج الحية لصراع الوجود بين معتد ومعتدى عليه، بين صاحب حق وسالب حق، هي صيغة النكبة التي لم يتوقف شبحها منذ ٤٨ ولن يتوقف ما لم يتم اقتلاع هذا الكيان الدخيل المصطنع من جذوره الهشة.
ومن خطابات "بن غوريون" إلى تصريحات "سموتريتش" يبقى الثابت هو المشروع ذاته، وهو احتلال الأرض عبر التضييق والقتل والطرد القسري.
كل هذا يحدث، والعالم ما بين صامت أو متواطئ، على رأسه الولايات المتحدة بقيادة"دونالد ترامب"، التي تمضي بدعمها الغير مشروط لدولة الاحتلال.
لكن رغم الجراح، يظل الشعب الفلسطيني متشبثا بأرضه، مقاوما لكل محاولات الإبادة والتهجير. فالتاريخ لم ينس، والحقوق لا تسقط بالتقادم. وستبقى فلسطين تنبض بالحياة ما دام فيها من يتمسك بالحق ويرفض الخضوع.
#بديعة_النعيمي (هاشتاغ)
Badea_Al-noaimy#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