أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل وظائف العلاقات العامة الدولية: دراسة في الممارسات والآفاق المستقبلية














المزيد.....

الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل وظائف العلاقات العامة الدولية: دراسة في الممارسات والآفاق المستقبلية


حمدي سيد محمد محمود

الحوار المتمدن-العدد: 8353 - 2025 / 5 / 25 - 12:01
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


د.حمدي سيد محمد محمود
يشهد مجال العلاقات العامة الدولية تحوّلًا جذريًا في بنيته وأدواته ووظائفه نتيجة التطور المتسارع لتقنيات الذكاء الاصطناعي، حيث لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد أداة مساعدة، بل أصبح محركًا أساسًا لإعادة تعريف العلاقات الاتصالية بين الدول، والمنظمات العالمية، والجماهير متعددة الثقافات. لقد أضحت أدوات الذكاء الاصطناعي—من تحليل البيانات الضخمة والتعلم العميق إلى النماذج التوليدية—وسيلة مركزية لفهم الاتجاهات العالمية، وتكوين الصور الذهنية، وإدارة الأزمات على نطاق عابر للحدود. فبفضل قدراته التحليلية الهائلة، صار بالإمكان تحليل ملايين التغريدات أو التصريحات في وقت قصير، واستخلاص خرائط دقيقة للرأي العام العالمي، وتوقع سلوك الجماهير في أزمات دبلوماسية أو حملات إعلامية حساسة.

يمكّن الذكاء الاصطناعي العاملين في العلاقات العامة الدولية من تصميم رسائل اتصالية موجهة بدقة مذهلة لكل شريحة من شرائح الجمهور العالمي، مستندًا إلى خوارزميات التعلم الآلي التي ترصد التغيرات في المزاج العام، وتُكيّف الرسائل وفق الخصوصيات الثقافية والسياسية والدينية والاجتماعية. هذا التخصيص غير المسبوق يُعيد رسم خريطة التأثير الإعلامي على الصعيد الدولي، ويمنح الدول والمنظمات قدرة أعلى على تحقيق "القوة الناعمة" من خلال بناء سرديات أكثر تأثيرًا ومصداقية وانتشارًا. فالتقنيات التوليدية مثل ChatGPT أو Gemini أصبحت تتيح إنتاج محتوى اتصالي بمختلف اللغات واللهجات، مدعومًا بتحليل دقيق للمشهد الإعلامي والافتراضي، مما يسهل تجاوز الفجوات الثقافية التقليدية التي لطالما أعاقت فعالية الرسائل الاتصالية الدولية.

إن آفاق هذا التطور لا تتوقف عند تحسين أدوات التواصل وتحليل البيانات، بل تمتد إلى إعادة صياغة وظائف العلاقات العامة الدولية ذاتها. فالتقليدي من المهام مثل كتابة البيانات الصحفية أو تنظيم المؤتمرات أصبح يُنجز الآن عبر نماذج ذكية تتعامل مع المعلومات في الزمن الحقيقي وتُقدّم حلولًا فورية. كما بدأت تظهر وظائف جديدة مثل "مهندس السرد الدولي" و"محلل التأثير السيبراني"، تعكس الحاجة إلى مهارات مركبة تجمع بين الفهم السياسي واللغوي والتقني. علاوة على ذلك، فإن الاعتماد على الذكاء الاصطناعي في التعامل مع الأزمات العالمية، مثل الأوبئة أو الحروب أو التغير المناخي، يخلق ضرورة دائمة لتطوير بروتوكولات استجابة ذكية، تستند إلى بيانات حية وتحليلات تنبؤية دقيقة، بما يعزز القدرة على التفاعل السريع وتجنب تداعيات كارثية محتملة.

في المستقبل القريب، من المرجّح أن تتبلور نماذج هجينة للعلاقات العامة الدولية تعتمد على التعاون بين الذكاء الاصطناعي والذكاء البشري، بحيث يُعهد إلى الأنظمة الذكية بمهام المعالجة والتحليل، بينما يُبقي البشر على مهام الحكم الأخلاقي، والتقدير السياسي، والحس الثقافي. غير أن هذا التطور لن يخلو من تحديات معقدة، أبرزها قضايا الخصوصية، وتضليل الجماهير من خلال التزييف العميق (Deepfake)، واحتمالات توظيف الذكاء الاصطناعي في الحروب الإعلامية والدعائية بين الدول، مما قد يؤدي إلى أزمات ثقة عميقة في البيئة الاتصالية العالمية.

