أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - طِفلٌ قُرويٌّ يقرأُ ألواحَ الطينِ














المزيد.....

طِفلٌ قُرويٌّ يقرأُ ألواحَ الطينِ


محمود حمد

الحوار المتمدن-العدد: 1789 - 2007 / 1 / 8 - 09:46
المحور: الادب والفن
    


طفلٌ قُرويٌّ في الصَفِ الأولِ يَفتحُ صَفحاتَ التاريخِ بقمراءِ "الحلةِ" (1)..
يَعبرُ في وجلٍ قِنطرَةً من قَصَبِ البَردي..
يَقطِفُ سُنبلَةً يابسةً من حقلِ العَنْبَرِ..
يَنثُرُها فَوقَ سكونِ الغَيمِ الراكدِ..
يَمطُرُ خِصْباً في مَدياتِ الحاضرِ..
يَفتحُ نافذةً في جدرانِ "الوركاءِ"(2)..
...........................برمشِ العَينِ..
يَمسحُ أثقالَ الآلافِ السِتَّةِ من أعوامِ الهَجْرِ المُتواتِرِ..
يَلمَحُ إنساناً عُريانًا من سومر..
......................تَحْتَ لهيبِ الشَمسِ الحارقِ..
.............................يَتَهَجّى..
يُبْدِعُ أوَلَ حَرْفٍ في تاريخِ الإنسانِ الساعي بين تَضاريسِ الأرضِ..
يوشِمُ حاجاتاً..صوَراً..
فَوقَ جُفونِ الألواحِ الطينيةِ..
يَرقِبُ "بَيتَ الألواحِ" (3) بسومر..
تَنهَبُهُ قطعانُ لصوصٍ من أهلي وجنودٌ المُحتَلّين..
يَتَوسَلُ"اومِّيا" (4) كُلَّ "الأنوناكي" (5)..
بَعْدَ "دُعاءِ المَفجوعِ" لرَبِّ الأربابِ..
"أنْ يُنقِذَ إرْثَ الأجدادِ..
ولُقمَةَ عَيشِ الأحفادِ..
وحياةَ بناتِ بلادي والأولادِ"..
يَشْهدُ والدَهُ يُحْمَلُ أشلاءً من تَحتِ حُطامِ السياراتِ المَحروقةِ..
يَلحَظُ إصبِعَهُ مُنفَرِداً يومِئُ نَحوهُ..
يَنحَبُ حُزْناً..
يَتَذكَرُ ذاتَ الإصبَعِ يَحميهِ..
مِنْ جَورِ"سُعادٍ" زوجُ أبيهِ..
يَهرَبُ مُرتَعِداً للأُفُقِ المُغلَقِ بالدباباتِ الوَحشيةِ ..
وسيوفِ الذَبّاحين..
يَبحَثُ عن جَدَثِ الأُمِّ المَنسيِّ ..
لا يَعرِفُ دَرباً نَحوَهُ..
يَتَذَكَرُ آخرَ "جمعة" ..
......حَسَراتَ الأخت المهضومةِ....
....................... وبكاءَ أبيهِ..
ودُموعٍ ساخنةٍ فاضَتْ فوقَ أديمِ القَبْرِ المَتروكِ "وَديعَة"....
************
لَمْلَمَتْ "الوَثبةُ" (6) أطرافَ عباءتِها..
حُضُناً للطفلِ القُرَويِّ القادِمِ من "أوروك"..
ضَمَتْهُ بِدِفءٍ للصَدرِ المُثقَلِ بالآهاتِ..
تَتَلَمَسُ جَبهَتَهُ المَعروقَة..
تَسألُهُ.. أنْ يَحذَرَ من ثُعبانٍ يَزحَفُ سِراً تَحتَ رصيفِ "المُتَنبي" (7)..
"مَعروفٌ" (8) طَمْأنَها:
هذي نَوبَة عَصْفٍ مُرْتَدَةٍ..
لا تَسفي إلاّ القِشَّ اليابسَ ..
والأقدامَ المُهْتَزَّةِ..
أوْقَدَ غَليوناً من تَبِغِ الأهلِ بكردستان..
ونادى للطفلِ الراقِدِ في أكنافِ "الوَثبةِ":
- لا تُفْشي أسرارَ "الألواحِ الطينيةِ" للغرباءِ..
- تَشَبَّثْ بشواطئِ دجلةَ..و"الوركاءِ"..
ويُشَدِدُ بعضَ حُروفِ الكلماتِ:
- مُذْ خَلَعَتْ "إبنةُ فِهرٍ" (9) أكفاناً سوداً.. في مَطلَعِ قَرنِ التَغييرِ..
- اليومُ تَعودُ إلى كابوسِ الأكفانِ..
- وأنا في ذاتِ الوَقفَةِ أرنو لشروقِ الشَمسِ ..
- صَوتٌ يأتيني من رِمْسٍ..
..................... يَدعوني للصَمتِ الأبَديِّ..
- وآخَرُ يَتَدَفقُ من روحي..
- يُقْحِمُني وسطَ التيّارِ..
- إخْلِد لليَقظَةِ..
- لا تُغْمِض عَيناً خُلِقَتْ للنورِ بِرَغمِ الظُلمَةِ!


