أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن -2














المزيد.....

بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن -2


محمود عباس

الحوار المتمدن-العدد: 8381 - 2025 / 6 / 22 - 20:45
المحور: القضية الكردية
    


يتيم البعث، يتنكر للحقيقة، ويتجاهل ما ورد في تقارير متصرفية الزور في عهد العثمانيين، وتقارير الإرساليات الفرنسية، وحتى في وثائق عصبة الأمم بعد الانتداب، والتي تؤكد أن القرى التي أُسست للعشائر العربية على الخابور كانت ممولة دوليًا لتوطين اللاجئين من الجنوب، وليسوا أهلًا أصليين في الأرض، هذا الإنكار لا يرقى لمستوى الخطأ المعرفي، بل هو فعل متعمد، يهدف إلى تقويض هوية الأرض وطمس تاريخها الحقيقي.
الجزيرة لم تكن، كما يدعي فلول صناع الموت، "محطة عبور"، بل كانت موطنًا لجذور عميقة، العشائر الكوردية من البرازية، والملية، والدقورية، والميرسنية، والخانزاد، والدوركية، والكوجرات، وغيرهم وما أكثرهم، وهم أحفاد صلاح الدين، وأبو مسلم الخرساني، والأمير بدرخان، وعبيد الله النهري، والشيخ سعيد بيران، كانت تسكن هذه الأرض قبل أن تولد فكرة الدول الوطنية الحديثة، وقبل أن يقطع الجراد حدود الانتداب البريطاني والفرنسي.
لم تكن جغرافيا الجزيرة الكوردستانية سائبةً كما يريد تصويرها، بل كانت مأهولة بمدنٍ وقرى تعود بعضها إلى قرون خلت مسنودة بسندات تمليك خاقاني، كسندات قرية دوكر التي تعود إلى بداية 1800م وقوجانات لقرى تاريخية عديدة ما بين عفرين وديركا حمكو صادرة من الأستانة، وأثار اركيولوجية بعضها تعود إلى ثلاثة آلاف سنة وأكثر، كانت تشكل قلب كوردستان الثقافي والسياسي، بشهادات علماء الآثار الغربيين، من فراس أنطوان إلى غيرترود بيل (Gertrude Bell).
هذا التشويه السافر يهدف، بوضوح، إلى إعادة إنتاج منطق السلطة البعثية، الإنكار، والتجريم، والتخوين، إنه ليس مقالًا، بل بلاغًا من أحد أيتام البعث، بلغة رومانسية مريضة، موجهًا إلى جمهور النظام البائد، فهو لا يقرأ التاريخ، بل يبحث عن شماعة يعلّق عليها نكباته، يريدنا أن نصدق أن من عبروا الحدود في القرن العشرين هم "أصل الجزيرة"، بينما الكورد الذين عمروا جبالها وحرثوا سهولها وسقوا أنهارها، جاؤوا مع رياحٍ غادرة!
أية سفاهة فكرية هذه التي تجعل أحد أبواق صناع الموت يستعير "الجراد" كاستعارة لتوصيف الهجرة والاستيطان القسري لبعض القبائل، ثم يخلط بينها وبين الكيانات الأصيلة التي كانت، منذ آلاف السنين، مرعىً للأغنام، وحصنًا للغيم، وميدانًا لحضاراتٍ تسبق ظهور العقال والبعير؟! من قال إن الفرات لا يذكر أسماء مياهه الأولى؟! من قال إن تلال الجزيرة لا تحفظ أسماء رجالها ونسائها الكورد ممن ولدوا على قممها وتحت سمائها؟
إن أرشيف الرحالة الأوروبيين، ومنهم السيدة "جيرترود بيل" و"آن بلنت"، وكتابات "ماكس فون أوبنهايم" و"ميشيل دو غرافيني"، ليست قصصًا من الخيال، بل وثائق موثّقة ومؤرشفة لدى جامعات أوروبا وأمريكا، تثبت أن الجزيرة السورية، قبل أن تُسمّى كذلك، كانت موطنًا للكورد ولعشائرهم الكبرى كـ(الميران، الدقوري، البرازية، والملّيان، والدوركية والكوجر وغيرهم)، وأن القبائل العربية التي هاجرت بعد حروب حائل لم تكن يوماً من نسيج المنطقة الطبيعي، بل طارئة بحكم الجوع والتشريد والضياع، وهي نفسها التي يتحدث عنها البعثي دون أن يسميها، ويقدمها على أنها "الكلّ"، ثم يطالب الكورد بالتنازل والانصهار في ثقافة المستوطن.
هذا الكاتب، الذي أسمح لنفسي أن أصفه بالمزوِّر الوقح، يتناسى عن عمد أنّ الكورد في الجزيرة لم يكونوا طارئين، بل هم من فتحوا قراهم وخيمهم لعائلات عربية أصيلة، أعطوها الأمان والخبز والماء، وقاسموهم الأرض والمطر، ومنحوهم الكرامة، ليكافَؤوا اليوم بهذا النص الإنكاري الوقح الذي يعيد إنتاج خطاب البعث، بمصطلحات ناعمة ومجازات ملتوية، متذاكٍ بها على القارئ، بينما الحقيقة تعريه من أول سطر حتى ختامه الموبوء.
ومن مهازل، فلول مصانع الموت، أنه يجعل من "الخابور" موطنًا لقوافل الرحمة الفرنسية، وكأن الاستعمار هو من شيد الأخلاق والقرى! أي فكر هذا الذي يرى في "عصبة الأمم" أمًا رؤوماً، وفي الكورد أبناء ذنبٍ مزمن؟! إن هذه السردية لا تخدم سوى الأنظمة الاستبدادية المحتلة لكوردستان، وأيتامهم، ومن تربّوا في حضن الفكر الإقصائي للنظام البائد، الذي عجز، رغم مجازره وتشريد الملايين، أن يُخرس صوت الشعب الكوردي، أو يطمس هويته.
نعم، الجزيرة كانت وما زالت مسرحًا لعبور الموجات، لكن هناك فرق بين من يمرّ عابرًا، ومن ينبت في الأرض جذراً وذاكرة. ومن ينفث الكراهية في مقالاته لا يكتب من موقع الباحث، بل من ضمير الغزاة الذين يخشون الحقيقة، فيهربون إلى المجاز حين يعجزون عن تقديم دليل واحد يثبت ما يزعمونه.
يتيم البعث، لا يستحق حتى صفة كاتب، بل مجرد ببغاء بائس يكرّر ما قيل له من قبل، دون أن يمر على عقله أو ضميره أو نخوة، مقاله ليس سوى "بلاغ رقم واحد" من بلاغات الشوفينية البعثية العفنة، وقد سبقها الكثير من سفاهاته التاريخية، يهذي بتاريخ لا يفهمه إلا أيتامهم، ويزوّر وقائع لا يملك شجاعة مواجهتها، فهو حفيد البعث، يتكلم بلسان حافظ، ويفكر بعقل بثينة، ويحلم بخراب آخر لا يشبه إلا عفنه.
يتبع...
د. محمود عباس
الولايات المتحدة الأمريكية
20/6/2025م