إن التحدي الأكبر الذي يواجه العلاقات العامة الدولية في ظل هيمنة الذكاء الاصطناعي يتمثل في كيفية الحفاظ على القيم الإنسانية، والشفافية، والمصداقية، في عالم يُعاد تشكيله من خلال خوارزميات قد تعكس تحيزات خفية أو تُستخدم بطرق لا أخلاقية. لذا فإن المستقبل يتطلب إعادة صياغة فلسفية وأخلاقية لدور العلاقات العامة في الحقل الدولي، بحيث لا تكون مجرد أداة للتأثير، بل وسيلة لبناء تفاهمات مستدامة بين الشعوب والثقافات، مدعومة بالذكاء الاصطناعي ولكن موجّهة بالبصيرة الإنسانية.



#حمدي_سيد_محمد_محمود (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ديمقراطية على الهامش: قراءة نقدية في انسحاب الوعي المدني من ...
- أكذوبة القرن: كيف صاغت أمريكا الرواية الكبرى لغزو أفغانستان ...
- قوة البخار وحدود العالم: الآلة البخارية كأداة للغزو البريطان ...
- النسوية والتأويل: قراءة نقدية في مشروع التفسير النسوي للقرآن ...
- العقل والوحي: جدلية الوجود بين الفلسفة والدين
- الهيمنة الناعمة: المركزية الأوربية واستعمار الذات والهوية
- عبد الله التعايشي: بين الحلم المهدوي وسقوط الدولة
- جدلية العقل والإرادة: قراءة في تحولات الفكر الألماني من لوثر ...
- الهياكل الخفية: تفكيك بنية الإرهاب التنظيمي في العصر الحديث
- الطاعون السياسي: حين يصبح الفساد بداية النهاية للدول
- السجل الدامي للقارة العجوز: التاريخ الشامل للحروب الأوربية ف ...
- نيران القرون الوسطى: تاريخ الحروب في أوربا
- الانفصال العظيم: صعود الصين وكسر القبضة الأمريكية على الفضاء ...
- من العقيدة إلى الدستور: معالم الدولة عند المودودي
- عقل الدولة وهيمنة الفكرة: الدولة عند هيجل بين الفلسفة والسيا ...
- حين يغيب الآخر: أزمة التسامح في الوعي العربي المعاصر
- إعادة بناء العقل العربي: من التلقين إلى الإبداع المعرفي
- مسارات الفكر العربي: من النهضة إلى العولمة... تأملات في التط ...
- الذكاء الاصطناعي والاقتصاد العربي: من وعود التحديث إلى تهديد ...
- النهضة المؤجلة: لماذا أخفقت مشاريع تجديد الفكر العربي؟


المزيد.....




- حفل تخرج يتحول إلى قصة بطولية.. شاهد كيف أنقذ مراهقان عائلة ...
- الدفاع الروسية: إسقاط 51 طائرة مسيرة خلال سبع ساعات
- أمين عام -حزب الله-: بيان قائد الجيش اللبناني عبر عن وطنيته ...
- الدفاع الجوي الروسي يعترض طائرة مسيّرة قرب موسكو وتعليق الطي ...
- السفر برًا من الأردن إلى سوريا.. هل بات الأمر ممكنًا؟
- حصاد العام.. سنة سيئة للديمقراطية في دول إفريقيا
- أوغنداـ مقتل العشرات في هجوم لميليشيات مرتبطة بـ-داعش- على م ...
- أوغندا تقطع التعاون العسكري مع ألمانيا وتتهم سفيرها بالتدخل ...
- المؤرخ الألماني الإسرائيلي دان دينر يتسلم جائزة لودفيغ بورنه ...
- فرنسا.. مظاهرة حاشدة في باريس تأييدا لغزة (فيديو)


المزيد.....

- في فوضى العالم، ما اليقينيات، وما الشكوك / عبد الرحمان النوضة
- الشباب في سوريا.. حين تنعدم الحلول / رسلان جادالله عامر
- أرض النفاق الكتاب الثاني من ثلاثية ورقات من دفاتر ناظم العرب ... / بشير الحامدي
- الحرب الأهليةحرب على الدولة / محمد علي مقلد
- خشب الجميز :مؤامرة الإمبريالية لتدمير سورية / احمد صالح سلوم
- دونالد ترامب - النص الكامل / جيلاني الهمامي
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 3/4 / عبد الرحمان النوضة
- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - حمدي سيد محمد محمود - الذكاء الاصطناعي وإعادة تشكيل وظائف العلاقات العامة الدولية: دراسة في الممارسات والآفاق المستقبلية