(1) الحلة:مدينة بابل التاريخية وموئل المعرفة في زماننا.
(2) الوركاء :(اروك)..أشهر مدن السومريون.
(3) بيت الألواح:اسم المكتبة عند السومريين قبل ستة آلاف سنة.
(4) اومِّيا:وتعني مدير المدرسة قبل ستة آلاف سنة في سومر.
(5) الانوناكي: مجمع اله السماء والأرض في ملحمة قصة الخليقة البابلية( إنوما-اليش).
(6) الوثبة:ساحة الوثبة المعروفة في بغداد التي يتوسطها تمثال الرصافي الكبير.
(7)المتنبي:شارع المتنبي الشهير بالكتب وبائعيها ومشتريها من كل أنحاء العراق.
(8)معروف:هو الشاعر العراقي معروف بن عبد الغني الرصافي.
(9) ابنة فهر: المرأة.. التي قال فيها الرصافي:أسفري يا ابنة فهر فالحجاب ليل طويل...!!!!!



#محمود_حمد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لا يَصلِحُ لبلادِ النَهرينِ إلاّ السُلطانُ الجائِرُ؟!
- -عمالُ المَسْطَرِ- (1) بضيافةِ -عُقْبَة - (2)
- عبد الرحمنٌ ..كوَةُ ضَوءٍ في الظُلمةِ!
- -شهدي-(1)واحدٌ مِنّا!
- أميرةُ -الحَضَرِ- تبحثُ عن بَطنِ الحوتِ!
- ليلةُ الغدر ب -محجوب-
- الوحوش يغتالون الإبداع
- نَخلةٌ طَريدةٌ على الخليجِ!
- الحوار المتمدن و-الجريدة-!
- -هَلْ نَشهدُ إطفاءَ الظُلْمَةِ..وَشيوعَ رَغيدَ العَيشِ؟!-
- -نصبُ الحريةِ- يُسْتَعبَدُ بالخوفِ!
- -سومرُ- تَصْطَّفُ إلى طابورِ الأيتامِ!
- لوحةٌ عاريةٌ في مجلسِ المساءِ!
- مَنْ مِنّا لَمْ يَدفِنَ قَتلاهُ بحَقلِ الحِنْطَةِ؟!
- المَقابرُ تَشْفِقُ علينا؟!
- تَشهَدُ الشوارعُ في يومِ الحَشْرِ!
- نساءٌ عراقياتٌ..وبُرْكَة الدَمِ..!
- تباً لَكُمْ ..أوْرَثتُمْ دجلةَ كُتباً ورؤوساً مقطوعة!..
- -عبير- والجيش المحتل!
- أفولُ الصَنَمِ.. وبزوغُ فَجرِ الأصنامِ


المزيد.....




- يونس عتبان.. الاستعانة بالتخيل المستقبلي علاج وتمرين صحي للف ...
- في رحاب قلعة أربيل.. قصة 73 عاما من حفظ الأصالة الموسيقية في ...
- -فيلة صغيرة في بيت كبير- لنور أبو فرّاج: تصنيف خادع لنص جميل ...
- باللغة الفارسية.. شيخ الأزهر يدين استمرار الغارات الإسرائيلي ...
- “اخر كـلام “موعد عرض مسلسل المؤسس عثمان 195 الموسم السابع في ...
- فيلم -المخطط الفينيقي-.. كم تدفع لتصبح غنيا؟
- حرارة الأحداث.. حين يصبح الصيف بطلا صامتا في الأفلام
- -بردة النبي- رحلة كتاب روائي في عقل إيران الثورة
- تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك 2025 بتحديثه الجديد على النايل ...
- قصة الرجل الذي بث الحياة في أوليفر تويست وديفيد كوبرفيلد


المزيد.....

- الصمت كفضاء وجودي: دراسة ذرائعية في البنية النفسية والجمالية ... / عبير خالد يحيي
- قراءة تفكيكية لرواية -أرض النفاق- للكاتب بشير الحامدي. / رياض الشرايطي
- خرائط التشظي في رواية الحرب السورية دراسة ذرائعية في رواية ( ... / عبير خالد يحيي
- البنية الديناميكية والتمثّلات الوجودية في ديوان ( الموت أنيق ... / عبير خالد يحيي
- منتصر السعيد المنسي / بشير الحامدي
- دفاتر خضراء / بشير الحامدي
- طرائق السرد وتداخل الأجناس الأدبية في روايات السيد حافظ - 11 ... / ريم يحيى عبد العظيم حسانين
- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمود حمد - طِفلٌ قُرويٌّ يقرأُ ألواحَ الطينِ