#محمود_عباس (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُد ...
- أمريكا تُنعش سردية العداء مع النظام الإيراني تمهيدًا لمواجهة ...
- إسرائيل وغايتيها في قصف إيران إزالة النظام وتثبيت الذات في خ ...
- ميزان الخسارة إسرائيل كدولة وإيران كسلطة
- حكومة الجولاني من برلمان بلحى إلى مقبرة مشروع الدولة
- هل بدأت نهاية إيران في ظل الاستراتيجية الإسرائيلية الجديدة؟
- الشراكة اللامركزية السياسية هي الطريق لإنقاذ سوريا
- هل يستفيد الشعب الكوردي من تصعيد الصراع في الشرق الأوسط؟
- الفرق بين اللامركزية السياسية والإدارية من تفويض الوظيفة إلى ...
- رابطة الكتّاب السوريين أمام امتحان العدالة، الكورد ليسوا خصو ...
- سياسات الأنظمة السورية البائدة تجاه الكورد من القرارات التشر ...
- الفيدرالية ليست منّة، بل خلاص لوطن أُبتلي بالاستبداد العربي ...
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- سوريا تحت خوذة المتطرفين، الجيش الذي لم يعد وطنيًا
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- إعادة التوازن الديمغرافي في غربي كوردستان ضرورة تاريخية وعدا ...
- الرهان على الحراك الكوردي بين النقد الحصيف والدعم الثابت
- لو أصاب القناص ترامب هل كانت أمريكا ستغزو العالم بالذكاء وال ...


المزيد.....




- 4 شهداء ومصابون جراء قصف الاحتلال خيام النازحين في مواصي خان ...
- الأمم المتحدة: الظروف في قطاع غزة -تم إنشاؤها للقتل-
- -هيئة الأسرى-: 500 أسيرة/ة حُرموا من زيارة المحامين ونُحمّل ...
- نداء عاجل: حياة أطفال قطاع غزة في خطر بسبب حرمانهم من الحليب ...
- ضحى .. أمٌ لم تنكسر رغم كل شيء
- عراقجي يدعو الأمم المتحدة لإدانة الضربات الأميركية لإيران
- بينهم 20 طفلا.. منظمة حقوقية: مقتل 657 شخصا في إيران جراء ال ...
- قوات الاحتلال تشن حملة اعتقالات بالضفة الغربية
- نتنياهو: إعادة الأسرى من غزة ستستغرق وقتا إضافيا
- إيران تنفّذ حكم الإعدام بحق قائد خلية تجسسية تابعة للموساد


المزيد.....

- “رحلة الكورد: من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر”. / أزاد فتحي خليل
- رحلة الكورد : من جذور التاريخ إلى نضال الحاضر / أزاد خليل
- سعید بارودو. حیاتي الحزبیة / ابو داستان
- العنصرية في النظرية والممارسة أو حملات مذابح الأنفال في كردس ... / كاظم حبيب
- *الحياة الحزبية السرية في كوردستان – سوريا * *1898- 2008 * / حواس محمود
- افيستا _ الكتاب المقدس للزرداشتيين_ / د. خليل عبدالرحمن
- عفرين نجمة في سماء كردستان - الجزء الأول / بير رستم
- كردستان مستعمرة أم مستعبدة دولية؟ / بير رستم
- الكرد وخارطة الصراعات الإقليمية / بير رستم
- الأحزاب الكردية والصراعات القبلية / بير رستم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - القضية الكردية - محمود عباس - بين خناجر البعث وأوتار الأمل ملحمة التآلف السوري الذي لن يُدفن -2